الاسماعيلية (مصر) (رويترز) - بلا اتفاق بين عدد من مخرجي السينما تتناول أفلام تسجيلية عربية وأجنبية يعرضها مهرجان الاسماعيلية للافلام التسجيلية حاليا معاناة شعوب لا تعرف شيئا عن مصيرها بسبب اخفاء الحقائق الذي تصفه بعض الافلام بالتضليل المتعمد ويستوي في هذا كما تقول الافلام بوش وصدام حسين. ففي فيلم (سيدي الرئيس القائد) تستعرض كاميرا المخرج الاماراتي جاد أبي جميل حركة الشارع العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين في التاسع من أبريل نيسان 2003 ليعلن الفيلم في نهايته أن "من الحب ما قتل" في اشارة الى ما وصفه بالحب المريض للقائد الذي اختصر الوطن في شخصه.
وكان الفيلم الاماراتي الذي عرض في المهرجان مرتين يهدف الى مناقشة دور الاعلام في عهد صدام حسين الا أن مشاهدات المخرج في الشارع دفعت الكاميرا والفيلم الى اتجاه اخر في بعض المشاهد اذ عبر عراقيون بسطاء عن تمسكهم "بالرئيس القائد صدام حسين الذي حقق الامان والخبز واالماء والكهرباء. "عندنا صدام حسين أغلى من عيوننا.. نحب رئيسنا وهم (الامريكيون) الذين اعتدوا علينا." ويتضمن الفيلم مشاهد تسجيلية من عراق صدام حيث كانت معظم الطرق والممارسات والاحتفالات تؤدي الى أن يصبح الرئيس وصيا على كل شيء وكل أحد ولهذا تنفس جيل الشباب الذي نشأ في أجواء الحرب العراقية الايرانية (1980 - 1988) هواء مشبعا بالخوف والرعب. "كنا نخاف الكلام.. ونخاف حتى التفكير في بيوتنا حتى لا يشي بنا ابننا الصغير للمعلمة (المدرسة) ثم تشي هي الى اخرين ولا نعرف مصيرنا."
وفي نهاية الفيلم الذي تبدو فيه بغداد بقايا مدينة يشدد الفيلم ومدته 50 دقيقة على أن الاعلام أسهم في صنع صورة ضخمة لصدام الذي جعل بدوره الاعلام في خدمة أفكاره التي ترددها الصحف والاذاعة والتلفزيون بحيث لا يعرف العراقيون عن بلادهم شيئا. كما يفسر حب البعض له بأنه مثل اعتياد السجين على الزنزانة وأنه ربما "يصحو ذات فجر على حب سجانه.. ومن الحب ما قتل." الا أن الحياة في بغداد وغيرها تسير رغم غياب الرئيس وربما بسبب هذا الغياب حيث ينتهي الفيلم بصيادين في نهر دجلة يرفعون أصواتهم بالغناء للحياة. والحياة تسير أيضا في شنغهاي التي ذهب اليها المخرج الصربي لوردان زافرانوفيتش ليخرج فيلمه (سيمفونية المدينة السماوية) الذي عرض في المهرجان.
ويقدم الفيلم الذي أنتجه راديو وتلفزيون صربيا مقارنة بين الحرب والسلام في مدينة شنغهاي بعرضها مرة بالابيض والاسود وأخرى بالالوان حيث تم تثبيت كادرات الكاميرا على شوارع وميادين ومبان صورت من قبل بالابيض والاسود وكانت مسرحا لقذائف المدفعية وغارات الطيران وتحولت الى مدينة أشباح حيث تصطف جثث الموتى تحت الانقاض وفوقها بلا عزاء.
المخرج الذي ذهب الى شنغهاي يعبر عن احساسه الخاص بها بعد أن ازدانت بالاضواء الكرنفالية فبدلا من واجهات المباني المهدمة ارتفعت الان الاقواس الذهبية لمحلات ماكدونالدز. كما يعبر الفيلم عن بهجة الناس متمثلة في احتفالاتهم بالانفتاح على العالم مقارنة بالسخرية التي يشي بها الفيلم حين يعرض مشاهد تسجيلية قديمة يظهر فيها ماو تسي تونج أو جوزيف ستالين على شاشة سينمائية بدار عرض تخلو من المشاهدين. التضليل الاعلامي والسياسي الذي تذهب اليه أفلام خارجة من دول عانت من ممارسات غير ديمقراطية لا يختلف الا في الدرجة عن تضليل اخر ذهبت اليه أفلام تصف اللحظة الراهنة في الولايات المتحدة الامريكية.
فالفيلم الامريكي (القرن 21 .. الفجر) الذي عرضه المهرجان للمخرج جابريل زامبريني يعتبر انتخابات الرئاسة الامريكية السابقة (عام 2000) مهمة في التاريخ الامريكي والعالمي فبعدها مورست أعمال وصفها الفيلم بالتضليل واخفاء الحقائق عن الشعب الامريكي وهو ما دفع عددا من المشاهير للتظاهر والاعتراض على الحرب على ما تصفه ادارة الرئيس بوش بالارهاب. وعرض الفيلم جانبا من مظاهرات تعترض على "حروب بوش" من بين الذين شاركوا فيها الممثلان الامريكيان تيم روبنز وسوزان ساراندون. كما يظهر في الفيلم مفكرون أمريكيون معارضون للحرب على العراق منهم المؤرخ جور فيدال الذي تحدث عن "نهاية الامبراطورية الامريكية."
وكان فيلم افتتاح المهرجان الذي أخرجه الفرنسي وليام كاريل بعنوان (العالم كما يراه بوش) أشار الى خشية أمريكيين مما أسموه فرض الوصاية والدكتاتورية باسم الوطنية حيث قال أمريكيون ان "اخر دولة فعلت ذلك (تهديد الحريات العامة باسم الوطنية) هي الاتحاد السوفيتي (السابق) وحذروا من أن تصبح أمريكا "أشبه بجمهوريات العالم الثالث." ويرى نقاد سينمائيون متابعون للدورة الثامنة للمهرجان التي تنتهي الخميس القادم أن الديمقراطية تسمح في أمريكا بصنع أفلام تنتقد الرئيس الامريكي (الحالي) وسياساته ومعاونيه في حين لا يتوفر هذا القدر من الحرية والامان في دول العالم الثالث أو العالم العربي تحديدا ولهذا تصنع مثل هذه الافلام "التي لا تتاح لها الوثائق الكافية" بأثر رجعي.
انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص
ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف
التعليقات