ارهاب أغبياء داعش ضد المسيحيين في العراق:
قبل عدة أيام خلت مدينة الموصل للمرة الأولى في تاريخها من سكانها المسيحيين، بعد أقل من 24 ساعة على تهديدات أطلقها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) طالبهم فيها بإشهار إسلامهم أو دفع الجزية أو مغادرة المدينة، وإلا تعرضوا للقتل..
وقبل ذلك تعرض الاشوريين لحملة منهجية من القتل والاضطهاد من قبل عناصر سلفية ارهابية فتم قتل اكثر من 1000 اشوري بين عام 2003 وعام 2012 وتم حرق اكثر من 70 كنيسة وهرب نصف مليون مسيحي اشوري للبلدان المجاورة لا سيما الأردن. وفشلت الحكومة العراقية الحالية بتقديم الحماية الكافية لهم ويعيش الأشوريون في حالة من القلق الشديد وقد يأتي يوم لا نجد فيه مسيحيا واحدا في العراق.
من المهم التنويه ان داعش هي عصابة اجرامية مأجورة صنعتها دول اقليمية لاحباط الثورة السورية وخلط الأوراق في المنطقة لخدمة النظامين السوري والايراني.
ارهاب الجماعات الاسلامية ضد المسيحيين وتواطؤ الحكومات:
من الباكستان لايران وافغانستان ونيجيريا ومصر والعراق والسودان يتعرض المسيحيون لأعمال اضطهاد ومضايقات وحتى قتل بسبب عقيدتهم وبسبب كره بعض المسلمين لهذه العقيدة علما ان الاسلام يحترم اهل الكتاب و الرسول عليه السلام امر بحسن معاملة اهل الكتاب.
يتم قتل المسيحيين بسبب عقيدتهم وليس بسبب نزاعات تجارية او سياسية بل&لأنهم مسيحيين اي ببساطة اضطهاد ديني. والكارهون للمسيحيين يستعملوا كلمة "الكفار" لوصف من هو غير مسلم. استهداف المسيحيين وقتلهم بسبب مذهبهم هو شكل من أشكال التطهير العرقي.
وفي بعض البلدان تواطأت الحكومات وعناصر معادية للمسيحيين بحرق الكنائس واعتقال وقتل الافراد الذين يذهبوا للعبادة او التجمع. وفي بلدان أخرى تقوم عصابات من المتمردين والنشطاء بارتكاب جرائم قتل ضد المسيحيين واجبارهم على الهروب من المناطق التي يعيشوا فيها. هذا حدث ويحدث في سوريا العراق وبتواطوء الأنظمة التي تحكم البلدين. اي مراقب محايد يلمس أن هناك مؤامرة صمت على جرائم التعصب الديني والتي لا تقتصر على الاعتداءات ولكن أيضا على سن قوانين تكفر الآخر وتضطهده فقط بسبب اعتناقه لديانة غير الاسلام. ورأينا هذ يتم ترجمته على الأرض بحرق بيوت العبادة ونسفها بالمتفجرات وغيرها من الجرائم الوحشية والتي يجب ان تتوقف والصمت على هذه الجرائم هي فضيحة كبرى ووصمة عار على كل مسلم يبقى صامتا ازاء هذه الأفعال الشنيعة والتي تعتبر ضد الانسانية وضد مباديء الاسلام.
