منافسة على "الإخوان" بين الحكومة والمعارضة في مصر
"أحزاب الأنابيب" تترقب النصف مليون لإنعاش دورها


نبيل شرف الدين من القاهرة: وسط أجواء ترقب غير مسبوقة على الساحة السياسية المصرية، وقبيل أيام على الانطلاق الرسمي لمعركة الدعاية في انتخابات رئاسة الجمهورية، فقد بدا الأمر وكأن هناك منافسة حامية بين الحزب الوطني (الحاكم) وأبرز المرشحين المعارضين، وهو النائب البرلماني أيمن نور، رئيس حزب "الغد"، على أصوات جماعة "الإخوان المسلمين"، التي تشكل واحدة من أهم القوى السياسية المنظمة في البلاد، رغم حجبها عن الشرعية، إذ تحدثت مصادر صحافية محسوبة على التيار الإسلامي عن تفاصيل "اتفاق سياسي" بين الحكومة والجماعة التي "تتوقف بمقتضاه عن تنظيم المظاهرات المناهضة للحكومة وأن توقف أي اتصالات لعناصرها أو مقربين منها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مقابل أن توقف سلطات الأمن حملات الاعتقال التي تشنها ضد نشطاء الجماعة وأن تطلق سراح المحبوسين احتياطيا ، إضافة إلى " وعد مؤجل " بمناقشة منح الجماعة كيانا شرعيا ، يتم التفاوض على ملامحه في مرحلة ما بعد الانتخابات"، كما أشارت إلى ذلك صحيفة (المصريون) الإلكترونية، ذات التوجه الإسلامي بعددها الصادر اليوم.

في الجانب الآخر من مشهد السباق على "خطب ود" جماعة الإخوان المسلمين، اعترف النائب المعارض أيمن نور، المرشح المنافس للرئيس حسني مبارك، بأنه يسعى بالفعل إلى إجراء اتصالات بالجماعة للحصول على دعمها له في الانتخابات الرئاسية، مع وعد بتأييد أحقية الجماعة في الحصول على حزب سياسي، وهو الأمر الذي سبق أن رفضه مرشح حزب "الوفد" اليميني، ورئيسه نعمان جمعة، في سياق حديثه عن أبرز ملامح برنامجه الانتخابي بعد مفاجأته بإعلان ترشيحه لرئاسة الجمهورية .

خطب ودّ الإخوان

أما عن موقف جماعة "الإخوان المسلمين" ذاتها حيال هذا السباق المحموم على "خطب ودها"، فقد جددت نفيها وجود أي اتفاقات مع السلطة، أو قوة سياسية أخرى، ونفى مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، تأييده ترشيحَ الرئيس المصري حسني مبارك لفترة خامسة، وأضاف عاكف : "هذا كلام غير صحيح، وأنا طلبتُ مقابلةَ الرئيس مبارك ولم يستجب، وقلت إنه يملك كل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ويستطيع أن ينهي كل الأوضاع الاستثنائية، ويحقق الإصلاح الذي ينشده الجميع"، موضحاً أن جماعة الإخوان المسلمين سوف تعلن موقفها حيال انتخابات الرئاسة بعد الانتهاء من استطلاع رأي مؤسسات الإخوان في جميع أنحاء الجمهورية" حسب تعبيره .

وقال عاكف في تصريحات صحافية عبر الموقع الرسمي للجماعة "إخوان أون لاين"، "حينما نستكمل استطلاع رأي هذه المؤسسات سنعلن رأينا"، واستبعد المرشد العام أن يكون موقف الإخوان من انتخابات الرئاسة قد تأخَّر، وقال: "إنَّ جميع المرشحين لم يُعلنوا حتى هذه اللحظة عن برامجهم، وحينما يعلنونها سيكون لنا رأي"، حسب تعبيره .

وفي معرض تعقيبه على سعي الإخوان لتشكيل حزبٍ سياسيٍّ قال مرشدهم العام : "لا أقبل أن أتقدم للحصول على حزبٍ من لجنٍٍٍة غير دستورية"، في إشارة إلى لجنة شؤون الأحزاب السياسية، التي وصفها بأنها "تعد حكمًا وخصمًا في الوقت ذاته"، قائلاً إنَّ "الإخوان يستمدون شرعيتهم من الشارع"، على حد قوله.

وعن رؤية الإخوان للمناخ الذي ستتم فيه انتخابات الرئاسة قال عاكف إنَّ المناخ لم تتحدد ملامحه بعد، إلا أنه إذا جاء على ما كان عليه في الماضي فسيكون عديم القيمة، أما إذا اتسق مع ادعاءات النظام الجديدة بأن الانتخابات ستكون حرة وشفافة فهذا أمر لم نشهده بعد حتى نصدر رأينا فيه"، حسب تعبير عاكف.

قصة النصف مليون

وبينما بدأت اليوم اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية في مصر تلقي أرقام حسابات ‏المرشحين لخوض الانتخابات تمهيدا لتحويل مبلغ نصف مليون جنيه دعما للحملة ‏الانتخابية لكل مرشح من الدولة، فإن كلاً من النائب البرلماني أيمن نور رئيس حزب "الغد" الذي يشترك في كثير من الافكار مع حركة "كفاية" المعارضة، ونعمة جمعة رئيس حزب "الوفد"، فضلاً عن الرئيس مبارك مرشح الحزب الوطني (الحاكم)، قد رفضوا مبلغ النصف مليون جنيه المخصص للدعاية الانتخابية، بينما يترقب هذا المبلغ قادة الأحزاب الصغيرة التي يطلق عليها تندراً في الشارع السياسي المصري "أحزاب الأنابيب"، لتدارك أوضاعها المالية المتردية التي وصلت إلى حد التوقف أشهراً عن دفع أجور محرري صحفها، وحتى فواتير الإيجار والكهرباء الخاصة بمقارها في بعض الأحوال .

أما حركة "كفاية" التي تنظم مظاهرات مناهضة لاستمرار الرئيس مبارك منذ أكثر من عام مضى، فقد دعت الى مقاطعة الانتخابات، معتبرة انها غير ديمقراطية، ولدى الاعلان عن خوضه الانتخابات فقد وعد الرئيس الحالي حسني مبارك مرشح الحزب الوطني (الحاكم)، بتعزيز الديمقراطية وتطبيق اصلاحات اقتصادية ليبرالية، كما وعد بوضع قانون جديد لمكافحة الارهاب من المفترض ان يحل مكان قانون الطوارئ الذي تندد به المعارضة والذي فرض بعد اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 ومازال قائماً حتى اليوم .

وبدأت الصحف الحكومية تخصيص عدة صفحات لهذا الحدث، وأضافت ملاحق كما فعلت صحيفة (الأهرام) التي أصدرت ملحقاً خاصاً باسم (الرسالة) لتناول برامج المرشحين، بينما تعهد بعض رؤساء تحرير الصحف الحكومية والمستقلة بالتزام الحياد خلال الحملات الانتخابية، والالتزام بالموضوعية، في حين اكد البعض الأخر استحالة هذا الحياد .

هذا ومن المقرر ان تتولى اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية مراقبة شروط وضوابط ومواعيد استخدام المرشحين لوسائل الاعلام المسموعة والمرئية المملوكة للدولة، وللجنة الانتخابات الرئاسية اتخاذ ما تراه من تدابير لتحقيق المساواة بين المرشحين باستخدام تلك الوسائل الاعلامية، حسب نصوص قانون الانتخابات الرئاسية الجديد.