إيلافquot; تفتح ملف الذاكرة المرئية في العراق، وتستجلي أسباب فقرها وقصورها(31)
حاوره عدنان أحمد من لندن: تشكّل الذاكرة الثقافية رصيداً بالغ الأهمية لأي شعب من الشعوب، فكيف اذا كان الأمر يتعلق ببلد عريق ذي حضارات متعددة وموغلة في القدم مثل العراق. ولأن الذاكرة الثقافية مفردة واسعة وعميقة الدلالة، وتضم في طياتها الذاكرة المرئية والمسموعة والمكتوبة، إلا أن بوستر فيلم أنظر لهماستفتاء quot;إيلافquot; مكرّس للذاكرة المرئية فقط، والتي تقتصر على السينما والتلفزيون على وجه التحديد. ونتيجة للتدمير الشامل الذي تعرضت له دار الإذاعة والتلفزيون، ومؤسسة السينما والمسرح، بحيث لم يبقَ للعراق، إلا ما ندر، أي وثيقة مرئية. فلقد تلاشى الأرشيف السينمائي العراقي بشقيه الروائي والوثائقي. وعلى الرغم من أن السينما العراقية لم تأخذ حقها الطبيعي على مر الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق، كما لم يحظ السينمائيون العراقيون بأدنى اهتمام من مختلف الحكومات العراقية التي كانت منشغلة بموازناتها السياسية، وبأرشفة أنشطتها المحدودة التي لا تخرج عن إطار الذات المرَضية المتضخمة. وقبل سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد كان السينمائيون العراقيون يعلِّقون الآمال على حكومة العراق الجديد التي تمترست خلف أطاريح الديمقراطية، والتعددية السياسية، والتناوب السلمي على السلطة من دون انقلابات أو ثورات يفجرها مغامرون عسكريون مصابون بعقدتي السجادة الحمراء والموكب الرئاسي، غير أن واقع الحال يكشف، خلافاً للتمنيات المعقودة، بأن نصيب الذاكرة المرئية من الرعاية والاهتمام يكاد يكون معدوماً، بل إن بعض السينمائيين العراقيين قد بات يخشى من تحريم هذا الفن الرفيع أو اقامة الحد عليه. لقد عنَّ لـ quot;لإيلافquot; أن تثير خمسة محاور أساسية في محاولة منها لاستجلاء واقع السينما العراقية عبر تفكيك منجزها الروائي والوثائقي على قلته، ورصد حاضرها المأزوم، واستشراف مستقبلها الذي نتمنى له أن يكون مشرقاً وواعداً بحجم تمنيات العراقيين وتطلعاتهم نحو حياة حرة، آمنة، مستقرة، كريمة.

أسئلة الملف السينمائي
1- على الرغم من غنى العراق وثرائه الشديدين، مادياً وبشرياً، إلا أنه يفتقر إلى الذاكرة المرئية. ما السبب في ذلك من وجهة نظرك كمخرج quot;أو ناقدquot; سينمائي؟
2- أيستطيع المخرجون العراقيون المقيمون في الداخل أو المُوزَعون في المنافي العالمية أن يصنعوا ذاكرة مرئية؟ وهل وضعنا بعض الأسس الصحيحة لهذه الذاكرة المرئية التي بلغت بالكاد quot; 105 quot; أفلام روائية فقط، ونحو 500 فيلم من الأفلام الوثائقية الناجحة فنياً؟
3- في ما يتعلق بـ quot; الذاكرة البصرية quot; كان غودار يقول quot; إذا كانت السينما هي الذاكرة فالتلفزيون هو النسيان quot; كيف تتعاطى مع التلفزيون، ألا يوجد عمل تلفزيوني ممكن أن يصمد مدة عشر سنوات أو أكثر؟ وهل كل ما يُصْنَع للتلفاز يُهمل ويُلقى به في سلة المهملات؟
4- كيف نُشيع ظاهرة الفيلم الوثائقي إذاً، أليس التلفاز من وجهة نظرك مجاله الحيوي. هناك المئات من الأفلام الوثائقية التي لا تحتملها صالات السينما، ألا يمكن استيعابها من خلال الشاشة الفضية؟
5- في السابق كانت الدكتاتورية هي الشمّاعة التي نعلّق عليها أخطاءنا. ما هو عذرنا كسينمائيين في ظل العراق الجديد؟ وهل هناك بصيص أمل في التأسيس الجدي لذاكرة بصرية عراقية ترضي الجميع؟
في ما يلي الحلقة الثالثة والعشرون التي يجيب فيها المخرج كاظم صالح فرج على أسئلة ملف السينما العراقية.

