أهلا بالقادم الجديد، الذي لا أعرف ما التسمية التي تليق به، لكن هل نطلق عليه عام التفاؤل؟.
بداية، دعونا نحاول، ولنا شرف المحاولة دائما، مفردات الإصلاح والحوار وحرية الرأي ودور المرأة والاهتمام بالشأن العام في بلادنا العربية باتت كثيرة مما يبشر بالخير ويعكس جوا من الطمأنينة والانفتاح والتطور الذي سيدق الأبواب بكل قوة حسبما تميل المؤشرات على اقل تقدير.
لكن لا أخفيكم سرا، أنا شخصيا لا أحب الكلمات الفضفاضة، وأكره النفاق أيضا فكل تلك المصطلحات للاستهلاك العام ولا أحد يطبقها على الأرض، بل جاءتنا مستوردة مثل السردين من الخارج حيث يرددها البعض دون أن يعي معناها أصلا، وكأننا في عصر quot;التكرارquot; إذ جازت التسمية، نحب نحن العرب تكرار الأشياء، والتكرار شيء مقيت، تخيل لو أنك استضفت قردا من الغابة إلى البيت على افتراض أنك ستدربه على أن يعيش في تعاون معك ومع الآخرين، ولكن بعد فترة سيلاحظ الجميع مشكلة حيث أن القرد لا يتعلم شيئا، بل كل ما سيتعلمه هو تكرار الأشياء.
إذا، دعونا نسميه عام اليأس، لما يعتري الجميع من تدهور بالأوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية، ولا ننسى الأوضاع الاقتصادية، كيف ننساها والأسعار متصاعدة مثل الصاروخ وكيلو البندورة بالشيء الفلاني، كيف لا نسميه عام اليأس ونحن نكاد لا نرى في افقه إلا سحابات داكنة، وحشداً من إشارات التوجس والقلق؟.
لكن لماذا نتثاقل على العام الجديد، ونحن لا نعرف ربما يفعلها ويكون جميلا، فكل شيء جائز يا جماعة، فربما تعود المياه لمجاريها، وتعم الأفراح والليالي الملاح، كما أننا لا يمكننا أن نحكم على المستقبل، فالقادم في علم الغيب.
لكن صدقا أنا متشائم، ومن حقي أن اشعر بما أشاء ما دام الإحساس ما زال مجانيا حتى هذه اللحظة، حيث لا شيء يدل على بصيص أمل، فالأحداث التي مرت في العالم وتحديد في منطقتنا خلال العام المنصرم قد جعلت الأكثرية الساحقة من الناس ضحية لجحافل اليأس الصحيحة والمفتعلة، حرب في العراق، اغتيالات في لبنان الشقيق، انفجارات في عمان، في القاهرة في شرم الشيخ، في كل مكان، هنا أو هناك..لا فرق.
لكن كل شيء مرتبط في اللحظة الآتية، لماذا التشاؤم..؟ قال صديقي.
- يا عمي أنتي بدك تزيد همي، الوضع متدهور، وزي ما أنت شايف، quot;طاسة وضايعةquot;.
قال صديقي: أنت محتار ماذا تطلق على العام الجديد، مرة تقول عنه عام التفاؤل، ومرة عام اليأس، ومرة أخرى عام التشاؤم، سميه عام الفيل وخلص حالك يا أخينا.
ضحكت من قحف المأساة، لما لا نسميه اذا quot;عام الفجارquot;- العام الذي وقعت فيه معركة بين بعض قبائل الجزيرة العربية-، أو عام quot;الرمادةquot;- الذي حصل فيه مجاعات وهلاك، أو quot;عام الجماعةquot;- الذي حقنت فيه الدماء بعد تصالح الإمام الحسن بن علي مع معاوية بن أبي سفيان، أو عام النكسة أو عام النكبة..وهلم جرا.
قال: لكن هل تعرف ماذا يسميه ارييل شارون؟.
وما دخل شارون بالعام الجديد؟: تساءلت.
ابتسم ابتسامة صفراء، وقال: quot;عام الحسمquot;.
لم يعجبني وضعه ولا تسميته حتى، فتابعت: حتى هذا الاسم مسروق، فعام الحسم هو العام الذي تحدث عنه الرئيس المصري الراحل أنور السادات في أول السبعينيات، وأضفت: شارون quot;سراقquot; فحتى اسم حزبه الجديد quot;كاديماquot; هو اسم للحزب الفاشي الذي كان يتزعمه موساليني.
قال: لا يهم الأسماء فهي سجون وأنا خارج هذا السجن، وتابع: أنتَ كتاباتك دائما متشائلة وبتّسم البدن.
هنا وقف الحديث بيننا، وكأننا ثورين quot;نتناطحquot;، قلت: اكتب هكذا لأني أرفض التخدير حتى أرى الحجم الحقيقي للجرح ولا أوهم نفسي وأوهم الآخرين بسعادة مزيفة، وأضفت: لو اقترضنا، أنا شارون أراد أن يكون 2006 هو عام الحسم، ماذا اعدّ العرب لهذا الأمر؟.
قال صديقي: اعدوا خطابا موحدا، وفتحوا الحدود، وقاموا بإلغاء جميع الخطوط الوهمية، وحققوا على أرض الواقع quot;بلاد العرب أوطاني من الشام لبغداديquot;، وشنوا حملة إصلاحات داخلية شاملة على قاعدة quot;من أين لك هذا؟quot;، وتحسبا من سنين عجاف قاموا بالاهتمام بالزراعة، وبات المحزون يكفي لسبعة أعوام ونيف، وسيحسمون الموضوع حسما مع شارون قريبا.
خلف خلف
[email protected]
التعليقات