&
في حادثة سجلها لي احد اقرابائي انه في عام 2003 قامت مجموعة من الرجال في مدينة الموصل بإخراج عائلة مسيحية وتعريتها والطلب منها اما التحجب او الرحيل، ومرت الحادثة ولم نسمع عنها الا بعد ان أثيرت حادثة مصر. ولكن ما حدث في العراق حينذاك ومصر الان، ليس تعرية مجموعة من الأشخاص، بل هو تعرية بلد بكامله، اعلان بان هذا البلد مكشوف ومباح لكل من هب ودب ان يكشف عورته ويتفرج عليها، انه اعلان كامل بان البلد غير محمي بقانون ولا بقوات وطنية لان الوطن صار في خبر كان.
ولان الاعلام المسيحي المصري اقوى من البقية، فصوتهم ومشاكلهم تظهر على الملاء اكثر، وبهذا نقول ولكن المستور والغير المعلن كم هو يا ترى؟ الم يشاهد العالم طائفة كاملة تتعرض للتعرية من خلال سبي وبيع بناتها مع كل الانتهاكات التي تعرضن لها، ولاتزال هناك العشرات من الفتيات الازيديات والمسيحيات في العراق، مسبيات ينتظرن رؤية امل ما بخروجهن من الاسر والسبي والعرض في سوق النخاسة والم يكن ذلك تعريا ومن جهة معروفة .
ما عرض من قصة تعرية امرأة مسنة مصرية مسيحية في الصعيد لانتهاك عرضها بعرضها عارية في شوارع القرية وخروج العشرات ان لم نقل المئات احتفالا بهذا النصر المؤزر، نصر الإسلام على المسيحيية. وبدون سبب وجيه، حتى لو صدقنا قصة او حكاية تورط ابنها بعلاقة مع امرأة مسلمة. وهل لا يزال القانون او المجتمع المتحضر يعتبر المرأة المسلمة امرا مقدسا، لا يمكن لاحد يحبها او ان يقيم علاقة جسدية معها او لا يمكن لها ان تحب الا مسلما؟ في حين نرى في الحياة اليومية مئات الأمثلة التي تعاكس ذلك! نقول ان الحكاية في أساسها ان زوج المراة المسلمة اشاع عن زوجته هذه الحكاية لكي يتخلص من التزاماته تجاهها وتجاه اطفاله، ولكي يتمكن من إخراجها من الدار لتعود له، علما ان الزوج له سوابق مع زواج سابق أيضا. يقال ان العامة سمعت وخططت ونفذت، وبالتاكيد ان التخطيط حدث في مكان ما، وخصوصا ان المجموع لم يكن افرادا بل يمكن القول جمهرة من الناس، وقد سبق تنفيذ جريمة واحراق بيت المراة وابنها نشر معلومات وبيانات تحريضية، تم اعلام الشرطة بها مسبقا. ولكن الظاهر ان لا حياة او حياء لمن تنادي. وقد خرجت زوجة الشخص المسلم وكذبت الواقعة وقدمت اخطار للشرطة بذلك مطالبة بحقها في من شوه سمعتها.
القصة ورغم إمكانية حدوثها في كل المجتمعات، وتحدث كثيرا وتمرر حينما يكون الطرف المسلم رجلا والطرف المسيحي او الغير المسلم ، امرأة . وتغطى بعد ان يتم اغتصاب المرأة وتصوريها، بحجة انها اعتنقت الإسلام، حتى لو كانت قاصر، والازهر الذي قال قبل أيام مفتيه ان من أسباب الإرهاب هو تهميش المسلمين في اوربا، سيوقع على الاسلمة دون ان يرف له جفن.
