انزعج العديد من العراقيين من التصريحات السياسية التي أطلقها مدرب منتخبنا الأولمبي عدنان حمد وكذلك من التصريحات السياسية التي أطلقها لاعب منتخبنا الأولمبي صالح سدير، تلك التصريحات التي لا تتفق مع ما يعتقد به غالبية أبناء الشعب العراقي.
بدءا أقول أنني لا أقف مطلقا ضد الرأي الآخر حتى وان كان ضد رغباتي وتطلعاتي التي أعتقد أنها تقع في الاتجاه نفسه الذي يتطلع له غالبية أبناء الشعب العراقي، ما دام هذا الرأي يطرح بشكل سلمي أي دون أن يرفع بوجهي آر بي جي أو يلغم سيارة مفخخة يقتل بها أبناء شعبي، لكن أجد أن من حقنا مناقشة هذه الآراء مناقشة هادئة.
قبل أن أبدأ مناقشة هذه الآراء لا بد لي من الاشارة الى أننا نعيش حياة جديدة بالعراق الجديد ودليلنا هو هذه التصريحات، إذ أن المدرب عدنان حمد واللاعب صالح سدير قد أطلقا تصريحاتهما دون أن يشعرا بالخوف من أن الحكومة العراقية أو اللجنة الأولمبية العراقية ستقوم بمعاقبتهما لأن هذه التصريحات تقع خارج توجهات الحكومة، لاسيما ما يتعلق منها بتصريح حمد الذي جاء فيه (إننا دولة واقعة تحت الاحتلال )، إذ أن ذلك يعني عدم اعترافه بسيادة الحكومة العراقية، تلك السيادة التي أقرتها الأمم المتحدة بقرار رسمي، وكذلك تصريح سدير الذي قال إنه ان لم يكن مع المنتخب الأولمبي في أثينا لكان الآن في صفوف المقاومة.
لا أعرف أية مقاومة قصد لاعبنا المتألق سدير، لكن لا أظن أن من يمارس لعبة كرة القدم ينتمي الى المجرمين الذين يذبحون الناس باسم الاسلام ولا أتمنى أن يكون سدير من المجرمين الذين يقومون بتفجير أنابيب النفط ولا أتمنى أن يكون سدير من المجرمين الذين يقتلون رجال الشرطة العراقية ويقتلون أبناء الشعب كونهم ينتمون الى مذهب ديني آخر.
أما مدربنا المتألق عدنان حمد فربما أن الانتصارات التي حققها مؤخرا، تلك الانتصارات التي تمكن من خلالها زرع بسمة على شفاهنا هي التي أطلقت العنان له ليقول ما قال، لكن كان عليه أن لاينسى نفسه ولا يجعل الغرور يغشي عينيه وينسى الجرائم البشعة التي كان يقترفها النظام السابق بحق أبناء الشعب العراقي ولا ينسى معاناة الحياة التي عاشها الشعب العراقي في ظل حكم النظام السابق ويطلق مثل هذه التصريحات التي جرحت مشاعرنا، لاسيما في قوله ( ما نمر به الآن هو من أكثر الأوقات شقاء في حياتنا ).
يبدو أن ابن سامراء لم يسمع بآهات أمهاتنا حينما كان النظام السابق يعدم أبنائهن ولا يسمح لهن باقامة مجلس عزاء فضلا عن أنه لا يقوم بتسليم جثامين المعدومين الى ذويهم لكي يتم دفنهم. لقد ماتت أمي يا حمد دون أن ترى جثمان ابنها الذي أعدمه صدام... هل توجد معاناة وشقاء أكبر من ذلك؟ لا أظنك تفهم هذا النوع من الشقاء فلا أنت ولا أمك قد جربتما ذلك... لا أتمنى لك أن تعيش مثل هذه المعاناة... فقط اسأل أمك، أتمنى أن تكون على قيد الحياة أو اسأل زوجتك عن معنى أن تعدم السلطة ابنها ولا تمنحها حتى حق دفنه.. أخي الذي أعدمه صدام لم يكن سارقا ولم يكن مجرما.. كان له رأي سياسي لم يتجرأ على طرحه، لكن ( الشرفاء ) من أزلام النظام السابق كتبوا تقريرا ضده... لم يطرح رأيه السياسي المناقض لتوجهات الحكومة على الملأ ولم ينشره في صحف العالم كلها مثلما فعلت أنت.
يبدو أن ابن سامراء لم يسمع بالعوائل التي هدمت بيوتها على رؤوسها. يبدو أن ابن سامراء لم يسمع بالجثث التي ملأت شوارع العديد من مدن العراق بعد الحرب التي تم فيها طرد صدام من الكويت. يبدو أن ابن سامراء لم يزر سجن أبي غريب خلال حكم الجبابرة ليرى معاناة العوائل العراقية. يبدو أن ابن سامراء لم يسمع بالعوائل التي انتهك ابن الحاكم السابق أعراضها... هل تعرف الشقاء الذي يعاني منه الرجل حين ينتهك عرضه. يبدو أن ابن سامراء لم يسمع عن عوائل عراقية عديدة لم تذق طعم اللحم لسنوات طويلة ليس بسبب الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة، بل بسبب الحصار الذي كان يفرضه النظام السابق على أبناء العراق، إذ كان يمنح الموظف راتبا قدره ثلاثة آلاف دينارا ( اليوم راتب الموظف لايقل عن 150 ألف دينار ).
لن أذكر حمد هنا بالجرائم التي اقترفها ابن الحاكم بحق الرياضيين العراقيين فهو أدرى مني بها، لكن يبدو أن الشقاء والعذاب الذي عاشه الرياضييون العراقييون وأبناء الشعب العراقي في ظل الحكم السابق لم ينل من حمد ومن أهله ومن عشيرته الذين كان معظمهم يعمل في أجهزة الدولة الحساسة مثل ديوان الرئاسة والمخابرات والأمن العام وغيرها هؤلاء الذين تم طردهم بعد سقوط النظام فأحسوا بالشقاء والعذاب الذي يتحدث عنه حمد الآن، لكن أي شقاء هذا مقارنة بشقاء أمي مثلا.
نعم يا حمد... لم تذق الشقاء والعذاب الذي ذقناه، لكن لا تفكر بأنانية فنحن أبناء شعبك قد تعبنا ونزفنا وحان موعد فرحنا.
يا حمد يا مدربنا القدير أقولها لك بمحبة أن شعب العراق يعيش أفراحا وأتراحا منذ يوم التاسع من نيسان 2003، ذلك اليوم الذي سقط فيه مسبب شقاءنا وعذابنا وكان لابد للأفراح أن تكبر وتستمر لولا بعض المجرمين من العراقيين والغرباء الذين يريدون أن يسرقوا هذه الأفراح. لقد ساهمت أنت وفريقك في زرع فرحة كبيرة على قلوبنا فلا تنغص هذه الفرحة علينا أرجوك ألف مرة.
أخيرا أدعو الباري عز وجل أن يغفر لك أنه سميع مجيب.
كاتب عراقي مقيم في استراليا
التعليقات