الدكتور عبدالله يعقوب بشارة خلال الحوار

أشرف السعيد من الكويت: أكد السفير الدكتور عبدالله يعقوب بشارة، أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي في حوار حصري خصّ به quot;إيلافquot; أن دستور دولة الكويت الحالى لا يؤدي الى الممارسة الديمقراطية المتعارف عليها من أحزاب وتعددية وتداول السلطة، وأن المشهد السياسي للوضع الراهن في الكويت يبعث على التشاؤم، وأن الحكومة الكويتية في موقف حرج لأنها لا تملك أغلبية في البرلمان. وشدد على أنه في ظل الأجواء السائدة بين السلطتين من مؤشرات تنبئ بعودة التأزيم والتصعيد بينهما، فإن الشعب الكويتي ونظامه وأمنه وإستقراره سيدفع الثمن، ودعا الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الى تبني وطرح مبادرة رسمية حكومية بالمواجهة البناءة الصحيحة لكافة الأوضاع بهدف تصحيح المسار الديمقراطي، وأن تطرح الحكومة تعديلات على آليات المساءلة أو السماح بتأسيس الأحزاب في إستفتاء على الشعب الكويتي.

وإقترح بشارة أن تتضمن التعديلات الدستوريةتوقيع ثمانية نواب لطلب الإستجوابلا أن يقوم نائب واحد بالتوقيع كما هي الحال حاليًا، وأن يدلي الوزراء بأصواتهم في حالة طرح الثقة عن وزير.
وقال إن الشعب العراقي قريب من الشعب الكويتي ليس جغرافيًا فقط وإنما هو مزاج وتقليد وإختلاط، وأشار الى أن العلاقات الكويتية ndash;الأميركية هى ترسيخ للأمن والإستقرار والإرتياح في هذه الدولة، وأكد أن مجلس التعاون الخليجي مؤسسة سياسية لا يحتمل توسيع عضويته، وأن على العراقيين أن يدركوا أن مدخلهم الى الخليج هو معبرهم الى الكويت.

وقد إلتقته quot;إيلافquot; بمكتبه بالمركز الدبلوماسي للدراسات الدبلوماسية والذي يترأس مجلس إدارته حيث طرحنا عليه في حوار شامل العديد من القضايا المحلية والإقليمية والدولية. والسفير بشارة هو أحد رموزالدبلوماسية العربية والخليجية عامة والكويتية خاصة بما له منمسيرة فيالعمل السياسي والدبلوماسي،أضفإلىالعديد من المؤلفات وإليكم نص الحوار:

في مستهل الحوار... ما هي قراءتكم للمشهد السياسي بالكويت في ظل مؤشرات تنبئ بعودة مسلسل التصعيد والتأزيم بين السلطتين مرة أخرى؟

-أنا متشائم من الوضع في الكويت، بإختصار ليس لأنني ألوم أي طرف لا الحكومة ولا مجلس الأمة ولا الإعلام، الكويت دخلت تجربة ديمقراطية وتبنت دستور، وهذا الدستور يصلح لقطاع معين من الناس، ولتربة معينة ولظرف معين، لأنه لا يؤدي الى الممارسة الديمقراطية المتعارف عليها وهو نظام أحزاب وتداول للسلطة وسيادة القانون والإنضباط والتجمعات والمنظمات الأهلية، كل هذه تتلاعب ولها دور وتتكامل وتسمى المسيرة الديمقراطية.

والكويت لا يوجد فيها نظام أحزاب، وواجهت الحكومة بعد غياب الشيخ عبدالله السالم، والشيخ صباح السالم تغييرات في التركيبة الديموغرافية الكويتية تغييرًا تامًا، وأصبح التفسير والإلتزام الحرفي ببنود الدستور هو الحقيقة المبدأ الذي يتمسك به أصحاب الرأي العام، والبرلمان، والصحافة، وأي حكومة لا تملك أغلبية في البرلمان لا تستطيع أن تسير، وفي الديمقراطيات حتى الحكومة التي يحدث فيها إئتلاف بين حزب وآخر تعاني من إنعدام تملكها للأغلبية، وبالتالي الحكومة الكويتية في الوضع الحالي بموقع حرج جدًا لأنها لا تملك أغلبية في البرلمان، وبذلك تعتمد على حسن النوايا، ولأن النوايا ليست دائمًا حسنة تريد أن ينفتح باب الخدمات وتكونت طبقة تسمى بـquot;نواب الخدمات quot;، ونواب الصراخات، ونواب الأزمات، ونواب المخالفات، وكل هذا بسبب دستور البلاد الذي لم يعط الملبس اللباس الديمقراطي الإكتمال التام كما نراه في العالم المستنير والمتحضر، بينما في الكويت أزمات مستمرة في الحكومات المتعاقبة والإستقالات وتوقيف مجلس الأمة وحله دستوريًا وأحيانًا غير دستوري، وكل هذا يأتي من الإختناق الحكومي، وكيف تحل مشكلة الإختناق الحكومي لدرجةأصبح نواب المجلس يأخذون كثيرًا من حقوق الحكومة وأيضًا من صلاحيات السلطة التنفيذية، وأخذوها عن طريق تقديم مقترحات في المجالات المختلفة من إقتصاد، وإعلام، وخدمات، وتجنيس، وتعليم، وأصبحت الحكومة غير قادرة على مواجهة هذا السير لأنها لا تملك الأغلبية البرلمانية فماذا تفعل ؟.

