يغزو التعصب الديني جميع الدول.. ولكنه وللأسف الشديد يغزو فقراء تلك الدول فيضيف إلى فقرهم المادي جهلا يجعلهم أكثر طوعا وتقبلا للأساطير الدينيه... والتي يستفيد منه رجال الدين في كل الأديان حيث تسهّل لهم عمليه الإستئثار بالمال والسلطه، أسهل بكثيرا من شعوب تعيش في مجتمع راق ومفكّر ومتحضر.. وبرغم تنافس علماء الأديان من كل دين في إبعاد صفة التعصب والراديكالية عن دينه في القرن الحادي والعشرون.. قرن الإنترنت والسفر السهل والسريع والشاشات التلفزيونيه.. التي تترك المجال مفتوحا وواسعا للمشاهد الباحث عن الحقيقه في الحكم بنفسه على هذه الأساطير.. وعلى ما ينتظره من مستقبل قاتم في ظل تنافس أساطير هذه الأديان.. لم يقتصر هذا التعصب والتبشير على الديانه الإسلاميه وحدها.. خاصة وأن صور القنابل الإنتحاريه تجعل من الصعب محوها من أذهان المشاهدين.... وذلك لإستمرار وجود المدارس الدينيه التي موّلتها معظم شعوب الدول النفطيه.. والتي وفي حين رفضت التعامل بالربا.. حوّلت فوائد إستثماراتها النقديه لتمويل هذه المدارس في دول فقيره معدمه بدون أن تعي بنوعية مثل تلك المدارس.. وبدلا من أن تعمل على بناء بنية تحتيه إقتصاديه. تضمن فرص عمل شريف لأبناء تلك الدول بحيث تبعد شبح الفقر الملازم للتطرف والراديكاليه بدل تطرفهم والذي أساسه الفقر.. وإنعدام الأمل في المستقبل.. عملت على إستقطاب أكبر عدد منهم ليكونوا قنابل بشريه تخيف العالم من الإسلام السياسي. ومن الإسلام كدين أيضا!! نفس هذا التعصب الأعمى أراه حين يهاجر الأميركي الذي يعتنق اليهوديه إلى الأرض المحتله مدّعيا أن الله وعده وأعطاه تلك الأرض وأن عودته هذه التي تسمى ب (عاليه) أي الوصول والتقرب من الله.. حتى وإن كانت هجرته على حساب شقاء وبؤس الفلسطيني ونفس هذا التعصب أشاهده الآن في تقرير من إحدى المحطات التلفزيونيه الألمانيه عن مجموعه من الأميركيين من طائفة الجنوب المعمدانيه المعروفون باليمينيين المتطرفين يعتقدون بانهم مكلفون بنشر كلمة الرب وأنهم مستعدون للجهاد وللتضحية بأرواحهم لأنهم يعتبرون ما يقومون به من تبشير بالديانه المسيحيه بحرب مقدسه ضد الإسلام.. يتحدثون عن الجهاد ويرون أنفسهم كشهداء في معركة مقدسه ضده وإعتقادهم بان كل الأديان الأخرى عدا مسيحيتهم إنما هي هرطقة!! ويعملون بدأب وفق خطة تبشيريه لتنصير مسلمي العراق.. وربما مسلمي العالم... في إحدى زياراتي لعائلتي في الضفة الغربيه وعن طريق تل أبيب... إستوقف مكان ولادتي في جوازي السفر البريطاني والذي لا تذكر فيه الديانه.. موظفة الهجره الإسرائيليه التي وربما لم يعجبها شكلي.. سألتني ما دينك.. وببرود وبساطة متناهية أجبتها بأن هذا السؤال خارج عن شأنها.. مما أحرجها شيئا ما. فأجابتني بأن سؤالها فقط كان من باب حب الإستطلاع.. ومرة أخرى وببرود قاتل.. أجبتها بأن كل منا ولد ليحمل دين أبائه وأجداده.. ولم يكن لدى أي منا الخيار في دينه.. سيدي القارىء.. أنا لا أدعو إلى التخلي عن الدين. ولكني أدعو إلى التمعن في الدين.. بل وفي كل الأديان.. والإعتراف بأن لكل دين جذور عميقه في تكويننا الثقافي.. وأن الدين ما كان إلا إنعكاسا لواقع المجتمعات في ظروف تختلف عن ظروفنا.. وأن قيمة الحياه في أي مكان في هذا العالم الصغير.. هي تحرير العقل.. للإعتراف بأنه وبرغم كل شيء فإن التمسك بإنسانيتنا هو الطريق الوحيد للخروج من ظلمات التفرقه والإختلافات الأخرى التي يروج لها مبشري الديانات.. وأن هذه الإنسانيه هي مفتاحنا إلى الحريه والمساواه.. هي مفاتيح العالم كله للتطور و التقدم.. وإلى الديمقراطيه. التي هي مفتاح التطور والتقدم.. ومفتاح رقينا وترابطنا الإنساني.. في خلال كتابتي.. تذكرت حلقة المذيع الأميركي لاري كنج.. ففي مقابلة له مع أربعه من رجال الدين.. اليهودي والمسيحي والمسلم والبوذي بعد أيام قليله من 11 سبتمبر.. سألهم في سياق الحوار.. ماهو الله. ومن هو الله.. وانبرى كل منهم ليعبر بكلماته عن الله في ديانته.. واختصرها البوذي في كلمة واحده.. الله هو المحبه. باحثه وناشطه في حقوق الإنسان
وطال هذا التعصب الديانه الهندوسيه والتي تعتبر إحدى الديانات المسالمه جدا والتي وفي حين ترفض قتل الحيوان برغم فقر شعوبها المقدع.. بررت عنفها ضد معتنقي المسيحيه من المواطنين الهنود أنفسهم.. ففي تقرير ال بي بي سي يوم 13 أكتوبر 2008 قام بعض من معتنقي الديانه الهندوسيه المتعصبين بهجوما عنيفا مسلحا بالهروات والعصي على قرية مسيحية قاموا خلاله بحرق بيوتهم وكنائسهم وإجبارهم على النزوح من قراهم وموطنهم.. مع السماح لكل من يتحول منهم إلى البوذيه بالبقاء..
الذي ترفض معظم دول العالم هجرته إليها ولا يرى مكانا آخرا له على هذه الأرض... هي إرتقاء روحاني وتقرّب إلى الله!!!
في لقاء تلفزيوني مع احدهم وحين بين له المذيع بأن عمله التبشيري هذا قد يكلف المتحول عن الإسلام حياته نظرا لقوانين الدول المسلمه بأن من يرتد عن الإسلام جزاؤه القتل.. كان رده.. حتى وإن أودى التغيير في الدين بحياة الشخص على الأرض فهو ثمن رخيص بالمقارنه مع ما ينتظره في الحياة الآخره من عفو عن ذنوبه الدنيويه..
كل ما سبق يؤكد لي بأن ثورتنا ضد التعصب الأعمى للأديان في القرن الحادي والعشرين أصبحت ضروريه وحتميه.. لقد كانت الكتب السماوية ثورة في حينها لتنظيم وإرتقاء المجتمعات.. ولكن كل هذه الكتب بحاجه ماسه إلى - إما ان توضع جانبا في الكنائس والجوامع ودور العباده الأخرى.. وإما أن نجرؤ على الدخول في عملية نقد حقيقية وموضوعيه لإكتشاف إلههنا وإلههم... وإذا ما كانا هما نفسهم.. أي إله واحد يعمل على ربطنا بإنسانية واحده لا تفرق وتخدم مصالحنا في عالم مفتوح الحدود..
- آخر تحديث :
التعليقات