القطاع الصناعي الاكثر تضررا والعقاري الأقلّ تأثراً بالحرب
مفاجات حزب الله كلفت لبنان 9 مليار $
كتب - فادي عاكوم
انتصف اليوم الثامن من رزنامة الحرب القائمة بين حزب الله واسرائيل من جهة وبين اسرائيل والشعب اللبناني بشرا وحجرا من جهة اخرى، ولا احد يعلم كم هو العدد الفعلي لاوراق هذه الرزنامة التي كلفت لبنان دولة وشعبا مبالغ وارقام خيالية قاربت التسعة مليار دولار، فالمفاجات التي وعد بها نصرالله الجيش الاسرائيلي اصبحت مفاجات دامية للاقتصاد اللبناني الذي لم يكد يستفيق من المفاجات والصدمات الماضية، ويقوم مسؤولو الاقتصاد في لبنان بالقيام بالتدابير اللازمة للحد من الخسائر المتوقعة حيث تم تعليق كل عمليات الحسم وكسر الودائع بغية الحد من امكانية قيام مضاربات على الليرة، وقضت هذه الاجراءات برفع فائدة الحسم الى 150 %، وفرضت على المصارف الاكتتاب بشهادات ايداع بالدولار مدتها ثلاث سنوات وبفائدة 10,25 %في مقابل مدها بالسيولة التي تحتاجها.هذا بظل اقفال بورصة بيروت تحسبا لاي حركة في الاسعار تساهم في انهيارها مع استمرار العمل في المصارف التي تشهد تهافتا من المودعين الذين يحاولون سحب اجزاء من ودائعهم بالدولار نقدا تحسبا لاي حالات طارئة في هذه الظروف.وبلغ حجم سحب الودائع الى الخارج 350 مليون دولار حتى الآن، علما ان الودائع التي هربت من لبنان بعد الزلزال الاخير اثر اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري بلغت نحو ملياري دولار.
وكان لبنان يتوقع هذا العام أفضل موسم سياحي منذ العام 1974 و ارتفاعا بنسبة نمو الاقتصاد الوطني بنسبة تزيد على 5% جراء الاستثمارات الاجنبية المباشرة بفضل الطفرة النفطية في منطقة الخليج والعوائد الضخمة للسياحة، وتقدّر الخسائر المباشرة التي تكبدتها لبنان لليوم بنحو ملياري دولار حتى الآن وتتزايد كل ساعة، من جراء استهداف شبكات الطرق والجسور والإتصالات ومحطات الكهرباء والموانئ والمطارات ومنشآت القطاع الخاص
والسؤال الذي يطرحه الشارع الاقتصادي بالنسبة الى قطاع الاستثمار العقاري هو انه باعتبار غالبية الاستثمارات هي استثمارات خليجية ومن المعلوم والواضح ان منطقة الخليج هي الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة فهل من المعقول انه بالرغم من التطمينات عن الوضع اللبناني لدخول الاستثمارات فهل من المعقول ان يحصل ما يحصل ؟؟؟الا ان الراي السائد ان القطاع العقاري هو الأقل تأثراً بالحرب الاسرائيلية ضد لبنان إذا لم تمتد طويلاً، وان التأثيرات قد تكون مؤقته بحيث تتوقف بعض ورش البناء الكبيرة وحتى الصغيرة ريثما تنجلي الأمور وهذا التوقف قد يكون بفعل صعوبة النقل والتنقل وندرة بعض مواد البناء نظراً للحصار الاسرائيلي ورحيل أعداد كبيرة من العمال السوريين الذين يمثلون اليد العاملة الأساسية في قطاع البناءquot;.
ويعتقد انه مهما طالت الحرب فان هذه المشاريع ستستأنف بالتأكيد أولا لانها استوعبت رؤوس أموال كبيرة، وثانياً لانها أساساً تراهن على مستقبل لبنان أكثر مما تراهن على حاضره.