وما السبيل لخروج الحكومة الكويتية من هذا المأزق؟

-هناك خياران أمام الحكومة الكويتية وهما أولاً: تعديل الدستور ويعدل الدستور إما بإكتمال النظام الديمقراطي بالعرف الذى نعرفه وبالمواد التي نعرفها من تعددية وأحزاب وتداول السلطة والأغلبية تحكم، والذي لا يملك الأغلبية يدخل في إئتلاف مع أحزاب أخرى، ويصبح نظامًا ديمقراطيًا متكاملاً كما نراه في اليونان، وأسبانيا، ومالطة،لكن هذا يحتاج الى تغير جذرى في التقبل والقبول الكويتي، وهل الكويت تتقبل مثل هذه القفزة الكبيرة ؟وهل أيضًا يتقبلها الرأي العام، والنظام، والعائلة، والمؤسسات الفكرية والمواطن؟، وأنا في رأيي أن هذا يحتاج الى تمرين وتأهيل وتقييم، وإذا لم نستطع أن نتبنى هذا الخيار، فهناك خيار آخر وهو تعديل الدستور الحالي بحيث لا يستطيع نائب واحد أن يرى الكويت في أزمة، وذلك لأن نائبًا واحدًا في ظل الدستور الحالب يستطيع أن يستجوب رئيس الوزراء وأي وزير، ونائب واحد بمجلس الأمة يستطيع أن يدخل الكويت في أجواء توتر ولذلك أطلق عليهم المأزمين أو نواب التأزيم والتصعيد، وهم يفسرون بنود مواد الدستور كما هي واضحة وفسروها تفسيرًا حرفيًا، ويرون أن الدستور أعطاهم الحق وكلامهم صحيح، ولكن لا يهتمون بشيء إسمه روح الدستور والتطورية والتجرد، والنائب بالبرلمان يهتم بالشعبوية والتعاطف والتناغم مع القاعدة الجماهيرية التي يريد أن يؤمن نجاحه فيها ورضاها، وهذا كله على حساب الدولة والمصالح العامة وعلى حساب مصلحة الكويت وأمنها وإستقرارها، وعلى حساب النظام السياسي للكويت.

لذلك لا بد من الإشارة لكي يكون هناك إستجواب أن يوقع عليه ثمانية نواب في مجلس الأمة وليس نائبًا واحدًا كما هي الحال حاليًا، لأنه إذا كنت لا تملك ديمقراطية متكاملة فلا بد من سد ثغرات التأزيم التي تسبب عدم الإستقرار والفوضى، والشيء الثاني أن يصوت الوزراء بالحكومة الكويتية على مسألة طرح الثقة، لأن الوزراء لا يصوتون والحقيقة أنهم مظلومون، ثالثًا إن أي مساءلة لا بد من إحالتها الى لجنة مكتب رئاسة مجلس الأمة ونائبه وأمين السر لدراسة الإستجواب المقدمإن كاندستوريًا أم شخصنة أم أن هناك دوافع أخرى وهل يستحق ذلك؟ وهل هناك مبرر لهذا الإستجواب أم أنه بالوضع الحالي وبهذا التهافت على الإستجواب وبسهولة أصبح نخوة وكل ينتقم من الآخر وتصفية حسابات، ومن يرد أن يطبق القانون من الوزراء يستعرض النواب عليهم بإستخدام الإستجواب والمساءلة، وبالوضع الحالي لا يمكن أن تستمر الديمقراطية الكاملة أو تعديل الثغرات الموجودة في الدستور، والشعب الكويتي ونظامه وأمنه وإستقراره سيدفع الثمن لو إستمر الوضع بهذا الشكل.

