&
&في خضم الغزو التكنولوجي السريع، والذي يستهدف الأطفال بشكل خاص، نجد الآباء في حيرة شديدة من أمرهم في عملية ضبط استخدام أطفالهم للأجهزة الذكية، ونخص بالذكر استخدام الأطفال للآيباد بشكل مفرط، نظراً لسهولة حمله وجاذبية التطبيقات الخاصة به، والتي تحاكي جميع الأعمار.
دبي: تزايد بشدة في الفترة الأخيرة استخدام الأطفال دون سن السنوات الخمس لأجهزة الحاسب اللوحية مثل "التابلت والآيباد"، وبعض الأسر تعطيها لإبنها وعمره ما زال ستة أشهر، ما قد يصيبهم بإدمان استخدام تلك الأجهزة من دون ملاحظة الأهل لمخاطر النتائج وضرورة معالجتها.
تقول الدكتورة مروة شومان، خبيرة الصحة النفسية والمستشارة النفسية والسلوكية بدبي في حوار مع "إيلاف" إن الآباء قد يتفاخرون عندما يجدون أبناءهم الصغار يستطيعون التعامل مع الأجهزة الذكية مثل (الآيباد ) وهم لا يعلمون حجم الأضرار التي ستقع على أبنائهم. مضيفة أن هناك أضراراً سلوكية ونفسية كبيرة قد تحدث لهم نتيجة الاستخدام المفرط لتلك الأجهزة. فاستخدام الأجهزة ذات خاصية اللمس للأطفال دون الخامسة يعمل على ضعف عضلات أصابع الأطفال الصغار، وبالتالي التأخر في القدرة على الكتابة، وضعف في المهارات الحركية نتيجة الجلوس لفترات طويلة .
منوهة بأن الخبراء حذروا في بحث جديد لـ"الأكاديمية الأميركية لسلوكية ونفسية الأطفال" من أن استخدام الأطفال المتزايد للأجهزة الذكية الحديثة مثل "الآيباد" التي تعمل باللمس من الممكن أن يؤدي إلى ضرر بالغ في اليدين والأصابع. وبيّن الخبراء بأن آلية استخدام هذه الأجهزة وطريقة التعامل معها لا تساعد على بناء العضلات لدى هؤلاء الصغار مما يجعلها ضعيفة وتتأثر على المدى الطويل، لأن استخدامهم لشاشات اللمس يحول دون بناء العضلات الضرورية للكتابة، وقد تضمن البحث تنبيهًا رئيسيًا للوالدين على ضرورة تمرين عضلات الكفين والأصابع لأطفالهما باعتماد الكتابة.
نوبات الصرع
تتحدث شومان عن خشية كبيرة من عدم وضوح مدى الضرر الفعلي الذي قد ينتج على المدى الطويل لأنسجة وعضلات اليدين نتيجة تأثرها بهذا الضعف الحاصل عن عدم تنويع طريقة حركتها. مبينة أن الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة الموجودة في هذه الألعاب يتسبب في حدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال، وحذر العلماء من الاستخدام المستمر والمتزايد لألعاب الكمبيوتر الاهتزازية من قبل الأطفال لاحتمال ارتباطه بالإصابة بمرض ارتعاش الأذرع.
أما عن الآثار السلوكية التي تخلفها ألعاب الصراعات والحروب، أوضحت الدكتورة شومان أنها تتمثل في تعزيز ميول العنف والعدوان لدى الأطفال والمراهقين، حيث إن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين والتدمير، والاعتداء عليهم من دون وجه حق، وبذلك تصبح لدى الطفل أو المراهق أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها من خلال تنمية عقولهم وقدراتهم ومهاراتهم العدوانية التي يترتب عليها في النهاية ارتكاب جريمة، وهذه القدرات مكتسبة من خلال الاعتياد على ممارسة تلك الألعاب.
ونوّهت بأن بعض البحوث العلمية أكدت أن هذه الألعاب قد تكون أكثر خطراً من أفلام العنف التلفزيونية أو السينمائية، لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل، وتتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها، وأدت هذه الألعاب الإلكترونية ببعض الأطفال والمراهقين إلى حد الإدمان المفرط ما اضطر بعض الدول إلى تحديد سن الأشخاص الذين يسمح لهم بممارسة هذه الألعاب.
وحذرت دراسة من أن الإدمان المرضي على ألعاب الفيديو قد يسبب اضطرابات النوم والفشل على صعيد الحياة الخاصة أو الدراسة، وحدوث الكسل والخمول والعزلة الاجتماعية لدى الأطفال، بالإضافة إلى التوتر الاجتماعي وفقدان المقدرة على التفكير الحر وانحسار العزيمة والإرادة لدى الفرد.
