في ذكري اللقاء الخليجي السنوي نعتقد بأنه لا يوجد حاجة لكي نكرر تحاليلنا كل سنة وفي نفس الموضوع الذي هو اصلا محلك سر منذ ما يقارب ربع قرن من الزمن، منذ انشاء مجلس التعاون الخليجي عام 1981م.
ولكن سوف نقوم بعرض مقارنة مع العالم بين التقارب الذي حدث للكتل العالمية الضخمة، والوضع الذي يوجد عليه دول مجلس التعاون الخليجي.
اولا: كان املنا ان تحدث فيدرالية او كونفدرالية خليجية، وللأسف هذا لم يحدث عندنا، وعدد سكان مواطني الخليج لا يزيدون علي 15 مليون نسمة، واوروبا تحت مظلة الاتحاد الاوروبي، وباجماع ما يقارب من 25 دولة اوروبية، وبما يقارب من 450 مليون نسمة، اقتربوا من تشكيل دولة فيدرالية اوروبية!.
ثانيا: كنا نتمني ان تفتح دول الخليج الست الحدود فيما بينها، وهذا للاسف لم يحدث، بل وفي المقابل احضرت بعض الدول الخليجية آخر ما توصلت اليه التكنولوجيا من الاشعة السينية وغيره لتدقيق عبور المواطنين والمقيمين من دولة خليجية الي اخري. اما في اوروبا فقد فتحت بالفعل معظم دول اوروبا الحدود فيما بينها.
ثالثا: تمنينا ان تتحد العملات الخليجية التي تنفق معظمها اموالا مقابل الربط مع الدولار الاميركي المنهار، والي الآن لم تتحد العملات الخليجية، واتحدت عملات كانت تعتبر عملات رئيسية في السوق الدولية مثل: الفرنك الفرنسي، والمارك الالماني، وغيره من العملات الاوروبية تحت مظلة اليورو، وبقية العملات الخليجية كما هي في مرحلة التفاوض!.
رابعا: تمنينا ان يحدث تنسيق ما بين النظام الاقليمي، ونقصد دول مجلس التعاون الخليجي، وجمهورية العراق، والجمهورية الاسلامية الايرانية. فالنتيجة: في عام 2003م انقسم الخليج الي ثلاثة انواع: منطقة تحت الحماية الاميركية، ومنطقة محتلة اميركيا، ومنطقة مهددة اميركيا. ومقابل ذلك نجد دول الاتحاد الاوروبي تبحث عن آلية لانشاء جيش اوروبي قوامه 100 الف مقاتل للتدخل السريع، في حالة الطواريء، وكذلك تبحث اوروبا للتخلص من كثير من قيود الناتو، وذلك لان الناتو تحت المظلة الاميركية، والتخلص من الناتو بالنسبة للاوروبيين يعني تخفيض التدخلات الاميركية في المجال الاوروبي!.
اخيرا: بالنسبة لنا كخليجيين كنا نفتخر بأي تقارب خليجي حتي لو تم ما بين دولتين خليجيتين، ومن هذه الامثلة: طيران الخليج كان قبل فترة تطبيق نظام العولمة الاقتصادية عالميا، كان طيران الخليج يمثل نموذجا اقليميا مصغرا للعولمة تحت مفهوم الشركات المتعددة الجنسية، وكانت الدول المالكة لهذه الشركة ابوظبي والبحرين وعمان وقطر، وفكرة طيران الخليج كانت ممتازة رغم السلبيات الكثيرة المسجلة ضد الشركات! وكان بدلا من الانفكاك عن طيران الخليج في عصر العولمة الذي تتحد فيه شركات عملاقة، كان من المفترض البحث عن آلية عصرية لتطوير طيران الخليج، بدلا من الانشقاق علي طيران الخليج وعمل شركات قُطرية خليجية صغيرة مثل: الاماراتية والعمانية والقطرية.. الخ. واصبحت بعض هذه الشركات نظريا تخدم مساحة لا تتعدي بضعة آلاف من الكيلو مترات المربعة، ومواطنين عددهم ما بين 200 الي 100 الف نسمة. ونقول ذلك رغم ان بعض الشركات الخليجية القُطرية استطاعت ان تحقق بعض النجاحات مثل الخطوط الجوية القطرية، فقرأنا عنها في (october. 1st:2003 herald tribune) فاستراتيجية الخطوط القطرية في فترة يعاني منها الطيران العالمي من الركود، جعلها تحقق الكثير من النجاحات فمثلا القطرية سوف تقفز عدد محطات الوصول من 39 محطة الي 50 محطة عام 2005م، وذلك لأنها لم تعتمد علي السوق القطري وانما نظرتها عالمية وفوق عالمية!
