زيارة بلجيكا مضجرة للغاية، فهي بلد أوروبي مساحته 30519 كلم2 ، وعدد سكانه 10 ملايين نسمة، ويتكلم شعبه الداتشية والفرنسية والالمانية، وعملته الفرنك البلجيكي، (اليورو الآن)، وعاصمته (بروكسيل) بالفرنسية، و (براسل) بالإنكليزية، وفي إحدى مدنه المسماة واترلو، تحطّمت عنجهية الامبراطور الفرنسي نابليون.
بلجيكا فقيرة بالنسبة لجيرانها.. تقع بين فرنسا وألمانيا وهولندا. وصدّقوني أن الدول الأوروبيّة قد أنعمت عليها أكثر من اللازم، عندما اختارت عاصمتها عاصمة للإتحاد الأوروبي، ومركزاً لبرلمانه.. وأعتقد أن فرنسا كانت وراء هذا الاختيار، نظراً لقربها من بلجيكا أولاً، ولعلاقتها الوثيقة بها ثانياً، وحتى تضع يدها على البرلمان الاوروبي، وتتلاعب به كما تشاء ثالثاً.
بمختصر العبارة، لـم تختر فرنسا باريس، بل اختارت بروكسيل، حتى تبعد عنها شكوك السيطرة والتلاعب بالبرلمان العالقة بعقول الشعب الأوروبي، وخاصة الإنكليزي.
ولولا معرض الزهور الذي تحتفل به بروكسيل في منتصف شهر آب من كل عام.. لما تحمّلت مشقّات السفر، أنا وزوجتي، وقصدنا الساحة الكبرى ( GRAND PLACE )، المسيجة بأجمل القصور القديمة، والمرصوفة بحجارة منمنمة رائعة.. والتي يقام بها معرض الزهور، بشكل لا يتصوّره عقل.. فهم يصفّون الزهور قرب بعضها البعض، لتصبح سجّادة ملوّنة تسرق منك الشهقة والنظر، وتجعلك تسبّح الخالق العظيم على ألوان زهوره، وعبقرية مخلوقاته.
عام 1994، كان عرض سجّادة الزهور 24 متراً، وطولها 70 متراً، ومؤلفة من 775 ألف زهرة ملونة.
عام 1996، كان عرض السجّادة 24 متراً، وطولها 77 متراً، واستهلكت 800 ألف زهرة. وهكذا دواليك في كل عام، أزهار تصطف وعيون ترف.
وأعتقد أن سجّادة هذه السنة قد لا تختلف بطولها وعرضها عن سجّادات الأعوام السابقة، بل برسومها فقط.. والسبب يعود إلى أن البلدية تريد ممراً للمشاة، وطريقاً صغيراً لعربات الزهور.
إذا عطشت، وأنت تتسوّح، فسيدلك البلجيكيّون على عين ماء صغيرة قريبة من معرض الزهور.. هناك ستجد طفلاً صغيراً من البرونز يبول ماء.. وما عليك إلا أن تضع فمك تحت (حمامته) لتروي غليلك.. إنه أحد أهمّ معالـم (بروكسيل) السياحيّة.. يقصده السيّاح من كافة أقطار العالـم لارتشاف جرعات من (بوله) الأنقى من مياهنا الملوّثة في معظم دولنا العربية.
كما لا يسعني إلا أن أذكر البيوت الحكومية التي يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، فهي آية في الجمال والفن المعماري الرائع.. عليها تعاقب حكّام كثيرون، ولكن ولا أحد منهم تمكن من أن يجعل من بلجيكا بلداً غنياً كباقي الدول المحيطة بها.
لقد دخلت كنسية السيدة مريـم الغارقة في القدم، وصليّت للـه تعالى كي ينقّي مياهنا ومياهكم من الجراثـيم، حتى لا يمرض إنسان واحد.. حماكم اللـه وأبعد عنكم الضربات، ولوّن حياتكم بزهور بروكسيل الشهيرة.. وإلى اللقاء.
- آخر تحديث :
التعليقات