(أنا أدعوا الجماهير المصرية إلى قتل جميع الجزائريين المقيمين في مصر) كان هذا نداء تحريضي مقيت أطلقه المدعو أحمد موسى على قناة اليوم المصرية من خلال برنامج (القاهرة اليوم) الذي بث يوم الخميس التاسع عشر من هذا الشهر. هذا النداء سمعه الملايين من المصريين داخل مصر وخارجها واستقبله الملايين في الدول العربية وأوروبا وأمريكا. وكانت النتيجة الأولية هجوم المئات من البلطجية على السفارة الجزائرية في القاهرة واشتباكهم مع رجال الشرطة وتحرشات بالجزائريين في عدد من دول العالم من طرف متطرفين مصريين.

وإثر هذه التطورات الخطيرة وبصفتي جزائري أحمل الجنسية البريطانية فإنني قمت بالتنسيق مع نحو ثلاثين صحافيا وكاتبا جزائريا ndash; بريطانيا، وآخرين من مزدوجي الجنسية، للتقدم بشكوى لدى القضاء البريطاني ضد هذا الإرهابي الذي حرض صراحة على القتل والإرهاب بالصوت والصورة (الوصلة آخر المقال). والشكوى المقدمة تدخل ضمن ضرورة تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب التي اعتمدتها السلطات البريطانية في السنوات الأخيرة، كما تنوي مجموعة من المحامين تقديم شكوى في بروكسل لحث دول الإتحاد الأوروبي على ملاحقة هذا الإرهابي ومحاكمته تطبيقا لبنود ولوائح قانون مكافحة الإرهاب والتحريض على القتل والكراهية ضد الدين والعرق والجنس.

وأناشد كل الجزائريين مزدوجي الجنسية في الولايات المتحدة الأميريكية وكندا وأستراليا وجنوب إفريقيا وفي كل الدول التي تطبق قوانين مكافحة الإرهاب بتقديم شكاوى ضد هذا المعتوه حتى استصدار مذكرة من طرف البوليس الدولي (الأنتربول) لتوقيفه وتقديمه للمحاكمة وكذلك من أجل حجب (قناة اليوم) من سماء الدول المتحضرة التي تحترم نفسها.

هذا التحريض الأعمى على القتل جاء على خلفية ادعاءات بأن المشجعين الجزائريين قاموا بمهاجمة الجماهير المصرية في الخرطوم، ثم اتضح أن تلك الإدعاءات مجرد بروباغاندا مارستها سلطات القاهرة لامتصاص الغضب الجماهيري من هزيمة مصر الكروية أمام الجزائر التي افتكت منها تأشيرة التأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا، وهذا ما أكدته السلطات الأمنية والطبية السودانية والاتصالات الهاتفية التي وصلت البرنامج من عقلاء مصريين أمثال المخرج خالد يوسف قبل أن يتم قطعها.

ولن أغوص كثيرا في التفاصيل وكيف تحوّل مُشرف سابق على صفحة الحوادث (الأمنية) في جريدة الأهرام إلى مذيع إعلامي يحرّض على القتل وعلى الكراهية من خلال شاشة يتابعها الملايين. إلا أن النظام المصري ومن خلال تصعيده سواء على القنوات المملوكة للخواص والتابعة أمنيا إلى المخابرات المصرية أو من خلال القناة المصرية التابعة مباشرة للنظام، هذا النظام يحاول امتصاص غضب الجماهير المصرية ويحاول تعليق جميع إخفاقاته السياسية والاقتصادية والأمنية على الجزائريين حتى وإن اقتضت مصالحه التحريض على قتلهم.

أما فيما يخص برنامج (البيت بيتك) الذي بث يوم الخميس 19 من هذا الشهر ليلا فإنه قد نزل إلى الحضيض وغرق في البذاءة والإسفاف وأطلق ألسنة خريجي المخابرات المصرية والمستفيدين من ريع النظام لسبّ الجزائر وشعبها ورموزها ولم يدخرا وصفا قبيحا إلا وألصقه بالشعب الجزائري.

ومن هنا أقول إلى دعاة توريث جمال مبارك وقامعي حركة كفاية والقوى المصرية الحية، إنني أختلف فكريا وسياسيا مع النظام الجزائري والرئيس عبد العزيز بوتفليقة ولم أدخر جهدا ولا وقتا لانتقاده، وذلك حبا في الجزائر وشعبها، وعندما تُنصب الكمائن للمنتخب الجزائري قرب مطار القاهرة وتُفتح رؤوس لاعبين جزائريين بالطوب من طرف بلطجية النظام المصري وتقولون إنها مسرحية جزائرية. وعندما تسيل دماء الجزائريين ويشعر الجزائري بالإهانة:

فإننا في الجزائر، نظاميون ومعارضون، ليبيراليون وإسلاميون، عرب وأمازيغ، مثقفون وبسطاء، شباب وشيوخا، نساء وأطفالا، كلنا جنود في خدمة رئيس الجمهورية ومصالح الدولة الجزائرية التي مات من أجلها الشهداء. ولا نحتاج إلى طائرات الجيش الجزائري المجاهد للقدوم إلى أم درمان، بل سنأتي إليها مشيا على الأقدام.

نحن نعلم جيدا أن للهزيمة وقع مرّ على الوريث جمال مبارك، ونعلم أيضا أن النظام المصري لم يهضم تمثيل الجزائريين للعرب في المونديال كما أنه لم يهضم إلى حد اليوم انتقال القوتين الاقتصادية والسياسية العربية إلى دول الخليج، التي شن عليها حروبا إعلامية دونكيشوتية، وحتى الدراما السورية الرائدة لم تسلم من تهجم (الممثلين)المصريين الذي يصدرون بيانات تافهة لا تمثل إلا مصالحهم وولاءهم المطلق إلى فرعون الأصغر.

وليعلم الجميع فإن الجزائر قد أعلنت استقلالها الثاني من أم درمان. ولأول مرة منذ استقلال عام اثنين وستين خرج أكثر من عشرين مليون جزائري إلى الشوارع في مختلف مدن العالم مرددين شعارات لها مدلولات عميقة ( كلنا جزائريون... دم الجزائريين لن يذهب سدى.. نحن أبناء المليون شهيد... نحن لسنا منافقين.. نرفض الإهانة.. جيش شعب معاك ياجزائر) إلى جانب الأناشيد الثورية والحماسية التي لم نسمعها منذ زمن غابر.

قد تقولون إن التأهل إلى كأس العالم، لايستحق كل هذه الهيستيريا؟. لكن أقول إن المعركة كانت أكبر من ذلك. لقد دفنت في أم درمان مفاهيم كثيرة حاولت مصر أن تفرضها على الجزائريين وسكان شمال إفريقيا الأمازيغ باسم العروبة والقومية. لكن الشباب الجزائري وحتى السودانيين الذي وقفوا مع الجزائر، كانوا أذكى من أن ينساقوا وراء الأوهام والهيمنة. ومن هنا نبدأ كتابة التاريخ مجددا

(1)وهذا هو الرابط الذي يفضح الإعلام المصري:

http://www.youtube.com/watch?v=3_UEKjWqfFg