ناصف توفيق

أزمة النقل تختلف من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى، في قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري النقل متوافر طول النهار.. لكن هناك وقت ذروة، في الصباح الباكر والمساء، ذلك وقت العمال.. في ذلك الوقت قد يجد الراكب زحاما في المواصلات.
وأنا في آخر النهار أردت استقلال حافلة عامة من الجامعة للبيت، كنت مستعجلا ولم أنتظر حافلتنا الجامعيةالخاصة، صعدت بعدي شابة متأنقة يبدو أن سنها لا يتجاوز الثلاثين، ما أن استقرت في مكان قرب الشاب المكلف بالقبض حتى سألته عن كلفة التذكرة بتماطل وانطلقت بسيل من الكلام سمعه كل الركاب تقريبا:quot;ما هذا البلد والله ليس ببلد، والناس ليسوا بعباد، الطرقات مهترئة.. الحافلات ممتلئة، والشباب كلهم يتسامرون ولا يطيقون العمل...مذ نزلت إلى المطار وأنا أرى تهريج.. بلاد ميكي !!quot;، وكادت تشخص حالة البلاد التي عجز عن تشخيصها المختصون، قلت في نفسي غريب أنها تشبهنا كثيرا في الشكل والصورة وحتى في طريقة الكلام، ثمّ واصلت الكلام quot;هناك في فرنسا كل شيء بقدره، يعملون طول النهار وكلهم متأدبون ومتخلقون فلا تجد سرقة بل، ولا حتى شتيمة...quot; وهات يا غزل من كل أصنافه، تضايقت منها وكدت أصفعها علها تصمت، وكادت توجه لها الصفعات من كل حدب، ثم غلبتني ابتسامة أبت إلا أن ترتسم معلقة على كل كلامها.
هنا حمل (المحصل) الموقف ورد بقوة: quot;كلنا أبناء هذا الوطن وأنت كذلك فأنت تشتمين نفسك...quot; وأخذ يهزأ بها.
أخيرا عمّ بعض الهدوء وعرفت أنها لم تعرف شيئا عن العالم حتى وجدت نفسها فجأة في فرنسا، ربما لشهرين أو ثلاثة فانبهرت بما لم تره أصلا، بل ربما أضحكت الفرنسيين منها لفترة لجهلها وتخلفها، وليس بعيد أن يكونوا قد طردوها من بلدهم لأنها عالة عليهم، فلم تطق الوضع وما أن وصلت إلى المطار وضعت القناع الفرنسي لأنها تحسب أنها صارت منهم وبدأت تتحامق...
صاح محصل التذاكر: موقف الصّوناكوم، صحوت من غيبوبتي الفكرية وترجلت إلى منزلي عكر المزاج.
يسعد صفحة الشباب تقبل مساهماتكم، واقتراحاتكم على بريد:[email protected] |
التعليقات