ما دور الأحزاب والحركات العراقية وبالذات الشيعية في المواجهة مع التيار الصدري، وهل تستطيع حل الأزمة؟

المؤلم والمثير في قضية وصول تيار الصدر لهذه المرحلة من المواجهة ان هناك بعض الأيدي العراقية من الأحزاب والحركات والمنظمات العراقية بأطيافها المتعددة ومنها الشيعية ساعدت الأمريكيين بقصد أو من غير قصد ونقص خبرة في فرض هذه السياسة التهميشية والاستفزاز والمواجهة المسلحة معه، وذلك عندما قبلت الاملاءات والمسودة الأمريكية بدون أن ترفضها صراحة وعمليا، وتطرح بقوة أهمية إشراك التيارات المؤثرة في داخل العراق ومنها التيار الصدري، اذ إنها ركزت عن الغنيمة والمكاسب الآنية الوقتية وسيطرة حالة الأنا، بل ذابت في البحث عن مصالح متقلبة، ونست وتناست التيارات الأخرى إذا لم تنس الشعب الذي في الشارع بأكمله.
وساهمت سياسة التهميش والعزل والاستفزاز للتيار الصدري ورموزه...
الذي يحظى بشعبية في الساحة العراقية إلى حدوث ردة فعل وتوتر ومطالبة ومظاهرات وصلت في النهاية إلى المواجهة العسكرية المسلحة كما حدث ويحدث الآن في النجف الاشرف وبغداد العاصمة وفي مدن الجنوب واغلب المدن العراقية الأخرى، والتي كلفت العراق والعراقيين الكثير من الأرواح البريئة والخسائر المادية الكبيرة وفقدان الأمن وشيوع حالة من الخوف...، وستؤدي في المستقبل القريب إلى ما لا تحمد عقباه على العراق والعراقيين في ظل الغرور والتكبر والغطرسة الأمريكية، وعدم تحمل المسؤولية الوطنية الحقيقية من قبل الأحزاب والحركات العراقية، والإصرار على استخدام سياسة فرق تسد والتهميش والعزل والقوة بحق طرف دون طرف آخر حسب المصالح والأهواء بدون استراتيجية واضحة تخدم الساحة العراقية إلا سياسة التمزيق والعنف والبعد عن روح التفاهم والحوار والاعتراف بالطرف الآخر في ظل صمت الأحزاب والتيارات المستفيدة من توزيع الغنيمة، وارتفاع أصوات مبحوحة ومتعبة لمن حرمت من حصة في المناصب.
سياسة العزل والتهميش واستخدام قوة السلاح لن تستطيع في القريب العاجل من حل المشاكل المستعصية، وتحسين الوضع المتدهور في العراق، بل ستزيد الوضع تعقيدا وخطورة، والمتضرر الأكبر هو الشعب العراقي المسكين وخاصة الطائفة الشيعية.

لابد من الأحزاب والتيارات العراقية المتنفذة وصاحبة الحجم الأوفر من كعكة الحكومة أن تضحي لكسب التيارات المتضررة ومنها الصدر وكسب ثقتهم من خلال الواقع العملي، وان تضغط بقوة على الحكومة الموقتة وقوات الاحتلال لفتح صفحة جديدة قائمة على الثقة والاحترام لجميع أبناء العراق بجميع عروقهم أديانهم ومذاهبهم وأفكارهم وتياراتهم، وهذه العملية بحاجة للتنازل عن بعض الحصص والمناصب والامتيازات من قبل جميع الأطراف لصالح التيارات المحرومة، وذلك من اجل مستقبل مشرق لأبناء العراق الجريح فالكل متضرر من استمرار القتال ونزف الدماء وعدم استقرار الوطن، والمواطن العراقي بأمس الحاجة للأمن والغذاء والدواء والعمل تحت مظلة القانون والحرية والديمقراطية.

الحل أن تبذل جميع الأحزاب العراقية وخاصة الشيعية، وكذلك المرجعية كل ما تستطيع لإعادة التيار الصدري إلى موقعه الطبيعي إلى الأمام حسب شعبيته، ودمجه ضمن الأحزاب المشاركة في الحياة السياسية، وزرع الثقة والاطمئنان لدى قيادة وأفراد هذا التيار، والسعي في تذويب جليد الاحتقان والتشدد والتطرف من جماعة الصدر، والتخلي عن سياسة العنف والقوة، والتحلي بلغة الحوار والتفاهم من قبل الجميع، وعلى التيار الصدري أن يطرح برنامجه السياسي الوطني، والمشاركة الحقيقية الوطنية الفعالة القائمة على احترم الرأي والرأي الآخر وحب الوطن، و تحمل المسؤولية مع بقية الأحزاب والتيارات في بناء عراق الغد الحديث والديمقراطي.

الدمام