اضطهاد اقباط مصر يستمر حتى في ظل الربيع العربي:
أما في مصر تعرض اقباط مصر لشتى انواع الاضطهاد ليس فقط من الدولة بل ايضا من الاسلاميين والجهلة من المسملين الذين يعتبروا كل من هو غير مسلم كافر ويجب محاربته. بتاريخ 9 اكتوبر 2011 في ما يطلق عليه أحداث ماسبيرو في القاهرة تظاهر الاقباط (الذين يشكلون 12 بالمائة من الشعب المصري البالغ عدده حسب آخر الاحصائيات 80 مليون نسمة) تظاهروا احتجاجا على موجة من الاعتداءات العنيفة ارتكبها اسلاميون او جهلة أو بلطجية يعملون تحت تغطية دينية أو لحساب حزب او لحساب فئة حاكمة متنفذة وهذه الاعتداءات شملت جرائم قتل مقصودة واغتصابات وحرق للكنائس. تم ارتكاب الجرائم الشنيعة مباشرة بعد سقوط حسني مبارك، واثناء الاحتجاجات دخلت قوات عسكرية محمولة على متن شاحنات عسكرية لنقل الجنود وقتلت عشوائيا ما لايقل عن 24 مواطن قبطي وجرح اكثر من 300 شخص وبحلول نهاية عام 2011 نزح اكثر من 200 الف قبطي من منازلهم خوفا على حياتهم.
ويقول الاقباط ان سياسية التهجير أو العقاب الجماعي مرفوضة، وتتناقض مع مبادئ الدولة الحديثة، كما تتناقض مع مواثيق حقوق الإنسان الدولية، وتتنافى مع الشريعة الإسلامية. وشددوا على ضرورة تفعيل القانون في الملف القبطي، والكفّ عن الجلسات العرفية، التي تزيد الإحتقان لدى الأقباط، لاسيما أنها تهدر حقوقهم. وتاريخ اضطهاد الاقباط ليس حديث العهد فحدث قبل مجزرة الكشح وبعدها فمنذ صعود الاسلام السياسي والاصولية الاسلامية في الثلاثين عام الأخيرة ازدادت الاعتداءات على الاقباط في مصر حيث منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي تعرض الاقباط لاعتداءات وحرق كنائس وعمليات اختطاف وتهديدات مستمرة من المتشددين الاسلاميين وحتى من القاعدة الارهابية. ناهيك عن التمييز ضدهم في الوظائف والمناصب واالترخيص لبناء الكنائس الخ. هناك تفاؤل ان اوضاع الاقباط سوف تتحسن بعد سقوط حكم الاخوان المسلمين في 30 حزيران عام 2013.
عصابات بوكو حرام الاسلامية في نيجيريا:
وشاهدنا مؤخرا موجة العنف في نيجيريا والتي تقع في هذا الاطار التعصبي من قبل جماعات اصولية تسمي نفسها "بوكو حرام" والتي تعني رفض اي ثقافة مسيحية او غربية وحتى لو عنى ذلك ارتكاب المجازر في صفوف المسيحيين الابرياء.
تقدر المنظمات الدولية ان عصابات بوكو حرام التي اختطفت 200 فتاة في شهر مايو آيار الماضي، قتلت 2053 شخص منذ بداية العام حتى حزيران 2014. وتم استهداف 70 بلدة وقرية في شمال غرب نيجيريا.
ولم نسمع ادانات رسمية واضحة لجرائم بوكو حرام من شخصيات اسلامية ذات تأثير.
نظام عمر البشير في السودان:
أما في دكتاتورية عمر البشير في السودان والمعروفة بعداءها للمسيحيين فقد اضطهدت الجنوب لعقود من الزمن فضلا عن اضطهاد الاقليات الأخرى مثل الارواحيين Animists . وتاريخ السودان حافل باضطهاد الأقليات ووصل هذا الاضطهاد ذروته في دارفور عام 2003 عندما ارتكب النظام جريمة تطهير عرقي مبرمج في دارفور. ومن الجدير بالذكر ان دكتاتور السودان لا يزال مطلوبا من قبل العدالة الدولية للجرائم ضد الانسانية في دارفور. وحتى بعد اعلان استقلال الجنوب عام 2011 الا ان العنف لم يتوقف ومن حين لآخر نسمع تهديدات عمر البشير باشعال حرب جديدة ضد الجنوب. وفي جنوب كردفان لا يزال المسيحيون يتعرضوا للقصف والقتل المستهدف وخطف الاطفال. وفي هذا السياق تقدر تقارير الأمم المتحدة انه ما بين 53 الف الى 75 الف انسان بريء تم اقتلاعهم من منازلهم وطردهم بعد تدميرها وحرقها. وينفرد نظام الخرطوم بتطبيق الشريعة الاسلامية على غير المسلمين.
