لم نبخل على الـ "كورونا" بالشتائم حتى بعد أنْ أصبح إسمها "كوفيد 19" فهي أوجعت قلوب كثيرين وهي لا تزال تحصد الأرواح في أربع رياح الكرة الأرضية وجعلت رئيس أكبر وأهم دولة في العالم، الولايات المتحدة، دونالد ترمب يطأطىء رأسه بعدما كان قد وعد شعبه بأن: "عيد الفصح المجيد" سيكون نهاية هذا الوافد المرعب، وبالطبع فإنه قد تخلىّ عن كبريائه وعنجهيته وأضطرّ لإستجداء "الصينيين"، الذين كان قال فيهم أكثر مما قاله مالك في الخمر، ليسعفوه ولو ببعض المعلومات لمواجهة هذه الآفة الكونية.

إنّه لا شكّ في أنّ الولايات المتحدة لا تستحق كل هذه "الشرشحة" وأنه كان بالإمكان "تجنيب" شعبها كل هذه المآسي التي تعرض لها ولا يزال لو أنّ الرئيس دونالد ترمب قد تواضع ومنذ اللحظات الأولى ليس قليلاً وإنما كثيراً وتفاهم مع الـ "صينيين" الذين لا شكّ في أنهم قد إرتكبوا حماقات كثيرة وأيضاً لو أنه دعا، وبعيداً عن أيّ كبرياء، إلى مؤتمر دولي يشارك فيه "العلماء" إلى جانب القادة الكبار لمواجهة هذه "الجائحة" التي باتت ترعب العالم كله.

وبالطبع فإنّ أخذ العبر من المصائب الكبيرة يجعلنا أو يجعل بعضنا يذهبون بعيداً في إستنتاجاتهم ويقولون: "ربّ ضارة نافعة" بالفعل فهذه الـ "كورونا" القاتلة قد خلّصت العالم كله من "تلوثٍ بيئيٍّ" كان قد أدى إلى مصائب أكثر كثيراً من كل هذه المصائب التي سببها هذا الطارىء المرعب، وهنا فإنه على من يشك في هذه الحقيقة أن يتصور كم من الأدخنة والروائح والمخلفات التي باتت تبثها ويومياًّ وفي كل لحظة السيارات وحدها في هذا الكون كله وهذا غير المصانع والمعامل والحرائق المصطنعة والعادية!!.

قبل أيام شاهدت، ما شاهده غيري بالطبع، أناساً ينظرون إلى جبال "هملايا" المجلّلة بالثلوج البيضاء.. لا بل الناصعة البياض عن بعد آلاف الكيلومترات وهم يقولون كما نُقل عنهم أنهم وللمرة الأولى يرون هذه الجبال على حقيقتها وأنها، قبل أن توقف هذه الـ "كورونا" اللعينة حركة السيارات والقاطرات وإغلاق أبواب المصانع وحركة الطائرات أيضاً، كانت تبدو كأشباح بعيدة "تغطى" بضباب كثيف وهذا ينطبق على كرتنا الأرضية كلها وعلى سمائنا التي أصبحت ميداناً صغيراً لتزاحم الطائرات المدنية والعسكرية وكل شيء.

وهكذا فإنّ هذه الـ "كورونا" بما فعلته ولا تزال تفعله قد علّمت سكان الكرة الأرضية كلهم أنهم مجرمون بحق أنفسهم وحق أجيالهم المستقبلية وأنّ كل هذه الأدخنة والمخلفات التي تنفثها المصانع والمعامل والعربات والسيارات والطائرات والقطارات والحرائق، سوف تؤدّي في النهاية، إنْ لم يكن هناك علاجاً سريعاً.. لا بل سريعاًّ جداًّ إلى إختناق كوني للبشرية كلها .. ولهذا فإنه علينا أن نشكر "كوفيد19" أنه قد نبهنا إلى جرائم نواصل إرتكابها يومياًّ وفي كل لحظة ضد أنفسنا وضد أجيالنا الحالية والمقبلة.