- ما حكاية مقالة (اتاوات وليست تبرعات)؟
- وزارة الاعلام تحججت بصورة أم ترضع طفلها لتتهم جريدة بالاباحية وتوقف صدورها
قد تحيد بعض كتب نقل الوقائع والأحداث عن المسار الموضوعي ويطلق الكاتب الحرية لمشاعره علي حساب الموضوعية،
إلا ان الدكتور الصحفي هاشم حسن في هذه الاستذكارات الواقعية الخطيرة يتحرك بموضوعية الصحفي الذي لا يقول (أنا فعلت)،
بل بكل تواضع يقول سمعت وشاهدت..
وما يرويه هاشم حسن في هذا الكتاب (قال لي ابن الرئيس) شهادة مروعة عن بلد سحق فيه القانون بأحذية مسؤوليه
لينقاد ويقاد إلي الكارثة المهولةالحالية والمنتظرة. وفي تفاصيل سلوكيات عدي صدام حسين يقربنا هاشم حسن من الحقيقة بموضوعية منضبطة لنتعرف علي شذوذ (شخص) يعتقد أن جميع أبناء بلاد النهرين خدم لديه، وتلك وحدها تجعله مصاباً بمرض
خارج حدود التصنيف الطبي والاجتماعي.
في هذا الكتاب رحلة مروعة عاشها الكاتب ونقلها بحاسة صحفية ماهرة، تجعلنا في أقرب صورة لما أصاب شعب بلاد النهرين.
توقف بابل عن الصدور
لماذا توقفت بابل عن الصدور علي مدي أربعة أيام متتالية؟؟ لماذا تحتجب صحيفة وطنية عن الصدور وهي المفوضة من الشعب عبر استفتاء تاريخي لممثلي الشعب كان عنوانه ثقة من المواطنين ومبعث اعتزاز من هيئة التحرير؟
ومثلما دهش المواطن دهشنا في هيئة التحرير، ذلك ان (بابل) ومنذ ولادتها اختطت نهجا عرف بالمصداقية والدقة والتزام خندق الوطن والثورة والقائد والجماهير.. وتلك صفة لاندعيها بل تشهد بها الغالبية من القراء..
واليوم.. إذ تستأنف (بابل) صدورها علي بركة الله، نعرض حكاية (قرار) غلق جريدة (بابل) لأربعة أيام كما هي بتفاصيلها وملابساتها وبالوثائق ولكي يجد لسؤاله ودهشته مخرجا يضعه في كامل الصورة وبذات الوضوح الذي درجنا عليه هنا في (بابل) الجريدة منذ العدد الأول.
كتاب الإنذار
تلقينا إنذاراً من وزارة الثقافة والإعلام يحمل العدد 1/7/1/108 في 7/8/1996 بسبب نشر مقالتين إحداهما علي الصفحة الأخيرة وفي زاوية (فوق الخط الأحمر) بتاريخ 4/8/1996 بعنوان (وداعا للقلم وداعا للسلاح) ومعلوم للقراء وللوزارة ذاتها ان هذا الباب وغيره من الأبواب المتخصصة بشكاوي المواطنين إنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها وكثيراً ما طالبتنا الدوائر الرسمية وشبه الرسمية بمعلومات تفصيلية عن فحوي الشكوي أو المقالة لكي يتسني للجهة المسؤولة التحقق من صحة المعلومات المنشورة وبالتالي معاقبة الجهة المقصرة وإعطاء كل ذي حق حقه والشواهد كثيرة في هذا المجال بدءاً من المتابعة اليومية لديوان الرئاسة الموقر ورئاسة مجلس الوزراء ونزولا إلي اصغر دائرة من دوائر الدولة مستندين في ذلك إلي النهج الذي أرسي دعائمه السيد الرئيس القائد حفظه الله ورعاه وتأكيد سيادته نرجو ان لا تملوا من شكاوي المواطنين لأن المواطن الذي لا يجد أحداً يشكو همومه إليه يفتش عن وسائل أخري للتخلص من الحالة التي هو فيها.. لكن وزارة الثقافة والإعلام بدلاً من ولوج النهج المسؤول في تقصي الحقائق والطلب من صاحب الشكوي توضيح الأمور لجأت إلي (معاقبة) (بابل) لأنها فتحت صدرها دائما للشاكين..
أما المقال الثاني الذي أنذرت بابل بسبب نشره في يوم 7/8/1996والذي كان بمثابة دعوة موجهة إلي وزارة الثقافة والإعلام لإعادة النظر في قرارها بإيقاف صدور مجلة (المصور العربي) فقد كتبه أحد الكتاب.
