دمشق ترفض استقبال ممثل أنان وقرار جديد يتحضر ضدها
سورية والمجتمع الدولي: عودة إلى المواجهة

إيلي الحاج من بيروت : يترجم قرار القيادة السوري رفض استقبال الموفد الدولي تيري رود- لارسن المكلف متابعة تنفيذ القرار الدولي 1559 تدهوراً يتبدى يوماً بعد يوم في العلاقة بين دمشق والمجتمع الدولي، ولا سيما في موضوعي ترسيم الحدود والتبادل الدبلوماسي مع لبنان اللذين قد يصدر في شأنهما قرار دولي جديد عن مجلس الأمن ملزم لسورية ، والأخطر في موضوع التحقيق الدولي بجريمة

اقرأ أيضا:

لبنان : السوريون يضعون سواتر داخل أراضينا

لبنان : السوريون يضعون سواتر داخل أراضينا

السنيورة يلمس في الكويت دعما قويا للبنان

السنيورة : اللبنانيون لن ينسوا إسهامات صباح الأحمد

سوريا: صورة أميركا اهتزت بسبب الانحياز لاسرائيل

اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، وذلك في ضوء ما يتردد عن عدم رضا دولي على نتائج اللقاء بين القاضي البلجيكي سيرج براميرتز والرئيس السوري بشار الأسد وبعض معاونيه.
وقد بررت quot;مصادر مطلعةquot; في دمشق موقف النظام السوري quot;غير الراغبquot; في استقبال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة رود- لارسن بالقول إن الرجل quot;تجاوزه صلاحياته في التقرير غير الموضوعيquot; الذي قدمه الى الامم المتحدة وذكر فيه أن سورية تمنعت عن تطبيق عدد من بنوده، وأضافت هذه المصادر أن الموفد الدولي
quot;لم يلتزمquot; في تقريره ميثاق الأمم المتحدة، موضحة أنه أبلغ البعثة السورية في الأمم المتحدة مرتين منذ أيام انه يريد زيارة دمشق للبحث في تنفيذ القرار 1559.
إلا أن مسؤولين في دمشق ذكروا لصحيفة quot;الحياةquot; اليوم ان سورية لا تنوي استقبال الموفد الدولي quot;انطلاقاً من انها نفذت ما يتعلق بها في القرار 1559 ولم يعد له عمل يقوم به في سوريةquot;. واعتبر هؤلاء ان رود- لارسن quot;يمثل في طرحه وتصرفاته اطرافاً معادية لسورية ولبنان وله اكثر من وجه ولا يمثل في شكل فعلي المنظمة الدولية ولا يلتزم ميثاقهاquot;، وأسفوا للاصرار على بقائه ممثلاً للأمين العام quot;في حين ان الشكاوى من توجهاته تجاوزت سورية ولبنان الى اطراف عربية اخرىquot;.

وكانت الخارجية السورية بعثت مذكرة رسمية الى انان تضمنت تسع نقاط رداً على تقرير رود- لارسن بينها القول انه quot;تجاوز الولايةquot; في القرار 1559 لدى حديثه عن quot;التبادل الديبلوماسي وتحديد الحدود مع لبنانquot;، واعتباره ان الامرين مرتبطان باحترام سيادة لبنان واستقلالهquot;، وانه quot;عاد الى قضايا تم الانتهاء منها منذ الانسحاب العسكري والأمنيquot; في 26 نيسان /ابريل العام الماضي لدى حديثه عن وجود استخباراتي سوري في لبنان. ولفتت المراقبين معلومات عن مضمون المذكرة السورية التي لم تنشر ، ومفادها أن دمشق حذرت دمشق من ان quot;دفع بعض الأطراف مجلس الامن إلى اعتماد قرارات او بيانات جديدة لن يؤدي الى تهدئة الحال في لبنان او المنطقة، بل سيفاقم من حالة عدم الاستقرار والتوترquot; فيهما.

