عنوان لرواية أدبية شهيرة بقلم فتحى غانم تم تحويلها إلى فيلم سينمائى بذات الاسم وكذلك اقتباس فكرتها فى أكثر من عمل فنى... وتدور الفكرة الأساسية حول الانسان الذى يتنكر لشئ ما فى ماضيه استمر عليه لفترة طويلة (فكرة أو مبدأ أو عمل) ثم فجأة ينقلب على كل ذلك ويفقد ظله (عمله أو فكره أو مبدأه) الذى لازمه طوال حياته.
وفى الحقيقة فإن تلك الظاهرة متكررة وشائعة على المستوى السياسى فى عالمنا العربى الذى يتميز دائما بالعجائب... ويحتار المرء فى تفسيرها فهل هى مثال للفئران الهاربة من السفينة الغارقة أم هى صفة فى الشخص ذاته ملازمة له ومصاحبة لمسيرته وبدون ذكر أسماء سنكتفى بالمثال الأخير.
فلم يكن حديث السيد عبد الحليم خدام(نائب الرئيس السورى ووزير الخارجية السابق ومهندس السياسة السورية لأكثر من 30 عاما) الأخير إلا مثالا لذلك وبالرغم من حدوث مثل هذه الاختلافات ndash;بدرجة ما- فى الغرب فقد يختلف مسئول رئاسى أو وزير مع النظام الحاكم ولكنه فى كل الأحوال لا ينقلب رأسا على عقب بل يشرح ويفسر للرأى العام أسباب هذا الاختلاف وما الذى أدى اليه وكيف واجهه ويقدم المستندات التى تؤكد ما يقول وتحترم المواطن فى المقام الأول....
أما فى عالمنا العربى فلا يحتاج الأمر لأكثر من مقابلة صحفية أو فضائية مع بعض العبارات الإنشائية والجمل البلاغية لينقلب المسئول إلى ملاك قادم من السماء برئ من كل الأخطاء والآثام والذنوب والشرور التى ارتكبها نظامه ويزيد أيضا أنه حاول الاصلاح والنصح ولكن لم يستمع إليه.... وإن كان هؤلاء ملائكة فأين هم الشياطين؟؟
وبعيدا عما أثاره حديث السيد خدام من انقسام فى الرأى العام العربى بين من فرح ورقص مستشهدا بحديثه على صواب رأيه وبين من رفضه وأنكره واتهمه بالغش والخداع بل وبالخيانه العظمى كما سمعنا بالأمس ففى الحقيقة أن المواطن العربى البسيط لم يعد يهتم كثيرا بكل هذه الاختلافات التى لاتسمن ولا تغنى ولم يعد يعنيه فى قليل أو كثير أن يكون السيد خدام صادقا أو كاذبا فإن كان صادقا فذلك دليل فساد نظام من الأنظمة العربية الفاسدة جميعها وإن كان كاذبا فهذا هو مستوى مسئولينا العرب وحكامنا الذين يتحكمون فى شعوبهم ويقودونهم... فأى فائدة تعود على المواطن العربى من هذا الحديث؟؟؟
أعتقد جازما ndash;لأول مرة- أن الفائدة الوحيدة لهذا الحديث هى فقدان ثقة المواطن العربى تماما فى مسؤوليه وحكامه الحاليين والسابقين فهل هذا ما كان يسعى إليه السيد خدام ولمصلحة من يفقد المواطن ثقته تماما (هى الآن مفقودة بنسبة 90%) فى حكامه وإن فقدها فلمن يلجأ؟؟ هل يلجأ للحاكم الأجنبى مثلا....؟؟
أخشى أن تكون الإجابة هى الدعوة إلى ذلك الحاكم ليأتى إلينا فهو بالتأكيد أفضل من حكامنا العرب........ فهل هذا هو المقصود والمطلوب؟؟؟
د. محمد لطفى
كاتب وطبيب مصرى
[email protected]
التعليقات