خطة سوريةمحكمة لضرب الاقتصاد اللبناني
رشاوى و محسوبيات تتحكم بمرور الشاحنات
فادي عاكوم من بيروت
قد يبدو للوهلة الاولى ان اغلاق الحدود البرية اللبنانية السورية و التضييق البحري على البحارة اللبنانيين لا يتعدى الضغوط، للوصول الى بعض المكاسب السياسية في المرحلة المقبلة، التي ستحمل في طياتها الكثير من التغييرات و التقلبات بعد الخروج السوري من لبنان بفعل انتفاضة الارز .
لكن حقيقة الامر ان ما تقوم به السلطات السورية ما هو الا خطة مدروسة لضرب الاقتصاد اللبناني و تحويل موارده الاساسية نحو البر السوري ، اذ يعمد السوريون الى ضرب الصناعة الخفيفة و الزراعة و تجارة الترانزيت التي تعتبر العمود الفقري في الميزان التجاري اللبناني، و يبلغ حجم التجارة بين لبنان وسوريا بما فيها اعادة التصدير بنحو 1.74 مليار دولار سنويا اي ما يعادل 20% من الميزان التجاري للبنان، وتشير الارقام المتعلقة بالاشهر الخمسة الاولى من العام الحالي الى تراجع حركة البواخر بنسبة 5,84 في المئة، قياسا الى الفترة ذاتها من العام 2004، في حين تراجعت حركة البضائع المستوردة والمصدرة بنسبة 16,27 في المئة.
والمضحك المبكي انه تقرر بنتيجة المشاورات الجارية بين وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ، وبين القيمين على الاجتماع الاستثنائي لجامعة الدول العربية ، (الذي يتوجه إلى شرم الشيخ الاثنين)، و يقدم مداخلة في الاجتماع الوزاري يضمنها ورقة العمل اللبنانيّة التي تتناول مسلسل التفجير الذي يتعرّض له لبنان منذ أشهر والذي استهدف ويستهدف رموزه وقادته وامنه واستقراره ووحدته الداخليّة، بالاضافة الى موقف لبنان من الدولة الفلسطينيّة، وحق عودة اللاجئين، إلى الموقف الواضح في العراق دون اي اشارة الى الوضع الاقتصادي المتردي بسبب التدابير السورية .
الحقائق بالارقام
لم يشهد مرفأ بيروت في كانون الثاني الماضي أية حركة للمسافرين، في مقابل 398 مسافراً في الشهر نفسه من العام المنصرم، في حين بلغت نسبة تراجع عدد المسافرين في ايار الماضي 78,83 في المئة، لتصل نسبة التراجع الاجمالية الى 57,57 في المئة.
اما ما يتعلق بصادرات السيارات، فقد تراجع عددها في الاشهر الخمسة الاولى الى 13205 سيارات مقابل 19976 سيارة، بنسبة تبلغ 33,90 في المئة.
اما بالنسبة لحركة المرفأ، فتشير الارقام الى تراجع عدد السفن حتى نهاية حزيران بنسبة 7,67 في المئة، اما كمية البضائع الاجمالية فتراجعت بنسبة 16,9 في المئة ، وتراجعت حركة البواخر السياحية بنسبة 66,91 في المئة، قياساً الى الفترة ذاتها من السنة السابقة، كما انخفضت الرسوم المرفئية بنسبة 7,26 في المئة، والرسوم الجمركية بنسبة 21 في المئة.
اما فيما يتعلّق بالحاويات، فقد زادت النسبة بمقدار 4,88 في المئة، ويعود سبب ذلك الى افضلية الاستيراد والتصدير باستخدام الحاويات بدلا من التصدير التقليدي، سواء لجهة الكلفة او السلامة او رسوم التأمين، الى جانب استقطاب المرفأ لبواخر الحاويات الضخمة، على ان ازدياد هذه النسبة لا يعكس تطوراً حقيقياً في حركة المرفأ، بقدر ما يعكس توجهاً متزايداً نحو استخدام الحاويات، وذلك قياسا الى نمو نسبة الحركة في السنوات السابقة.
