سعيد الحسنية : يأخذك ببريقه، يبهرك بلمعانه المتكسر تحت الأضواء، يخترق مشاعرك بشفافيته التي تخترق الأنوار، فيخرج متفرق الصفوف بعد أن يصيبك بمس من الجمال الذي قد يغفو على نحر جميلة تعشقها، أو يرقد على معصم غانية تغواها، أو يختبئ بين أنامل فاتنة تهواها، أو يتدلى من أذن حبيبة تحبها، أو يطوق قدم حسناء تحسن التمايل والتراقص في مشيتها.إنها المجوهرات بكل اصنافها وأحجامها وأشكالها والتي يعتبرها الكثيرون من سلع الرفاهية التي لا يخلو بيت منها حتى البيوت الفقيرة، أو يكاد لا يخلو إصبع أو أذن أو عنق أو معصم من قطعة زينة سواء كانت ذهبية أو فضية أصلية أو حتى مقلدة .

خيط رفيع يربط المرأة بالذهب والمجوهرات منذ سالف العصر والأوان، يمتد من حبها للتزين في الأساس، وإذا اجتمعت النساء على حب المجوهرات والذهب، يعرف الرجال هذا العشق غير المبرر من النساء لتلك الأدوات من الزينة، إلا أن مسألة العلم بعيدة كل البعد من مسألة التفهم فالمجوهرات ما زالت تتمتع بمكانة خاصة في عالم الإكسسوارات، رغم ظهور إكسسوارات التقليد ودخول خامات جديدة في عامل صناعة الإكسسوارات غير الذهب والبلاتين والفضة والأحجار الكريمة، حيث تغزو الأسواق حالياً الإكسسوارات المصنوعة من الزجاج الملون أو الكريستال أو الفضة المطلية والنحاسيات والمطعمة بالخرز. ويبقى عامل توفر المال هو الذي يسمح لهذا الحب أن ينطلق أو يظل حبيس القلب والوجدان، وطيفاً ملازماً لحزمة الأحلام لا يعوض عنه سوى زينة الفقراء... أي الإكسسوارات.


مواكبة الموضة وملازمة التوفير

ومن المسلم به إن نساء المنطقة العربية هن العنصر الأكثر أهمية في سوق الذهب والمجوهرات العالمي، وقد تفوقت نسائنا على صناديق الادخار والتوفير المعقدة والمتطورة في سوق المال في العالم، وذلك بفضل الإستراتيجية الأساسية التي يتبعنها، وهي الشراء والاحتفاظ.ولكن ماذا يفعلن اللواتي لا يملكن الجاه لإقناء المجوهرات في عالم تسيره المظاهر البراقة؟طبعا المزيف والتقليد هو الحل..وهذا ما أدى في الأونة الأخيرة إلى ازدهار حركة بيع وشراء quot; الفوبيجو quot; الإكسسوارات المقلدة. وعن سبب توجه السيدات عموماً والفتيات خصوصاً إلى اقتناء الإكسسوارات المزيفة وليست الأصلية أو المجوهرات، أوعز أسامة الزهراني ، أحد أصاحب المحلات المتخصصة في الإكسسوارات غير الأصلية السبب إلى تنامي وتضخم الإبداعات العصرية والحديثة لتصاميم المجوهرات والإكسسوارات، وإلى تسارع وتيرة التغيير والتبديل في الموضة مع ضعف القدرة الشرائية ما يضع المرأة العصرية في مأزق quot; في الماضي كان من الممكن ارتداء القطعة الكلاسيكية ذاتها لفترة طويلة، قد تمتد لأكثر من عامين من دون أن تخرج عن الخط العام للموضة، لذا تحب المرأة أن تشتري قطعة أصلية أو من الذهب والمجوهرات لأنها باقية، لكن اليوم لا يمكن القيام بذلك لأنها ببساطة ستحتاج للكثير من الأموال كي تواكب تغيرات الموضة السريعة التي أصبحت خاصية يتمتع بها الأثرياء دون سواهم، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الذهب بشكل جنوني في الفترة الأخيرةquot;.ومن هنا يستنتج أسامة quot; جاء الاتجاه نحو الإكسسوارات، فبدلاً من شراء زوج من الأقراط المصنوعة من الذهب والمرصعة بالأحجار الكريمة والألماس تتجاوز قيمته الـ 15000 ريال، أصبح من الممكن الحصول على نفس التصميم بزوج مصنوع من الفضة المطلية بماء الذهب الأبيض، ومزين بكريستال الزركون الذي يعد من أفضل أنواع الكريستال المقارب في لمعانه وصفائه الألماس، بالإضافة إلى أحجار كريمة حقيقية من الدرجة الثانية، كل هذا بمبلغ لا يتجاوز 1000 ريال ! هكذا يمكن لعاشقات الموضة أن يسايرن تغيراتها المتسارعة من دون أن يخسرن مبالغ طائلة عند اقتناء القطع الأصليةquot;.