لقد تضمن كتاب الإنذار الموجه إلينا بخصوص إغلاق مجلة المصور العربي تناقضا كبيرا بين مضمون قرار الغلق وبين ما ذهبت إليه الوزارة من ان المجلة تحولت إلي جريدة سياسية عامة نصف شهرية ومخالفة بذلك قانون المطبوعات والالتزام بالأعراف الصحفية المعتادة.
في حين كان سبب غلق المجلة وفق كتاب الوزارة المرقم 718 في 13/7/1996 ان المجلة نشرت في العدد 32 الصادر في تموز (يوليو) 1996 صورة لامرأة عارية الصدر وعليه تقرر إيقاف صدورها نهائياً!!
ويعلم القراء جيدا ان الصورة المنشورة هي لأم ترضع طفلها النائم بجانبها وتمتلئ الشوارع والمستشفيات والمدارس والدوائر بصور الأمهات اللواتي يرضعن أطفالهن لتشجيع الرضاعة الطبيعية بدلا من الصناعية.
في يوم 10/8/1996 فاجأتنا وزارة الثقافة والإعلام بكتابها ذي الرقم 107 الذي أوقفت بموجبه صدور الجريدة لمدة أربعة أيام مخالفة بذلك دستور البلاد الذي ينص في مادته السادسة والعشرين علي ما يلي: يكفل الدستور حرية الرأي والنشر وتعمل الدولة علي توفير الأسباب اللازمة لممارسة هذه الحريات التي تنسجم مع خط الثورة القومي التقدمي.. ولكن بماذا تذرعت الوزارة لاتخاذ قرارها الغريب!
1ــ بعدم نشر جريدة (بابل) الإنذار الموجه إليها في 7/8/1996 والذي أوضحنا في أعلاه التناقضات الكبيرة التي ذهب إليها ذلك الإنذار.
2ــ نشر المقالات التي تتعارض واحكام قانون المطبوعات.. وآخرها المقال المنشور في الصفحة الأولي من عدد الجريدة الصادر بتاريخ 10/8/1996 تحت عنوان (إتاوات.. وليس تبرعات ) والذي تضمن تهكماً علي الدولة وإجراءاتها حسب تعبير الوزارة.
لقد أشار مقال (إتاوات.. وليس تبرعات) إلي صور الجهاد العراقي وحرص المواطن علي توفير مستلزمات الحياة الكريمة لعائلته في زمن الحصار الظالم.. وأظهر العديد من النماذج التي وصفها بأنها ملحمة جهادية من اجل البقاء لا مثيل لها في تاريخ الشعوب.
ولا نعتقد ان هذه العبارة تحمل أي نوع من التهكم!!
وفي خاتمة المقال ذكر كاتبه مشاهد يومية من ظواهر الابتزاز التي تقوم بها شلة من المتعهدين في الكراجات والمنحرفين من موظفي الصحة والبلديات وبعض الذين نصبوا أنفسهم حراسا في الشوارع والأزقة لجباية الأموال من الباعة وحتي المتسولين، وظهر أيضاً من يمثل شركات أو متعهدي التنظيف ويعلم الناس كم من الأشخاص يطرقون أبوابهم لجمع التبرعات تحت مختلفة التسميات..
والعديد من الدوائر لا تمرر المعاملات الرسمية بدون ان يدفع المواطن ثمن تذكرة لفلم وثائقي أو لطبع تقويم أو ما شابه ذلك مما له أول وليس له آخر.
لقد طالب المقال بأن تحارب الجهات المختصة وهي جهات الدولة بالتأكيد هؤلاء الذين يبتزون المواطن البسيط ويحاولون النيل من جهاده في هذه المرحلة الحرجة. وهذه الدعوة ليست تهكما من إجراءات الدولة لأن أبطال هذه الظواهر المدانة من المنحرفين والخارجين علي القانون، وان من يتبني موقف السكوت عليهم وعدم التشهير بهم هو إما شريك لهم أو شيطان أخرس..
ولأهمية المطبوع الدوري السياسي اليومي أو الذي يصدر أكثر من مرة واحدة في الأسبوع والتزام القيادة بمكانة هذا المطبوع في المجتمع أفردت له مكانة خاصة في قانون المطبوعات النافذ رقم 206 لسنة 1968 حيث جاء في المادة السابعة والعشرين ما نصه:
1ــ يكون إلغاء إجازة المطبوع الدوري السنوي اليومي أو الذي يصدر اكثر من مرة واحدة في الأسبوع باقتراح من الوزير وقرار من مجلس الوزراء يصادق عليه مجلس قيادة الثورة.
أما إيقاف المطبوع لمدة مؤقتة فأنه لا يتم إلا بقرار من الوزير وفقا للمادة الثالثة والعشرين من قانون المطبوعات.. ولكن قرار إيقاف صدور جريدة بابل جاء يحمل توقيع مدير عام دائرة الإعلام وكالة في الوقت الذي كان فيه وزير الثقافة والإعلام داخل القطر وليس خارجه.