جدل أثارته فتوى العبيكان بحق المرأة في الدفاع عن النفس
مصر: معركة فقهية حول مشروعية ضرب الأزواج!
مصر: معركة فقهية حول مشروعية ضرب الأزواج!
نبيل شرف الدين من القاهرة: ثمة معركة فقهية جديدة من الطراز المثير للجدل، إندلعت شرارتها الأولى عبر صحف سعودية، ثم انتقلت لمصر لتشعل الجدل حول مشروعية ضرب الزوجات والأزواج، وبدأ الفصل الأول من هذه المعركة بفتوى أطلقها الشيخ عبد المحسن العبيكان، عضو مجلس الشورى السعودي، يبيح فيها للزوجة الحق شرعًا في الدفاع عن نفسها إذا تعرضت لاعتداء من قبل الزوج، وهو الأمر الذي اختلف حوله علماء الأزهر بين مؤيد ومعارض ومتحفظ، ومن اعتبرها quot;مسألة اجتماعيةquot;، وليست إشكالية فقهية تستحق كل هذا الجدل .
وبينما أيد تلك الفتوى الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى في الأزهر، قائلاً: quot;إنه يجوز للزوجة شرعًا أن تضرب زوجها دفاعًا عن النفس، فلكل إنسان أن يدافع عن نفسه، ولا فرق في ذلك بين رجل وامرأة، ، وأيّده في هذا الرأي عالم دين تركي يقيم بالولايات المتحدة، قائلاً quot;إنه ينبغي على كل من يضربها زوجها أن تتعلم فنون الدفاع عن نفسها، ولو لطمها زوجها لطمة واحدة، فيحق لها حينذاك أن تردها لطمتين، فهذا دفاع مشروع عن النفسquot;.
غير أن الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، اعترض على ذلك الأمر قائلاً: quot;إن حالات ضرب الزوجة للزوج واردة، ولكن برأيه أنها حالات منفردة، وعلى الرجل أن يختار بين الصبر على أذى زوجته وبين الانفصال، وأن ينظر إلى نفسه فقد يكون هو صاحب المبادرة، وهو الذي يدفعها دفعاً لضربه، فقد تكون في حالة دفاع عن النفس، تضربه لأنه ضربها، فقد يسيء بعض الأزواج استخدام الرخصة التي منحها الله سبحانه وتعالى لهم لتأديب زوجاتهم، فالضرب هو آخر الحلول، على أن يكون خفيفاً quot;غير مؤذٍquot;، فقد كانت آخر وصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع quot;استوصوا بالنساء خيراًquot;، وكرّرها ثلاث مرات، فالمرأة رقيقة بطبعها، غير أن عنف الرجل قد يجعل منها امرأة عنيفة فالمسؤولية مشتركة بين الزوجين وإذا وصلت الأمور إلى هذا الحد بينهما، فمن الأفضل أن تنتهي العلاقة الزوجية وقد فقدت أحد أهم مقوماتها وهو الاحترام المتبادل بين الزوجين، فضلاً عن المودة والرحمة، ولا يتصور أن يتعايش رجل وإمرأة تحت سقف واحد وصل بهما الأمر لحد الضرب المتبادل، وهي بتقدير النجار مسألة اجتماعية ينبغي معالجتها في هذا الإطار، أكثر من تصويرها كأنها إشكالية فقهية .
أما الدكتور عبدالمعطي بيومي عميد كلية أصول الدين الاسبق، فيقول إن الزوجة التي تترك لنفسها العنان للبطش بزوجها ولا تستجيب لاوامره وتتعمد إهانته، هي زوجة لا تستحق أن تبقى في عصمة الرجل القويم، ويجب أن يطلقها لأنها حينئذ تصبح quot;ناشزاًquot; وتخالف الشريعة والسنة، فإذا اعتدت على زوجها بالضرب ففي هذه الحالة تصبح الزوجة محرمة على زوجها ولا تستحق الحياة معه فقد أمرت الزوجة ان تطيع زوجها وألا تعصى له أمرًا، مهما كان، بشرط ألا يخالف الشرع والا يكون كفرا أو شركا بالله تعالى، لا أن تمسك بعصا وتضربه .
دراسات وإحصائيات
أما على صعيد الواقع فقد أظهرت دراسة أعدها المركز القومي المصري للبحوث الجنائية والاجتماعية أن عددا قليلا من المصريات يقدمن على ضرب أزواجهن، ورصدت الدراسة مجموعة مماثلة لهن ممن لم يرتكبن جرائم عنف ضد ازواجهن، وخلصت إلى عدة مفاجآت تؤكد بالفعل تنامي عنف الزوجات تجاة أزواجهن، ولكن لم تزل بنسب أقل من عنف الأزواج ضد الزوجات حتى الآن .
ورصدت الدراسات الميدانية عدة حالات ضرب الزوجات لأزواجهن، وللوقوف على الاسباب والبيئات التي ينتشر فيها هذا الأمر توصل الدكتور طريف شوقي في دراسته التي أجراها تحت إشراف المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، توصل إلى لرصد حالات فعلية ضربت فيها الزوجات ازواجهن، فوجد أن نسبة ضرب الأزواج ترتفع بنسبة 50% بالنسبة للأميين، وتنخفض إلى 15% بين الازواج المتعلمين الحاصلين على مؤهلات دراسية على تنوعها .
كما أكدت إحصائيات رسمية أن نسبة 65 % من الزوجات اللواتي يمارسن العنف ضد ازواجهن كن يعرفن ازواجهن قبل اتمام مراسم الزواج في حين قررت (46 % ) من غير مرتكبات العنف ان ازواجهن كانوا يسكنون جوارهن، والمثير أن الزوجات القاهريات ومن دلتا مصر كن الأكثر ضربا لأزواجهن، خلافاً لأزواج صعيد مصر الذين يشتهرون بالشدة .
أما عن السمات الزوجية التي تصورتها الزوجة في زوجها المعتدى عليه، فقد أشارت ذات الدراسة إلى أن هناك نسبة (80 %) من بين مرتكبات جرائم عنف اسري، مقابل (85 %) من لم يرتكبنها ان ازواجهن يتسمن بهذه السمة .
وأخيراً فقد أرجعت الدراسة أسباب ضرب الزوجات للأزواج إلى ضعف شخصية الزوج، وهذا السبب كما تقول الإحصائية يحتل المرتبة الأولى، ومن الأسباب المهمة أيضاً بخله، وسوء معاملته لزوجته، بالإضافة إلى إسرافه في المخدرات والكحوليات على حساب احتياجات منزله.
أما الدكتور مصطفى عبدالجواد أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة quot;عين شمسquot; المصرية فيقول : quot;إن ظاهرة ضرب الزوجات لازواجهم قائمة منذ مدة طويلة، وليس ضرب الأزواج هو الاسلوب الوحيد الذي تلجأ إليه بعض الزوجات فهناك السيطرة النفسية على الزوج، ففي بعض الاحيان نجد شخصية الزوجة أقوى، والرجل اكثر ضعفا وسلبية، فيتحول إلى تابع لزوجته ينفذ اوامرها ويلبي رغباتها ولا يستطع مجرد إعلان معارضته لها، بل ولا تتورع بعض الزوجات عن أن تعتدي على زوجها بالضرب عندما تجده ضعيف الشخصية أمام محاولاتها لغرض سيطرتها وخاصة في حالات استقواء الزوجة بنفوذ أسرتها التي تؤيدها في هذا السلوك مستغلة استضعاف الزوج وقلة حيلته .
التعليقات