في رأيكم... ما هي أسباب التأزّم بين السلطتين ؟ ومن يقف وراءها ؟

-مصالح النواب وقراءة كل نائب تختلف عن الآخر، فهذا نائب يريد موافقة لسفر جماعته الى لندن بحجة العلاج، والوزير تصدى لذلك بالقانون. فإذا بالنائب يريد إختراق القانون فيستجوب الوزير، والإستجواب سلاح قاتل ومزعج للكويت ولا يجب أن يكون بهذه الطريقة. فأصبح الإستجواب quot;موضةquot;ويقال إن الكويت كانت جوهرة الخليج والآن quot;وين quot;؟لهذه الأسباب لا وجودلحكومة تستطيع أن تقدم مشروعًا بحيث يقفون عليه ويساومنوه ويدخلون تعديلات تقتل.

بعضهم يرى أن دور الحكومة ضعيف في مقابل النواب وأنه لولا ضعفها لما أصبح الوضع هكذا ؟

-ضعف الحكومة لأنها لا تملك أغلبية برلمانية، ومن المعروف أن النظام الديمقراطي في الحكومة تملك فيه البرلمان، وإذا صارت هناك أقلية للحكومة في البرلمان فيكون وضعها حرجًا، والحقيقة أن الحكومة لا تملك أغلبية برلمانية. فماذا تفعل حينئذ ؟ فهي تقدم ترضيات وعطاءات وإغراءات وإبداعات في التكريم وكل هذا من أجلأن تسيّر الحكومة قضاياها ومشاريعها، ولكن هذا كله على حساب النظام العام والمال العام والإنضباط وهيبة الحكم.

ما هي التدابير والإجراءات الواجب إتخاذها من جانب الحكومة الكويتية إزاء ما يحدث على الساحة السياسية ؟

-الحل في الكويت يكمن في إدخال تعديلات دستورية على الثغرات الموجودة حاليًا، ويجب على النظام أن يقف وبفسر ويشرح وخاطب الرأي العام ويتحدث، ويجب أن يتحاور وتشرح الحكومة وتعلن أنها لا تستطيع أن تسير الأمور بهذه الطريقة، وأن هناك تعديلات ستقوم بها وتطرحها للإستفتاء على الشعب الكويتي ليدور حول آليات المساءلة تترك الحكومة كل شيء بالدستور، ولكن الإستفتاء حول quot;آليات المساءلة quot;أو شئ آخر هو السماح بتأسيس الأحزاب وهنا نتساءل :هل الشعب الكويتي مستعد بهذه التركيبة الديموغرافية وبهذا التركيب السكاني لذلك ؟.

في ظل المجتمع الكويتي بأطيافه المختلفة والأغلبية القبلية.هل ترون أن هناك مخاوف من تأسيس أحزاب سياسية ؟

-بالفعل لدى مخاوف من تأسيس الأحزاب بشكل عام، وذلك لأن التربة الإقليمية طاردة لمبد أو فلسفة الأحزاب، ولا تربة الكويت ولا الخليج وحتى محيط الشام كلها تربة طاردة، ونرى ما يحدث في العراق، وأرى أنه لابد من طرح مبادرات سياسية فكرية قادرة وتتحدث وتستنجد بالرأي العام وبمنظمات المجتمع المدني والنفع العام، والحقيقة لا أرى بديلاً عن مبادرة رسمية حكومية من صاحب الشأن من الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بالمواجهة البناءة الصحيحة لشرح قضايا الكويت، ولا يمكن أن تستمر الأوضاع كما هي الحال.

*بعضهم يرى أن الديمقراطية الكويتية باتت تمثل مصدر إزعاج لبعض دول المنطقة والخليج. فما هو تعليقكم ؟

