رد على موضوع quot; جنبلاط والشباب الدرزيquot;
ليس دفاعا عنه ..إنما عن الحقيقة
سعيد الحسنية : استوقفني الأسبوع الماضي موضوع quot; جنبلاط والشباب الدرزي quot; للزميلة أميرة حمادة ، وجعلني أطرح على نفسي ملايين الأسئلة حوله وحول كاتبته والغاية منه . كما وجدت نفسي مذهولاً أمام التحيز وعدم الموضوعية في استعراض المواقف فيه ، وهذا أمر استغربه أن تلجأ إليه صحافية اعتدت على متابعة موضوعاتها واسأل نفسي عن النية المضمرة للزميلة الكاتبة التي أعمت عينيها عن الكثير من الحقائق وحرصت على إظهار وجهة نظر واحدة ، ألم تجدي شخصا واحدا في منطقة كاملة تدين بالولاء لجنبلاط ، شخصا واحدا يميل إلى وليد جنبلاط ؟ أم أنك أردت تسلق سلم الشهرة عن طريق استفزازك الآخرين واثارة غضبهم إنطلاقا من قاعدة خالف تعرف ؟ أتظنين حقا أنه يمكنك تمويه الحقيقة عبر تسليط الضوء على جهة معينة في تحقيقك المنقوص وحصر الآراء بحفنة صغيرة من أناس مغسولي الأدمغة عبر أجهزة فاشستية قومية مغلقة وعفنة تجاوزها الزمن ؟
لقد حاولت كاتبتنا العزيزة أن تبحث حول موقف الشباب الدرزي من زعامة وليد جنبلاط ، ولكنها استقت ، عن قصد أو عن غير قصد ، الآراء من طرف واحد مغيبة الموضوعية المهنية الصحافية . والسؤال المطروح لماذا ؟ هل في ذلك التحيز إنقاص لزعامة جنبلاط ؟ وهل يخفى على الكبير والصغير الولاء الظاهر من قبل الكثيرين من الدروز لجنبلاط وزعامته عليهم ؟
لن أعود إلى التاريخ السحيق ولكن سأعود لسنوات قليلة جدا مضت وأقول للجميع - ليس في إطار الدفاع عن جنبلاط - هناك العديد من الشواهد التي تجعل من وليد جنبلاط يتربع بجدارة على عرش الزعامة ، ليس الدرزية فقط ، بل اللبنانية . فما الخطأ الذي يرتكبه جنبلاط اليوم بحق لبنان والطائفة الدرزية لكي يستحق منا الهجوم عليه والتشكيك بزعامته ؟ هل المطالبة بالحرية والسيادة والديمقراطية جريمة ؟ هل quot; لبنان أولا quot; عيب ؟ ما المطلوب منه اكثر من كل هذا ؟ هل المطلوب قتله وتصفيته لكي يرتاح هؤلاء الفاشستيين المنغلقين ؟ الا يمكننا تقدير دوره وزعامته الان هل علينا ان تقدرها بعد اغتياله ؟ تماما كما فعلنا بعد استشهاد والده واستشهاد الحريري ؟
لقد ورد في هذا الموضوع الكثير من المغالطات التي تتحمل الكاتبة مسؤوليتها ، كاستعمالها بعض العبارات التي تنم عن قلة معرفة في التاريخ والوقائع والحقائق . أولا ، الجنبلاطية ليس دين ليتم اعتناقها ، وولاء الدروز لآل جنبلاط نابع من التضحيات التي قدمتها تلك العائلة لهم والتي يشهد تاريخها بعطاياها وتضحياتها لحد الشهادة في سبيل بقاءهم في أرضهم . أما المغالطة الثانية فهي اختراعها مكانة وتيار ما لشخص لا يمثل غير نفسه وأسياده الذين ابتكروه ، أليس من المعيب تشويه الوقائع وقلب الحقائق والقول بوجود تيار لوئام وهاب ؟ الجميع يعلم أن من يتحلق حول quot; المستوزر quot; السابق هم ما تبقى من شراذم البعث وبقايا القومي . فوليد جنبلاط سياسي محنك يستند إلى قاعدة شعبية ، أما أولئك المستوزرين لا يستندون إلى أية قاعدة شعبية، يعني يمكن أن quot;يشحطquot; أي منهم في غمضة عين ولن تجد من يسأل عنه إلا أسرته وبعض أصدقائه.
