بلغ عزوف اليابانيين عن الجنس حدًا دفع وسائل الاعلام المحلية الى نحت تسمية لهذه الظاهرة هي "متلازمة التبتل" التي يعاني منها اليابانيون، رجالاً ونساء، وهو ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي مع تراجع نسبة الانجاب بشكل حاد.


ما تنشره وسائل الاعلام المحلية عن ضعف الرغبة الجنسية لدى اليابانيين لا يقتصر على اليابان وخصوصياتها الثقافية ، بما في ذلك نظرة الياباني الى الجنس ، بل تمتد تداعيات الظاهرة الى الاقتصاد العالمي بأكمله. فإن اليابان هي ثالث أكبر اقتصاد في العالم وحلقة بالغة الأهمية في سلسلة التجارة العالمية وعامل مؤثر في الأحوال الاقتصادية لكل إنسان على الكرة الأرضية. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن ديون الولايات المتحدة لليابان تبلغ 1.1 ترليون دولار. وهي من أكبر الشركاء التجاريين لدول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.

ويواجه الاقتصاد الياباني متاعب خطيرة يمكن أن تسبب تردياً في الاقتصاد العالمي برمته. وأكبر مصدر لمتاعب الاقتصاد الياباني هو التركيب السكاني وشيخوخة المجتمع الياباني. فاليابانيون لا ينجبون ما يكفي من الأطفال لإدامة إقتصاد متعافٍ. ومن الأسباب الكبيرة لعدم إنجاب الأطفال بأعداد كافية أن اليابانيين يعزفون عن إقامة علاقات رومانسية أو الزواج ويعود عزوفهم هذا، من بين عوامل أخرى ، الى ضعف رغبتهم الجنسية.&
&
الجنس غير مثير

وأوردت صحيفة واشنطن بوست ارقاماً مستقاة من تقرير نشره مركز السكان الياباني عام 2011 تبين أن نسبة عالية من اليابانيين لا يجدون الجنس مثيرًا. وبحسب هذه الأرقام، فإن 45 في المئة من النساء و25 في المئة من الرجال في سن 16 الى 24 سنة "لا يرغبون في الاتصال الجنسي أو ينفرون منه".
&
وتزيد نسبة اليابانيين غير المتزوجين على 50 في المئة في حين أن 49 في المئة من غير المتزوجات و61 في المئة من غير المتزوجين في سن 18 الى 34 سنة لا يرتبطون بأي علاقة رومانسية. وتزداد نسبة هؤلاء اليابانيين واليابانيات في كل الفئات العمرية بمعدلات مطردة منذ تسعينات القرن الماضي.

لم يمارسوا الجنس بتاتًا

كما تبين الأرقام الرسمية أن أكثر من ثلث اليابانيين في سن الإنجاب لم يمارسوا الجنس في حياتهم: 39 في المئة من النساء و36 في المئة من الرجال في سن 18 الى 34 سنة. ولم تتغيّر هذه النسب عملياً خلال العقد الماضي لكنها نسبة عالية بدرجة غير معهودة.
ويقدر معهد الدراسات السكانية الياباني أن احتمالات أن تبقى اليابانية التي في اوائل العشرينات من العمر عازبة تبلغ 25 في المئة واحتمالات ألا تنجب اطفالاً طيلة حياتها 40 في المئة.

تأثير كارثي على الاقتصاد

وتشكو المرأة اليابانية منذ عام 2006 من عدم اهتمام الرجل أو عدم رغبته بالجنس الآخر. ونشأت صناعة كاملة في اليابان لمساعدة الرجال الذين يعزفون عن العيش حياة رومانسية على تحمل الوحدة من خلال العاب الكترونية تحاكي العلاقة مع الجنس الآخر، وحتى قضاء فترة من الوقت في منتجعات خاصة.
&
ولهذه البيانات والمعطيات كلها دلالات يمكن أن تكون كارثية على الاقتصاد. فإن عدد السكان ينخفض بمعدلات سريعة. وسجل العالم الماضي هبوط عدد السكان بواقع 212 الفاً ، وهو أكبر انخفاض مسجل. وما زالت معدلات الولادة تتراجع حيث بلغ عدد الولادات 1.03 مليون ولادة حية في عام 2013 بالمقارنة مع 1.21 مليون ولادة حية في العام السابق عليه.

وما يزيد مشكلة الشيخوخة السكانية تفاقماً أن مديونية اليابان العامة من أكبر المديونيات في العالم. فهي تبلغ 200 في المئة من اجمالي الناتج المحلي ، أو أكبر حتى من مديونية اليونان. وحذر الاقتصاديان الاميركيان بيتر بون وسايمون جونسون في مجلة اتلانتيك من أن اليابان يمكن ان تواجه موجة من الافلاسات تؤدي الى فقدان الثقة على نطاق أوسع وبذلك تفجير أزمة حتى أعمق من أزمة اليورو. ويمكن ان ينظر المستثمرون الى شيخوخة اليابان وانكماش قاعدتها الضريبية ليقرروا أن الاستمرار في اقراض اليابان قد لا يكون استثمارًا آمنًا، وبذلك تقويض الثقة وربما دفع اليابان الى العجز عن سداد ما عليها من التزامات مالية.

وبما ان اليابان تملك 1.1 ترليون دولار من سندات الخزينة الاميركية، فإن حدوث انهيار مالي في اليابان ستكون له آثار مخيفة على الاقتصاد الاميركي ايضاً. ولعل الأسوأ من ذلك أن هذا الانهيار يمكن ان يهدد الاقتصاد الصيني المتباطئ اصلاً. فإن الصين أكبر شركاء اليابان التجاريين وأن اقتصاديهما مترابطان ترابطاً وثيقاً بين احدهما الآخر.

ويدرك المسؤولون اليابانيون المخاطر الناجمة عن هبوط معدلات الولادة في بلدهم. لذا أُعدت برامج لتشجيع الشباب والشابات على التلاقي وكثيرًا ما ينهمك السياسيون اليابانيون في نقاشات واسعة حول سبل زيادة الانجاب.