تتصاعد نغمة الكلام عن إقامة quot;كانتونات ndash; مقاطعاتquot; عرقية أو طائفية شبه مستقلة لتكون نواة الدولة السورية الاتحادية المقبلة كواحدة من جملة السيناريوهات التي يجري بحثها على مستوى القرار الدولي نحو حل حاسم للصراع في سوريا.


في وقت يجري الحديث عن اعتزام الأكراد في سوريا تشكيل حكومة مستقلة لإدارة مناطق وجودهم في شمال البلاد، قال تقرير أميركي إن هناك اقتراحات بإقامة منطقة حكم ذاتي علوية على ساحل البحر الابيض المتوسط.

وكان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي أكد سعيه لإعلان إدارة موقتة شمال سوريا، وذلك بعد أن سيطر مقاتلوه على بلدة رأس العين الحدودية مع تركيا مساء الأربعاء الماضي.

وتتولى مجالس محلية إدارة المناطق الكردية في شمال سوريا منذ انسحاب قوات نظام الرئيس بشار الأسد منها منتصف عام 2012.

وقال نواف خليل، المتحدث باسم الحزب المعروف بكونه جناح حزب العمال الكردستاني في سوريا، إن مساعي حزبه هي تنظيمُ إدارة هذه المنطقة مع التوقعات بطول أمد الأزمة السورية.

وأوضح خليل في مقابلة خاصة مع quot;راديو سواquot;، إن احتمال امتداد أمد الأزمة السورية لعقود، يجعل من الضروري للحزب سن دستور خاص بالأكراد شمال سوريا وإدارة مناطقهم بشكل موقت.

مشروع 2007

ومن ناحيته، أكد سكرتير حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم أن الأمر هو quot;مشروعنا منذ عام 2007 لتأمين احتياجات الناسquot;، مشددًا على أن الحكومة ستكون موقتة.

وأوضح أنها شكل موقت للإدارة، مشيرًا إلى أنهم سيضعون حدًا لهذه الإدارة بمجرد أن يكون هناك اتفاق شامل ضمن سوريا في المستقبل.

وتشير عبارة غرب كردستان إلى المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، لا سيما محافظة الحسكة شمال شرق وبعض مناطق حلب.

من جهته، أكد المتحدث باسم quot;مجلس الشعب لغرب كردستانquot; شيرزاد الايزدي التوجه إلى تشكيل الحكومة، موضحًا أن هذه الإدارة الكردية ستكون بمثابة حكومة محلية موقتة، وهي التي ستتخذ الإجراءات لتنظيم انتخابات في المناطق الكردية.

اقليم كردستان العراق

وأضاف أن التجربة ستكون quot;في بعض الأوجه، مشابهة لتجربة إقليم كردستان في العراق، لافتاً إلى أن المقترحات لتشكيل الحكومة وتنظيم الانتخابات تخضع للنقاش بين أطراف كردية متعددة، وثمة فكرة لكتابة دستور موقت حتى لا يكون هناك فراغ في المنطقة.

وعدت خطة الانسحاب من هذه المناطق تكتيكية بالنسبة للنظام الذي يحتاج إلى هذه القوات في المعارك ضد مقاتلي المعارضة في مناطق أخرى من البلاد، وتشجيعًا للأكراد على عدم الوقوف إلى جانب المعارضين بهدف الحفاظ على سلطتهم الذاتية.

ويشكل الأكراد 15 في المئة من سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة، ويتركزون في شمال البلاد

مقاطعة علوية

والى ذلك، فإن تقريرًا لراديو (صوت أميركا) كشف أن محللين في شؤون الشرق الأوسط يبحثون منذ أسابيع الطرق التي قد تؤدي إلى وضع حد للنزاع القائم في سوريا منذ أكثر من 28 شهرًا.

