أكتب هذا المقال وطبول الحرب تقرع في كل ارجاء المعمورة. قد تسبق الأحداث نشر المقال ويكون الكلام عن الحرب في إطار( أما وقد حدث ما حدث) كما كان الوضع عليه عندما أعلن وبدأ التدخل العسكري في العراق.أتذكر في تلك الأيام العصيبة، انني كنت واحداً ممن طلبوا مقابلة السفير الأمريكي ( قبل بدأ الهجوم العسكري)لطلب إتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية رغم قناعتي الشخصية بعدم جدواها مع صدام حسين الذي لم يتورع عن استخدام السلاح الكيماوي في حربه مع إيران 1982-1988مع معرفة الأمريكان غير المعلنة وقتها بإمتلاكه للسلاح الكيماوي.

كنت ولاأزال ضد الحرب، أي حرب على أساس مبدئي. أما وقد حدث ما حدث في شن الحرب في العراق، فقد كانت إزاحة صدام حسين وحكمه بأي وسيلة- بعد فشل كل الوسائل الداخلية- يمثل وضعاً جديدا يتمتع بمساحة أكبر للامل.

لم ادافع قط عن التدخل ولم أبحث في أسبابه لأنه أزاح كابوساً استمر لأكثر من أربعين عاما. اليوم، ولسوء الحظ، يعيد المشهد إنتاج نفسه مع عوامل ليست ثانوية تفرض إزاحة نفس النظام وبمواصفات أكثر وحشية لاتقتصر على القوى السياسية المعارضة، بل على الشعب السوري بكل اطيافه. (استدعاء قوات الناتو بكل طائراتها وقنابلها؟)

هذا الأمر ليس خياراً بعد أن فعل بشار وطغمته مافعلوا. لقد عمًد بشار وطغمته بدم آلاف السوريين وسجن وتشريد الملايين مشروع انتحاره ولذلك كان لزاماً عليه أستدعاء (كل الأساليب)التي بدت له كأي ديكتاتور محاط ببطانة تمثله ويمثلها(شرعية) مؤيدة بتحالفات سياسية اقليمية ودولية لديها كل مواصفات الحليف السياسي ماعدى الجوانب الأخلاقية. تحالف إجرامي كهذا، يستدعي تحالف يقيم إعتبارا لكل ما من شأنه ليس فقط إضعافه وإنتزاع أكبر قدر من تنازلاته، بل وإسقاطه إن أمكن ذلك. في مشهد معقد كهذا، تأتي الإستعدادات الدولية والأقليمية للتدخل الدولي والذي إن لم يكن تم فلابد أن يتم.

الإشكال لم يعد مقترناً بضرورة التدخل و(أسبابه) كيماويةً كانت أم غير كيماوية، بل بضرورة الدخول في مشروع نظام مستقر حتى ولو كان إلى حين اوبعد حين.(الوضع في سوريا أصبح غير مقبول في واشنطن ولندن وباريس والرياض).

وإذا كان الأمر كذلك، فمن حق المؤثرين في توجه الأحداث، في الداخل السوري وخارجه أن يعيروا الإهتمام لما يسمى في الفعل السياسي ب( الشكليات الضرورية)لما يسبق العملية الجراحية في الطب من إجراءات تخص المريض والمحيطين به.

الآن تتركز الضجة الإعلامية حول السلاح الكيماوي وإثبات أن النظام قد أستخدمه في الغوطتين. ما يمكن زعمه وفقاً لتدخل القوى الحاسمة في الصراع، هوأن التدخل العسكري في سوريا هوفي تفاسير القوى المؤثرة( تدخل إنساني لحماية المدنيين) والسوابق حاضرة في أذهان الشعوب والحكومات والسبق في التبرير للقوي.

وبما أن الموضوع اليوم يتركز حول الكيماوي ومواصفات (السارين والخردل) في تكوين الكيماوي، لا بد للمراقب أن يلجأ للتعريفات العامة للأمم المتحدة لمعنى أسلحة الدمار الشامل. ببساطة السلاح الكيماوي هو أحد هذه الأسلحة ومن يستخدمه فهو مجرم حرب.

القوى المؤثرة في سير الاحداث لاتقيم إعتبار لذاكرة الناس العاديين حتى لو كانوا من ذوو الإرشيف الصارم الموثق. في الحرب الإيرانية- العراقية، كشفت مجلة فورن بوليسي الأمريكية مؤخرا، بناءً على معلومات من( السي آي ايه)، جرى رفع السرية عنها مؤخراً، بأن أمريكا كانت تعرف عن إمتلاك صدام حسين للسلاح الكيماوي منذ بداية الحرب.في 1987كان الإيرانيون يحشدون قواتهم على مشارف البصرة استعدادًا لهجوم صاعق لوجود ثغرة في الدفاعات العراقية.

كتب الرئيس ريجن على التقرير( انتصار ايراني غير مقبول).استخدم صدام الكيماوي وأباد الحشود الإيرانيه. يقول الملحق العسكري الأمريكي في بغداد حينها (لم يقل لنا العراقيون بأنهم سيستخدمون الكيماوي. لم يفعلوا ذلك لأننا كنا نعرف)

[email protected]