-الحقيقة أن هناك شيئًا من الصحة لهذا الرأي، لأنني أزور دول الخليج الأخرى كثيرًا وألتقي بالعديد من المثقفين، ويقولون إن الجيد في الكويت أنه توجد شفافية ومصارحة ومتابعة، لكن هناك شللاً للحكومة في إتخاذ القرار، وكل القضايا متصلة بالكويت، فمثلاً قضايا خارجية منها مديونيات العراق ولا يجوز أن تصبح ندرة لكل فرد سواء نائب أو غيره ويدلي بدلوه ويفتون فيها، ولا يجوز ذلك لأن هناك قضايا مرتبطة بمصالح البلد لا يجب أن تكون لكل ركن وزاوية، ويتحدثون عنها بإفتاءات وإصرار وليس بشهادات، والخليج يرى أن الأمير مضطر لحل مجلس الأمة، ثم تجري إنتخابات ويشاهدون التطاول والتعبيرات والمصطلحات التي لم نعتد عليها في الكويت من قبل، وبالطبع يستنكرون ذلك، وفي الوقت نفسه يريدون أن يكون هناك سياج مع الكويت حتى لا يطولهم هذا الشيء، ولكن حتمًا هناك دولاً خليجية كانت لها نوايا للإنفتاح والإنطلاق نحو الديمقراطية وإتخذت إجراءات بالتهدئة وعدم الإسراع في ذلك.

في حالة عودة مسلسل التصعيد والتأزّم.هل الحل في حل مجلس الأمة ؟

-بالطبع حل دستوري مرة أخرى للمجلس من دون توقف الى مالانهاية، طالما أن الكل يفسر الدستور تفسيرًا حرفيًا فمن حق صاحب الشأن أن يفسره كذلك تفسيرًا حرفيًا ومن الممكن أن يحل المجلس كل 4 أشهر ويستمر وهذا شيء ممكن، لكن في المقابل لن يكون هناك إستقرار أو تنفيذ لبرامج تنمية أو مشاريع ولا مسيرة مستقبلية، ولكنهم هذه هي مشكلة دستور الكويت وهي أنك تعطى حقوقًا بحرفيتها توقف التنمية سواء الحل المستمر للمجلس أو الإستجواب.

من خلال عملكم كسفير للكويت في الأمم المتحدة وفي عدد من دول العالم. كيف يرى الآخرون الديمقراطية الكويتية؟

-هناك كثير من التقدير لسجل الكويت في حقوق الإنسان، وهناك كثير من التقدير لسجلها، وأيضًا في حرية التعبير والصحافة ولدور البرلمان دون الدخول في تفاصيل، فالعالم الخارجي يتوقف عند محطات عامة، وهذه المحطات العامة لا شك لها بريق، لكن بالإضافة الى أن ذلك هو الإعتدال وأسلوب الإنفاق quot;العطاء والإعتدال quot;، والعطاء المعتدل لبرامج تنمية عالمية، والإعتدال في المواقف السياسية، ولذلك دخلنا مجلس الأمن وكان لنا دور لأنه لم يكن لنا جدول أو أجندة مخفية بل هناك وضوح ونفتخر بمواقف وقناعاتنا وفق المصلحة العامة.

في الذكرى التاسعة عشر للغزو... هل أزيلت آثار العدوان أم أنها ما زالت باقية؟ وهل يمكن إعادة بناء جسور الثقة بين الشعبين وإمكانية للعلاقات بين البلدين سياسيًا وإقتصاديًا ؟

- بكل صراحة الشعب العراقي قريب من الشعب الكويتي ليس جغرافيًا فقط وإنما هو مزاج وتقليد وإختلاط، بحيث يعلم الجميع أن الكويتيين اليوم غير الكويتيين قبل الغزو ويمشون بحذر ويتحصنون، فالعلاقات الكويتية - الأميركية ترسيخ للأمن والإستقرار والإرتياح في هذه الدولة، ثانيًا: تركة الغزو تركة نفسية والشعب الكويتي تغير، ولا يمكن أن يقبل الكويت بدون آلية رادعة يعتمد عليها, لذلك مثلا فرنسا حتى الآن متمسكة بأن يكون سلاحها النووي في يدها وليس في يد الناتو, لأنها عانت من ألمانيا في الحربين الأولى والثانية, وقبلهما عام 1870, ولا تثق إلا بالردع, وهذه سياسة قبلها الأوروبيون وتفهموها, وكذلك الأمريكيون, فالمعارك والغزو كلها عناصر غيرت التركيبة النفسية والذهنية في الكويت, والكويتيون الآن يختلفون ذهنيا ونفسيا عما كانوا عليه قبل الغزو, وكل يوم يمر يزيد إصرارهم على توفير آلية للردع, ويريدونها مرئية لهم, وهذا شيء له إجماع من كل أطياف الشعب ، والتركيبة السياسية السابقة للعراق هى الأيديولوجية البعثية التمددية المرفوضة، وأهل الكويت يريدون العراق الفيدرالي المعتدل والمنسجم مع قواعد السلوك الدولي وبناء العراق الذى يبنى نفسه ولا يتمدد، العراق غير الأيدبولوجية لأن الأيديولوجية تقتل سواء أيدبولوجية قومية أو شعبية أويمينية أو يسارية كلها تقتل وتتمدد.