وقال التقرير الذي أعدته الصحافية سيسلي هيلاري إن أحد السيناريوهات التي تطرح كثيرًا يرجح أن تقسم الجهات المتحاربة البلاد إلى مقاطعات منغلقة ومتفرقة على أسس عرقية أو دينية تعكس تنوع الشعب السوري وأنماط توزعه.

وحسب هؤلاء المحللين، فإن أهم شيء لتحقق مثل هذا السيناريو يتمثل في إقامة مقاطعة على ساحل البحر المتوسط تجمع أتباع الديانة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد وأغلبية أفراد الطبقة الحاكمة في دمشق.

وتشير التقارير إلى أن نظام الأسد يعمل على تحصين ما بات يعرف منذأشهر بـquot;علوستانquot;، وذلك بمساعدة من روسيا وإيران.

ويشير بعض المحللين إلى أن العمليات العسكرية الأخيرة التي نفذها الجيش النظامي تبدو وكأنها مصممة للمساعدة في إقامة مقاطعة كهذه في منطقة تقطنها غالبية علوية.

علوستان؟

ويتساءل التقرير ما إذا يمكن أن تتطور تلك المقاطعة المنغلقة إلى دولة علوستان يكون فيها الأسد وفريقه على رأس السلطة؟ وإن فعلا تحقق ذلك، هل يمكنها أن تستمر اقتصاديًا؟

وردًا على السؤال، قال أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة الدفاع الوطني في العاصمة الأميركية مرهف جويجاتي في لقاء مع إذاعة صوت أميركا، إن مقاطعة مثل تلك قيد التفكير الجدي منذ فترة خاصة من قبل إيران.

وتابع قائلاً إن quot;إيران وفي إطار طموحها للهيمنة الإقليمية، تحتاج بشكل كبير إلى سوريا حليفتها الاستراتيجيةquot;، مشيراً إلى أن طهران تحتاج إليها quot;كطريق إلى حزب الله (اللبناني الذي تدعمه إيران)، وكذلك كفجوة إلى الصراع العربي الإسرائيليquot;.

وأضاف أن quot;إيران لديها رهان كبير على بقاء نظام الأسد ونتيجة لذلك، كلنا يعلم كيف كان الدعم الإيراني لنظام الأسدquot; منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة له.

وأعرب جويجاتي عن اعتقاده بأنه quot;عندما كان يبدو أن المعارضة تكتسب القوة، بدأت إيران والأسد على العمل في الخطة الثانية التي تقضي بأن ينتقل الأسد وأتباعه إلى منطقة ذات غالبية علوية تقع على الساحل حيث تتم إقامة دولة صغيرة تبقى متحالفة مع إيرانquot;.

وأوضح أنه بينما قد يمثل هذا الخيار نكسة للأسد، إلا أنه يبقى أفضل من مصير العقيد الليبي معمر القذافي الذي قتل على يد معارضيه، كما قال.

الاستعدادات قائمة

من جهة أخرى، قال جويجاتي إن الخوف ينتاب غالبية العلونيين من أن يتم النظر إليهم على أنهم quot;مذنبون بسبب ارتباطهمquot; بالأسد، ومن أن يتعرضوا لانتقامات على يد أبناء الطائفة السنية وأطراف المعارضة الأخرى، مشيرا إلى أن العلويين يعملون على حشد مخازن للسلاح في المنطقة الساحلية وأن الأسد يخطط لبناء مطار قرب طرطوس ليس بعيدًا بكثير عن القاعدة البحرية الروسية.

وأوضح أن quot;الطريقة التي استهدف بها نظام الأسد مدنًا مثل الرستن وحمص والقصير، وهي مدن استراتيجية في محور دمشق-حلب والساحل، تلمح إلى أنهم سيحتفظون بتلك المناطق الاستراتيجية ولن يسمحوا بدخول السنة إليهاquot;.

واستبعد جويجاتي أن تتمكن الدولة الصغيرة من تحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي في أي وقت قريب حتى مع الدعمين الإيراني والروسي المتوقعين، حسب تعبيره.

