قُلت في بداية مقالي السابق ان الولايات المتحدة لا تريد خوض حرب مع إيران , ونشرت تغريدة سابقة للرئيس الامريكي دونالد ترامب بعد ارتفاع حدة التواتر بين طهران وواشنطن عقب اعتداء ميليشيات الاحزاب العراقية الموالية لإيران على السفارة الأميركية في بغداد في 29 ديسمبر 2019, حيث قال الرئيس الأمريكي ترامب : ( أنا أريد السلام لأني أحب السلام , وينبغي لإيران أن تريد السلام أكثر من أي دولة أخرى, لذلك لا أرى حربًا سوف تحدث بين واشنطن وإيران) ..

و بعد ساعات من إطلاق إيران صواريخ باليستية او بالاحرى بلاستيكية على قاعدتين عسكريتين في العراق تستخدمهما القوات الأمريكية هما (عين الأسد )في صحراء الأنبار العراقية وأخرى قاعدة (حرير) في أربيل بإقليم كوردستان كـ(رد قاس ومزلزل حسب اداعائها )على العملية الأمريكية التي استهدفت وقتلت اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني, (نفى )ترامب خلال رسالته الواضحة والصريحة مرة اخرى تخطيط بلاده لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران، موضحاً أن القوة الاقتصادية التي تتمتع بها بلاده وعبر العقوبات التي تفرضها هي أفضل رادع , وقد ختم ترامب كلمته بفتح الباب أمام إيران لـ(لتفاوض)، وعبرعن استعداده لإقامة سلام مع الإيرانيين. وعليه خسر كل من راهن على وقوع حرب بين إيران والولايات المتحدة بسبب مسرحية قتل الحاج سليماني .

ايران تطلق الصواريخ الباليستية على مقر الحزب الديمقراطي الإيراني المعارض و تطلق الصواريخ البلاستيكية الفارغة على القوعد الامريكية :

بحسب الصور الأولية، الصواريخ التي استخدمت في استهداف قاعدة عين الأسد في غرب الانبار، وقاعدة حرير في اقليم كوردستان هي من نوع (فاتح 110 ) و (فاتح 313 )، وان

هذه الصواريخ لها قدرة في إصابة الأهداف البحرية والأرضية بدقة , ويحمل رأساً متفجراً ، يصل مداه إلى حدود 500كم يعمل على الوقود الصلب، الأمر الذي يمنحه سرعة في الإطلاق دون الحاجة لتحضيرات مسبقة.

ومن الجدير بالذكر ان ايران استخدمت نفس هذه الصواريخ اي (فاتح 110 ) و (فاتح 313 ) في ضرب مقر الحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني أثناء انعقاد مؤتمره في قضاء كويسنجق، التابع لمحافظة أربيل في ايلول 2018 , مما ادى إلى استشهاد 11كادرا قياديا وأصيب 30 آخرون بجروح من بينهم الأمين العام الجديد للحزب مصطفى مولودي والسابق خالد عزيزي, وشاركت في القصف العابر للحدود أيضا كتيبة الطائرات المسيرة في حرس الثورة .

وهنا نسأل : لماذا تستخدم ايران صواريخها البالستية ضد مواقع الاحزاب الايرانية المعارضة وتقتل كبار معارضيها في حين تستخدم صواريخها البلاستيكية ضد المواقع الامريكية في العراق ؟

مسرحية اخراج القوات الامريكية في العراق :

صوت مجلس النواب العراقي في 4 /1 / 2020 وفي جلسة استثنائية بحضور رئيس الوزراء عادل عبد المهدي و170 نائبا من تحالف (الفتح وسائرون) في حين غاب عنها النواب الكورد والسنة، إذ أنهم يدعمون تواجدا أمريكيا في البلاد لمواجهة تمدد النفوذ الإيراني, صوت الحضور على قرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي بقيادة واشنطن وإنهاء أي تواجد للقوات الأجنبية على الأراضي العراقية.

ومن المضحك المبكي ان من يطالب بطرد القوات الامريكية وأذنابها من المنطقة هو نفسه من ادخلته واشنطن لـ(بغداد)بدبابة امريكية في عام 2003 ، ومن يستعرض ولائه للجارة السيئة ايران اليوم هو نفسه من صفق لـ(بوش الابن )ولمصطلح تحقيق الديمقراطية في العراق بمساعدة الولايات المتحدة الامريكية .

نعم ان من يطالب بخروج القوات الامريكية بعد مقتل سليماني هو نفسه وقع الاتفاقية الأمنية مع أمريكا وشكر القوات الأمريكية وعوائلهم على التضحية الغالية من أجل تحرير العراق من النظام البعثي الفاشي .

ان من يطالب اليوم بطرد القوات الامريكية (الغادرة )هو نفسه حاول التصدي لحذاء الصحفي ( منتظر الزيدي ) الذي قذف زوج حذائه صوب الرئيس الأمريكي جورج بوش أثناء انعقاد مؤتمر صحفي في بغداد في 14 ديسمبر 2008 لكي لا يصيب الرئيس( البطل بوش).

ويبقى السؤال الاهم : بعد صدور قرار باخراج القوات الامريكية من العراق وفي حال انتقال هذه القوات او بعضها منها الى إقليم كوردستان طبعا سيكون في موقع الترحيب من قبل حكومة الاقليم و قانونيا الاقليم تابع للعراق وبالتالي، قرارالاخراج يفترض انه يشمل الاقليم ايضا, السؤال هنا كيف يمكن حل هذه الحزورة , وهل يشمل قرار خروج القوات الاجنبية من العراق ايضا القوات العسكرية التركية والايرانية المتواجدة داخل اراضي العراق؟