انطلقت بعض الأصوات التي تهاجم المطربة الكبيرة فيروز اثر توجهها الى دمشق لعرض مسرحيتها الغنائية quot;صح النوم quot;هناك،مزايدين على وطنية فيروز ولبنانيتها واتهامها بأنها تغني لquot;جلادي quot;لبنان.

المضحك أن الذين يهاجمون فيروز اليوم لغنائها في دمشق،هم أنفسهم الذي غضبوا منها عندما غنت في السوليدير قبل أربع عشرة عاما واتهموها بأنها تجير صوتها quot;الوطني quot; لصالح تيار رفيق الحريري.

فيروز ظلت دائما ذلك الصوت الذي يوحد اللبنانيين الذين اختلفوا -دائما -على كل شيء واتفقوا -دائما-على صوت فيروز،فيروز عندما ذهبت الى دمشق غنت للشعب السوري العربي العريق الذواق للفن ولم تغن لجلادي لبنان كما يزعم البعض.

والذين طالبوها بتوصيل رسالة تطالب بها باطلاق سراح المسجونين نسوا أن اطلاق التصريحات ليس من هوايات فيروز ورسائلها دائما توصلها عبر مسرحياتها وأغانيها،وهو ما فعلته هذه المرة عبر هذه المسرحية التي موضوعها الأساسي مهاجمة الاستبداد.

مشكلة لبنان اليوم هو كثرة الميكروفونات والفوضى السياسية التي تشوش الرؤيا وتغيب الأصوات المثقفة المعتدلة التي تدرك مصالح لبنان،وتعرف امكانياته وحجمه،وتستوعب حقيقية أوضاعه وتتعامل مع ذلك بواقعية دون مزايدات وتخوين.

ولأوضح فكرتي لنتذكر عندما غزا صدام حسين الكويت،ومنذ البداية ولأن هناك استقرار سياسي وقيادة كويتية حكيمة يلتف حولها الكويتيون، فقد كان هناك مجالا لصفاء الرؤية وظهور صوت المثقف المعتدل،ومثلما أن قدر لبنان أن يعيش كساندوتش بين اسرائيل وسوريا،فلا أحد أيضا يستطيع أن يحمل الكويت ليطير بها بعيدا عن جارتها العراق،الكويت أدركت هذه الحقيقة من البداية وفرقت من الوهلة الأولى بين quot;القيادة العراقية quot;وبين الشعب العراقي،بين العراق كدولة جارة، وبين حزب البعث الحاكم،أما ما نراه اليوم من بعض اللبنانيين هو مهاجمة لسوريا في سلة كاملة دون تفريق بين قيادتها وبين شعبها،بل ذهب بعض اللبنانيين الى مقارنة سوريا باسرائيل بل وتفضيل الثانية ونسوا أنهم في حرب تموز حين هاجمهم الاسرائيليون وجدوا بيوت الشعب السوري مفتوحة لهم وهذا ما لن يحدث لو جاء عليهم الهجوم من الجهة الأخرى.

سيزايد المزايدون على وطنية فيروز،وسيذهب ما يزبدون جفاء وسيمكث صوت فيروز في الأرض وستظل تردد وراءه الأجيال...بحبك يالبنان يا وطني.

ريم الصالح

[email protected]