يهرب منه المرضى ويتحاشونه
الناظور يفضله الأطباء لتشخيص الأمراض


د.مزاحم مبارك مال الله: الكثير من المرضى الذين تحتاج حالاتهم المَرضية إلى فحص الناظور يهربون من هذا الفحص أو يرفضونه، وفي العديد من الحالات تراهم يطلبون من أطبائهم المعالجين أن يغضوا النظر عن الناظور أو يطلبون منهم إيجاد وسيلة أو وسائل أخرى للتشخيص. وحينما تسأل هؤلاء المرضى عن سبب عزوفهم، يقولون، إن الناظور يموّت، فهل حقًا إن الناظور مؤذٍ الى حد الموت؟ وفي هذا المقال سنتعرف على الناظور وأهميته في التشخيص وفي العلاج ونحاول قدر المستطاع أن نبعد عن فكر وتصور القارئ الكريم هواجس الخوف والرعب من الناظور.
فحص الناظور يعدّه الأطباء واحدًا من أهم الوسائل العلاجية لبعض الحالات، وكذلك يعدّونه أحد أهم الفحوصات التشخيصية التي تساعدهم بشكل يقيني للوصول إلى تشخيص الحالات المرَضية التي هم بصدد معالجتها، حيث إن الطبيب المختص في الكثير من الأحيان يفضّل هذا الفحص أو يضطرإلى إجرائه خدمة لصحة مريضه، ولكن العقبة تقف حينما يرفض ذلك المريض إجراء فحص الناظور، وأعتقد أن رفض هؤلاء المرضى فيه جانب من الحق لهم والسبب لأنهم لا يعرفون ما المقصود بالناظور، وليست لديهم معلومات كافية عنه. إن الطبيب يتحمل كامل المسؤولية في شرح الموضوع لمريضه، من حق المريض أن يعرف كل شيء وأي شيء عن حالته وكيفية تعامل طبيبه معها، وكذلك إن من واجب الطبيب أن يشرح ويبسط كل شيء أمام مريضه.

لماذا الأطباء يفضلون هذا الفحص ؟

الأطباء يفضلون الناظور كأحد وسائلهم التشخيصية أو العلاجية للأسباب التالية :
1- إنهم ينظرون إلى الحالة المرضية بعيونهم مباشرة، أي بمعنى ليس صورة معكوسة عن الحالة (كالأشعة مثلاً)
2- إنهم يستطيعون أن يقارنوا بين الأنسجة المريضة والأنسجة السليمة أثناء إجراء الفحص
3- وإنهم يستطيعون أن يحددوا (الى حدٍ ما) المرحلة التي يمر بها المرض
4- بمقدورهم (وهذا مهم جدًا) أن يأخذوا عيّنة أو عينات من المنطقة التي ينظرونها
5- إن الناظور في بعض الحالات له فوائد علاجية حيث يلجأ الأطباء في حالات معينة الى إستخدامه كوسيلة علاجية عاجلة أو إنقاذية عاجلة ومثال ذلك إستخراج جسم غريب من مسلك تنفسي أو من البلعوم
6- وأخيرًا فإن الأطباء يعدّونه من الفحوصات السهلة والسربعة.

