لاشك أن تحرير مدينة (الفلوجة) من قبضة تنظيم (داعش) الإرهابي عمل وطني وانساني وحضاري لاغبار عليه ، وكذلك الامر بالنسبة لتحرير مدينة (الموصل) وبقية المدن العراقية التي مازالت تأن تحت قبضة الارهابيين ، ولكن ماذا بعد ذلك؟ ، اي ماذا بعد ان يتم تحرير هذه المدن وتستتب الاوضاع للجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي التي تشارك في الحرب ضد (داعش) ؟ ، هل تنسحب هذه القوات الى معسكراتها بهدوء وتنتهي مهمتها ام تبقى جاهزة لمهام اُخرى عسكرية لم تنته منها بعد؟ وما هي هذه المهام وماذا تكون وجهتها القادمة ومن يكون المستهدف منها؟ هل ستكون باتجاه اقليم كردستان ومواجهة "البيشمركة" الكردية كما دعا بعض السياسيين العراقيين صراحة الى ذلك وعلى رأس هؤلاء النائب السابق (أياد جماالدين) الذي طالب الحكومة العراقية صراحة بتحرير (اربيل) عاصمة اقليم كردستان قبل التوجه لتحرير (الموصل!)، وهو مؤشر خطر على الأمن القومي الكردي لابد ان يتحوط منه ويؤخذ على محمل الجد..&
ثمة حقيقة لابد ان يدركها العراقيون والساسة الكرد بشكل خاص هي ان ميليشيا الحشد الشعبي التي تشكلت بفتوى المرجعية العليا هي قوات عقائدية (مقدسة!) لن يستطيع احد ان يمسها بسوء على حد قول رئيس الحكومة (حيدرالعبادي) ، اصبحت جزءا من القوات الحكومية الرسمية حالها حال الجيش العراقي وجدت لتبقى الى الابد ولن تتفكك مهما ارتفعت اصوات الرافضين لها ، وقد تتحول الى قوات الحرس"الثوري"على غرار قوات الحرس الثوري الايراني وفق الاقتراح الذي طرحه النائب الايراني (محمد صالح جوكار) ، وهذه القوات تخضع لاوامر طهران وتنفذ سياساتها في المنطقة وتستعملها ضد اعدائها متى اقتضت الضرورة ، كما فعلت مؤخرا عندما اوعزت الى فصائل منها بالتوجه من مقرها في"الفلوجة"الى"الحلب"للقتال الى جانب النظام السوري ...يعني قوات متنقلة تحت الطلب!
ورغم الخطورة التي تشكلها هذه الميليشيات المسلحة على مستقبل اقليم كردستان السياسي ، والتصريحات العدوانية التي يطلقها قادتها ضدالشعب الكردي باستمرار ، ومواجهتها العسكرية المستمرة مع البيشمركة في مدن"ديالى" و"طوزخورماتو" وغيرها من المناطق المتنازع عليها او الاراضي التي تقع خارج الاقليم ، فان المسؤولين الكرد لم يأخذوا احتياطاتهم اللازمة بما يكفي لمجابهة هذا الخطر الداهم لحد الان ، وانشغلوا بامورهم الحزبية والشخصية الخاصة ونزاعاتهم السياسية رغم ان بعض المراقبين الاستراتيجيين والخبراء في الشؤون العسكرية قد نبهوا الى خطورة المواجهة المرتقبة بين الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي من جهة وبين القوات الكردية بعد الانتهاء من تحرير (الموصل) بحجة اعادة تلك الاراضي الغنية بالنفط مثل مدينة"كركوك"التي ضمها الاقليم اليه بعد تحريرها من قبضة (داعش) الى حظيرة الدولة العراقية وطرد القوات الكردية منها.
وقدلا تتوقف هذه الميليشيات الطائفية عند حدود معينة وتواصل طريقها نحو التوسع والتمدد وضم المزيد المدن والاراضي اليها دون اي اعتبار للعهود والمواثيق والقوانين الدولية ، ولن تتهاون في ازالة كل العقبات التي تعترض طريقها وتعيق مهمتها"المقدسة"لنشر التشيع وتصدير مباديء الثورة الطائفية الى ابعد منطقة في العالم..الاسلامي !&
الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي السابق (نوري المالكي) الذي يعتبر الاب الروحي والمؤسس الحقيقي لقوات الحشد الشعبي مؤخرا الى (السليمانية) والتقائه بغرماء رئيس الاقليم (مسعود بارزاني) وخصومه السياسيين ، هي محاولة اخرى لشق الصف الكردي ودق الاسفين بين الشركاء السياسيين في الاقليم وتذليل العقبة الكردية امام زحف القوات الطائفية وانتشارها في المنطقة ..&
لن يهدأ بال قادة الفكر الطائفي المتطرف حتى يخضعوا (اربيل) الى هيمنتهم كما فعلوا مع بغداد ومع كل المدن العراقية الاخرى السنية بقوة السلاح.. الوقائع تقول ان الجولة القادمة ستكون مع (اربيل) طال الوقت ام قصر!
&