إثر المعلومات والأخبار التي نشرتها وكالة رويترز الدولية بأن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي هو الذي أعطى الأمر بإخماد انتفاضة الشعب الإيراني بشتى السبل والتي راح ضحيتها خلال الأيام القليلة 1500 قتيل، يتجلى لنا بوضوح أن ما تم من محاولة إخماد لجذوة الثورة الإيرانية هو أمر لا يعدو أن يكون أمراً ظاهرياً ــ طال أو قصر ــ ستنفجر بعده ثورة الشعب الإيراني بقوة.

فلاتزال العقوبات الأمريكية القاسية على إيران تفعل فعلها في الحاق الأضرار الكبيرة بالنظام الإيراني، كما أن الثورتين الملتهبتين في كل من لبنان والعراق تمثلان تهديداً كبيراً لإيران في المستقبل.

فمن المعلوم أن الأوضاع اللبنانية والعراقية لاتزال مشتعلة بعد مرور أكثر من شهرين على اندلاع تلك الاحتجاجات الشعبية.

خطورة الوضع في لبنان والعراق على إيران يكمن في أن نجاح التجربتين في كل من لبنان وإيران في الاطاحة السلمية بالحكومتين اللبنانية من جهة والعراقية من جهة أخرى، سيعيد الاشتعال في الثورة الإيرانية.

هكذا سنجد أن إيران اليوم في حال لا تحسد عليها ، وأن مصيرها الذي كان عبر الهيمنة في كل من العراق ولبنان ، يبدو أن سينعكس وبالاً عليها . ففي كل الأحوال إيران اليوم في شرك سيكون من الصعوبة بمكان الإفلات منه وفي تقديرنا المسالة فقط ستكون مسالة وقت.

المسارات الخارجية لإيران مع الدول الأوربية لم تعد كما كانت عليه سابقاً لأن قمع المتظاهرين العنيف أرسل رسائل خاطئة لأوربا والعالم.

كما أن تحركات الطيران الإسرائيلي في الأجواء السورية مستهدفاً خلايا عسكرية لإيران هناك يصب في المسار الذي أصبحت فيه إيران نمر من ورق.

ويبدو اليوم أنه ليس في وسع إيران أن تتخذ أي إجراءات عدوانية ، كما كان الأمر في سبتمبر الماضي عندما قامت بضرب معملي شركة أرامكو السعودية في كل من بقيق وخريص بالمنطقة الشرقية.

يضاف إلى كل ذلك الإفادات التي أكدها سياسيون أمريكيون خلال اليومين من أن إيران هي وراء الهجوم على معملي أرامكو في بقيق وخريص بالمنطقة الشرقية، عبر توفر أدلة وشواهد دامغة على ذلك.

اليوم إيران تدرك تماماً أنه ليست لها خيارات سياسية واقعية بعد أن لعبت الدور الرئيس في خراب منطقة الشرق الأوسط منذ ثلاثين عاماً.

وإذ بدا واضحاً أنه لا تجدي كل الأساليب المجربة التي تنهجها إيران فتعيد بذلك تكرار أخطائها، فإن العالم اليوم بات مدركاً بـأن تلعب في الملعب الخطأ وفي الوقت بدل الضائع.

وإزاء كل هذه الأوضاع التي ظلت ايران تنسجها حول نفسها لن يكون لها من سبيل إلا مواجهة العالم وأكيد إزاء مواجهة كهذه ستكون إيران خاسرة.

لكل تلك الأسباب سيعود الربيع الإيراني لأن مقدماته أصبحت اليوم في حكم المقدمات التي ستترتب عليها النتائج لامحالة.

لقد كان الشعب الإيراني هو الأكثر احساساً بضرورة الثورة في العام 2009 حين تم اجهاض ثورته آنذاك بطريقة وحشية. أما اليوم فمؤشر اندلاع الربيع الإيراني ونجاحه مجدداً فقد أصبح مرتبطاً بنجاح الحراك اللبناني والعراقي وهما حراكان يضغطان بشدة في البلدين من أجل تغيير الحكومة والنظام. وبعد أم سقط رئيس وزراء لنان، وسقط رئيس وزراء العراق، لايزال الحراك ضاغطاً في لبنان والعراق، ما يعني أن النظام الايراني سينخرط بالضرورة في البحث عن أي سبيل لإخماد الحراك الإيراني والعراقي. وسيبذل جهداً مالياً ضرورياــ رغم الحصار ـــ في لبنان والعراق، الأمر الذي سيتجدد معه كل الحراك الثوري الإيراني قريباً.