أنا مش قادر أنسى غيابك أنسى أحلى غرام...
دمعتي بتشهد على فراقك وعيوني ما بتنام...
أنا من دونك عمري دايب وفراقك ولله حرام...
سعيد الحسنية : إنها كلمات أغنية quot;أحلى غرامquot; من أداء الفنان اللبناني الشاب ريان الذي كثر مؤخرا الطلب على أغانيه وذاع صيته بسرعة فائقة وأصبح له من المعجبين والمعجبات ما يحسده عليه مطربون الصف الأول. ليست هذه هي الأغنية الوحيدة التي تصور الانفعالات التي تعتمر داخل كل محب افتقد لسبب ما من يحب، ولغتنا العربية، وبمختلف لهجاتها، تعج بتلك المفردات .فكم مرة سمعنا محب يناجي حبيبه ويقول له : quot; مش قادر أعيش من غيرك ..أو من بعدك quot; .. هانعيش سوا ونموت سوا..، quot; من غيرك الحياة بلا قيمة... أو لا معنى لهاquot; .. كلها جمل يقولها كل حبيب لحبيبه عندما يفكرا معاً كيف سيكون الفراق صعباً؟، أو كيف ستكون الحياة بدون الطرف الآخر؟، أو ماذا يحدث لو غاب أحدهم وترك حبيبه ونصفه الآخر وحيداً؟ وأنت إذا فقدت الشخص الذي تحبه، هل ستتمنى الموت لتلحق به، أم ستكمل حياتك وتعيش على ذكراه، أم ستكمل حياتك وتعثر على شخص آخر؟..
الحب ...بين الواقع والفيديو كليب
وبما أننا نعيش في عصر الفيديو كليب ، فلا يخفى علينا الكم الهائل من كليبات الأغاني الكئيبة التي تتحدث عن الفراق وصعوبته، إذ أننا نجد مطربين تخصصوا في هذا اللون بالذات، وهاني شاكر خير مثال، ، الذين يبدو من أغنياتهم وكأن الحياة سوف تتوقف حقاً بعد فراق الحبيب، بل وربما يكون الانتحار هو الحل الأمثل والطريق لإعادة التواصل بين قلبين فرقتهما الحياة أو قطع وصالهم السيد quot; عزرائيل quot;، فأثروا رفقة محبوبهم سواء كان حياً أو... ميتاً!
ومن من لا يذكر أول كليب لسامو زين الذي اشتهر بتضحياته البطولية في كليباته، فكليبه الأول (أنا ليك) انتهى بموته هو وحبيبته التي ساعدته على سرقة أموال إحدى العصابات والهرب بها معه، ولكنها تكتشف أنه ضابط شرطة فتهرب منه، وتعرف العصابة بذلك الأمر وتقوم بخطف الفتاة وتعذيبها، وعندما قرر سامو زين أن يلعب دور البطل وذهب لينقذها، قامت العصابة بقتلهم سويا.. ولكنه في كليبه الثاني (قربي ليا) اكتفى بالعمى فقط من أجل إنقاذ حبيبته ، والتي لم تحبه أصلا ، والتي كانت ستصدمها سيارة مسرعة، ولكنه تلقى الصدمة بدلاً منها وتناثر الزجاج في كل مكان من وجهه، وفي النهاية أصيب بالعمى وقابلها في الشارع بعصاه ونظارته السوداء ولكنها تجاهلته، ومع ذلك ظل يردد quot;قربي ليا.. خدي عينيا... ده أنتي اللي ليا في الدنيا ديا... آه) ،فهل هناك تضحية أكبر.
هذا ما يحدث في الأفلام والكليبات.. الموت عندهم هو الحل الوحيد بعد فراق الحبيب، ولكن هل من الممكن أن يحدث ذلك في أرض الواقع؟!ماذا يمكن أن يفعل الفرد منا لو عاش قصة حب، ولكنها لم تكتمل لرحيل حبيبته عن الدنيا؟ هل يتمنى الموت أم إكمال الطريق بدونها؟
سأقول لروحها ..كم أحبها
quot; الواقع يختلف كثيراً عن ما نشاهده في الأفلام والكليبات quot; ، بهذه العبارة حسم عبد الله ( مصمم إعلانات) موقفه ، مضيفا : quot; قد يحدث لي هكذا أمر ، ولكن الحياة لابد وأن تستمر؛ قد تترك بعض الفراغ في حياتي ولكني سأستمر ولن أتوقف وسأكمل حياتيquot; ، ومؤكدا أن النسيان سوف يأتي في يوم من الأيام، متيقنا من أن الذي فقد حبيبته فقطعاً سوف يعوضه الله بواحدة أخرى تنسيه الماضي وما فيهquot;.