&اذا تحدث حوادث الحرق والقتل لو كانت القصة معكوسة أي حينما يكون طرفاها مسيحيا والأخرى مسلمة . وفي الغالب ان مثل هذه القصص أي المعكوسة لا تحدث الا نادرا جدا، ولا يقوم بها الا من كان لا يزال معتبرا طفلا وغير واع للمخاطر التي قد تحيق بعائلته لا بل بكل أبناء ديانته في المنطقة. ولكننا نحن امام حالات متعددة لقصص مفربكة، يتحمل الطرف الاقلوي المسيحي او غيره النتائج الوخيمة العاقبة، في كلا الحالتين، حالة الجرم وتحمل ما يترتب على ذلك، من حرق البيوت والقتلى والاغتصاب او التعرية او التشوية، وفي حالة الصلح، فالطرف المسلم يفرض شروطه، فهو لا يمكنه ان يقوم باي خطوة تدلل على تنازل ما او حتى معاقبة مقترفي الجرم، لكي لا تغضب الأكثرية، وفي حالة كون الجاني او المخطاء مسيحي او اقلوي يجب معاقبته باشد العقوبات وبنفس الحجة لكي لا تغضب الأكثرية ويحدث مكروه اكبر. وعلى المجني عليه ان يكظم على جراحه والامه. مرة تلوة المرة، هذه حالة مجتمعات كاملة تعيش في اوطانها، وتتعرض على الدوام لعمليات إهانة وامتهان الكرامة.
العري، او تعرية شخص وإظهار ما لا يجب ان يظهر من جسده، وبالقوة وبدون رغبته، يعتبر امتهان للكرامة الإنسانية، في كل المجتمعات الإنسانية. ولكن نتائجه قد تختلف من مجتمع عن الاخر، ففي المجتمع المحافظ، قد يكون نتيجته الموت. فالبعض وخصوصا من النساء يقدمن على الانتحار خجلا، وان لم يفعلن يمتن كمدا وحزنا. ولكن بعض العزاء يأتي من المظلة الأمنية التي يتظلل بها الجميع او المظلة القانونية التي تمنح الحق لمن سلب منه، ولكننا هنا امام عجز تام عن تحقيق ذلك، لان الامن والقانون ورجالهما منحازان &تماما لصالح طرف واحد ومسبقا. فشخص بمستوى المحافظ والذي من المفروض ان يحمي كرامة وحقوق مواطني محافظته، يقول عن حادث التعرية وحرق البيوت بانه حادث بسيط، السؤال الذي يتبادر الى الذهن اذا ما هو العمل الكبير والشنيع يا ترى. &واذا كان البعض يرى في الامر جريمة جنائية مثلما يريد هذا البعض ان يمررها، فنشر البيانات المسبقة والتهديدات المنتشرة وتكرار الجرائم المتماثلة ينفي عنها كونها جرائم جنائية، بل هي جرائم تهدد الوطن ووحدته وهي جرائم يجب ان تصنف تهديدا لوجود مكون من مكونات الشعب. وان معالجتها يجب ان لا يكون بتطيب الخاطر وتبويس اللحي، بل يمتد الى اقالة رجال الامن والمحافظ، وفرض القانون وتعديله لكي يكون مظلة للجميع وليس لفئة معينة. كما ان عقوبة القائمين بالجريمة يجب ان تكون واضحة ورادعة للاخرين عن القيام بمثلها مستقبلا.
من المنطقي والصحي في المجتمعات المتطورة والمنفتحة، ان تعرض الحادثة للناس ويتم بحثها من كل الجوانب ويتم العمل بشكل منهجي ومتسم بالاصرار على إزالة مسببات ذلك من خلال توفير المزيد من الحريات الفردية، في ظل حماية القانون، وتخليص التعليم من التعصب والانتقاص من الاخر وفضح الاعلام المناوئ او المنحاز وجعله منبرا للدفاع عن الحريات والكرامة الإنسانية، كما يجب منع نشر الكراهية والتكفير . ان مثل هذه الحوادث هي الطريق الأمثل لزرع اسفين الكره والبغض بين مكونات المجتمع وخصوصا حينما يجد طرف ما انه المطالب دوما بدفع ضرائب الوطن والوحدة الوطنية وحده، بحجة ان الأكثرية ترفض ذلك. ان الوحدة الوطنية القوية تستند الى قانون يساوي بين الجميع ورجال قانون يؤمنون ان كل أبناء الوطن هم سواسية وليس لاحدهم فضل على الاخر. &ان محاولات لفلفة القضية والحاقها بالقضايا السابقة، يعني ان مصر حقا تعرت بارادتها ولم تعد تهتم بان تخفي عريها.
&
&