إلى غسّان تويني من رياض نجيب الريِّس:
الذاكرة تخونك ومخبروك أخطأوا الشخص
* لو كان الأستاذ تويني يقرأ جريدته لاكتشف أنني توقفت عن الكتابة فيها

* روى تويني تفاصيل علاقتي بالنهار على طريقة quot;الخسن والخسين بنات معاويةquot;

quot;نظرية الدولة القومية تجاوزها الزمنquot;
غسّان تويني لـ quot;إيلافquot;: الحرب مستبعدة ولن أترشَّح في الانتخابات

إيلاف: أثارت المقابلة التي نشرتها quot;إيلافquot; مع غسان تويني في عددها الصادر يوم الإثنين الموافق 5 كانون الثاني (يناير) 2008 تحت عنوان: (غسّان تويني لـ quot;إيلافquot;: الحرب مستبعدة ولن أترشَّح في الانتخابات) ردود فعل واسعة، كان آخرها ردًا من الكاتب والصحافيّ رياض نجيب الريِّس توقّف فيه عند بعض ما ورد في حديث تويني عن تفاصيل علاقته بصحيفة النهار. ونفىالريِّس أن يكون قد كتب مقالاً حول إيقافهعن الكتابة في quot;النهارquot;، موضحًا أنَّه أصدر كتابًا بعنوان quot;آخر الخوارج ـ أشياء من سيرة صحافيةquot;، روى فيه بعضاً من ذكرياته وتجاربه الصحافية، منها علاقته العائلية ـ التاريخية بـquot;النهارquot;. وتوقّف الريِّس عند ردّ تويني على سؤال إيلاف حول هذا الموضوع بالقول quot;انهمر رده بشكل شلال من الهذيان على طريقة quot;الخسن والخسين بنات معاويةquot;. أي من الصعب تصحيح ما يمكن تصحيحه إلاّ إذا أعدت كتابة التاريخ كله. فلنحاولquot;.

وكان غسَّان تويني قال في حديثه لـ quot;إيلافquot;: quot;لعلّ رياض نجيب الريس صاحب خيال خصب، وهو لم يمدحنا أبدًا بل شتم كلّ من يعمل في النهارquot;. وأضاف: quot;ليس صحيحًا أنَّ الانسان يمكن أن يتحرر من عواطفه. أقول ذلك وأنا أفكِّر كم يذكرني رياض نجيب الريس بوالده الذي كان أعز صديق لوالدي، وكيف كانت النهار منتشرة في سوريا بقدر انتشارها في لبنانquot;. وأضاف تويني أنَّالريس عاد إلى الكتابة في صحيفة النّهار على الرغم من اعتراض البعض، والذين استغربوا quot;كيف نرجع إلى الكتابة شخصًا أطلق مجلة لكيل الشتائم لنا لمدّة ثلاثة أشهر؟!quot; (المجلَّة المعنيَّة هي مجلَّة النقاد الأسبوعيَّة التي صدرت بين مطلع العام 2000 ومنتصف العام 2003). وأوضح أنَّه ردّ على منتقديه في حينها بالقول: quot;من يشتمني لا أقرأهquot;. وهو شرح أنَّه لم يجب بحرف واحد على ما كان يكتبه الريِّس، لافتًا إلى أنّالعلاقة التي تربطه بالريس جيِّدة، بدليل أنَّه ما زال يواظب على quot;زيارة النهار كل يوم ثلاثاء، فيخرج هو وفرنسوا عقل (رئيس التحرير في النهار) لتناول الغداء معاً، ويقومان بين وقت وآخر بدعوتي للخروج معهمquot;. وختم تويني أنَّه حين قرّر quot;فرنسوا عقل استكتاب رياض الريس مجددًا، فعل ذلك وأنا دعمت قرارهquot;.