وعن التأثيرات على بيوعات العقارات غير المبنية، خصوصاً وان السنوات القليلة الماضية شهدت تهافتاً كبيرا على هذه العقارات التي تجاوزت مساحاتها ملايين الأمتار المربعة،فمن اشترى لا يمكن ان يفكر بالبيع، أما المشترون الجدد فقد ينكفئ بعضهم ويتريث، أما البعض الآخر فيعتبر ان المحنة القائمة تشكل فرصة مناسبة للاستثمار العقاري، باعتبار ان قلة الطلب، والحاجة الى السيولة لدى أصحاب العقارات تجعلان من هذا الاستثمار استثماراً مجدياً، وباعتبار ان العقار في لبنان لم ولن يتعرض للكساد أو تراجع في الأسعار، ولكنه قد يصادف جموداً معيناً ولفترة محدودة، إلا انه يعود بعد ذلك الى الارتفاع.
ومن المؤكد ان عوامل الطفرة العقارية ستبقى متوافرة بعد الحرب خاصة أموال النفط و أموال المغتربين، الى الثقة بالعقار اللبناني، الذي يربح ولا يخسر، بدليل تجارب سابقة عدة قام بها المستثمرون والرعايا العرب بصورة خاصة فالذين استثمروا أو تملكوا قبل حرب السبعينات والثمانينات عادوا ليجدوا ان عقاراتهم باتت تساوي أضعافاً مضاعفة رغم تضرر العديد منها، ولا سيما الواقعة فيها على خطوط التماس القديمة. وهذا كله سيجعل المستثمرين والرعايا الخليجيين يقبلون من جديد على الاستثمار والتملك في لبنان، فور زوال غيوم الحرب من سماء لبنان وانا من القائلين دوماً بأن العقار في لبنان يمكن ان يمرض ولكنه لا يموت.
بعض الاسعار ارتفعت بنسبة 400 % وقارورة الغاز بـ100 الف
ومن الطبيعي ان يستمرّ التهافت على شراء السلع وتحديداً المواد الغذائية من قبل اللبنانيين وزادت المبيعات في السوبرماركات بنسبة تعدت الـ 50 % لدى البعض و 400 % لدى البعض الآخر رغم التطمينات بوجود سلع كافية في المستودعات، وكانت وزارة الاقتصاد اللبنانية قد اعلنت عن استعدادها لتنظيم محاضر ضبط بحق التجار الذين يستغلون الوضع لزيادة أسعار المواد الغذائية الاساسية، يعمد بعض التجار والسوبرماركات الى زيادة الأسعار، فسجلت الخضار ارتفاعاً بنسبة وصلت الى 400 % بسبب صعوبة نقلها من البقاع الى بيروت، اما سائر السلع الغذائية فتراوحت نسبة زيادتها بين 10 و 15 % لدى البعض حتى وصل سعر علبة السردين الى 5000 الاف ليرة وكانت سابقا لا تتعدى الالف،وبرر تجار المفرق زيادة الاسعار بان تجار الجملة وشركات الاستيراد هم الذين قاموا برفع اسعارهم علماً أن بعض الشركات مثل quot;ليبان ليquot; وquot;فاينquot; وquot;تراسميدquot; اصيبت جراء القصف ما عطّل عملية الانتاج. واكثر السلع استهلاكاً هي الجبنة، اللبنة، اللبن، وquot;الحفاضاتquot; وحليب الأطفال، الأرز، السكر، المعلبات وتحديداً التونة، الحبوب والمعكرونة.