ونحن نري رغم النجاحات التي تحققها القطرية او، الاماراتية او العمانية، فنعتقد بأنه سيكون وضع شركات الطيران الخليجية افضل بكثير في مرحلة الاندماج، لانها سوف تواجه منافسة دولية قوية جدا مستقبلا.
ونحن لم نأت بشيء جديد ففي بدراسة لصحيفة (Herald Tribune October: 1st. 2003) قالت بأن الشركات العالمية لكي تتجنب خسائر التسعينيات في القرن الماضي لاحظت بأن الاندماج هو افضل الحلول بالنسبة لها لمواجهة المنافسات العالمية الشرسة ومن هذه الامثلة هو الاندماج التدريجي الذي سوف يحدث ما بين Air France الطيران الفرنسي و(klm) والهولندية وكان المحللون يرون ان من نتائج اندماج هاتين الشركتين الكبيرتين سيكون كالتالي: (1) سوف تكون الشركة المندمجة اكبر شركة اوروبية، وثالث اكبر شركة في العالم (2) هذا الاندماج سيعالج خسائر الشركتين اعلاه في التسعينيات من القرن الماضي، وبالفعل فبمجرد توقيع العقد ما بين الشركتين، قفزت قيمة اسهم الشركة الهولندية بزيادة تصل الي اكثر من 20%، (3) والاغرب من ذلك بأن الشركتين اعلاه ينظران الي ادخال شركات اكثر في هذا الاندماج، فبمجرد توقيع العقد فيما بينهما اعلنوا عن اتفاقية تعاون فيما بينهم وبين الايطالية (4) المطارات المركزية الموجودة في قارة اوروبا هي: لندن وباريس وفرانكفورت وامستردام، بحيث يستقبلون 54% من مجموع حركة الطيران من والي وفي اوروبا وسوف تكون مطارات باريس وامستردام اي 50% من اهم مطارات اوروبا منطقة امتياز للشركتين المندمجتين، وذلك سوف يعطيها سيطرة كبيرة علي فضاء ال 25 دولة في الاتحاد الاوروبي في عام 2004م ويعطيها قوة تفاوض مع الشركات العالمية لكي يحصلوا علي نسبة كبيرة من النقل والشحن الجوي العالمي (5) بعد توقيع العقد ما بين الشركتين المندمجتين كان التصور بأن يكون عدد الركاب ما يقارب 60 مليون نسمة سنويا وعائدات الشحن ما تقارب 6ر2 مليار دولار سنويا.
اذن بالنسبة لنا كخليجيين هل نستطيع استيعاب الدرس اعلاه؟: الخلاصة الفيدرالية الخليجية المباشرة نعتقد بأنها ستكون صعبة اذا لم نوفر لها الآليات المناسبة مثل: سياسة السوق الخليجية الموحدة التي صادق عليها حكام الخليج في قمة الدوحة العام الماضي وعلينا الاسراع في تطبيقها، ومحاولة ايجاد آلية لتعجيل توحيد العملة الخليجية، ومحاولة الغاء مراكز الحدود البرية، وعدم استخدام الهوية للعبور من مجال خليجي لآخر سواء كان جويا او بحريا او بريا الا للاشخاص القادمين من خارج دول المجلس، ومحاولة توحيد السياسة الخارجية وايجاد آلية امنية موحدة ومحاولة ايجاد آلية لتوحيد معظم اذا لم تكن جميع المجالات الثقافية، وكذلك الاهتمام الكبير بالنواحي الشبابية مثل توحيد المنتخبات الرياضية بدلا من الصراع علي المباريات القُطرية الخليجية الدولية، كان من المفترض ان توجد منتجات خليجية موحدة تمثل ابناء المجلس في جميع المحافل، ونختتم قائلين نعتقد بأنه اذا استطعنا ان نحقق المذكور فالخطوة التالية من الممكن ان تكون دولة خليجية فيدرالية واحدة!