مع بدء العد التنازلي لمونديال ألمانيا 2006

هلع ألماني من تكرار أحداث سبتمبر في برلين

ع

إقرأ أيضاً:

سبتمبر رياضياً: غُراب أسود ينعقُ فوق الملاعب

الأمن هاجس الرياضة والرياضيين في العالم أجمع

أولمبياد أثينا

بدالله زقوت من غزة: ألقت أحداث الحادي عشر من أيلول(سبتمبر) من العام 2001 م، بظلالها على كل مناحي الحياة في العالم أجمعه، و لم يقتصر ذلك على الجوانب السياسية، و الاقتصادية، والاجتماعية، بل تعداه ليصل إلى الرياضية، و التي إذا ذكرناها نذكر فيها أبرز الأحداث العالمية التي ينتظرها العالم بأسره، وهي بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تقام كل أربع سنوات بمشاركة 32 منتخبا يمثلون كل منتخبات العالم، وهي المنتخبات الصفوة التي نجحت في الوصول إلى هذا التجمع الكبير وسط تصفيات ماراثونية شملت أكثر من مئتي دولة في القارات الخمس.

و سجلت أحداث أيلول(سبتمبر) تأثيراً كبيرا في بطولة كأس العالم حيث بات الهاجس الأمني الملاذ الكبير الذي يسعى اليه الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) أو الدولة المستضيفة للبطولة، حيث يترتب عليها التزامات كبيرة لحماية و حفظ أمن المشاركين في هذه البطولة العالمية.

كأس العالم 2002

و بعد أحداث سبتمبر وتحديدا بأقل من عام ، كانت كأس العالم 2002 م على موعد مع الظهور الأول في قارة آسيا، بعد أن تصدت كوريا الجنوبية و اليابان لتنظيم مشترك هو الأول في تاريخ إقامة هذه البطولة العالمية، و ترتب على ذلك ترتيبات و تنسيقات أمنية لم يسبق لها مثيل، و الشيء بالشيء يذكر فإن هذه الترتيبات و الإجراءات ستتضاعف كلياً في كاس العالم المقبلة التي تستضيفها ألمانيا العام المقبل.

وصاحب كأس العالم 2002 م هاجس أمني كبير خصوصا و أن أحداث سبتمبر لم تمر عليها فترات كبيرة ، لذا نشطت الاستخبارات في الدولتين ( كوريا و اليابان ) بمساندة استخبارات ومخابرات دول المنتخبات المشاركة، و تعين على كوريا و اليابان وهما المنظمتان للحدث الكبير تجاوز توترهما وصراعهما التقليدي والتنسيق بأقصى درجات الحيطة والحذر في كل ما يختص بالحفاظ على الأمن و مكافحة الشغب .

وقد اتخذت الدولتان على الأرض إجراءات أمنية استثنائية وصلت حد تخصيص فرق مختصة لمكافحة الأعمال الإرهابية بكل أنواعها بما فيها الكيميائية لتكون على أهبة التدخل متى دعت الضرورة، حيث كان السابع من حزيران ( يونيو ) من عام 2002 م، الاختبار الأبرز لفرق مكافحة الشغب وهو اليوم الذي يلعب فيه منتخب الأرجنتين أمام منتخب إنجلترا ، وقد حظيت هذه المباراة بأهمية متزايدة بالنظر لحساسية العلاقات بين البلدين .

و إلى ذلك فقد نشرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية صواريخ ارض/جو قرب الملاعب التي أقيمت عليها نهائيات كأس العالم لكرة القدم في خطوة منها لإحباط اي هجوم من الجو، كما أقرت استخدام الطائرات المقاتلة لحماية الملاعب خلال البطولة التي استمرت لمدة شهر كامل ، حيث انطلقت في سول عاصمة كوريا الجنوبية في 31 أيار ( مايو ) من عام 2002م، وانتهت في اليابان يوم 30 حزيران(يونيو) من عام 2002م.

ستاد بايرن ميونخ ، ويظهر من خلاله الإستعداد الأمني لاستضافة المباريات
وحظرت وزارة النقل اليابانية الطيران فوق الإستادات التي استضافت مباريات نهائيات كأس العالم، كما جرى حظر طائرات الهليكوبتر و الطائرات الصغيرة التي تستأجرها وسائل الإعلام أو الطائرات الخاصة وكذلك الرحلات التجارية ، كما قامت الشرطة اليابانية بتعزيز الأمن حول المطارات للحيلولة دون تحليق أي طائرة دون تصريح في اتجاه ملاعب كأس العالم.

و في تعزيز آخر للجوانب الأمنية وضعت السلطات المختصة في الدولتين شاحنات مجهزة لاكتشاف مواد جرثومية قرب الملاعب لحمايتها من أي هجمات بيولوجية ، إلى جانب التدريبات التي أقامتها الدولتان لعناصر من الوحدات الخاصة للتدريب على مواجهة عمليات إرهابية في ملاعب كأس العالم ، حيث تضمنت هذه التدريبات إنزالا جويا لجنود من طائرة هليكوبتر على حبال لمواجهة أي حالات طارئة.

كأس العالم 2006 م

وفي بطولة كأس العالم 2006 م و التي تستضيفها ألمانيا، ستتجاوز حجم الإجراءات و التدابير الأمنية التي ستفرض خلال كأس العالم عن سابقاته من البطولات الكبرى ولا سيما كأس العالم الأخيرة في كوريا و اليابان، فقد أعلن المسؤولون في اللجنة المنظمة العليا لنهائيات كأس العالم أن مسألة توفير الأمن خلال بطولة كأس العالم التي ستنطلق في التاسع من حزيران(يونيو) و لغاية التاسع من تموز ( يوليو) من العام المقبل، تتصدر أولويات اللجنة المنظمة للبطولة.