رشاوى و محسوبيات
تشهد الحدود و خاصة الشمالية منها تخطي الصفوف عند بعض السائقين الذين يتجاوز بعضهم دون وجه حق الطوابير الطويلة المنتظرة منذ ايام عدة، و يستمر مرور لشاحنات من طرق فرعية تؤدي الى الدبوسية مباشرة دون انتظار ، ويدفع السائق احيانا مبلغا يصل لحدود 100 الف ليرة للوصول الى اقرب مكان من نقاط التفتيش، ما يؤدي الى إشكالات بين السائقين·
الحلول العقيمة
ان القرار الاخيرالصادر عن الدولة اللبنانية بإلغاء الرسوم المرفئية على الصادرات عبر مرفأي بيروت وطرابلس، لا يشكل حلا للازمة، اذ ان قيمة الرسوم تبلغ حوالي 70 دولارا اميركيا فقط للحاوية في الجانب اللبناني، دون القدرة على فرض إلغاء الرسوم او تخفيضها في مرافئ الدول المستقبلة، ناهيك عن ان الكلفة لا تقتصر على هذه الرسوم بل تتعداها الى مختلف مراحل التصدير البحري.
الخطة السورية المحكمة
بدأ اتحاد غرف التجارة السورية حملة ترويجية واسعة، للفت نظر الشركات ورجال الاعمال الاوروبيين الى اهمية الموقع الجغرافي والتجاري الذي تتميز به سورية، والامكانيات الكبيرة للاستفادة من هذا الموقع باعتباره اهم معبر ترانزيت باتجاه العراق والاردن ودول الخليج العربي.
وتاتي هذه الحملة في محاولة لاستقطاب المستثمرين نحو قطاع النقل لاستخدامه والاستثمار به وفي هذا الاطار ابلغت غرفة تجارة ميلانو اتحاد غرف التجارة ان وفداً ايطالياً كبيراً سيزور سورية قريباً وسيكون النقل ضمن اوليات مباحثاته.
وفي تعليقه على اهمية ابراز الموقع التجاري المتميز لسورية خاصة بالنسبة لاوروبا وتفوقه على الدول المجاورة وصف السيد عبد القادر صبرا عضو اتحاد غرف الملاحة العربية ،ان المرافىء السورية تعتبر وبلا منازع اهم مرافىء على شرق المتوسط من حيث الموقع الجغرافي والتجاري والذي جعل سورية اهم معبر ترانزيت في المنطقة بالنسبة للبضائع القادمة الى دول المنطقة وفي مقدمتها العراق.
و مما يروّج له على نطاق واسع المسافة من مرفأ طرطوس الى بغداد التي لا تزيد عن 70 كم والى الموصل وكركوك 500 كم وهي مسافة لا يمكن منافستها من اي دولة مجاورة على حد تعبير المسؤولين السوريين .
و وصل الامر بصبرا الى القول متناسيا الدور اللبناني : ان مرفأ طرطوس هو بوابة العبور الرئيسية الى العراق ودول المشرق.
كما و تدل الوقائع على الارض الى ان هناك مواقع جاهزة للاستثمار في المرافئ من خطوط حاويات وغيرها مما يدل على تخطيط مسبق للقيلم بضرب تجارة الترانزيت اللبنانية .
و من ضمن الخطة ايضا ترحيل العمال اللبنانيين غير الحاصلين على أذونات نظامية وإجراءات جديدة للحاصلين عليها ، علما انهم يشكلون العصب الأساسي في مجال الخبرات المصرفية والتقنية.
- و من تداعيات الازمة الحدودية تحركاً قد يحصل في لبنان خلال الأيام العشرة المقبلة لأصحاب الشاحنات اعتراضاً على دخول البحص السوري، نظراً لأن الأمر يضرب هذا القطاع في لبنان، ويشكل أعباء مادية على أصحاب ومالكي الشاحنات الذين يتكبدون خسائر بالملايين، وذلك في حال لم يجر حل للمشكلة وتنظيم دخول البحص السوري إلى لبنان.