احتمال آخر

ويقول تقرير راديو (صوت أميركا): لكنّ الأسد وأتباعه وحلفاءه قد يلجأون إلى استراتيجية آخرى. ففي عام 2009، اكتشفت إسرائيل ثلاثة حقول غاز قرب ساحلها على البحر المتوسط، مما أثار حينها اهتمامًا كبيرًا باستكشاف مناطق أخرى شرقي المتوسط.

وتشير الدراسات الأولية إلى أن الحقول المقابلة للسواحل اللبنانية تحتضن 30 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و660 مليون برميل من النفط. وقبل ذلك بأربعة أعوام، دعت الحكومة السورية شركة سي جي جي فيرتاس - CGG Veritas لإجراء أبحاث على الساحل السوري توصلت على إثرها إلى quot;أدلة مهمة على وجود نظام بترولي في المنطقةquot;.

وفي عام 2010، أقامت سوريا ثلاث مناطق قبالة ساحلها للمناقصة لكن quot;الربيع العربيquot; والعقوبات الاقتصادية الصارمة أرجأت عملية الاستكشاف.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن شركة سي جي جي فيرتاس - CG Veritas ترفض كشف نتائج الدراسات، إلا أن جويجاتي يعتقد، بناء على اطلاعه على دراسات أخرى، أن quot;مخزونات للغاز موجودة قبالة السواحل السورية ربما ليست بنفس أهمية تلك الموجودة في إسرائيل ولبنان، لكنها مهمة على أي حالquot;.

ويقول التقرير إنه إذا كان جويجاتي على صواب، فإن دولة علوية على الساحل قد يكون لها أساس اقتصادي للبقاء، كما أن العلويين سيحصلون على دفعة اقتصادية عبر رسوم العبور التي قد يفرضونها مقابل مرور النفط عبر أنابيب من مختلف مناطق سورية إلى موانئ المتوسط.

يشار إلى أن حقول النفط السورية تنتج نسبة مهمة من النفط الخام، قد تكون أقل من منتجي النفط الخليجيين، لكنها مهمة بالنسبة للمنطقة وتم بناء أنبوب لنقل النفط إلى الأسواق عبر موانئ طرطوس وبانياس.

إنتاج النفط

وحسب مارك إيشبو من إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، فإن الآبار السورية كانت تنتج حوالي 400 ألف برميل من النفط الخام يوميًا قبل الحرب الأهلية.

وأضاف quot;منذ اندلاع النزاع، تضع آخر توقعاتنا للطاقة على المدى القصير ذلك الرقم عند حوالي 100 ألف برميل في اليومquot;.

وأشار إلى أن وزارة النفط السورية أصدرت بعض التقدريات حول أثر الأزمة على اقتصاد البلاد تصل إلى ثمانية مليارات دولار تشمل مجموع الصادرات. وقال quot;هذا أثر هائلquot;.

وقد علقت الحرب الأهلية مشاريع طموحة أخرى للنفط والغاز. ففي عام 2009 أعلن الأسد عمّا سماه quot;استراتيجية البحار الأربعةquot;، التي جعلت من سوريا محورًا لنقل النفط بين المتوسط والبحر الأسود وبحر قزوين والخليج.

وبعد ذلك بعام، وقّع الأسد مذكرة تفاهم مع العراق لبناء أنبوب غاز وأنبوبي نفط من العراق إلى ميناء بانياس.

وفي صيف 2011، أعلنت إيران صفقة بقيمة 10 مليارات دولار بين سوريا والعراق وإيران لبناء أنبوب لنقل الغاز من حقل بارس الجنوبي في إيران (تتقاسمه مع قطر) عبر العراق ومن ثم إلى سوريا.

وكانت سوريا تخطط لتمديد جزء من أنبوب الغاز العربي من حلب إلى جنوب تركيا، لكن على غرار ما آلت إليه المشاريع الأخرى، تم تجميد أنبوب حلب-تركيا بسبب الحرب الأهلية.