أسعار الخضار
وأكثر السلع التي شهدت زيادة في الأسعارهي الخضار بسبب استقدام غالبيتها من البقاع وأقفلت quot;بورصة الحامضquot; امس على سعر 3500 ليرة للكيلو من 750 ليرة السعر الأساسي له، وقال احد التجار أن quot;سعر كيلو اللوبيا والكوسى ارتفع الى 2000 ليرة من 750 ليرة، أما البطاطا فارتفع من 450 الى 1250 والبصل من 750 الى 1500 ليرة، مقابل ذلك انخفض الطلب على الفواكه باعتبارها ثانوية وسجلّت الفواكه التي تعبر معابر المحافظات زيادة في أسعارها بنسبة تتعدى الـ 60 في المئة، أما تلك التي ترد من المحافظة نفسها فحافظت نسبياً على سعرهاquot;، وفي ما يتعلق بقطاع الدواجن فسعرها ارتفع بنسبة تتعدى الـ 80 % من 2000 الى 4800 ليرة و سعر كرتونة البيض ارتفع بنسبة 40 %.
القطاع الصناعي المتضرر الابرز
باتت المصانع اللبنانية هدفاً مباشراً للاعتداءات الاسرائيلية، بعد تكرار ضرب المصانع، بدءاً من الجنوب مروراً بجبل لبنان ووصولاً الى البقاع. وبالتوازي يعيش القطاع الصناعي شللاً تاماً في كل المناطق نتيجة الحصار البحري المفروض على الموانئ اللبنانية والذي يحول دون تصدير الانتاج، والنقص الشديد في المواد الاولية والمحروقات، فضلاً عن استهداف وسائل النقل البرية ما يحول دون امداد الاسواق المحلية بالانتاج الصناعي.
فقد لجأت اسرائيل الى التدمير المنظم للمصانع والمؤسسات الانتاجية في مختلف المناطق اللبنانية، وكان إحدى ضحاياها امس، معمل ماليبان، في البقاع وهو اكبر مصنع للزجاج في الشرق الاوسط ، فضلا عن وقف دورة الانتاج بالكامل في الضاحية الجنوبية ، ومعمل روتكس للالبسة الجاهزة في حارة حريك الذي دمر بالكامل خلال سقوط البناء الذي فيه، وهذان المعملان أضيفا الى لائحة المصانع التي قصفت أو دمرت في الجنوب والشويفات.
يؤكد رئيس تجمع صناعيي الضاحية الجنوبية ان حوالى 700 مصنع ومعمل في الضاحية متوقفة عن العمل بسبب القصف المتواصل على المنطقة، ليل نهار، ولا يستطيع تحديد عدد المصانع التي قصفت أو دمرت، نظرا لصعوبة التنقل، واذا كان يستطيع معرفة عدد العمال الذي يقارب الالوف الذين باتوا بلا عمل في الوقت الراهن إلا انه يعجز عن تقدير الخسائر التي تسبب فيها العدوان، لكنه يقدرها بعشرات ملايين الدولارات. ويقول ان الصناعة في المنطقة ازدهرت في السنوات الاخيرة ومنها صناعة المفروشات، الاحذية، القازانات، الفرش والالبسة الجاهزة.
صاحب معمل lt;روتكسgt; للالبسة الجاهزة عصام وحيد الذي دمر مصنعه بالكامل في حارة حريك جراء سقوط المبنى الذي يخص وحيد والمعمل في الطابقين السفليين، يقول ان ثمانية محلات للبيع دمرت بالكامل مع المعمل، ويقدر الخسارة ب250 الف دولار للماكينات التي كانت داخل المعمل وحوالى 820 الف دولار بضاعة كانت جاهزة للبيع، إضافة الى ماكينات حديثة ب300 مليون ليرة كقرض من مؤسسة كفالات، لم تستعمل بعد ولم يجر تركيبها.
وقد تضرر العديد من المعامل في البقاع، فبالاضافة الى معمل زجاج ماليبان تدمر مصنع الشامبو، ومعمل فراش لاين، فالحركة متوقفة تماما في جميع المعامل. يقدر رئيس تجمع صناعيي البقاع محي الدين النخلاوي عدد العمال الذين فقدوا أعمالهم بالآلاف، وقدر الخسائر المادية بمئات الملايين، حيث يعمل في ماليبان وحده أكثر من 325 عاملا، كما يؤكد على ان كل معامل البقاع مقفلة، أما النائب نبيل دو فريج احد اصحاب معمل lt;ليبان ليهgt; فقال ان الدار أتى على كامل المصنع، وكانت كلفة الانشاء قبل سبع سنوات عشرة ملايين دولار، اما اليوم لو حاولنا اعادة البناء وبالمواصفات نفسها نحتاج الى 15 مليون دولار. ولم يشأ دو فريج الحديث عن مصير 117 عاملا كانوا يعملون في المصنع، ويترك مصير هؤلاء للادارة المعنية في المصنع.