كما لا يزال أصحاب البرادات المتوقفة يشتكون من زحمة الحدود وتلف حمولاتهم من الخضر والفاكهة، و سط معلومات رمي الحمولة المعدة لأسواق الكويت في مدينة حمص السورية بسبب التلف،لأنها لم تعد صالحة للبيع. وطالب تجمع المزارعين، الجهات المعنية لايجاد حل لهذه المشكلة، رأفة بالمزارعين الذين يعولون على مواسمهم، وبعد توقف تجار الفاكهة عن دخول أي بستان.
-من ناحية اخرىأحجمت شركات نقل بري سعودية عن نقل البضائع إلى لبنان، فيما رفعت شركات أخرى أجورها بنسبة 50 في المائة، بسبب الإجراءات المشددة التي تشهدها الحدود السورية ـ اللبنانية أخيرا على خلفية تفاقم أزمة المعابر الحدودية البرية بين البلدين ، وامتدت الأزمة بدورها لعرقلة عبور شاحنات الترانزيت التي تشكل الأراضي السورية بالنسبة لها طريق عبور باتجاه الدول العربية والخليجية.
كما يحضر تحركاللغرفة التجارية الصناعية في الرياض، حول الموضوع بعد اطلاعها على المشكلة برمتها من قبل الناقلين السعوديين ، وذكرت مصادر أن اللجنة تمهد حاليا لرفع تقرير إلى وزارة النقل في هذا الشأن، خاصة أن المشكلة بدأت تؤثر بالفعل في قطاع النقل بشكل عام والذي يمثل محوراً أساسياً في دعم عجلة الاقتصاد الوطني ورفع حجم التبادل التجاري بين دول الجوار.
و تبين أن هناك عددا كبيرا من الشاحنات السعودية تضررت جراء تفاقم أزمة المعابر الحدودية البرية بين بيروت ودمشق، مما تسبب في إحجام الكثير من الناقلين السعوديين عن تسلم أية حمولة إلى لبنان، تخوفا من غرامات التأخير ورجوع الشاحنة دون حمولة، فضلا عن البقاء مدة طويلة في طريق العودة ، كما أن عدد الشاحنات السعودية المغادرة إلى بيروت تقلص بنسبة 60 في المائة، بسبب هذه المخاوف، مقدرا عدد الشاحنات التي كانت تنقل البضائع من السعودية إلى لبنان قبل وقوع الأزمة بين 1200 و1500 شاحنة شهريا تعود ملكيتها لست شركات نقل سعودية، من بينها: الدريس، مبرد، قلوبمارين، الذياب، والراجحي؛ إذ لا تستغرق الرحلة أكثر من 12 يوما، بينما حاليا تتجاوز ذلك بكثير.
و تكبدتشركات النقل السعودية خسائر باهظة خلال الأيام الماضية بعد نشوء الأزمة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن كلفة تعطل الشاحنة الواحدة عن العمل تقدر بـ 300 ريال يوميا. مسترسلا ''لو افترضنا أن متوسط عدد الشاحنات التي تعطلت 300 شاحنة يوميا فهذا يعني أن حجم الخسائر يتجاوز الـ 90 ألف ريال يوميا، مع الأخذ في الاعتبار الخسائر تتفاوت بين ناقل وآخر وترتبط بمدة تأخير كل شاحنة.
وتنبغي الاشارة إلى أن ناقلين رفعوا أجور الشحن بنسبة وصلت إلى أكثر من 50 في المائة خلال الأيام الماضية، حيث ارتفعت أجرة النقل من الدمام أو الجبيل إلى بيروت من 7500 ريال إلى عشرة آلاف ريال، لتعويض حجم الخسائر التي قد تلحق بهم بسبب أيام التأخير، فضلا عن عدم توافر أبسط الخدمات الضرورية التي يحتاج إليها السائق أثناء توقفه على الطريق في المنطقة المتاخمة للحدود السورية - اللبنانية.
التعليقات