*الأزمة الأخيرة التي إنطلقت شرارتها من البرلمان العراقي بإتجاه الكويت حول التعويضات والديون.ما هو رأيكم؟ وهل ستمارس واشنطن ضغوطًا على الكويت لنزع فتيل الأزمة مع بغداد ؟

-حقيقة هذه الأزمة تعود إلى كثرة التصريحات من قبل الطرفين، وكثرة التدخلات للذي له شأن والذي ليس له شأن، والمقبول غير المقبول، والحقيقة وضحت الآن، والكويت مع إخراج العراق من الفصل السابع، أما الأمر الثاني فهو أن الكويتيريد أنيفي العراق بما تبقى من متطلبات الفصل السابع وهي صيانة العلامات الحدودية، وإزالة البيوت التي بنيت، وقبول التعويضات وإنهاء موضوع الأسرى الكويتيين. أما موضوع التعويضات أرى أنه يكون في إطار مجلس الأمن، وتدخل الكويت مع العراق في حديث حول هذا الموضوع لإنهاء ما تبقى، وأرى أن الديون يمكن الحديث عنها فيما بعد أي بعد إخراج العراق من الفصل السابع،وهم يتحدثون عن الديون الكويتية لدى العراق أثناء الحرب العراقية ndash;الإيرانية ويمكن التصرف فيها.

*أعلن الأمير عن رغبته في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، وجاءت القمة الإقتصادية التي عقدت في مطلع العام الحالي لتعكس رؤاه في هذا الشأن. فكيف ترون إمكانية تحقيق ذلك ؟

-برأيي أنه من الممكن تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري عالمي، لكنه يحتاج الى تصميم وأن تقود الحكومة البرلمان كما تقود المسيرة لهذا المشروع وتزيل التدخلات البرلمانية في خططها التنموية التي تريد وتزيل التدخلات في علاقاتها التجارية والإقتصادية مع الدول سواء إقليميًا أو دوليًا، وتؤهل كوادر لهذا الشأن، والحقيقة أن الأزمة المالية العالمية كشفت أن الكويت بحاجة الى كوادر وخبرات مالية، وأعتقد أن هذا الموضوع لن يتم في السنوات القليلة القادمة، وإنما ضمن خطة لعشر سنوات قادمة بالتدرج، ويمكن تحقيق ذلك والتنمية التحتية سهلة لأن هناك عزمًا وأموالاً، وهناك خبرة في القطاع الخاص الكويتي له خبرة جيدة، لكن الدولة تحتاج الى قرارات جوهرية.

متى تظهر السوق الخليجية المشتركة لحيز التنفيذ ؟ وماذا عن الإعلان الذي يخصّالإتحاد الخليجي ؟

-هذه ليست صعبة وخلال خمس سنوات تقريبًا ستظهر لحيز التنفيذ هذه السوق، والآن قطعوا شوطًا كبيرًا، ولكن بقيت أشياء فنية مثل توزيع الجمارك، أما بالنسبة للإتحاد الخليجي حتما سيكون، ومجلس التعاون إذا تحققت الوحدة الإقتصادية والوحدة النقدية ينبغي توحيد المواقف أو على الأقل تقريبها.

على الرغم من الخلاف حول مقر المصرف الخليجي المركزي بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وتحفظ سلطنة عمان على إنضمامها.هل سيشهد العام القادم تحقيق العملة الخليجية أم تحتاج الى وقت؟

-أشك في ذلك وأعتقد أن عام 2010 يشكل نوعًا من التفاؤل، ولن يصلوا الى عملة خليجية موحدة خلال عام من الآن لأن هذا صعب، لكن أهم شيء هو العزيمة والإصرار والقرار، أما بالنسبة إلى الخلاف حول دولة مقر المصرف الخليجي المركزي فالخليجيون لديهم قدرة على المرونة والإمتصاص ولا يملكون التشدد.