أما نزار ( مهندس اتصالات ) ، فإنه يبدو أكثر رومانسية ، حتى من الكليبات ، حيث يؤمن أن الحب هو أسمى العلاقات بين البشر ، معتبرا أن قدر كل إنسان إيجاد نصفه الآخر الذي سيمضي معه اسعد لحظات حياته ، وكل ما قد يحدث لهما هو من مشيئة الله ، ولكنه يميز بين الأسباب التي قد تؤدي إلى فقدانه حبيبته ، فيقول : quot; إذا انفصلت عن حبيبتي نتيجة لخداعها او خيانتها فحتما سوف أتأثر وأشعر بجرح عميق ولكن الزمن كفيل بأن أنساها وسأتابع مسيرة حياتي وقد أرتبط بأخرى ، ولكنني بالتأكيد لن أحب غيرها بنفس الطريقة وبالقدر ذاته، أما إذا كان سبب انفصالي عنها هو موتها ، لا سمح الله ، سيموت قلبي معها ولن يمكنني أن أنساها أبدا وسأعيش عمري كله على ذكراها ، وسيبقى حبها في قلبي وعقلي وسأقوم بكل ما كانت تتمناه وسيكون همي إسعادها حتى لو لم تكن موجودة بالواقع ..quot; ويضيف : أما إذا كان لدي أولاد منها فإني سأراها في وجوههم وبينهم ..quot; ولم يتوقف نزار عند هذا النقطة بل أكد على أنه سوف يكتب الرسائل لها وهو يعلم أنها لن تقرأها ولكن فقط : quot; لأقول روحها كم أنا أحبها..quot;
ولا يختلف الأمر كثيرا عند حبيبته ، رين ( سكرتيرة تنفيذية )، التي رفضت حتى مجرد تخيل فكرة انفصالها عنه ، وأكدت على أن حياتها ستتحول من بعده إلى جحيم ، وأنها ستمضي عمرها محاولة استعادة توازنها ، ولكنها عادت وأشارت إلى إيمانها بالقدر وإرادة الله وقالت : quot; إذا حدث ذلك ، لا سمح الله ، تكون مشيئة الله ولا يمكنني الاعتراض quot;.
سأتزوج .. ولكن بدون حب!
وبالمقابل لا نجد أي أثر لهذه الرومانسية عند أحمد ( مندوب تسويق ) الذي يقول : quot; لا أعتقد أن هناك أعز من الأم والأب والأخوات..وعندما نفقده نستمر في الحياة..فإن رحلت فهناك كثيرات غيرهاquot;.وتوافقه الرأي ريم (سنة ثالثة علوم ) وتقول بدون تردد: quot;لن أتمنى الموت أبداً، وسوف أعيش حياتي وأبحث عن غيره، والله أعلم لو كنت تزوجته كان أتعبني معه، فربما نجاني الله منهquot;!!
وكذلك الأمر بالنسبة لماجد المصري (محاسب) الذي عايش تلك التجربة وقال : quot;لقد تمنيت الموت بعد موتها، وبالطبع لم أمت، وبالتالي أحببت للمرة الثانيةquot;.. وأوضح أن فراقها هو الذي جعله يحزن لفترة من الزمن، ويرى الدنيا سوداء، ثم نسي مرارة التجربة ووجد واحدة أخرى أحبها وسوف يتزوجها.
ولكن الأمر مختلف تماما عند دانا ( مزينة شعر ) التي تقول : quot;عندما أتخيل للحظة أن حبيبي مات، أشعر أن الحياة كلها يمكن أن تتوقف، ولن يكون لحياتي أي معنى أو فائدة، لكني لن أتمنى الموت. سوف أعيش على ذكراه دون حب ثانيquot;. أما علي (صحافي ) فيفضل أن يبدأ من جديد، إذ يقول: quot;أفضل أن أعيش حياتي من جديد، وأبدأها مع امرأة أخرى عسى أن يعوضني الله خيراًquot;، ويبرر ذلك بأن : quot;الحياة لا تقف عند شخص معين.. فالإنسان الذي يموت، يعيش حياة البرزخ الخاصة به. أما أنا فمازلت بالحياة الدنيا التي يجب أن أستمتع بهاquot; ، مضيفا : quot; فلو من مات له حبيب توقفت حياته من أجل موته، لانتهى الكونquot;.
ومن جهته حسم ابراهيم (موظف بنك ) موقفه بشكل غريب فقال : quot;سوف أكمل حياتي، ولكن مع وجود نقص كبير فيها، فلا أعتقد أنه يمكنني أن أحب بعدها أو يعوضني حب آخر فمن الممكن أن أتزوج على المدى البعيد ، لكن دون حب ، فحبي سوف يكون لها وحدهاquot;.
الموت من أجله.. لا ينفعه
ويبقى الحب هو قمة العلاقة بين الجنسين وأسماها وأعظمها فالمرء الذي يحب من قلبه حبا صادقا لا يرى إلا صورة من يحب وكأن الدنيا لا تضيء إلا على وجه حبيبته فإليها يطيل النظر وفيها يرى كمال الصور وكما قال أحدهم :
quot; فلو رآها حلق قلبه في الآفاق..
ولو نظرت إليه بطرف هوى قلبه الخفاق..
ولو رحلت تناثر دمعه الرقراق..
وتنازعه إليها الأشواق..
فيبكي ندما على الفراق quot;...
ولا يخفى على الكثيرين أن الحبيب لا يحب حبيبته لكونها اقدر من غيرها على إشباع رغباته وإنما يحبها لأن قلبه اختار له ذلك، فهو يحب الحياة من أجلها، يحب النظرة من عيناها.. يحب البسمة من شفتها.. يحب الشروق لرؤيتها .. يحب الغروب على ذكراها ..فهو يحبها ويحب التراب تحب قدماها .. ولكن على الرغم من كل ذلك فلا يحق له أن يتخلص من حياته لفقدانه لها ، لان الدنيا لا تعطي كل شيء يحبه الناس ، لذا على كل حبيب أن يكون متعقل ومتفهم لو حدث أن فقد حبيبه فالموت من اجله..لا ينفعه، ولكن هل من عقل في الغرام والهيام؟؟




التعليقات