الباكستان:
يتواجد في الباكستان حوالي 2.8 مليون مسيحي او 1.6% من السكان ويعيشوا في حالة من الخوف والذعر المستمر حيث يتم اتهامهم تارة بالاساءة للاسلام وتارة باختراع تهمة معينة لتبرير أعمال القتل والاضطهاد. وعندما حاول حاكم البنجاب سلمان تيسير الدفاع عن سيدة مسيحية اتهمت بالاساءة للرسول (صلعم) تم اغتياله. وفي ربيع عام 2010 اقتحم مسلحون متعصبون مكاتب منظمة انسانية تدعى "وورلد فيجن World Vision " والتي ليس لها اي دور سياسي او ديني بل فقط تساعد ضحايا الزلزال والفيضانات وقتلت العصابة المتطرفة 6 من الموظفين وجرحوا اربعة اشخاص لظنهم انها منظمة مسيحية أو تبشيرية. وهرب المجرمون من العقاب.
اندونيسيا:
حتى اندونيسيا والتي يستعملها البعض كمثال رائع على التسامح والانفتاح يتعرض المسيحيون البالغ عددهم 7 ملايين نسمة للاضطهاد وسؤ المعاملة
وازدادت حالات القتل والاعتداءات بنسبة 40 بالمائة من 198 حالة عام 2010 الى 276 حالة عام 2011.
حركة حماس في غزة:
وفي 19 حزيران 2007 اي عندما كان انقلاب حماس لا يزال طازجا تم استهداف وتخريب دير وكنيسة. وبتاريخ 31/5/2008 اقتحم مسلحون مدرسة المنارة، التي تعمل مع جمعية الكتاب المقدس والكنيسة المعمدانية هناك، والواقعة في حي الزيتون شرق مدينة غزة، واحتجزوا حارسي المدرسة واعتدوا عليهما بالضرب. يشار إلى أن مدرسة المنارة كانت قد تعرضت بتاريخ 21/2/2008، إلى اعتداء مماثل على أيدي مسلحين. ويشار إلى أن المؤسسات والجمعيات المسيحية في قطاع غزة تشهد حوادث سرقة وتخريب وعمليات قتل لمسيحيين بصورة مستمرة دون أي تحرك من قبل مليشيات حماس التي تسيطر فعليا وأمنيا على القطاع بعد انقلابها على السلطة الشرعية .
وبتاريخ 16 مايو آيار 2008 قام مسلحون بتفجير مدرسة راهبات الوردية وتم استهداف مدارس تابعة للأمم المتحدة ومدارس مسيحية. وتتعرض الفتيات المسيحيات للمضايقات لعدم ارتداء النقاب والحجاب. وهناك تيارات في حماس تطالب بأسلمة المجتمع اي انهاء الوجود المسيحي..
قرأنا في الحياة حزيران 2013 كيف مارس أغبياء حماس ابشع اشكال التنكيل بابناء الطوائف والمذاهب المسيحية في محافظات الجنوب (قطاع غزة) تحت ذرائع وحجج واهية، وباسماء وعناوين مختلفة، فمن اختطاف وقتل الشهيد رامي عياد، إلى حرق جمعية الشبان المسيحية؛ الى قصف دير اللاتين في حي الزيتون، إلى اختطاف سيدة وبناتها الثلاث من بيتهم، والادعاء بان السيدة أسلمت، إلى اختطاف شاب من بين ذويه وإرغامه على التأسلم، .... واخيرا إلى منع التلاميذ من ابناء الشعب أتباع الديانة الاسلامية من الدراسة في المدارس المسيحية الخمس، فضلا عن فرض قانون الجور والقهر الذي اصدرته قيادة الانقلاب على تلك المدارس، القاضي بفصل التلاميذ من الجنسين من سن التاسعة عن بعضهم البعض، وإلزام إدارة المدارس بناء أبنية جديدة لتطبيق عملية فصل المدرسين والمدرسات عن بعضهم، وايضا لاستيعاب التلاميذ من الجنسين.