و أكدت اللجنة المنظمة أنها بدأت مبكراً باتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي وقوع أي أعمال شغب قد تخل بالنظام، لا سيما في الملاعب الـ 12 التي تستضيف البطولة العالمية ، كما أجرت وزارة الداخلية الألمانية سلسلة من الإجراءات التي سيتم اتخاذها للحفاظ على الأمن و تلافي أي أحداث إرهابية.

و في إجراءات تتسم بالصرامة الأمنية ، سيتم تفتيش ومراقبة كل الجماهير و الأشخاص الذين ينوون متابعة المباريات وفق النظام البيومتري ، في خطوة من الجهات المختصة لمواجهة أي حوادث أمنية قد تقع خلال البطولة، كما قامت بحصر كل الملفات التي تخص المشاغبين الخطرين على أن يتم ترحيلهم بمجرد وصولهم لألمانيا.

و بدأت اللجان المختصة مؤخرا تجريب أنظمة جديدة ستساهم في الحفاظ على الأمن خصوصا في الملاعب التي تحتضن المباريات ، فعلى سبيل المثال في ملعب "ويستفاليا" الموجود في مدينة دورتموند، تم مؤخراً تجريب نظام الأبواب المتحركة من أجل ضبط عملية تدفق المشجعين إلى مدرجات الملعب، وذلك قبل أقل من عام على انطلاق البطولة التي من المتوقع أن تباع جميع بطاقاتها للجماهير التي ستحضر المباريات.

ومن المقرر أن تزرع المئات من كاميرات المراقبة في ملاعب كرة القدم التي تستضيف المباريات، كما ستزرع أخرى في وسط المدن المضيفة للملاعب ، كما سيقوم عشرات الخبراء من المكتب الجنائي الاتحادي وحماية الدستور والمخابرات السرية الألمانية بتحليل كل معلومة تصل وتكون متعلقة باحتمال وقوع عمليات إرهابية أثناء سير المباريات.

وكان وزراء داخلية الأقاليم الألمانية برئاسة وزير الداخلية الاتحادي أوتو شيليه قد أقروا خطة أمنية للحفاظ على الأمن في ألمانيا خلال المونديال، و استنادا إلى الإجراءات التي تم ذكرها سابقا ، فإنه سيتم تعزيز هذه الإجراءات بإجراءات أخرى تنم عن الهاجس الأمني المتوقع خلال المونديال.

و ستعتمد الرقابة للأجهزة الأمنية الألمانية على المراقبة الإلكترونية في المدن الكبيرة و الملاعب الموجودة بها ، وسيتلخص عمل بعض الوحدات في هذه الأجهزة على مراقبة الأشخاص الذين يتواجدون في المدن و الملاعب من خلال كاميرات خاصة تعمل على رسم معالم الوجه لإرهابيين أو مشاغبين أو مجرمين ، ومقارنتها مع ما تم تخزينه من معلومات الكترونية لدى مراكز أمنية مختصة، و إذا تبين وجود تشابه تنذر هذه الوحدات لمراقبة المشتبه به، إلى جانب ذلك سيتوفر النظام المتحرك لرفع بصمات اليد من أجل سرعة المقارنة مع ما لدى الدوائر من بيانات عن الأشخاص المشكوك بهم.

وأقرت وزارة الداخلية الألمانية تشكيل فرق أمنية خاصة مهمتها التصدي للعمليات الإرهابية التي تتوقع حدوثها الدوائر الأمنية ، حيث ينبع عمل تلك الفرق من خلال مراكز اتصالات ومعلومات تتصل مباشرة مع وزارة الداخلية الاتحادية ، حيث تزود بخبراء ضد الإرهاب من المخابرات السرية الاتحادية ودائرة حماية الدستور والمكتب الجنائي الاتحادي.

و ستتواصل الإجراءات الأمنية المشددة من أجل ضمان أمن الملاعب حيث ستقام المباريات تحت حراسة حلقة أمنية ، حيث لا يستطيع أحد المرور عبر المداخل المراقبة إلكترونيا والتي تؤدي إلى الحلقة الداخلية إلا ببطاقة رسمية تحمل بيانات عن الشخص الذي اشتراها، و بواسطة هذه المعلومات يتوفر للأجهزة الأمنية في الحلقة الداخلية عندما يشكون بأحد التأكد ما إذا كان الداخل هو حقيقة مالك البطاقة أو غيره.

و ستعمل الجهات الألمانية المختصة وفقاً للمخطط الأمني الذي تم إقراره على منع تحليق الطائرات المختلفة فوق الملاعب التي تستضيف المباريات ، باستثناء الطائرات الخاصة التي تستخدم للمراقبة الأمنية ، وذلك تحسبا لأي اعتداءات إرهابية.

و توقعت جهات أمنية ألمانية أن تتم عودة نقاط المراقبة على كل الحدود الألمانية مع الدول المجاورة طوال فترة بطولة كأس العالم لكرة القدم ، في تدابير أمنية مشابهة فرضتها فرنسا و البرتغال في استضافتها لبطولات عالمية سابقة .

و توقعت الجهات ذاتها أن يتم إيقاف اتفاقية " شينغن " لمدة معينة لا تتجاوز فترة إقامة كأس العالم ، رغم أن، هذا التوجه يلقى معارضة كبيرة لأن ذلك يحتاج إلى إجراءات تكلف ألمانيا ملايين الدولارات، و يدافع المسؤولون عن فكرة إيقاف " شينغن " بأن ذلك من شأنه أن يحصر حركة الدخول والخروج إلى الأراضي الألمانية وبالتالي الحفاظ على النواحي الأمنية المتبعة أثناء الكأس العالمية.