وفي ما يلي، تنشر إيلاف الرّد كاملاً:

الكاتب والصحافيّ رياض نجيب الريِّس
إلى غسان تويني
من رياض نجيب الريّس
خيانة الذاكرة

كنت أعتبر نفسي من تلامذة وأصدقاء ومريدي الأستاذ الكبير غسان تويني، صاحب quot;النهارquot;، إلى أن اطلعت على الحديث الذي نشرته quot;إيلافquot; في عددها الصادر الاثنين 5 كانون الثاني/ يناير 2009، والذي يقول فيه إنني quot;صاحب خيال خصب وهو لم يمدحنا أبداً بل شتم كل مَنْ يعمل في quot;النهارquot;. وأدركت فجأة أني طوال السنوات الخمسين التي عرفته فيها وعملت في جريدته، كنت في صفوف الخصوم بل الأعداء. وأدركت أيضاً أن السنوات الثمانين التي ينوء بحملها الأستاذ غسان تويني قد فعلت فعلها.
أما مناسبة هذا الكلام، فكان رداً على سؤال لـquot;إيلافquot; عن أنني كتبت مقالاً ما ذكرت فيه أن quot;النهارquot; قد أوقفتني عن الكتابة. وانهمر رده على هذا السؤال بشكل شلال من الهذيان على طريقة quot;الخسن والخسين بنات معاويةquot;. أي من الصعب تصحيح ما يمكن تصحيحه إلاّ إذا أعدت كتابة التاريخ كله. فلنحاول.
بادئ ذي بدء أنني لم أكتب مقالاً حول إيقافي عن الكتابة في quot;النهارquot;، بل كتبت كتاباً بعنوان quot;آخر الخوارج ـ أشياء من سيرة صحافيةquot;، صدر في طبعتين الأولى في كانون الأول / ديسمبر 2004، والثانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، رويت فيه بعضاً من ذكرياتي وتجاربي الصحافية، منها علاقتي العائلية ـ التاريخية بـquot;النهارquot; وبغسان تويني وبوالده جبران تويني ووالدي نجيب الريّس. ولو قرأ غسان تويني كتابي لاستغنى عن الرد.
ليس مهماً الآن ذلك، لولا قوله أنني quot;صاحب خيال خصبquot; ـ وهي تهمة لا أنكرها ـ أخذ هو يمارسها في quot;اختراعهquot; أحداثاً لم تقع أصلاً وليس فيها أي نصيب من الصحة. صحيح أن خيانة الذاكرة مشكلة، وإلاّ لما توقف الأستاذ تويني عند السؤال عن quot;العلاقات المضطربةquot; بين quot;النهارquot; وبيني. أي علاقات مضطربة بيننا؟ فالأستاذ تويني يعرف أنني لم ألقه منذ حوالى عشر سنوات إلاّ نادراً، وأن علاقاتي مع مجموعة من الزملاء الصحافيين في quot;النهارquot; علاقات وديّة ووثيقة. فأين الاضطراب؟ ويعرف غسان تويني أن الظروف المأسوية الشخصية التي مر بها منذ اغتيال نجله جبران، إلى جانب الظروف السياسية التي مرت بها البلاد في السنوات الخمس الأخيرة على الأقل قد باعدت بيننا ودفعت كلاًّ منا باتجاهات متعددة. ولعل الأستاذ تويني يذكر أننا عندما كنا نلتقي صدفة ـ على ندرة ذلك ـ كان يعاتبني بودّ لأنني لا أتصل، وكنت أعده دائماً بذلك. إذن أين العلاقات المضطربة؟
