صعقت وأنا أرى بأم عيني الجنود وبنادقهم في أيديهم يتفرجون على شاحنة كبيرة تحمل أكثر من 20 طناً من الأتربة تفرغها على طريق المطار فتغلقه تماماً. هذا لا يعني أقل من أن الأوامر المعطاة للجنود تقضي بالسماح بإغلاق الطريق العامة إلى المطار، كما لا يعني إلا أن الضابط الذي أمر بذلك هو عدو للشعب تلزم محاكمته بتهمة الخيانة. وما يؤكد مثل هذا التواطئ هو أن ما يسمى بالمعارضة تحتج بأعلى صوتها لأن أحزاب السلطة ـ وهم يعنون بالتحديد القوات اللبنانية ـ سبقت الجيش في الإعتراض على قطع الطرقات.

التواطئ في إغلاق الطرق من جانب قيادة الجيش لم يكن أبداً بسبب تأييدها للبرنامج السياسي الذي تتبناه المعارضة إذ ليس لدى المعارضة أي برنامج سياسي تتبناه عدا عن إلتحاق لبنان بالمحور الإيراني ـ السوري وعون في سدة الرئاسة. اتخذت قيادة الجيش مثل هذا الموقف المشين لأنها رأت بكل وضوح قادة تحالف 14 آذار تصطك أسنانهم وركبهم هلعاً ورعباً من عدوانية وبطش عصابات حزب الله والمخابرات السورية. جماهير الشعب وهي صاحبة المصالح الحقيقية في الحكم تتحول عن ولاءاتها حين ترى قيادتها ليست على قدر المسؤولية. ففي مثل هذا اليوم الطويل لم يبرز من قادة 14 آذار سوى الحكيم. قواعد القوات اللبنانية وحدها هي التي تعرضت بقوة لقاطعي الطرق ولحارقي بيروت والمدن اللبنانية الأخرى، وهي التي فضحت تواطئ الجيش اللبناني وأرغمته بالتالي على تدارك الفضيحة والقيام بفتح بعض الطرقات.

الشعب اللبناني اليوم مدين للحكيم وعلى كافة فصائل الأغلبية أن تسلم القيادة لشخص الحكيم. غير أن تحالف 14 آذار، حتى والحكيم في موقع القيادة لن تستعيد ثقة الشعب طالما أن موقفها لا يشي إلا بالميوعة والتهالك، طالما أنه يتوسل مشاركته الحكم من قبل حزب الله وحركة أمل ومن الجنرال أيضاً!!

حزب الله نفسه لا ينكر بأنه جيب إيراني يتمول من الخزينة الإيرانية ويتسلح من الحرس الثوري الإيراني. فأي معنى للقبول بمشاركته في السلطة؟! ليس من شك في أن وزراءه سيمثلون الخامئني والحرس الثوري في الوزارة اللبنانية. ألا يعني ذلك خيانة يقترفها فؤاد السنيورة وتحالف 14 آذار؟ ولماذا دعوة عون للمشاركة في السلطة وهو الذي أعادته المخابرات السورية لتحقيق بعض أغراضها كما أنه يجمع خلفه عشرين نائباً همّ كل واحد منهم كرسي الوزارة!! الشعب اللبناني صوّت في الإنتخابات الأخيرة ليعطي السلطة، كل السلطة، لتحالف 14 آذار وما التخلي عن السلطة أو أي جزء منها إلا خيانة للعهد مع الشعب اللبناني. السلطة ليست ملكاً لتيار المستقبل أو للحزب الإشتراكي أو للكتائب وقرنة شهوان والقوات اللبنانية ؛ السلطة هي ملك للشعب وهي في عهدة هذه الفصائل إنما ليست في تصرفهم. ما يسمى بحق المعارضة في الإشتراك بالسلطة إنما هو بدعة لم يسبق أن ابتدعها أحد خارج لبنان. يستطيع السنيورة أن يسمي أربعين وزيراً شيعياً لا ينتمون لأي من حزب الله أو حركة أمل

بعد هذا اليوم الطويل وقد ظهر فيه الغث من السمين، يترتب على تحالف 14 آذار أن يعلنوا بقوة رفضهم البات لاشتراك أي من فصائل المعارضة في الوزارة، ودعوة فريد مكاري، نائب رئيس مجلس النواب إلى الإعلان عن عقد جلسة لمجلس النواب في أقرب وقت وفي المكان المناسب ليتخذ القرارات التي تسند سلطة الحكومة وأولها تقصير ولاية إميل لحود وإقرار مشروع قانون المحكمة ذات الطابع الدولي بالإضافة إلى سحب الثقة من الوزراء المستقيلين. وعلى الحكومة أن تطلب من العماد ميشال سليمان تقديم استقالته من قيادة الجيش.

على قادة تحالف 14 آذار أن يكونوا على قدر المسؤولية وإلا سيكون حسابهم عسيراً يوم الإمتحان، يوم الإنتخابات العامة القادمة وهو قريب حتى وإن كان الخطر السوري على الأبواب.

عبد الغني مصطفى