كشف وباء كورونا عورات الحكومات العربية. فلم تكد تمضي أسابيع قليلة على غزو الفيروس للدول العربية حتى تهاوت حكوماتها تحت ضغط الحاجات الانسانية من الدواء والغذاء، ووصل عجزها في مواجهة تداعيات الوباء الى الذروة، حتى بات بعضها اقرب الى الإفلاس والتسول من هذا وذاك.

ففي حين بادرت دول العالم المحترمة بتخصيص مليارات الدولارات لمواجهة الوباء وتوفير الغذاء والدواء للضحايا والمواطنين، منها الولايات المتحدة التي سارع رئيسها الى تخصيص ترليون دولار لمواجهة تداعيات الأزمة. وفي حين خصصت الحكومة البريطانية ما يقرب من نصف مليار دولار وهولندا وفرنسا وايطاليا وكندا واستراليا وغيرها مئات الملايين لتعويض الشركات وأصحاب الأعمال الصغيرة المتضررين من الوباء، اصبحت حكوماتنا العربية تلجأ الى الأغنياء الفاسدين الذين سمحت لهم تلك الحكومات بسرقة أقوات المواطنين، لكي ينجدوها في خضم هذه الكارثة المحيطة بالناس.

فالعراق وهو دولة مصدرة للنفط أصبح يقترب من الافلاس بسبب تدني أسعار النفط، وهذه كارثة بحد ذاتها لسببين، الأول، أنه دولة نفطية منتجة كان يفترض أن تكون في مصاف الدول المتقدمة والمحترمة ولديها خزين من الأموال لمثل هذا اليوم الأسود، لا أن تلجأ بعد اسبوعين فقط من إنتشار الوباء الى التسول والإعلان عن نقص الأموال بخزينتها! والثاني، هو أن السياسة الإقتصادية التي تتبعها الأنظمة والحكومات المتعاقبة على هذا البلد قد أثبتت فشلها الذريع حين إعتمدت فقط على العوائد النفطية في بلد يتملك كل مقومات النهوض الزراعي والصناعي والسياحي!.

فلا نعرف الى متى يظل العراق يئن تحت وطأة الفقر والجوع وهو يصدر يوميا أربعة ملايين برميل من النفط الى الخارج ؟ والى أين تذهب كل هذه الأموال الطائلة؟
ولا يستثنى من تلك الكارثة حكومة إقليم كردستان التي لجأت بدورها الى التسول من أقطاب الفساد لحثهم على بناء المستشفيات لمواجهة كورونا والتصدق بمساعدات غذائية للمواطنين، وكأن هذه الأمور ليست من مسؤولياتها الأخلاقية تجاه الشعب بل حتى هناك نية لديها للجوء مرة أخرى الى قطع رواتب الموظفين لشهر آخر، رغم أنها مدينة للموظفين برواتب ثلاثة أشهر، ورواتب المتقاعدين لسنة كاملة. وللعلم هي أيضا تصدر يوميا أكثر من نصف مليون برميل من النفط!

وقل ذلك عن حكومات لبنان و مصر والسودان وليبيا وسوريا التي أصبحت معظمها على حافة الإفلاس بسبب سياساتها الإقتصادية الفاشلة وعدم إمتلاكها لمدخرات لمثل هذا اليوم الأسو.

ان الحكومة التي لا تستطيع أن تواجه مرضا طارئا يعم أوطانها لا تستحق الا أن ترميها في مزيلة التاريخ، وقد حان الوقت بالفعل لكي نكافح هذه الحكومات قبل كورونا، فهي الفيروس الحقيقي الذي ينهش أجساد مواطنينا.