في الواقع يحتاج المرء لكثير من الشجاعة ، وبعض التهور ، ليقف موقف وليد جنبلاط الحالي، فهو يعرف بالتأكيد أن من ضرب مروان حمادة يضرب من هو اكبر منه ، ومن ضرب الحريري يضرب الأصغر منه، وهو بالتأكيد يعرف أنه لا توجد حماية حقيقية لحياته، فمن يستهدفه يستطيع أن يطاله حتى داخل قصره. فإذا كان يحزنكم وجود جنبلاط وشجاعته في إبداء رأيه المستقل فأرجو أن يفرحكم الله بوجود الكثيرين من تلاميذه ورفاقه الذين لا ترهبهم سطوة المخابرات السورية وأذنابها في لبنان الذين يساومون على إسقاط إميل لحود مقابل الحفاظ على مكتسباتهم وسلاحهم ورقة في يد إيران وسوريا لصالح معاركهما مع المجتمع الدولي.
ولعل أشد ما يحز في نفسي ما عودنا عليه حكامنا من رياء وفلسفة الأمور وتغطيتها بأوراق من توت لاخفاء فشلهم الذريع في إدارة بلادهم ..فتكون المشكلة بمن يقول الحقيقة دون خجل أو مواربة أو ما يعرف بالدبلوماسية الزائفة ، فتشوه سمعته ويسوق على أساس انه خائن وعميل إسرائيلي، ومتلون ومتغير بينما هو في الحقيقة يقع في دائرة الخطر والاستهداف لأنه تشجع وقال الحقيقة وكشف المستور، وهذا تماما ما يحدث لوليد جنبلاط، وكل من تجرأ على قول الحقيقة ، فالمتمعن فيما يقوله هذا الرجل يرى أنه يتكلم الحقيقة ، وكل من يرد عليه ، لم يستطع أن يقيم عليه الحجة، أو يقول ما يدحض أقواله ، فيلجأون إلى الرد بالشتائم والتخوين، فهل من يطالب أن تكون السيادة اللبنانية على كامل تراب الوطن، ونزع السلاح من أيدي الناس وحصره بالدولة ، وإشراف الدولة والجيش اللبناني على سلاح المقاومة، وإزالة المواقع الفلسطينية المسلحة من بين القرى والمدن اللبنانية ، يعتبر خيانة ؟ فهل المطالب بذلك هو عميل ؟ هل من يقول أن المجتمع الدولي لا يعترف بلبنانية مزارع شبعا وعلى السوريين واللبنانيين توثيق لبنانية هذه المزارع بالخرائط والوثائق، وليس بالكلام المعسول والخرائط المزورة هو خائن ؟ هل من يطالب الزعماء بأن تكون مصالح لبنان فوق كل المصالح وعدم الانجرار إلى أحلاف إقليمية جرت وسوف تجر على المنطقة الحروب والويلات ، هو مجنون ومتغير وليس وطني ؟ ما ذنب هذا الرجل ؟ فمطلبه الأساسي الصريح هو وقف تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة العامة. فهل يشكل هذا المطلب laquo;عمالةraquo; لأميركا وإسرائيل ؟ هل كرامات الناس وعيش اللبنانيين في مجتمع أهلي منفتح حرّ ... مؤامرة على العروبة ؟
وليد جنبلاط ، يا أميرة ، حارب يوم كان عليه أن يحارب وسالم يوم رأى في السلام مصلحة للجميع، بينما خصومه فعلوا ويفعلون العكس. فهم جبنوا حين كان عليهم أن يقاتلوا وها هم يقفون ويحرّضون ضد السلام عندما أضحى الخيار الأفضل. وعندما يعادي وليد جنبلاط الحكومة السورية، ويستمر على موقفه في معارضة النظام الأمني quot; اللحودي quot; فهو يعرف تماما أي عدو يتخذ ، ومن يفعل بشعبه كما تفعل الحكومة السورية بالشعب السوري يستطيع ببساطة فعل المزيد بأي لبناني ، ومن رأى ردة فعل فخامة الرئيس في جلسة مجلس الوزراء وصراخه كالناظر في المدرسة ، متناسيا أن الذي يقف أمامه هو الشهيد الحي الحر، وليس ضابطا عنده . ويبقى أنه حقا من الغريب أن وليد جنبلاط لا يبدو خائفا على نفسه. حتما أن هذا الرجل يخطط مستقبله بنفس طريقة والده، فهو يرى مصير والده أمام عينيه، ويردد كلماته : quot; نحن لا نموت على الفراش quot;.




التعليقات