لؤي فاضل: الدولة الحالية هي غير مدركة لاهمية السينما

هموم الناس
-أعتقد السبب في ذلك هو أن السينما في العراق في بدايتها كانت مسؤولة عن نقل هموم الناس والتحدث عن مشاكلهم كفيلم quot;سعيد أفنديquot; أو quot;المنعطفquot; هذه في حقبة نهاية الخمسينيات ثم أفلام كوميدية كفيلم quot;الجابيquot; حيث كان هناك جمهور يأتي إلى السينما وكما تعرف أن السينما صناعة مرتبطة بعدد دور العرض والجمهور حتى يربح الفيلم، ومن خلال أرباحه يتم انجاز فيلم آخر. ثم تأتي السبعينات ليكون هناك خليط بين أفلام تهتم بهموم الناس وأفلام ذات طابع سياسي. هنا بدأ الجمهور بالتقليل من ارتياده للسينما حتى تأتي حقبة الثمانينات حيث كانت أغلب الأفلام ذات طابع سياسي ومؤدلجة لصالح الحكومة في تللك الفترة ولا يتجرأ أي كاتب سينما أن يقدم فيلما معنيا بهموم الناس لأن الرقيب يقف بالمرصاد. ان عدد الأفلام العراقية التي هي 105 هو عدد ليس بالقليل بالنسبة لدول الخليج العربي حيث أن هناك دولا قد أنجزت فيلمها الاول حاليا.

أفلام في ظل الحرب
-بالتاكيد فما قام به المخرج عدي رشيد في فيلم quot;غير صالح للعرضquot; هو أكبر مثال على ذلك حيث قام باخراج وانتاج فيلم في ظل الحرب والوضع الأمني المضطرب بعد الحرب الأخيرة على العراق 9/4/2003 في خام غيرصالح للاستعمال وقامت شركة كوداك بطبع وتحميض الفيلم ويعتبر هذا تعاون بين مخرج من الداخل وشركة كبرى مثل كوداك ليكون اول فيلم سينمائي عراقي منذ توقف السينما منذ 1991 ثم بعد ذلك قام المخرج محمد الدراجي بانتاج واخراج فيلم quot;أحلامquot; وهو ثاني فيلم عراقي بعد احداث 9/4 /2003 وهو مخرج من اصول عراقية وكان يعيش في بريطانيا وهذان الفيلمان شاركا في عدة مهرجانات دولية وحازا على عدة جوائز.

الصورة المرئية
-كلا ليس كل مايصنعه التلفاز يرمى في سلة المهملات فهناك اعمال درامية بالنسبة لي قد تربيت على حب السينما والصورة المرئية من خلالها مثل مسلسل quot;ليالي الحلميةquot; او quot;رأفت الهجانquot; ولكن اذا كنت تقصد التخليد الصوري فهي أكيد السينما كما اننا كسينمائيين شباب لا نستطيع ان نستورد فيلما خام فلذلك نلجأ إلى الوسائل والمعدات التلفزيونية لإنتاج أفلام وثائقية أو أفلام قصيرة.

موضوعات مبهمة
-الفيلم الوثائقي هو وعي الناس بمشاكل الآخرين أي تسليط الضوء على موضوع مهمل او مبهم عند الاخر. فالفيلم الوثائقي مهم كما الفيلم الروائي لأن ابطاله هم اناس حقيقيون، أي نتعامل مع الحقيقة وأنا في فيلمي الوثائقي quot;أنظر لهمquot; استعملت كاميرا بسيطة quot;مني ديفيquot; وقد شارك الفيلم في مهرجان الخليج السينمائي الثاني الذي أقيم في دبي وقد عرض على شاشة سينما كبيرة ولاقى استحسان الجمهور على الرغم من قصره.

أهمية السينما
-الأمل موجود على الرغم من أن الدولة الحالية هي غير مدركة لاهمية السينما الا أننا كشباب عازمون على القيام بانتاج وإخراج أفلام سينمائية وأنا حاليا قد انهيت العمل مع المخرج عدي رشيد في فلمه الجديد quot;كرنتينةquot; وهو فيلم 35 ملم حيث عملت كمساعد مخرج والفيلم أنجز الآن، وهو الفيلم الأول لدائرة السينما والمسرح العراقية بعد انقطاع دام 17 سنة. الفيلم انتاج مشترك بين دائرة السينما والمسرح وشركة انليل فيلم للانتاج السينمائي.