منذ سقوط بغداد في التاسع من نيسان 2003، أي منذ أكثر من عامين و لحد اللحظة. يتعرض المدنيون العراقيون و بصورة مستمرة و شبه يومية لهجمات و أعتداءات، أودت بحياة عشرات بل مئات الالاف بين قتيل و جريح و مشرد و سجين و رهينة، و دمرت ما بقي من البنية التحتية للدواة العراقية. حيث تقدر الخسائر الاقتصادية التي لحقت بالعراق جراء أعمال العنف التي يشهدها منذ سقوط الصنم، بمليارات الدولارات، بين تفجير أنابيب و محطات تصفية البترول والتي تؤدي الى حرق و هدر مئات الالاف من براميل النفط، و بين العمليات الانتحارية والقصف التي تستهدف المنازل و المحال التجارية و المصانع و غيرها. بالأضافة الى بقاء الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي في حالة من الحرمان يرثى لها، فبينما يرقد الشعب العراقي فوق أرض تحوي في باطنها على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، نجد المواطن العراقي العادي لا يجد ما يكفي من الوقود في الشتاء لتدفئة منزله أو لملئ خزان سيارته و لا يحظى بفرصة الحصول على ماء صالح للشرب، و حتى في كوردستان (شمال العراق) ورغم أن هناك حكومة منذ أكثر من 13 سنة، و أذكر على سبيل المثال محافظة دهوك كونها أئمن محافظة في العراق، حيث لم تحدث فيها معارك و لا إضطرابات منذ إنتفاظة 1991، و لكن لحد الان سكانها يحلمون بوصول التيار الكهربائي، و نصف سكانها لا يتوفر في منازلهم ماء صالح للشرب!
وهذه الهجمات و الاعتداءات تأتي من جهات و مصادر عدة، فمنها الخارجية و على رأسها العرب الوافدون من خارج العراق بذريعة الجهاد و مقاومة الأحتلال الأمريكي، الذي بدوره يمثل تهديدآ لم يسلم المدنيون العراقيون من هجماتهم و مداهماتهم المتكررة لمنازلهم و مدنهم بحثآ عن هااربين و مطلوبيين.
ومنها الداخلية، فبدايةً و بينما كانت ميليشيا جيش المهدي تقاتل الأمريكيين المحررين والقوات العراقية، رافضة التواجد الأمريكي و وصاية مجلس الحكم و مكبدةً العراقيين خسائر في الأرواح و الأموال. كان زعيمها ومؤسسها مقتدى الصدر يصدر قراراته بإعدام العشرات من المدنيين في محكمته الخاصة التي أعطاها هو شرعيتها، دون إعطائهم فرصة الدفاع عن أنفسهم.
ثم جاء دور التنظيمات السنية حيث تنشط العمليات الأرهابية و المعادية للحكومة في مناطقهم و هم أكثرهم من المسستتفيدين من الحكومة السابقة و الذين كلما مر يوم تتضح علاقتهم أكثر فأكثر بالأرهابييين و أعداء الحكومة العراقية. للأنه في كل مرة يؤكدون و على لسان مسؤليهم أن الوضع في العراق لن يستقر أذا ظل السنة (كما يقولون) مهمشين!.
أما الحكومة العراقية متمثلة بمجلس الحكم و الحكومة المؤقتة و حتى الحكومة الحالية. فأن لها حصة الأسد في توفير أسباب معاناة العراقيين، لأنها المسؤلة الأولى عن أمن و سلامة المواطنين. حيث فشلت لحد الآن من الحد من هذه المعاناة بل و ان لأعظاء و قيادات هامة في الحكومة دور سلبي في هذه المسألة، فمثلآ في فترة من الفترات و بصورة مستمرة كانت قوافل الحرس الوطني تتعرض لهجمات الأرهابيين و يتم تصفيتهم. حيث تبين فيما بعد أن رئيس هيئة الأركان العراقية السابق كان على صلة بالأرهابيين و يزودهم بالمعلومات، مع ذلك لم تتخذ الحكومة العراقية أي إجراءات قانونية ضده و إكتفت باحالته على التقاعد و إستبداله بجنرال كوردي!.
وتكررت الحالة مع القائد العام لشرطة محافظة نينوى ثاني أكبر المحافظات العراقية و الذي ثبت تورطه مع الأرهابيين و كان مصيره نفس مصير رئيس هيئة الأركان!.
و قبل أيام ألقت الحكومة العراقية القبض على إبن أخت الياور، بعد أن ثبت تورطه في أعمال إرهاببية و.. و.. غيرهم من المسؤلين و كبار الشخصيات في العراق.
هذا عدا ما تقوم به أحزاب و جماعات سياسية عراقية لإعطاء المجال للدول المجاورة للتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في شؤونه الداخلية. ففي الوقت الذي تحاول فيه أحزاب شيعية إشراك ايران بصورة غير مباشرة في رسم مستقبل العراق. نجد أحزاب أخرى مثل الجبهة التركمانية تدعو تركية صراحة و علنآ الى التدخل في شؤون العراق بل و تطلب منها إحتلال كوردستان (شمال العراق)!.
و حاليآ هناك في العراق العشرات من المنظمات المتشددة و الأرهابية، تتمركز أغلبيتها في المناطق السنية و بالتحديد في مدينة الحويجة القريبة من كركوك، و تقوم الحكومة العراقية يوميآ بالقاء القبض على العشرات من المطلوبين، محاولة بذلك أن تبين للمواطن العراقي أنها مهتمة بأمنه و لكنها في الوقت نفسه تقوم بالأفراج عن اخرين، رغم ثبوت التهم عليهم و ذلك لاعتبارات عدة منها: إنتماء المجرم المفرج عنه الى عشيرة ذات شأن أو طائفة كبيرة أو حزب سياسي ذا سلطة.
هنا أقول و بإختصار، ما دام كل الإرهابيين و المجرمين أحرار أو يتم تحريرهم. إذآ ولكي تكتمل الحفلة العراقية و لكي تُظهر للعالم عدالتها يجدر بالحكومة العراقية أن تطلق سراح صدام حسين أيضآ، لأنه و كما يتضح من المشهد العراقي الوحيد الراقد في السجن!!.

[email protected]
سليمان ئاليخان- ألمانيا