*توليتم الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي كأول أمين عام له في عام 1981 وحتى 1993ولمدة إثنا عشر عامًا على التوالي ndash;أربع دورات متتالية -. فما هو أبرز ما أنجزتموه خلال هذه الفترة ؟

-من أهم الإنجازات التي حققتها خلال هذه الفترة اثنين وهما الحفاظ على الخليج من شهب ونيران الحرب العراقية ndash;الإيرانية التى كان صدام حسين يريد جر الخليج إليها، ووقفنا ضده وطوقناه، أما الإنجاز الثاني هو تحرير الكويت حيث كان موقفًا حازمًا لدول الخليج ولا تنسى أن الكويت تحررت بمشاركة خليجية من نفوذ وأرواح وأموال، وأروع ما في منظومة مجلس التعاون الخليجي أنه حافظ على الحدود التي ورثها، فالحدود العراقية ndash; الإيرانية لم تمس، ووقفنا مع صدام حسين في حربه مع إيران ليس حبًا بنظام صدام وإنما سقوط العراق معناه أنه سيغير التوازن الإقليمي على حساب العرب وعلى حسابنا، وإنتهت الحرب لا غالب ولا مغلوب وجاء العراق ليقلب الميزان بإحتلاله للكويت، فمجلس التعاون الخليجي حافظ على الحدود الموروثة والتوازن المفروض.

*لماذا نجح مجلس التعاون الخليجي فيما فشلت فيه المشاريع الوحدوية العربية الأخرى مثل وحدة مصر وسوريا عام 1958،والتكامل بين مصر والسودان، ومجلس التعاون العربي، والإتحاد المغاربي العربي ؟

-أهم شيء في مجلس التعاون الخليجي هو إحترام سيادةكل دولة خليجية وخصوصية وعمل مشترك ضمن منظومة مجلس التعاون، ووفق حدود الممكن ومبدأ التدرج بمعنى الإقناع والإقتناع، ومجلس التعاون الخليجي لا يوجد به خطب نارية وإنما حصاد هادئ مبنى على الإقناع والإقتناع. أما بالنسبة إلى الوحدة بين مصر وسوريا فليس هناك قاسم مشتركة بين نظامي مصر وسوريا إلا عبد الناصر ورغبة العسكريين السوريين. ففي يناير/كانون الثاني عام 1958 توجهت مجموعة من الضباط السوريين للقاء عبد الناصر دون علم الرئيس السوري شكرى القوتلى ndash; آنذاك - ولا رئيس مجلس الشعب السوري، وأيضًا دون علم وزير الخارجية صلاح البيطار، فهناك جعل الضباط السوريين حكومتهم أمام الأمر الواقع وهو إذا لم يتم عمل وحدة مع مصر ستدبر إنقلابا عسكريا وتتم الوحدة وتقدم سوريا لعبد الناصر، فإضطرت الحكومة السورية للوحدة، وهؤلاء الضباط السوريون منهم أحمد عبدالكريم، النافورى، أحمد عبدالله،وذلك لأنه لم يكن هناك أي بديل أمام السياسيين السوريين فالجيش بيد الضباط.

أما بالنسبة إلى مجلس التعاون العربي والذي أسسه صدام حسن فكان نكتة بايخة، أما بالنسبة إلى الإتحاد المغاربي العربي فمشكلة الصحراء عائق بين الجزائر والمغرب، ولا أرى حلاً لمشكلة الصحراء في الأفق، أما بالنسبة إلى مجلس التعاون الخليجي فله إنسجام وهو لوحة متقاربة وإمتداد جغرافي وهو هدف للإيديولوجيات سواء من إيران أو من الأحزاب العربية.

ماذا عن إمكانية إنضمام أعضاء جدد لمجلس التعاون الخليجي مثل اليمن التي لها صفة مراقب حاليًا وأيضًا العراق ؟

-مجلس التعاون الخليجي مؤسسة سياسية لا يحتمل توسيع عضويته، وفي ما يتعلق باليمن فهناك علاقات مميزة بين اليمن ومجلس التعاون الخليجي، أما بالنسبة لإنضمام العراق فيحتاج الى وقت لإعادة بناء الثقة وآليات الثقة، وأن يدرك العراقيون أن مدخله الى الخليج هو معبره الى الكويت، ولكن المطلوب أن يكون للعراق مستقبل علاقات متميزة مع مجلس التعاون الخليجي.

هاجسكم الأول هو قوة إيران النووية. فما هي قراءتكم لذلك؟ وما هي التدابير الواجب إتخاذها من جانب دول الخليج خاصة والدول العربية عامة ؟وماذا عن إمكانية بناء الدول الخليجية لمفاعل نووية للأغراض السلمية ؟

- لدي شعور بأن إيران تسعى لسلاح نووي وترى أنها مهددة من الغرب ومن الصين وروسيا ومن الهند وإسرائيل،وأن هذا السلاح النووي هو الآلية المطمئنة لها، أما معالجة هذه القضية فأعتقد أنه بالإصرار على دخول الموقف الخليجي في الإطار الدولى واضح وموحد وقوى، وحتى الآن ليس بالقوة التي أتمناها أو عن طريق وكالة الطاقة الذرية بأن إيران لها الحق في إستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية والإصرار على أن تبدأ إيران مع الوكالة الدولية، أما أنه لا يجوز أن نشجب وكأن الأمر لا يعنينا.