ومن ثم جاءت فجأة تهمة الشتيمة. يقول الأستاذ تويني إنني أصدرت مجلة (quot;النقادquot;) خصيصاً لشتم كل من يعمل في quot;النهارquot;! أريد أن أسأل هل قرأ هو هذا الكلام في quot;النقادquot; أم سمعه عن طريق النميمة؟ هل يستطيع الأستاذ تويني أن يذكر أو يشير إلى مَنْ شتمته من quot;النهارquot; في quot;النقادquot; وأعداد هذه المجلة من العام 2000 إلى 2003 متوفرة للاطلاع عليها؟ لقد تعلمنا في quot;النهارquot;، عبر سنوات العمل فيها، أن الخلاف في الرأي السياسي والثقافي لا يفسد في الود قضية، ولا يمكن أن يتحول إلى شتيمة. هل أضاع الرجل الثمانيني البوصلة؟
نعود إلى quot;الخسن والخسين بنات معاويةquot;. يقول الأستاذ تويني إنني عدت إلى الكتابة في quot;النهارquot; (وهذا تمنٍّ لم يحصل إطلاقاً) quot;على الرغم من اعتراض البعضquot;. لو كان الأستاذ تويني يتابع قراءة جريدته، لاكتشف أنني توقفت عن الكتابة منذ شباط/ فبراير العام 2000. أما لماذا توقفت عن الكتابة؟ فأرجو أن يعود إلى كتابي quot;آخر الخوارجquot;. ومنذ ذلك التاريخ، نشرت لي quot;النهارquot; مشكورة بين حين وآخر تعليقاً أو تعليقين، أو رداً ما على ما يصدر في quot;النهارquot; من مقالات أو بيانات، ليس إلاّ. وليس صحيحاً البتة أن الأستاذ فرنسوا عقل رئيس تحرير quot;النهارquot; (وهو صديقي) قد قرر استكتابي مجدداً، أو دعاني إلى ذلك، وأن الأستاذ تويني quot;قد دعم قرارهquot;. وهذا أمر ليس صحيحاً ولم يحصل بكل أسف.
أما زياراتي المتكررة إلى مبنى quot;النهارquot;، فأعتقد أن quot;مخبريquot; الأستاذ تويني قد أخطأوا الشخص. فأنا لم أطأ باب quot;النهارquot; منذ أن غادرت مبناها القديم في شارع الحمرا في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 1999. ولم أزر مبناها الجديد في الوسط التجاري إلاّ مرة واحدة قبل حوالي ثلاث سنوات لتهنئة صديقي فرنسوا عقل رئيس تحرير quot;النهارquot; بمكتبه الجديد. وقد دامت الزيارة حوالي عشرين دقيقة. ولا بد أن الأمر قد التبس على مخبري الأستاذ تويني، الذي نسي أن في المبنى مطعماً معروفاً باسم quot;دي. تيquot; وهو مطعم يرتاده الناس نهاراً وليلاً، ويؤمه جمع غفير ممن يتفقون أو يختلفون مع quot;النهارquot; وصاحبها.
أما عن الغداء ظهر كل يوم ثلاثاء، فهذا صحيح. وهو تقليد أسبوعي درجنا عليه نحن مجموعة من الأصدقاء والزملاء منذ سنوات، أغلبنا سبق أن عمل ويعمل في quot;النهارquot;، وقد دعونا عدة مرات الأستاذ تويني إلى هذا الغداء. وأود أن أؤكد في هذه المناسبة أن هناك دعوة مفتوحة دائمة للأستاذ تويني ومن معه إلى هذا الغداء.
كنت أود أن لا يكون هذا السجال بيني وبين غسان تويني، وأن لا يكون مقياس العلاقة (كما يراها هو اليوم) كمية المدائح التي تكال له يومياً من مجموعة المتنفعين بـquot;النهارquot; ومن quot;النهارquot; مع التذكير بأنه كان لي نصيب كبير، سابقاً، من quot;المديحquot; الذي هو من حقه(*).

رياض نجيب الريّس
بيروت 8 كانون الثاني/ يناير2009

ــــــــــــــــــ
(*) راجع مقال الكاتب في العدد الخاص من جريدة quot;الجزيرةquot; السعودية عن غسان تويني الصادر في ربيع 2008. وكتابه quot;آخر الخوارجquot;.