مشروع قرار الدولي الجديد

في هذا الوقت ذكرت مصادر دبلوماسية اوروبية في بيروت ان ثمة مشروع قرار دوليا جديداً في شأن لبنان نسقت في شأنه الدبلوماسيتان الفرنسية والأميركية، وقد بات جاهزا لعرضه هذا الأسبوع على مجلس الأمن، وهذا القرار يلزم سورية ترسيم الحدود مع لبنان بما في ذلك مزارع شبعا وانطلاقا منها، وإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان. وهو يندرج يندرج في اطار الضغوط الدولية المتواصلة على سورية لحملها على تغيير سياستها حيال لبنان في شكل خاص، ويرتكز أولاً على الطلب الرسمي الذي قدمه لبنان إلى مجلس الأمن من خلال خطاب الرئيس فؤاد السنيورة في 21 نيسان(أبريل) والذي طلب فيه المساعدة الدولية لترسيم حدوده. علماً أن ذلك الخطاب اعتُبر ردا على من اعتبروا أن لا دخل لمجلس الأمن في التشديد على تطبيق القرار ١٥٥٩ والذين قالوا بأن تطبيقه بات مرتبطاً بالحوار الداخلي الدائر بين أقطاب الطوائف والأحزاب في لبنان ، وبين لبنان وسورية.

كذلك يرتكز مشروع القرار الدولي الجديد على موقف سوريا غير المتجاوب مع الطلب اللبناني خصوصا ان رفض دمشق جاء أمام مجلس الأمن في كلمة رئيس بعثتها في الأمم المتحدة في حين لا تزال السلوكيات السورية تحت المراقبة الدولية، وكان ذلك خطأ سياسيا ودبلوماسيا، أفسح في المجال للاستنتاج ان دمشق ماضية في مسارها وسياستها، وبالتالي اندفع أعضاء في مجلس الأمن في السعي إلى استصدار قرار جديد من مجلس الأمن يضاف الى سلسلة القرارات الدولية، التي تحملت سورية وزرها حتى اليوم.

وكما اضطرت سوريا الى سحب قواتها من لبنان قبل عام تطبيقاً للقرار ١٥٥٩ فإنها ستضطر للقبول بمفهوم جديد للعلاقات مع لبنان، بما يعني سقوط quot;معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيقquot; الموقعة بين البلدين ، وبالتالي زوال المجلس الأعلى اللبناني السوري الذي يرعى العلاقات بينهما مع أرجحية لدمشق.ويبدو جلياً أن القرار الدولي الجديد يتقدم في ظل تجدد أجواء التوتر وتصاعدها بين واشنطن ودمشق التي تتلقى سيلا من الاتهامات الاميركية تحملها مسؤولية عرقلة الحوار الداخلي اللبناني واستمرار تدفق الأسلحة عبر حدودها واستمرار تعاونها مع ايران واستمرار دعمها للمنظمات الفلسطينية.


وتعكس هذه التصريحات الأميركية الأخيرة أمرين: الأول عدم وجود أي صفقة او مساومة مع سورية على حساب لبنان، وعدم وجود أي رهان او توقع اميركي بتغيير في السلوك السوري. والثاني هو تجميد quot;المبادرة العربيةquot; ، إذا صح التعبير، لتسوية العلاقات بين سورية ولبنان، ومن غير المستبعد أن يكون هذا التجميد قد جاء بناء على طلب من الولايات المتحدة التي تريد تصفية حسابها مع دمشق او تبحث عن انتصار سهل وغير مكلف معها لتعويض خسارتها في العراق، كما يمكن ان يكون حدث تبدل في الأولويات العربية إثر التطورات الأخيرة في فلسطين ومصر والاردن، لكن الأكيد ان تحرك مجلس الأمن جاء على حساب المسعى العربي الذي تأذى أصلاً من انتكاسة قمة الخرطوم وما جرى فيها نتيجة لتدخل دمشق في quot;تسييرquot; السياسة اللبنانية هناك.

والعنصر الثالث الذي يواكب التحضير للقرار الدولي هو خروج العلاقات اللبنانية السورية في كل تفرعاتها عن الاطار اللبناني البحت ، فلم تعد خاضعة لارادة أطراف الحوار الداخلي بقدر ما أصبحت برعاية مجلس الأمن وفي عهدته. في حين باتمجلس الأمن طرفا في الخلاف على هوية مزارع شبعا التي لم تعد شأنا تفصيليا في اطار العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا، بقدر ما بات موضوعا ضاغطا في المستوى الدولي. مما يفسر أن التفاهم اللبناني - السوري عبر زيارة الرئيس السنيورة المعلقة إلى دمشق بات أصعب في ظل مشاركة رقيب دولي على مسار العلاقات الثنائية، وعلى أساس متابعة تطبيق القرار ١٥٥٩.


