في نافورة الشتائم واللغة الهابطة التي يستخدمها العديد ممن سخروا أنفسهم للبذاءة والأكاذيب في أية إشكالية مع الإقليم، حيث تنبري تلك الأقلام المسمومة بالحقد والكراهية لكي تصب جام حسدها وعقدها النفسية على الكورد وكوردستان، وقد بانت وظهرت تلك الكتابات في الفترة الأخيرة وهي تدفع في صداها أو أهدافها أولئك المولعون بمغامرات بهلوانية ستقودهم لا محالة إلى ذات الحفرة التي اختبأ فيها بطل الأنفال والكيماوي.
وفي خضم هذه الكتل المدلهمة من ظلام العداء والحقد والكراهية، تشع إشعاعات مضيئة تبدد تلك الكتل السوداء وتزيحها عن المشهد الذي يريدونه مسخا ومشوها، فقد أضاءت كتابات كثيرة لكتاب وصحفيين ومفكرين عراقيين لوحة التعامل مع الأحداث بين الإقليم والمركز، ولعل من أكثر ما كتب جمالا ونقدا رفيعا ذلك الذي كتبه العديد من الكتاب العراقيين في تمثيلية ( ولاية الدم بالدم ) اثر مقتل الصحفي محمد بديوي، وما كتبه الزميل حسين علي العزاوي في كتابته الموسومة quot; رسالة للقيادة الكوردية.. تحية وعتاب هادئ! quot; تحدث بإنصاف عن الإقليم وهو يضع إصبعه في ذات الوقت على ما يراه خللا أو خطأ أو إهمالا أو موقفا من ظروف ومشاكل مرت بها البلاد، دون أن ينسى الإشادة بما تحقق في الإقليم وهو يعاتب إدارته بهدوء يستحق الثناء والتقدير.
وفي سياق ما ذهب إليه من عتب مخلص، بأن قيادة الإقليم ومؤسساته قد أغفلت أو تغاضىت عما حصل في محافظات الانبار ونينوى وصلاح الدين وغيرها من احتجاجات، ولم ينتفض كما وصف الأستاذ العزاوي بسبب ما يحصل في العراق وما يهدد أمنه وامن مكوناته الطائفية والقومية.
وبذات المحبة والاعتزاز اذكر للزميل العزاوي إن الإقليم وقياداته كانت السباقة فعلا لا قولا منذ الساعات الأولى لسقوط النظام، لتأسيس نظام ديمقراطي جديد فانتقلت إلى بغداد وتخلت عن استقلالها لحساب دولة الديمقراطية الجديدة، وشاركت هي وخبرائها وفنييها وعسكرها ومؤسساتها في إرساء أسس الدولة التي انهارت برمتها، ولم تغمض عين مسؤول كوردستاني من أجل أن تنهض مؤسسات الدولة العراقية الجديدة بعد انتخابات 2005م وبداية عصر جديد لدولة حكمتها الدكتاتورية عقود طويلة.
ورغم مساهمة الإقليم في كل مفاصل الدولة كشريك أساسي فيها، فقد نبهت منذ الأيام الأولى لظهور بوادر التفرد والتهميش ليس للإقليم فحسب بل للمكونات الأخرى
سياسية كانت أم مذهبية أم دينية، ولعل بيانات وتصريحات رئاسة الإقليم وحكومته وبرلمانه في كل المواقف، يؤكد الاهتمام المباشر بكل التفاصيل، حيث أيدت قيادة الإقليم احتجاجات الأهالي في المحافظات الغربية والوقوف معها بالتضامن والتأييد بما لا يتقاطع مع الدستور وروحيته، وبما ينأى الجميع عن أي صراع مذهبي مقيت مستنكرا أي مساس بالثوابت الدينية والمذهبية للطوائف وخصوصياتها، ورافضا أية حلول عسكرية أو إقحام للجيش في المشاكل السياسية، والرد على تخرصات وتهييجات العديد من النواب أو الإعلاميين الذين يدعون تمثيل أو النطق باسم الكتلة الحاكمة رئاسة أو حزبا، وخاصة في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بردود الأفعال غير اللائقة التي تناولت المذاهب أو الأعراق والقوميات.
لقد ساهم اقليم كوردستان بكل مؤسساته وخبرائه وفنييه وسياسييه وأحزابه في بناء العراق الجديد وملاحقة الإرهاب ومكافحته بما أمن ملاذا آمنا لكل العراقيين الذين طالتهم أيدي الصراع الطائفي والديني والعرقي المنظم من البصرة وحتى الموصل، حيث غصت مدن الإقليم بمئات الآلاف من المسيحيين والصابئة والشيعة والسنة على حد سواء في وطن أمن لهم حياتهم وحفظ لهم كرامتهم وأرزاقهم، بل إن قوات الإقليم وبطلب من مؤسسات الدولة العراقية لبت نداء الأهالي للحفاظ على أمنهم وسلامتهم في كثير من نقاط الاحتراب الطائفي ونجحت في مهماتها حتى أصبحت الأقرب إلى قلوب وعقول العراقيين رغم ما تشيعه ماكينة الإعلام العنصري ضدهم.
إن الإقليم حينما يشخص فشل الإدارة الاتحادية في حل المشاكل إنما يدافع عن كل العراقيين، فالمادة 140 ليست حكرا على المناطق الكوردستانية فقط، وقانون النفط والغاز لم ينشأ لمصلحة الإقليم لوحده، وحراس الإقليم إنما هم منظومة دفاعية أمنت الحياة الكريمة والآمنة لملايين العراقيين كوردا وعربا وتركمانا وأشوريين وكلدان وسريان وأرمن وصابئة بما حوله إلى واحة وارفة بالأمن والسلام والحرية للجميع.
التعليقات