الاستثناءات ألأردن ولبنان:
يتمتع المسيحيون في لبنان والأردن بحقوقهم وحريتهم الدينية والسياسية ورغم الصراعات والتوترات في لبنان الا ان الوجود المسيحي غير مهدد. المصدر الوحيد للتهديد في لبنان هو حزب الله الذي تحول الى حزب ارهابي يفتك بالشعب السوري لحماية سفاح سوريا. مستقبل لبنان واستقراره يرتهن بما سيحدث في سوريا.
ألأردن البلد المفضل للمسيحيين العرب:
الأردن يبقى الاستثناء اللامع حيث يتمتع المسيحيون بكامل حقوقهم السياسية والاقتصادية وحرية ممارسة الشعائر والطقوس بحرية تامة. وفي مقالة تحليلية كتب روبرت فيسك الصحافي البريطاني المشهور في صحيفة الاندبندنت البريطانية أواخر شهر اكتوبر عام 2010 مقالا عن محنة المسيحيين وتقلصهم في الاراضي المقدسة بسبب سؤ معاملة اسرائيل لهم وبسبب العداء من قبل الجماعات الاسلامية المتشددة التي تعتبر كل مسيحي كافر وطابور خامس لأميركا حيث ان الاراضي المقدسة ستكون قاحلة من التنوع الديني اذا ما استمرت الهجرة بسبب الاحتلال الاسرائيلي والمضايقات من الاسلام الاصولي المتشدد تجاه ما تبقى من مسيحيي فلسطين.
ومن اللافت للانتباه ان المسيحي طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي الاسبق والمحكوم بالاعدام اوصى ان يدفن في الأردن بعد موته او اعدامه. طارق عزيز طلب الدفن بالأردن تفاديا لانتهاك جثته والتنكيل بها كما حصل لجثة رئيس الوزراء العراقي الاسبق محمد حمزة الزبيدي.
وفي نفس المقال والاطار قال فيسك ان الأردن هي بريق الأمل الوحيد للمسيحيين حيث ان العائلة الملكية الهاشمية حافظت على مسيحيي الأردن البالغ عددهم 350 الف مواطن اي 6% من كافة الشعب. حيث يتم معاملتهم كبقية المواطنين والدستور والقوانين تضمن حقوقهم الكاملة ويمارسوا طقوسهم الدينية بكل حرية ولهم تمثيل في البرلمان الأردني والمناصب الرسمية والوزارات والدوائر
الحكومية والجيش ويلعبوا دورا بارزا في الدولة والقطاع الخاص والاعلام والرياضة والفن وفي حياة المجتمع ويعيشوا بأمان تام.
الأردن نموذج فريد في التآخي والمحبة والتعايش السلمي بين افراد الشعب الأردني حيث أشار الى ذلك البابا اثناء زيارته للأردن في مايو آيار 2009 وأشاد بدور القيادة الهاشمية الحكيمة في تعزيز التعايش السلمي بين الأديان.
وحظي الأردن بأربع زيارات بابوية حيث زار البابا بولس السادس الأردن العام 1964، وتبعه يوحنا بولس الثاني في العام 2000، ثم البابا بندكتس السادس عشر في العام 2009، وقبل شهرين (مايو 2014) قام البابا فرانسيس برابع زيارة بابوية إلى الأردن. وأشاد البابا بالنموذج الأردني في التسامح والعيش المشترك والسلام بين أتباع الديانات.
&
نهاد اسماعيل
التعليقات