كيف تعبر عن حبك لها ؟

quot; ليس مهماً أن يعتري الفرد منا رغبة شراء قطعة ثمينة من المجوهرات، المهم أن يعرف كيف ينتقيها بما يضمن له أفضل استثمار لأموالهquot; ، هذا ما أكدته ريم ( مدرسة ) والتي أعلنت عن عدم رغبتها بشراء إكسسوارات تقليدية quot; الأصلي أحسن وأضمن quot;. وإذا كانت المجوهرات والألماس نقطة ضعف عند النساء، فإن التأثير الأقوى حين تكون الهدية من شخص عزيز.
ولكن مهما كان من أمر إلا أن هي المجوهرات أفضل تعبير وأقوى ساعي بريد يفصح عن مكنونات قلب كل محب، حيث إنها تحوز على إعجاب الكثيرات، وخاصة تلك التصاميم التي على شكل قلب أو أفكار رومانسية. وقد برزت في الآونة الأخيرة تصاميم القلوب والورود بشكل واضح على مختلف قطع الإكسسوار كالأقراط والخواتم والأطقم وغيرها. ومهما كان تصميم القطعة التي يقع الاختيار عليها مميزاً، يبقى لبصمة الشاري طابع خاص وأثر كبير قد يضاهي الفرحة بالقطعة نفسها، إذ يمكنه أن ينقش اسما أو تاريخاً مميزاً بالنسبة لهما، أو أن يجرد القطعة من الارتباط بمناسبة بعينها بأن يكتب عبارة جميلة تبقى على الدوام متجددة المعاني والمشاعر، وهذه الخدمة (النقش) موجودة عند كل المحلات وبأجهزة حديثة تمكن حتى من اختيار نوع الخط وحجمه.

وكوننا شعوب نامية ومتخلفة ، فإننا نحب كل ما هو براق ورنان، ولكل طبقة بريق يجذبها ورنين يسحرها، ففي حين يحتل الذهب المكانة الأولى لدى الطبقات الشعبية والمتوسطة، تنظر الطبقة الثرية والطبقة المتوسطة العليا والطبقة الغنية من الأصول الشعبية الحالمة بالالتحاق بالنخبة إلى الماس باعتباره سيد الأحجار الكريمة والجدير باقتنائه. ويبقى ان حلم اقتناء الذهب والمجوهرات يراود كل الناس في مختلف العصور ولكن تختلف درجة الأحلام باختلاف الإمكانات فهناك من حلمه لا يتجاوز عدة خطوات وهناك أحلام تعانق السحاب وبين هذا وذاك يظل المعدن النفيس الملاذ الآمن والخيار الصحيح عند الأزمات ، والخيار الأول في المناسبات. ولكن الحاجة أم الاختراع ، فانطلاقا من حقوق الإنسان في عصر الكليب وعمليات التجميل ، ولا سيما حقه في التزين والتباهي بزينته وإن كانت خداعة ، جاءت الإكسسوارات المقلدة لتتدلى على أعناق أصحاب الجيوب المثقوبة ، وتزين معاصم الفقراء وأصابع أبناء الطبقة الكادحة وبنات العامة.