*ما هي رؤيتكم لمسألة إحتلال إيران لجزر الإمارات الثلاثة طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى حتى الآن دون طرح القضية على التحكيم الدولى؟

-إيران رفضت التحكيم الدولى وقد سبق أن عرض ذلك مجلس التعاون اخليجى وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، كما عرضت المباحثات الثنائية، وأعتقد أن هذا الإحتلال لهذه الجزر صار من الذخيرة الوطنية القومية الإيرانية، ولذلك الحقيقة أن العلاقات الخليجية-الإيرانية لن تزدهر طالما أن مسألة الجزر لم تحل.

*ما تقويمكم للإنتخابات الرئاسية الإيرانية وإتهام الإصلاحيين بزعامة موسوي بتزويرالحكومة لنتائج الإنتخابات لصالح أحمدى نجاد؟

-كل الإيرانيين يتمنون إنتخاب رئيس آخر منفتح على العالم وله حوار، ولكن أحمدي نجاد تحدى قواعد السلوك التي تلتزم بها الدول وأعضاء الأسرة العالمية.

*ما تعليقكم على زيارة السلطان قابوس بن سعيد الى إيران خلال الأسبوع الماضى وتوقيع إتفاقيات ثنائية في مجالات مختلفة ؟

-هذا جيد وكلنا نعمل ذلك ولنا علاقات مع إيران، وهذا الجوار والجغرافيا لها دور أساسي في رسم خريطة الدبلوماسية، ولنا علاقات مع إيران والجرف القارى.

*صرحتم من قبل بأن واشنطن لن تقدم على ضرب إيران أن طهران ستضطر إلى الجلوس الى طاولة المفاوضات. ماذا تعنون ذلك ؟

- بالضبط يمكن جلوس إيران لطاولة المفاوضات، لأنه إذا وجدت صلابة من الموقف الدولى، وأن هناك عقوبات ستفرض عليها وتصل الى حد تطويق الموانئ وفرض حصار بحرى ستضطر الى المفاوضات، وهناك عقلاء في إيران ولكن حتمًا عندما تصل الأمور إلى أن كل هم إيران هو الحفاظ على النظام.

*طرحت واشنطن رؤيتها في تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل مقابل تجميد الإستيطان والتوصل الى إتفاق نهائي مع الفلسطينيين وتحقيق السلام في الشرق الأوسط. فماذا عن العلاقات الخليجية ؟

-أهل الخليج ملتزمون بالمبادرة لعربية، وأعلنوها وخلال زيارة الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الأخيرة الى واشنطن قبل عدة أيام حيث أعلن سموه quot;أنه عندما تفي إسرائيل بإلتزاماتها سنفي بإلتزاماتنا quot;وكذلك الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى، أما تطبيع العلاقات على ماذا؟أو نفتح النوافذ على ماذا ؟ ولا أرى شيئًا مشجعًا.

*ما هو تقويمكم للعمل العربي المشترك في الوقت الراهن؟ وماذا عن جامعة الدول العربية في الوقت الراهن؟

-أتعاطف مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، لأن 22 دولة بعضها فاشلة وأخرى دول مأساوية وفيها خليط من المشاكل الداخلية سواء مشاكل عرقية أو طائفية أو سياسية أو مالية أو عدم إنسجام نظامها السياسي مع التوجهات الدولية، وكيف تتفق هذه الدول على موقف موحد من الصعب، ولذلك أرى أنه أفضل شيء للعمل العربي المشترك هو التركيز على جوانب التنمية والإقتصاد، والقطاع الخاص يؤدي دورًا بين الدول العربية حيث يقرب بينهم وتقترب المصالح وتزال الحساسيات، أما الجامعة العربية فمثلاً السودان يأتى ويبحث عن ملجأ بالجامعة العربية كغطاء له لتصرفاته في دارفور، فكيف أعطى غطاء لدول أخرى يلوكها غير مقبول دوليا، وأعتقد أن هناك حل لموضوع إتهام الرئيس البشير وسيحاكم أفراد آخرين، وبالنسبة إلى الصومال فمشكلة المشاكل ومأساة، والتركيز على الجوانب الإقتصادية وعدم المبالغات في تحقيق مواقف عربية لأنها لن تتحقق.

