لغة ليست بالجديدة تنتهجها صحافتنا المأخوذة ببريق الأضواء المسلطة على الاقليات الدينية و بخاصة اليهودية في العالم، من تكبير كل ما هو صغير لا يقاس من اعتداءات تجاه هذه الاقليات، و تصغير كل الشنائع و الفضائع التي يقوم بها صهاينة اليهود في فلسطين، فسياسة إغضاء الطرف و التهويل هذه لم تصل لمستوى القيادات دون المرور بمن يفترض بهم نطق الحقيقة كل الحقيقة و لا شيء غير الحقيقة، الصحفيين.

على صفحات إيلاف استوقفني اكثر من مرة خبر بقلم احمد عبد العزيز من موسكو بتاريخ11/4/2005، لأعيد قراءته ثلاث أو أربع مرات بحثا عن مبرر واحدا فقط يستحق هذه العنونة:quot; مذبحة بالمعبد اليهودي في موسكوquot;، المذبحة كما نعلمها من خلال المقارنات تأتي كمذابح المسجد الإبراهيمي و صبرا و شاتيلا و قبيه و دير ياسين و مخيم جنين، تأتي بالقتل حتى الموت ضد مواطنين عزل، و يكون ضحيتها عدد كبير من الناس. فالكلمة ذبح تختلف عن طعن و جرح، و تفيد معنى واحد هو إزهاق الروح. مفاد الخبر أن أحد حليقي الرؤوس هاجم رواد المعبد بسكين و جرح 10 أشخاص دون قتل أي فرد.

طبعا استنكر الهجمة التي نالت أبرياء في المعبد، على قدم وساق مع تمنياتي لجميع الجرحى بالتعافي، لكن هذا لا يسمح بحال بتهويل الصورة و تكبير بقعة الضوء حول اعتداء صغير لا يقارن بجرائم الاحتلال ضد الشعوب المقهورة مثل الشعب العراقي أو الشيشاني أو البوسني، و خاصة الشعب الفلسطيني. فلماذا هذه تدعى بمجزرة، مع أن أحدا لم يلق حتفه فيها، بينما اعتداءات الاحتلال اليومية ضدهم بشهدائها لا تدعى مجازر! في ذات اليوم الذي يقتل فيه طلبة سودانيون في روسيا لم نرى كاتبنا المغوار ولا غيره قد نقل خبرا واحدا عن الحادثة!.

لكن هذا الخبر يراد تكبيره على شاكلة نماذج سابقة لم يغفل قادة الجماعات اليهودية عن ابتداعها ولا عن استغلالها إن هي وقعت دون تدبير منهم، فعلى اثر الهجوم على أحد أفراد الطائفة اليهودية في أوكرانيا في 30/8/2005 يعد يوشينكو بمكافحة العنصرية مطالبا كل الجهات المسؤولة ببذل جهودها لتلافي تكرار هذه الحادثة، فيما لم يقتل هذا الطالب البالغ من العمر 32 عام! وسائل الإعلام العربية كعادتها اجترت هذا الخبر لتكبر و تعبر اكثر من اللازم، مقدسة اليهودية و اتباعها فيما لا حرمة للغوييم!


و هذا الكيد لا يستوقف أحدا برغم افتضاحه، مثل من نراهم على شاشات الكذب بصورة انتحاريين يحملون القرآن معهم، و كأنما الضحية في حلقة تحفيظ قرآن! فيما المقصود من ابراز القرآن الى جانب الضحية هو تبرير سبب اغتياله و وصما للدين الإسلامي و الكتاب الكريم بالإرهاب، يتكرر هذا المشهد دون أن نقرأ كلمة حق من كتبتنا، بل تقوم الدنيا ولا تقعد بشأن المناهج التعليمية و إصلاحها!!!

هل لاحظتم الخبر المنشور بتاريخ 4/10/2005 الذي ينسب إلى الطالب جويل هينري هينريشس من جامعة اوكلاهوما، بتفجير نفسه خارج ملعب رياضي، في حين تدعي السلطات الأمنية هناك عثورها على ملفات جهادية إلى جانب الجثة!، و كأنما يحتاج من يريد الجهاد إلى دليل، و كأنما الجهاد كله قتل، و المسلمون وحدهم انتحاريون و جميع العالم ضحايا!

و تلفيق الاتهامات للعرب و المسلمين أو الملونين ليست بالجرائم و لا بالمجازر رغم فعلها المحرض على الكراهية، و التي نالت من برازيلي مسيحي في لندن، و مغربي مسلم في اوتاوا، و على يد الشرطة نفسها!. في 16/7/2005 تشتبه شرطة كاليفورنيا باثنين من الشباب و تلقي القبض عليهما بتهم التخطيط لصرب أهداف اسرائيلية، ليتبين أن أحدهما أمريكي سارق سابق لمحطة وقود؛ و الآخر إسرائيلي الجنسية، فتنبري أمه الرؤوم للدفاع عنه بخبث، ناسبة له حداثة اعتناقه للإسلام! يعني دخوله المزعوم للإسلام أهله للإجرام! ولا من يتصدى، صمت مدقع و كأن الجميع شركاء في المؤامرة.

و في الارجنتين ينقل عن الشرطة هناك بتاريخ 22/9/2005 أنها اكتشفت خزانة في محطة للحافلات في بوينس إيرس تحتوى على قنابل يدوية قديمة ونسخة من المصحف الشريف إضافة لأربع تمرات وغطاء للرأس، لتعلل السلطات الأمر بكونه مزحة سمجه، فهل التحريض على الأديان و معتنقيها مزحة لو وجدت متعلقات يهودية، و أين كتابنا المغاوير!.


ختاما اذكر حصفاء الصحافة العربية بأن محاباة الغرب المحكوم للصهيونية و التودد له من قبل البعض منا بعلم أو بجهل!، لا يغير شيء من واقع نظرته الواحدة المتساوية لنا جميعا، فلا اختلاف عنده بين مسيحي شرقي و مسلم، و لا يفرق بين كردي ولا يزيدي، و لا بين قومي عربي أو متصهين، طالما بشرتك ملونة، أو كان اسمك و ثقافتك مشرقيان ستبقى هدفا مشروعا للقتل لديهم، و لن يتغير شيء مادام الشرق شرق، والغرب غرب، إلا إذا......... احترمنا أنفسنا و قدسنا وحدتنا.

محمد ملكاوي
باحث مستقل
[email protected]