هل قادك سوء طالعك لحضور إحدى المناسبات الرسمية أو غير الرسمية، في أي مكان بالعالم داسته الأقدام العربية؟ فلسوف تت نعّم بمنظر الأوراق الملصقة على المقاعد الأمامية والمكتوب عليها: (محجوز من فضلك)؟.. فإذا جلست على مقعد منها، كونك مدعواً أيضاً، صاح بك أحد المسؤولين عن التنظيم (غير المنظّم):
ـ أرجوك.. إجلس في مكان آخر.. هذا المقعد محجوز..
وتبدأ عملية مطاردتك وطردك من كرسي إلى كرسي، وكأنك حشرة ضارة، دعوك لحضور مناسبتهم من أجل التنكيل بك، وتعذيبك، وتحطيمك، وتحجيمك، وبخّك بجميع أنواع المبيدات. وكأن من حُجِزت لهم الكراسي الأمامية أفضل منك بدرجات. فتصهصل..
أما إذا كان الطعام سيّد الحفلة، وهذا الأرجح، فلسوف ترى طاولة ممدودة عكس باقي الطاولات، ومزينة بشكل ملفت للنظر، كي يراها الكبير والصغير والمقمّط في السرير، إسمها (طاولة الشرف)، يجلس عليها فقط بعض المختارين والمختارات، وكأن الجالسين على الطاولات الأخرى بلا شرف. وصدقوني أن معظم الجالسين على طاولة الشرف، حسب خبرتي الطويلة بتقديم الحفلات، يدخلون إلى الحفلة مجاناً، ويخرجون منها دون أن يتبرعوا بدولار واحد. بينما تنهمر التبرعات من ركاب الدرجة الثانية والثالثة.. والعاشرة، ومع ذلك لا يتعظ أحد من مسؤولي الجمعيات والأندية العربية، كلهم أسرى طبقيتهم، وكلهم ضحاياها.
عيب يا جماعة عيب، فالذي يدعو الناس لمشاركته احتفاله عليه أن يحترم كبيرهم وصغيرهم، وأن يفسح المجال أمامهم للجلوس أينما أرادوا، حسب وصولهم إلى القاعة، فالواصل الأول له حق الصدارة، هذا إذا أردنا أن نصبح بشراً كباقي البشر ، وأن نعطي المثل الصالح لأجيالنا، ونرضي، أولاً وأخيراً، أنفسنا واللـه.
أيضاً، هناك مسألة أخرى، لا تقل عن الأولى أهميّة، ألا وهي الترحيب بفلان وفليتان، وتجاهل علتان وعليتان، والاعتذار من حديدان وسليمان.. ثـم إعادة الترحيب بخرمان ونعمان.. إلى آخر المعزوفة المملة التي لا يحتملها إنسان.
إنها جرصة ما بعدها جرصة.. فلماذا نوقع أنفسنا بها؟ لماذا نبيّض وجوهنا مع أربعة أشخاص في الحفلة، ونسوّدها مع أربعمئة شخص معظمهم من الشرفاء؟.
علينا أن نقول في بداية الكلام: سيداتي آنساتي سادتي.. وكفى. فمن لا يكون من السيدات يكون من السادة، ومن لا تكون من السيدات والسادة تكون من الآنسات.. ومن ليس من السيدات والآنسات والسادة ليس منّا ولا نريد أن نتعرّف إليه.. وما علينا سوى تجاهله كلياً بدل الترحيب به!!
ومن منا لـم يضحك على عريف حفلة تلعثـم ألف مرة وهو ينفث سمومه الترحيبيّة، ويتطلّع بالجمهور ويقول:
ـ لا تؤاخذوني إذا نسيت أحداً منكم.. الذاكرة تخون...
بربك، أليس هذا الرجل خبيثاً ومدّعياً وجاهلاً؟!.. ألا يحق لنا أن نرميه بالبندورة والجزر والفستق والحمص واللبنة والجبنة والبطاطا المقلية والمسلوقة، وبكل ما تصل إليه أيدينا من أدوات الإحتجاج والتظاهر العصرية؟.. بلى، يحق لنا ذلك، لأنه يضحك علينا وهو يضحك لنا، وكأنه لا يدري أنه مضحكة الناس أجمع.
أمراض جوالينا العربية في كافة أقطار العالم كثيرة ومقيّحة، يجب مداواتها عن طريق (الكي)، رحمة بها وبنا وبمن سيأتي بعدنا.
التعليقات