أما العنصر الرابع الذي يبرز في خضم هذه التطورات تجدد المساندة الدولية لفريق ١٤ آذار/ مارس المناهض لسورية في اتجاه استعادة زمام المبادرةفي الحياة السياسية اللبنانية والسيطرة على الوضع على أساس تثبيت الاتفاقات على البنود السيادية في مؤتمر الحوار الداخلي، وتأكيد ما اتفق عليه من بنود وفاقية رسميا داخل مجلس الوزراء، وتحديد مهلة محددة للتوصل الى تصور لحل مشكلة سلاح quot;حزب اللهquot; وارسال الجيش اللبناني الى الحدود مع اسرائيل وإلغاء الاتفاقات المجحفة بين لبنان وسورية.

نتائج براميرتز في دمشق

وفي هذا الوقت تشير مصادر دولية الى عدم ارتياح الدبلوماسية الدولية في نيويورك إلى نتائج زيارة رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتز إلى دمشق أواخر الشهر الماضي، خلافاً لوصف الزيارة سابقاً بأنها quot;جيدة وايجابيةquot;. ويعتبر مراقبون دبلوماسيون في الأمم المتحدة ان لقاءي براميرتز مع الرئيس السوري بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع كانا ناجحين في الشكل وعكسا تعاونا سوريا مع التحقيق الدولي، ولكن النتائج لم تكن مرضية عمليا وفي المضمون ، والمؤشر إلى ذلك برز من خلال الأمر التنفيذي الذي أعطاه الرئيس الاميركي جورج بوش بتجميد أموال كل المتهمين والمشتبه بتورطهم في اغتيال الحريري تخطيطا وتحريضا وتمويلا وتنفيذا، وتلميحه الى مسؤول سوري رفيع أعطى المحققين معلومات خاطئة لتضليل التحقيق، ويضيف هؤلاء أن الأمين العام أنان الذي تلقى طلبا عاجلا من براميرتز لمقابلته واطلاعه على نتائج زيارته الى دمشق وآخر تطورات التحقيق، ربما تلقى اتصالا هاتفيا من القاضي البلجيكي في بيروت فور عودته من لقاء الاسد والشرع عرض خلاله ملخصا لأجوبتهما عن الأسئلة التي وجهها اليهما، ويبدو ان عرض المحقق الدولي لم يكن ايجابيا اذ لم يخرج من لقاءيه بأجوبة شافية تزيل شكوكه بالتورط السوري في الجريمة .

وتبدي المصادر الدولية اعتقادها بأن انان نقل الى الجانب الاميركي في الأمم المتحدة انطباعات براميرتز بعد انقضاء ساعات عدة على عودته من دمشق الى بيروت، مما أكد للاميركيين ان القيادة السورية لا تزال تناور وتضيّع الوقت، ودفع الرئيس بوش فورا الى اصدار أمره بتجميد أي ممتلكات او حسابات لأي سوري quot;متورط في تخطيط او دعم او تنظيم او ارتكاب العمل الإرهابيquot; الذي أدى الى اغتيال الحريري. وترى المصادر أن هذه الاجراءات الاميركية هي بمثابة مزيد من الضغوط quot;لأن القيادة السورية لا تسمع ولا تفهم الرسائل الموجهة اليهاquot; رغم ان تجميد الأرصدة هو خطوة ذات دلالة أكثر من كونها خطوة عملية لأن المعنيين بها لا يملكون أرصدة في اميركا. وتضيف انه بمجرد اصدار مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي قراره ١٦٦٤ بتشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس الحريري، يتأكد ان القرار الظني المقبل حول الجريمة سيطاول متهمين غير لبنانيين، أي سوريين، والا لو اقتصر ذلك القرار على الشق الاتهامي اللبناني لقادة الأجهزة الأمنية الأربعة من أعوان الرئيس إميل لحود ، والموقوفين على ذمة التحقيق ، لما كانت هناك ضرورة للمحكمة الدولية، بل لكان بديهياً أن يمثلوا أمام محكمة لبنانية عادية .

والخلاصة ان براميرتز توصل، وفق المصادر، إلى معطيات مثيرة على ما يبدو، وإن كانت لا تزال تحتاج الى ربط دقيق في ما بينها، وستظهر هذه المعطيات في التقرير الثاني الذي سيضعه في ١٥ حزيران( يونيو) المقبل مع توقع تمديد مهلة تفويضه ، وذلك بعدما أعاد بناء سياق التحقيق على أسس جديدة وأكثر عملانية للوصول الى نتائج دامغة.