وفي هذا الاطار قدر نائب رئيس مجلس ادارة quot;مجموعة نقلquot; غسان نقل، حجم خسائر المجموعة في لبنان بـ6 ملايين دولار، ويبلغ حجم الاستثمار الكلي للمجموعة في لبنان 10 ملايين دولار، وقال ان المجموعة بدأت الاستثمار في لبنان عام1970، وأشار الى ان المصنع تعرض للضرب مرتين الاولى في عام 1978 والثانية في عام 1982، الا ان المجموعة وحرصا منها على تواجدها في جميع دول العالم خاصة العربية أصرت على تجديد المصنع، واكد نقل quot;أن تجديد المصنع تم على حساب المجموعة، لأن لبنان منطقة حرب، والتأمين لا يغطي أضرار الحروبquot;.
وأشار الى أن المصنع أصيب خلال الاحداث الحالية، بثلاثة صواريخ ويحتاج الى اعادة هيكلة، وبين أن المجموعة ستباشر بالاصلاحات بعد توفر الاجواء الامنية المناسبة، وأوضح أن البضائع متوفرة في مستودعات الشركة في لبنان، والمجموعة ستبدأ بشحن مختلف المنتجات حال السماح للشاحنات بالعبور الى لبنان.
بدوره أعلن المدير التنفيذي لمجموعة شركات نقل الأردنية للمنتجات الورقية سليم كرادشه، أن القوات الإسرائيلية، دمرت أحد مصانع المجموعة في بلدة كفرجرة قرب صيدا جنوب لبنان والتي استهدفت كافة أنحائه.
ولفت الى أن مجمل تكلفة المصنع تزيد على عشرة ملايين دولار، وأوضح أنه سيتم اعادة بناء المصنع من جديد عقب وضوح الصورة فى المنطقة، وتوقف إسرائيل عن الاعتداءات الوحشية على لبنان، وقدر كرادشه حجم الخسائر المادية بنحو 6 ملايين دولار.
يذكر أن المصنع تأسس في لبنان عام 1971 وتغير موقعه أكثر من مرة نتيجة تعرضه للحرق خلال الحرب الأهلية في لبنان ( 1975 ـ 1990 ) حتى استقر فى صيدا قبل خمس سنوات.
اما باقي المصانع التي تعمل الآن وهي قليلة، فانها تعاني نقصاً حاداً بالمحروقات والمواد الاولية بسبب النقص الشديد بالمواد الاولية والمحروقات وبسبب الطلب المتزايد عليهاquot;.
ومن المتوقع ان هذه المصانع ستتوقف عن الانتاج خلال اسبوع في حال عدم القدرة على توفير المواد الاولية اذا لم يتغير شيء على الارض، خاصة ان اصحاب المصانع لم يتوقعوا حصول ما حصل لذلك فان المعامل كانت تعمل على اساس مخزون اسبوعي او شهري،
ويذكر ان القطاع الصناعي قد حقق في السنوات الماضية نمواً كبيراً، ظهر بشكل واضح من خلال ارتفاع صادراته نحو 25 % سنوياً، وكان يتوقع ان يصل حجم هذه الصادرات في العام الجاري الى ملياري دولار، بعدما بلغت في العام الماضي نحو مليار و700 مليون دولار. واستطاعت الصناعة اللبنانية ان تغزو الاسواق الاوروبية والاميركية، فضلاً عن الدول العربية، وعدداً كبيراً من الدول الافريقية.
المصدر : ايلاف والصحف اللبنانية الصادرة تحت الحصار
التعليقات