تاج الدين عبد الحق من أبوظبي:
وحسب المصادر الخليجية، فإن الولايات المتحدة ابلغت دولاً خليجية بأن اي انسحاب جزئي او تقليص للقوات الاميركية في العراق خلال المرحلة المقبلة سيكون جزءًا من حزمة اجراءات تتكامل فيما بينها لضمان ان هذا الانسحاب لن يستثمر quot;لإنعاش قوى التطرف في المنطقة وتصوير الانسحاب بأنه انتصار لهاquot;.
واوضحت المصادر ان الترتيبات الامنية التي تحاول الولايات المتحدة تسويقها، بغض النظر عن امكانية الاتفاق عليها، تتحرك ضمن محاور سياسية وعسكرية واقتصادية. فعلى المستوى السياسي تشمل الترتيبات، العمل على احتواء ما تصفه واشنطن بالتهديد الايراني من خلال مواصلة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على طهران على أمل ان يؤدي هذا الضغط في المدى المتوسط والطويل الى تشجيع قوى الاعتدال والاصلاح الايرانية. وضمن هذا المستوى، فإن الرئيس بوش سيبلغ مضيفيه الخليجيين ان لدول الخليج دور تقوم به في احتواء التهديد الايراني الذي تقول انه يهدد امن الخليج قبل اي جهة اخرى في المنطقة، استنادًا الى اعتقاد لدى الادارة الاميركية بأن الطموحات الايرانية في توجيه مسار الاحداث في الخليج لم تتغير وأنها شكل جديد لا استراتيجية الشاه بالقيام بدور شرطي المنطقة، حتى وإن اختلفت التسمية واختلف الخطاب الاعلامي المصاحب لها، والذي بات اكثر مراعاة لحساسيات دول المنطقة.
وحسب المصادر الخليجية فإن الادارة الاميركية quot; لا تمانع في اطار عملية الاحتواء من قيام نوع من التعاون الامني المشروط مع ايران ، والذي يشمل تخلي طهران عن برنامجها لتطوير اسلحة نووية والحد من برامجها في مجال اسلحة الدمار الشامل والصواريخ بعيدة المدىquot;. كما يشمل ذلك quot; الاعتراف بأن امن المنطقة جزء من امن العالم وان المسؤولية في الحفاظ عليه يقتضي مشاركة عالميةquot;.
وتقول المصادر الخليجية ان الاطار الثاني لعملية الاحتواء يقوم على تحسيين قوة الردع الخليجية وهو الامر الذي بدأته الولايات المتحدة منذ فترة واعلنت بعض تفاصيله خلال جولة وزير الدفاع الاميركي ( جيتس ) قبل عدة شهور ، حيث تزامنت تلك الجولة مع الاعلان عن صفقات تسلح كبيرة لعدد من دول المنطقة.
وتشير المصادر الخليجية الى ان أن الولايات المتحدة باتت تدرك ان اي تقدم في مجال احتواء ايران وتأمين مساهمة خليجية في هذا الجهد يكمن في التقدم في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية والوصول الى حلول مقبولة للنزاع العربي الاسرائيلي بشكل عام.
وحسب هذه المصادر فأن الرئيس بوش سيحاول الدفع باتجاه انجاز ما على صعيد المفاوضات بين الفلسطينين والاسرائيلين quot;حتى يكون مسموعًا في المنطقةquot;. وتضيف ان انجاز شيء على هذا الصعيد سيشكل اختراقًا كبيرًا على صعيد توفير المناخ الذي يساعد دول المنطقة على الدخول في صيغة امن جماعي او تجمع اقليمي ، ويساعدها ايضًا في الدخول في برامج جدية للاصلاح السياسي وهي برامج تعثرت بسبب نجاح قوى التطرف في المنطقة في تشويه دوافعها وغاياتها. وترى بعض الاوساط الفكرية والاكاديمية في الخليج ان التعويل على الاصلاح السياسي كأحد مكونات الامن الاقليمي لا يمكن ان يؤتي ثماره ما دام هناك صراع عربي اسرائيلي يتظلى خلفه كل المعارضين والمناهضين للاصلاح او تستثمره الانظمة التي تعمل على ابطاء الاصلاح للمحافظة على امتيازاتها وسلطاتها.
وحسب هذه الاوساط فإن قضايا المنطقة الاخرى ستكون تفاصيل بالنسبة للصراع العربي الاسرائيلي وانه ان امكن الوصول الى اتفاق قابل للتسويق على هذا الصعيد ستحل عقد كثيرة. ليس اقلها الوضع الدستوري المعقد في لبنان.
واذا كانت زيارة بوش للمنطقة تشكل منطلقًا لاستراتيجية واشنطن تجاه المنطقة في المرحلة المقبلة، فإن هناك من يقول انها لن تتجاهل بعض القضايا العاجلة وفي مقدمها الحصول على تطمينات من دول المنطقة بأنها لن تقدم على خطوات لفك ارتباط عملاتها بالدولار وهو الامر الذي يشكل ضربة قوية لجهود الادارة لاستعادة استقرار صرف العملة الاميركية بالنظر الى ضخامة الفوائض المالية الخليجية واحتياطاتها المالية المقومة بالدولار.
وتقول مصادر اقتصادية خليجية ان دول المنطقة مهيأة لفكرة البقاء ضمن دائرة الدولار الذي يعني الخروج منها بالنسبة للبعض بخسائر كبيرة على المدى البعيد خاصة وان الدولار لا يزال هو العملة الاولى بين مكونات الاحتياطات المالية والعوائد النفطية.
التعليقات