*لماذا لم يتم تفعيل إتفاقية الدفاع العربي المشترك حتى الآن؟ وما رأيكم في الوحدة الإقتصادية العربية؟ وهل ستظهر السوق العربية المشتركة خلال السنوات القادمة ؟

-أعتقد أن الفصل الذي نعيشه يختلف عن الفصول السابقة، وعبدالناصر جمد الجامعة العربية، أما السادات فهو رجل وضع مصر بترابها نصب عينيه ولولاه لبقيت للآن سيناء محتلة، أما بالنسبة إلى الوحدة الإقتصادية العربية فهناك تباينات في المستويات والتوجهات في السوق المشتركة، والدخل الجمركي يشكل جزءًا مهمًا من الميزانيات لكن على الأقل هناك مساعٍ تتم، وهناك تحفظات بالنسبة إلى الإتحاد الجمركي، ولماذا لا تكون هناك تكتلات إقتصادية إقليمية مثل بين مصر والسودان، ودول شمال أفريقيا، ودول الخليج، وإقليم أرض الشام على أساس أنه توجد قواسم مشتركة بين دول كل إقليم جغرافي.

*هل ستطرأ متغيرات على العلاقات العربية الأميركية بعد تولى الإدارة لأميركية الجديدة للرئيس أوباما ؟

- ستتطور العلاقات العربية ndash;الأميركية ولكن الكل سيتوقف عند محطة فلسطين وهى المحطة التى ستتدخل فيها واشنطن لمعالجة هذا الموضوع.

*يعيش العالم حاليًا في ظل قطب عالمي واحد وهو الولايات الأميركية المتحدة ولكن بعض المراقبين يتوقعون بزوغ بعض الأقطاب الأخرى مثل الصين وألمانيا ويصبح عالمًا متعددًا الأقطاب. فما تعليقكم ؟

- قد يكون ذلك بعد مئتي عام وليس الآن، وعندما نرى الناتج القومي وتأخذ الإبتكارات والتكنولوجيا والتطورات في المجالات المختلفة فتدرك أن العالم سيعيش في ظل قطب واحد وهو الولايات المتحدة الأميركية.

*بعد تقاعدكم من العمل الدبولوماسي.لماذا لم تترشحوا لعضوية مجلس الأمة ؟

-لا أصلح لعضوية مجلس الأمة، ولكل إنسان طبيعته ولا أميل الى الإنتخابات والبيانات واالخطب، ولو كانت هناك أحزاب كان من الممكن، ومشكلة الكويت هي القبلية أما غياب الأحزاب سيؤدي الى القبلية والطائفية والعرقية.

*لو تم السماح بتأسيس أحزاب سياسية. هل ستشكلون حزبًا؟ وما هو تياركم السياسي ؟

-لا. لن أشكل حزبًا ومن الصعب في الكويت ذلك، لأن هناك تجمعات على أسس قبلية وطائفية، أم تياري السياسي فهو ليبرالي أي غير مرتبط بأي إيديولوجية وبمعنى حر وموضوعي.

*أثناء عملكم الدبولوماسي.هل عرض عليكم تولى حقيبة وزارية ؟

-لا أصلح للوزارة كما أنه لم يعرض علي تولي حقيبة وزارية، فالوزراء في الكويت مثل quot;الكوماندوزquot;أي أنهم فدائيون وكثر الله خير من يقبل تولي حقيبة وزارية بهذا الوضع، ومقعد الوزارة في الكويت أصبح طاردا لأن الوزراء يتعرضون لإنتقادات وبهدلة أمام مصالح النواب،وإذا لم يعطهم سيتعرض الوزير للمساءلة والإستجواب.

*أخيرًا. ما هى أبرز طموحاتكم للكويت ومستقبل المشهد السياسي في الديرة ؟

-أنا مع الكويت كعاصمة للثقافة في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بسبب ما توفر لها من كوادر إعلامية جيدة بسبب حرية الصحافة الخليجية والقدرة على التعبير، وأعتقد أن كونها قائدة الثقافة الخليجية يعطيها زخمًا للإنطلاق الفكري والثقافي في المنطقة نحو العراق وحوض الشام وفي العالم العربى، فمثلاً مجلة quot;العربى quot;هى هدية الكويت للثقافة العربية، لكن الكويت قادرة على أن تكون قائدة للخليج فكريًا.