إعداد عبدالعليم الحجار
كان العام الفائت عاما laquo;حارقاraquo; بالنسبة إلى المستثمرين الخليجيين الذين شهدوا laquo;تبخرraquo; 535 مليار دولار من قيمة الاسهم في اسواقهم المحلية، وصحيح ان أولئك المستثمرين قد باتوا يواجهون الآن مشهدا ماليا مختلفا على نحو دراماتيكي، إلا ان البعض من بينهم قد يلمحون فرصا ماثلة بين الركام.ووفقا لماذكرته laquo;شركة المركز الماليraquo; وهي بنك استثماري كويتي، فإن ما يربو على ثلث الشركات في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، يتم الان تداول اسهمها بأسعار تقل عن القيمة الدفترية، وفي منطقة الخليج - والكلام مازال لشركة المركز - فان متوسط سعر الاسهم قد انخفض الى مستوى 1.3 من القيمة الدفترية نزولا من 3.7 في بداية العام (2008)، اما معدلات سعر السهم الى ربحيته (P/E) فإنها شهدت تراجعا ملموسا وصل في بعض الاحيان إلى ادنى المستويات.
لكن من الممكن ايضا استخلاص اسباب للتفاؤل من خلال الغيوم، فأسعار النفط انتعشت بشكل طفيف في ديسمبر الماضي بعد تراجعها الى اقل مستوى لها منذ 5 سنوات، وعلاوة على ذلك فإن معطيات مؤشر laquo;فيكسraquo; تشير إلى ان موجة التقلبات قد انحسرت إلى ادنى مستوى لها منذ سبتمبر الماضي.
وعلاوة على ذلك، فإن مؤسسة laquo;MSCI Barraraquo; الاميركية المتخصصة في مجال الاستشارات والتصنيفات الاستثمارية العالمية، تعكف حاليا على دراسة ضم بورصات قطر والكويت والامارات العربية المتحدة الى مؤشرها الخاص بالاسواق الناشئة المهمة خلال هذا العام، وهو الامر الذي قد يؤدي الى اجتذاب مزيد من الاموال إلى تلك الاسواق، وعلى الرغم من ان توقعات النمو الاقتصادي الخاصة بدول منطقة الخليج قد تراجعت بشكل كبير، فلا احد يتوقع حدوث اي ركود في اسواق تلك الدول.
ومع ذلك فإن الخبراء مازالوا ينصحون المستثمرين بتوخي الحذر. فصحيح انه ربما تكون الازمة المالية العالمية قد تم احتواؤها جزئيا، لكن خبراء الاقتصاد يتوقعون حدوث تأثيرات استطرادية حادة على الاقتصاد الفعلي خلال العام 2009، وهذا الامر سيؤثر بدوره ايضا على الشركات الخليجية التي كانت تتسم بالمرونة في السابق وفقا لما يراه محللون.
وتعليقا على ذلك، يقول شين غاردينر الذي يشغل منصب رئيس شعبة الابحاث الاقليمية لدى مؤسسة مورغان ستانلي: laquo;الواقع ان المستثمرين يحتاجون الى القيام باعادة النظر جوهريا في ما يتعلق بما ستكون عليه القوة الربحية الخاصة بالشركات والقطاعات، فخلال السنوات القليلة الماضية كان هناك فوائض تحققت وتراكمت في ربحيات تلك الشركاتraquo;.
ان معدلات التقييم التقليدية قد تبدو جذابة، لكنها قد تكون مضللة وفقا لما يراه مصرفيون ومحللون آخرون يثيرون تساؤلات تشككية حول الجدارة الحقيقية والمصداقية الخاصة بكشوف الموازنة التي تعلن عنها الشركات. ويقول انتوني ماليس رئيس شركة laquo;سيكيوريتيز آند انفيستمنتraquo; الاستثمارية التي تتخذ من البحرين مقرا لها: laquo;انني لست متفائلا إلى حد كبير فالمنطقة (منطقة الخليج) ليست سوى في بدايات تحركها النزولي كما ان التراجع في اسعار النفط لم يتم احتساب تأثيراته بشكل كامل بعدraquo;.
وصحيح ان مؤشر laquo;MSCI Barraraquo; الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي قد خسر اكثر من نصف قيمته، لكن التداول فيه مازال يتمتع بأفضلية علي اسواق ناشئة كثيرة اخرى ذات معدلات نمو مرتفعة، خصوصا دولا مثل البرازيل وروسيا والهند والصين، والواقع ان هذا الامر قد يصرف انظار المستثمرين الاحترافيين إلى أماكن أخرى (من بينها اسواق منطقة الخليج).
مارك موبيوس، وهو مراقب ذائع الصيت متخصص في مجال الاسواق الناشئة لدى مؤسسة laquo;تيمبلتون اسيت مانجمينتraquo;، كان قد قال في العام الماضي انه يعتقد ان الاسعار في منطقة الشرق الاوسط كانت مرتفعة نسبيا مقارنة بالاسعار في الاسواق الناشئة الأخرى.
ويرى laquo;غاردينرraquo; ان اسعار النفط - الذي يمثل المصدر الاساسي لمعظم ايرادات حكومات المنطقة - ستكون حاسمة وحيوية بالنسبة إلى اداء اسهم بورصات المنطقة خلال العام 2009، لكن لا يكاد هناك محللون يتوقعون حدوث صعود كبير (في اسعار تلك الاسهم) في ظل ما يمر به الاقتصاد العالمي من ركود وفتور.
ومن الممكن القول ان الارتباط التلازمي بين حركة اسعار الاسهم العالمية وبين اسعار اسهم البورصات الخليجية سيكون اضعف في العام 2009 مما كان عليه في العام 2008، وذلك بالنظر إلى تراجع حجم انخراط الاستثمارات الاجنبية في الاسواق الخليجية، لكن الخبراء ينصحون بتوخي الحذر، ففي ورقة بحثية صادرة عن شركة المركز المالي نقرأ التكهن التالي: laquo;من المؤكد ان عدد الشركات التي ستخفق سيشهد تزايدا مضطردا خلال العام 2009 على الصعيدين الاقليمي والعالميraquo;.
وتعقيبا على ذلك، يقول السير laquo;ماليسraquo;: laquo;مازال العنوان الرئيسي للعبة حتى الان هو laquo;المحافظة على رأس المالraquo;، صحيح ان هناك حاليا بعض المستثمرين الانتقائيين الذين يقبلون على الشراء الآن، لكن معظم المستثمرين الاحترافيين قد يختارون التريث والانتظار حتى الربع الثاني (من العام الحالي).
عن laquo;فايننشال تايمزraquo;
التعليقات