ما يحدث بالعالم العربي من صورة بانورامية تتناثر بها شظايا آمال عشرات السنين بالاستقرار والتقدم والنمو لا يضاهيها بذلك إلا تواتر ايقاع موسيقى الجاز الأمريكي!

بدأ ما يسمى الربيع العربي " أثاره ونتائجه السلبية شاهدة للعيان ولا يناكفها إلا من لم تحقق آماله " باستخدام سيكولوجية القوى الناعمة على أرض الحدث " الشارع " قوامها تحفيز واستغلال اندفاع ونقمة القوى الشبابية وطموحها نحو تغيير واقعها التي تعيشه تحت ظل أنظمة تعتقد انها لم تحقق لها ما تصبو اليه.

المفارقة الحقيقية ان ذلك الزخم الذي استمدته القوى الشبابية بحراكها ضد حكوماتها لم يكن إلا من ذات القوى الغربية )تحت غطاء المنظمات الحقوقية بتعدد مسمياتها الوطنية والديمقراطية ( التي كانت تدعم تلك الحكومات العربية لسنين طوال تزامناً مع إزالة منظومة الدعم عنها لاحقا لإحداث التغيير ! ويبدوا أن الأمر لا يخرج من كونه رفعا للحرج وتغيراً بالوكالة>

من بديهيات المخططات السياسية انها لا تتعامل إلا مع معالم واضحة لها أسبقية التنظيم والانتشار فقد أسندت ثمرة التحرك الشبابي في النهاية الى احزاب سياسية سبق معرفة رؤيتها وتوجهها والتنسيق معها غربياً ! وأصبح تسلقها لسدة الحكم تحصيل حاصل ( تونس – ليبيا – مصر برئاسة الإخوان مسبقاً – اليمن بشكل أخر - يستثنى منها العراق لأن عملية التغيير حدثت بغزو مباشر).

"ويمكن الإشارة هنا لفطنة ملك المغرب محمد السادس بالتقاط الإشارة مبكرا وأجرى تغيرات هيكلية بسياسة حكومته قبل أن تنتقل الفوضى الخلاقة لبلده بإجراء انتخابات كان ثمرتها فوز عبد الإله بنكيران (المحسوب على الإخوان) برئاسة الوزراء".

يخطئ من يعتقد أن فصول مخطط ما يسمى بالربيع العربي قد انتهت مثلما اخطأ الرئيس السوري بشار الأسد حينما قال بأن النار لن تصل لسوريا وان الشعب السوري مختلف وأن الشعب والحكومة جسد واحد&

إستراتيجيات مخطط الربيع العربي تقتضي استخدام القوة الناعمة فإن لم تفلح بتحقيق الهدف تنتقل الى الخطوة الأهم وهي اشعال الحريق مباشرة ولا يهم مسمى من يشعله طالما أن الهدف مرصود وتحت السيطرة النوعية وهناك من سيتلقف النتائج لاحقا.

الفوضى الخلاقة (Creative Chaos ) ماهي إلا النذير الأول الذي اطلق عام 2005 م بمنطقة الشرق الأوسط بواسطة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، والذي سُوق له لاحقاً أثناء التطبيق بشكل يكون أكثر قبولا للعقل العربي ليسمى تضليلاً بالربيع العربي، ما يميزه انه يخلط المتناقضات شكلاً ويوحدها أو يوازنها مضموناً نحو تحقيق الهدف المرسوم !.

يمكن فهم هذا الأمر حينما نستوعب خطورة القوى العسكرية الإقليمية " ذات البعد الديني " المتحاربة في العراق أو سوريا أو في اليمن رغم اختلافها الأيدلوجي إلا أن جلها تتفق في معاداتها لسياسيات معظم دول الخليج العربي التي لا تزال مستهدفه ضمن فقرات الفوضى الخلاقة!

مسألة استغلال تلك المكونات العسكرية لضرب مصالح بعض دول الخليج أو محاولة أحداث الفوضى أو التحرش ومهاجمتها حدودياً لا تعدوا كونها إلا مسألة وقت متوقعة ضمن فصول السيناريو المعد للمنطقة.

حينما تتصدر المليشيات العسكرية زمام أحداث بعض دول المنطقة ( العراق – سوريا –اليمن – لبنان - ليبيا ) وتحت مرئى وسكوت القوى العالمية أنما هو رسالة واضحة المعالم تمرر بان هناك واقعا جديداً قد طرأ وسيطرأ على مفهوم مسمى الدول وكينونتها في المنطقة !. وأن المتغيرات هي ما تراها لا ما توعد بها!

تمدد الحوثيون ( دعم وارتباط أيدلوجي مع ايران ) في اليمن نحو صنعاء واستيلائهم مؤخرا على منطقة عمران (45 كلم شمال صنعاء ) إضافة الى تمركزهم الرئيسي في صعده وما حولها وهي مناطق محاذية للسعودية جنوباً خلاف الاضطرابات الواقعة في العراق ( المرتبطة حكومتها الحالية مع ايران ) والتي يمثل غربها حدودا مشتركة مع السعودية، يتطلب تكاتف دول المنطقة "خصوصاً تلك التي تعي أن المخاطر أصبحت مشتركة ولم يعد هناك مجال لمزيد من الدراسات " ضد الخطر القادم.

وقفات:

* ثورة الشعب السوري ضد النظام السوري يمكن ان يقال عنها أن هناك من حركها قبل أوانها أو كمن نقل فصلا متأخرا من كتاب " الفوضى الخلاقة " ليضعه في المقدمة قبل توقيته وتواتره ! ليخلط الأوراق ويزيد الضغط في المنطقة ويطيل معاناة الشعب السوري.

* في خضم أحداث المنطقة العربية المتفجرة وقفت جامعة الدول العربية موقف الضعيف الغير فاعل لأسباب عديدة ليس أقلها الشلل في العديد من مكوناتها نتيجة لعدم الاستقرار في بلدانها أمنياً وربما ذلك يعبر بصورة او أخرى ان الكيان بنى على أساس تكميلي لا أساسي في حياة شعوب المنطقة العربية.

* الاعتداء الذي تتعرض له غزة وأهلها من قبل اسرائيل لا يمكن ردعه وحله عاطفياً من قبل الشعوب العربية فالموضوع يحتاج الى تضافر جهود الدول العربية، وطالما الفقرة السابقة واضحة فلا تعليق حاليا.

&

@sabah_alturki

&