ماهو الناظور؟

الناظور جهاز مكّون في أغلب الأحيان من عدة أجزاء متمفصلة (أي تشدّ بعضها الى بعض) وأهمها (خرطوم الجهاز) والعدسات (كاميرا)، أما سمكه وطوله والأجزاء التي بالإمكان ربطها به فيتناسب مع الموضع المطلوب فحصه في جسم المريض، لذا فإن الناظور أنواع ( ناظور المرئ والمعدة والأثني عشر، ناظور المخرج والمستقيم، ناظور المفاصل، ناظور الحمل والجنين، ناظور القصبة الهوائية والرئتين، ناظور الأحليل والمثانة، ناظور المهبل والرحم).ومن المفيد أن نعرف أن الناظور يمكن إستخدامه عن طريق عدة مسالك سواء عن طريق الموضع المراد إستخدام الناظور له مباشرة أو عن طريق آخر، مثلاً بالإمكان تنظير الكلية عن طريق ظهر المريض مباشرة وتحت التخدير بالطبع، ناظور المستقيم عن طريق المخرج، ناظور المرئ والمعدة وإلى حدٍ ما الإثني عشر عن طريق الفم، (وهذا أكثر أنواع الفحص بالناظور يرفضه المرضى لإعتقادم الخاطئ بأنه مميت لكونهم يربطون بين البلع والإختناق وهذا الإعتقاد بتقاطع مع الحقيقة والدليل إن مئات بل ألوف المرضى أجري لهم فحص الناظور عن طريق الفم وهم لم يتأثروا بل على العكس تحسنت أوضاعهم الصحية لأن التشخيص الدقيق قد تم لحالاتهم .
إن الناظور تطور بحكم الثورة العلمية التكنولوجية الحاصلة في العالم ولذلك أصبح سهل الإستعمال أكثر من السابق ومشاكله الجانبية على المريض وعلى الطبيب وفريقه المساعد أصبحت قليلة جداً.
إن المواطن يخشى هذا الفحص وتحديداً ناظور المعدة لأسباب وهمية غير صحيحة وبذلك يفوّت الفرصة على نفسه وعلى الطبيب في معالجة حالته التي يعاني منها، غير مدرك إن سمك خرطوم الناظور أقل بكثير من كتلة لقمة الطعام التي تدخل مريئه، وعدم إدراكه هذا (والذي هو سبب إعتقداه أنه سيموت إختناقًا) يتحمله الأطباء بكل تأكيد لأن من واجب الطبيب أن يجعل كل شيء بسيطًا أمام مريضه سواء بالشرح أم الإيضاح .
إن إجراء فحص الناظور يتطلب قدرة الطبيب المعالج وقابليته على إقناع مريضه وعائلته بذلك، ويتطلب من المريض كذلك إبعاد الخوف عن تفكيره إضافة الى أن ثقته بطبيبه يجب أن تكون بالمستوى المطلوب.

الإجراءات :

إن الإجراءات المعتادة لإستخدام الناظور(سواء إستخدام تشخيصي أم علاجي) هي بسيطة وسهلة قدر بساطة الوسيلة ذاتها،حيث يتم إدخال المريض الى المستشفى (وأحيانًا يتم إستخدام الناظور وحسب الحالة في العيادة الخاصة، أو في العيادة الخارجية للمؤسسة الصحية)، على أن يكون المريض متهيئًا،( أي حسب الموضع الذي سيدخل إليه الناظور، مثلاً إذا كان ناظور معدة فيجب أن يكون المريض صائمًا لعدة ساعات، أما إذا كان ناظور مخرج ومستقيم فيجب أن تكون هذه الأجزاء نظيفة وخالية من المحتويات الإخراجية وهكذا)، وكذلك يستخدم الطبيب وحسب الحالة مخدّر موضعي.
إن الإجراء هذا لايستغرق وقتاً طويلاً(وحسب الحالةً)، وبإمكان المريض أن يغادر الى بيته حسب حالته في اليوم نفسه.
ومع ذلك، فبقدر إستخدام الناظور من فوائد ومزايا إيجابية عديدة، فله أيضًا بعض السلبيات التي بالإمكان تلافيها والصبرعليها، ومنها حالة التقيؤ، الإلتهابات، وحالة النزف الموضعي .
لقد إستطاع الناظور أن يساعد في تشخيص أو يشخّص حالات كثيرة، منها قرحة المعدة وتشمع الكبد وسرطان المثانة وتوسع الحويصلات الرئوية والتشوهات الخلقية لدى الأجنّة وتكلس المفاصل وغير ذلك من الحالات . وكذلك إستطاع الناظور أن ينقذ حياة الكثير من المواطنين(وخصوصاً الأطفال) بإستخرتج الأجسام الغريبة من الجهاز الهضمي أو التنفسي كالقطع المعدنية والخزفية.
هل حقاً يموت المريض بسبب أو جرّاء الناظور؟هذا السؤال من الممكن طرحه قبل عشرات السنين،أما الآن فلا، لأن وببساطة شديدة الناظور ومعداته تطورت بشكل مذهل بحيث جعلت منه وسيلة تشخيصية وعلاجية لا يمكن الإستغناءعنها. وأخيرًا فلاداعي للخوف والتخوف من الناظور، فإسمه يدل على إنه جهاز هادئ وبسيط ومفيد كفائدة النظر للإنسان.