&ومن الجدير بالذكر أن عددا من (منظمات المجتمع المدني والشخصيات الكردية المعروفة )(1 ) كانت ولاتزال تطالب حكومة اقليم كردستان بأغلاق المدارس الأهلية ومنها المدارس الخاصة التابعة لـ (كولن ) في الإقليم لاسباب عديدة ابرزها : اعداد كوادرمتشددة و نشر الثقافة التركية والنيل من استقلالية الإقليم ومحاولة تتريكها بشتى الوسائل والطرق ،اضافة الى ازدياد فجوة التمييز بين طلابها ومرتادي المدارس الحكومية ، و لكن حكومة الإقليم كانت ترفض على الدوام تلك المطالب الشعبية بحجة ان تلك المدارس الأهلية تلقى التشجيع والدعم المعنوي من قبل أهالي المحافظات ومن قبل أولياء أمور الطلبة ،اضافة الى ان حكومة الإقليم وضعت شروطا عديدة داخل المدراس الأهلية منها : ضرورة ان تكون مناهجها مشابهة للمناهج الحكومية ، اضافة الى ان جميع المدارس الأهلية تحت سيطرة وزارة التربية )(2)&

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:&

بعد ان تحول (كولن) حليف اردوغان الامس ورفيق دربه الى الارهابي والقاتل الدموي والعدو اللدود لتركيا اليوم ، هل تنفذ حكومة الإقليم مطاليب تركيا (دون وجود أي مبرر قانوني) كما فعلت المملكة الاردنية الهاشمية بإغلاق مدرسة كبيرة في العاصمة عمان والتي كانت تدار من قبل حركة الخدمة التابعة للداعية (كولن) وذالك بحجة(مخالفات نظامية )....!!&

&ام لا...يرفض الإقليم طلب انقرة بغلق المدارس التي ترتبط بالداعية (كولن) اسوة (باندونيسيا ) ودول كثيرة اخرى التي اعلنت من خلال وزارة خارجيتها بان (جميع المدارس التركية وانشطتها في إندونيسيا تخضع للقوانين الإندونيسية)، مضيفا أنه ليس هناك دليل على أن (هذه المعاهد التركية قد انتهكت القوانين الإندونيسية )؟!

هل حقا يستطيع إقليم كردستان ان يرفض طلب تركيا وخاصة بعد ان صرح اردوغان ليلة الانقلاب بان : (البلدان التي لا يبدي قادتها قلقا على(الديمقراطية التركية) ولا على حياة( مواطنينا ومستقبلهم)، لا يمكن ان تكون صديقة لنا..؟&

هل يستطيع إقليم كردستان ان يخرج عن طاعة تركيا، نعم (تركيا) التي تترك الكلمة(للدبات والمدافع) في حال رفض مطاليبها وإملاءاتها من قبل اصدقائها قبل اعدائها....؟!

هل يستطيع الإقليم ان يقول(لا) لتركيا وخاصة بعد تغلغلها الاخطبوطي في كل شيء في حياتنا اليومية على سبيل المثال : مطاعم وافران، سجائر، ملابس، دواء، مشروبات غازية، البان وشكولاته، ناهيك عن الأجهزة والاحتياجات المنزلية ، بالاضافة الى الشركات الاستثمارية والتجارية ، وخاصة ان اكثرية الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم هي شركات تركية ،وان رأسمال تلك الشركات يقدر بعشرات المليارات من الدولارات....؟ اضافة الى تواجدها (العسكري والمخابراتي)(3) في مدن ومناطق الإقليم....!!

ما العمل؟&

بعد ان أفتتحت مؤسسة (فزالر) المختصة بالتربية والتعليم، أولى مدارسها في إقليم كردستان في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، وبعد نحو 20 عاماً أصبح لتلك المؤسسات ما لا يقل عن( 20 ) مدرسة والتي تضم اكثر من (١٢،٧١٩) طالب ( حسب اخر احصائية رسمية صادرة عن وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان) ، اضافة الى جامعات منها جامعة (ايشق) ،وهذا هو العامل الذي يعقد مهمة إغلاق تلك المدارس، وخاصة ان اقليم كردستان يواجه عجزاً في عدد المدارس والكوادر التدريسية، وسيكون صعباً استيعاب طلبة مدارس (كولن ) الخاصة في مدارس الحكومية والتي تعاني اصلا من الكثافة الطلابية والازمة في المباني المدرسية والاختلاف في المناهج.

ومن جهة اخرى ان رفض مطلب تركيا في اغلاق تلك المدارس يؤدي الى تفاقم الأمر بين الطرفين وعليه يرى المراقبون:&

&أن أهم أحد السيناريوهات المتوقعة حال عدم اغلاق المدارس التابعة لـ(حركة الخدمة)في الإقليم وخاصة بعد ان أعلنت وزارة التربية والتعليم في إقليم كردستان أنها لن تغلق المدارس التابعة للحركة المذكورة ، أن أهم أحد السيناريوهات المتوقعة هو استبدال هيئة التدريس الحالية التابعة لـ(حركة الخدمة)، بهيئة اخرى تابعة وخاضعة لارادة (اردوغان أفندي) كما حصل في تركيا وذالك لاستكمال مشوارها في تخريج (أفواج من حملة الفكر الاردوغاني) في اقليم كردستان ، وخاصة بعد ان توعد اردوغان في خطابه خلال إجتماع رؤساء الغرف التجارية والبورصات يوم (الخميس المصادف 4 اغسطس) في المجمع الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة، في معرض تقييمه للمستجدات الأخيرة على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد يوم الخامس عشر من يوليو الماضي، توعد اردوغان بخنق المؤسسات المتصلة بـ(كولن )، واعتبرها اوكارا للارهاب والارهابيين وتعهد باجتثاثها دون رحمة، وقال نصأ في كلمته : أن حركة الخدمة تعتبر جميع الدول الـ 160 التي تغلغل فيها أعضاؤها أوطانا لها وأنهم واثقون من السيطرة عليها في النهاية مؤكدا أنهم سيستولون أيضا على الولايات المتحدة ) ، واستطرد اردوغان قائلا : ان الارهابي (كولن ) سخرشبكته الواسعة من المدارس والمنظمات الخيرية والشركات التي بناها في تركيا وخارجها على مدى عقود لإنشاء "دولة موازية" تستهدف السيطرة على البلاد ، وان (كل قرش) يقدم إلى منظمة (فتح الله كولن) الإرهابية يعد بمثابة رصاصة موجهة ضد الشعب التركي، مؤكدًا أن الدولة التركية لن تتسامح إطلاقًا في التعامل مع المؤسسات التي تمول أولئك الذين أطلقوا النار على الشعب.وعليه سنقطع كل الصلات التجارية وكل الإيرادات عن الشركات المرتبطة به و لن تأخذنا بهم شفقة أو رحمة، وتوعد في نهاية كلمته بقطع كافة ارتباطات منظمة (كولن ) الدموية على حد وصفه بعالم المال والأعمال....!!

أخيرا:

ليس مصادفة ان يأتي التصعيد الداخلي التركي الاخير في وقت يشتد فيه المأزق الحاد الذي تعيشه الحكومة التركية على الصعيدين الداخلي والخارجي في ظل تفاقم ازماتها الاقتصادية والسياسية ، حيث يزداد الغضب الشعبي ونشاط قوى الديمقراطية والاحتجاجات المعادية لسياسة النظام التركي حتى داخل برلمانها ومن شخصيات كردية و تركية مهمة تحظى بشعبية كبيرة داخل تركيا تطالب باتباع الانفراج في سياسة تركيا وفتح نوافد التنفس للشعوب القاطنة في تركيا ومنها الشعب الكردي الذي حرم من ابسط حقوقه داخل اطار الدولة التركية.

وان رفض طلب تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي بسبب سجلها الحافل بإنتهاكات مروعة لحقوق الانسان وتصريح بعض الدول مجددا لمعارضة انضمامها الى الاتحاد بسبب الإجراءات التعسفية القمعية الارهابية التي اتخذتها تركيا في أعقاب فصول مسرحية الانقلاب (مساء الجمعة 15 يوليو/ تموز الماضي)، زاد من تفاقم ازماتها بشكل كبير......!!&

ان اعتراف تركيا بوجود شعب كردي في تركيا وضمان كامل حقوقة المشروعة في الدستور التركي هو الحل الاسلم لمشاكل تركيا المستعصية وهو الحل الوحيد على طريق الخروج من ازماتها الداخلية.&

&

انتهى&

ـــــ

(*) ملاحظة مهمة : وقع سهوأ في بداية الجزء الاول من المقال وتحديدا في ( نهاية السطر الخامس ) عبارة ( الشعوب التركية ) والصحيح (الشعب التركي و الشعوب والأقليات الدينية غير التركية ). مع اعتذاري الشديد لقرائي الأكارم.&

1ـ في 22/11/2012 اعتصم عدد من الطلبة واولياء امورهم مع ناشطين مدنيين في اربيل امام مبنى البرلمان ، ورفعوا لافتات كتبت عليها (لا للمدارس الاهلية، نعم لدعم المدارس الحكومية)، مُطالبين بان يقوم المسؤولون في حكومة اقليم كردستان والاحزاب الكردستانية بنقل ابنائهم من المدارس الاهلية والخاصة في الاقليم الى المدارس الحكومية “كنوع من التوازن ولإزالة الفرق بين الهيمنة والبساطة، كما قام عدد من الناشطين في مجال المجتمع المدني والتربوي، بإرسال مذكرة الى برلمان كردستان، مطالبين بـ(القضاء)على ظاهرة المدارس الاهلية والخاصة في الاقليم والاهتمام بالمدارس الحكومية.&

2 ـ هناك لجنة خاصة في مديرية التربية العامة تعمل في ضوء التعليمات التي تأخذها من وزارة التربية في الإقليم، مهمتها إعطاء التقييم من خلال الزيارات الميدانية للمدارس الأهلية، وملاحظة مدى التزامها بالشروط والقوانين العامة ، فاذا اهملت بالشروط المطلوبة يجري تنبيه إدارتها بذلك، فاذا لم تعدل الخلل ،تقوم اللجنة المذكورة بسحب الموافقة منها واغلاقها.&

3 ـ تمتلك تركيا قاعدة عسكرية ومخابراتية كبيرة في بامرني (45 كلم شمال دهوك) منذ عام 1997 ، تقع القاعدة في موقع مدرج قديم كان يستخدمه الدكتاتور المعدوم ( صدام حسين ) لزيارة قصوره في (مصيف سرسنك ) ومناطق سياحية اخرى ، اضافة الى ثلاث قواعد اخرى صغيرة في (ديرة لوك ـ 40 كلم شمال العمادية ) و(كاني ماسي ـ 115 شمال دهوك) و(سيرسي ـ 30 كلم شمال زاخو) على الحدود العراقية التركية، وهذه القواعد ثابتة وينتشر فيها جنود اتراك على مدار السنة ، وتشير مصادر تركية إلى أن نحو( 2500 ) من الجنود الأتراك يتواجدون في تلك القواعد التي أسست في منتصف تسعينيات القرن الماضي، بهدف محاربة مقاتلي (حزب العمال الكردستاني ـ PKK) ، اضافة الى تواجدها في معسكر بعشيقة بحجة محاربة داعش.&

&