&
الرجوع للطبيعة
ومضت شومان تقول إنه "في حين أن استخدام وسائل تعليمية بسيطة مثل (وسائل منتسوري)، المستوحاة من الحياة الطبيعية الواقعية للطفل، يأتي بنتائج رائعة، مثل أن يتم وضع 4 صناديق خشبية أمام الطفل، ويتم تعليمه على وضع أشياء في كل صندوق مصنفة وفق اللون أو الحجم على حسب الفكرة التي تريد تعليمها لطفلك، وهنا يستخدم الطفل كل حواسه وينمي كل مهاراته خاصة المخ ، أو أن تصنع الأم وسيلة تعليم من وسائل منتسوري في المنزل".
مبينة أن المخ مسؤول عن إدارة كل أجهزة الجسم والتفاعل معها، فكلما زاد نشاط الطفل واجتهاده في العمل اليدوي وتفاعله مع الآخرين، وتعرضه لخبرات جديدة، واستخدم الوسائل البسيطة التقليدية والشعبية في اللعب مثل اللعب بالكرة أو عمل تمثيلية أو استخدام المكعبات والألوان الخشبية والشمعية والصلصال الملون أو اللعب بالرمل وتلوين المكرونة، كلما ازدادت أعداد الخلايا النشيطة في مخه، وتضاعفت أعداد الموصلات العصبية بين هذه الخلايا، وبالتالي يزداد ذكاء وحكمة الطفل وتنمو قدراته الإبداعية والابتكارية وتبرز مواهبه.
وذكرت شومان أن فص المخ الأيمن للطفل مسؤول عن العواطف كالفرح والحزن والغضب والحنان والقسوة والمشاعر النفسية والابتكار والموهبة والإبداع والفراسة والحكمة. أما فص المخ الأيسر فمسؤول عن الحساب والتركيب والمنطق والتنظيم والحفظ والتطوير ومقارنة المعلومات. لافتة إلى أنه رغم هذا، فإن الطفل لا يستخدم مع الأجهزة الذكية والآيباد كل قدرات مخه، كما يحبط من قدرات أخرى ويجعلها في حالة خمول. فعندما يستخدم الآيباد يحبط قدراته على التواصل الطبيعي، وقد أثبتت دراسات حديثة تمت في ألمانيا حدوث حالات نفسية للأطفال من عدوان وسلوك سيئ وحالات عصبية وعدوانية بسبب الإفراط في استخدام أجهزة الآيباد.
أضرار الأشعة
وأكدت أن أشعة أجهزة الآيباد قد تؤثر في صحة الطفل، حيث أوضحت الدراسات أن معدل امتصاص الجسم بالنسبة للمجال الكهربي يبلغ قمته عندما يكون طول الجسم مساوياً لـ0.4 تقريبًا من طول الموجة، وعند ذبذبات تتراوح قيمتها بين 70-80 ميجاهرتز (الذبذبات الرنينية) يكون الإنسان معزولاً عن التلامس الأرضي. وقد لوحظ أن ملامسة الإنسان للأرض تحت هذه الظروف تخفض الذبذبات إلى ما يقرب من النصف (35-40 ميجا هيرتز)، ويوضح ذلك أهمية العناية بعدم تعريض الطفل بقدر المستطاع لأجهزة الآيباد أكثر من ساعة يوميًا ولغرض محدد. موضحة أن الأطفال الذين يشاهدون الأفلام أو يتصفحون الإنترنت على الكمبيوتر اللوحي أو كمبيوتر محمول قبل النوم يعرضون أنفسهم لاضطرابات في النوم.
اضطراب النوم
ووفقاً للدكتورة شومان، كشفت دراسة من مركز أبحاث الإضاءة بمعهد الفنون التطبيقية "رينسيلار" في ولاية نيويورك، عن أن استخدام الآيباد لمدة ساعتين في اليوم يفرز هرموناً في الجسم يمنح الأطفال حيوية على مدار الساعة، ويساعد على جعل النعاس صعباً. وفي بعض الأحيان يحدث ذلك خللاً في الاتزان لطول فترات التركيز في الشاشة.
ونوهت شومان بأن هناك آثاراً سلبية للألعاب الإلكترونية وإدمان المراهقين عليها، ومنها حدوث أمراض نفسية كاضطراب النوم والقلق والتوتر والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية والانطواء والانفراد بالكمبيوتر، وانعزال الطفل نفسه عن الأسرة والحياة والاكتئاب والانتحار. هذا فضلا عن إصابة الطفل بضعف التحصيل العلمي والرسوب والفشل في الدراسة وتحصيل علامات منخفضة. وتظهر كذلك سلوكيات سلبية مثل العنف والقسوة وضرب الإخوة الصغار وإيذاء الإخوة بعضهم بعضاً من خلال تقليد ألعاب المصارعات وتطبيقها في الواقع، وعدم سماع الإرشاد والتوجيهات والتمرد، وحدوث مشاكل صحية وألم في أسفل الظهر وآلام الرقبة، وضعف في عضلات المثانة والتبول اللاإرادي، وضعف في الأعصاب وخمول وكسل في العضلات.
فوائد الآيباد
وذكرت أنه بالرغم من المساوئ والسلبيات العديدة للآيباد وأجهزة التابلت إلا أن له بعض الفوائد، ومنها الأغراض التعليمية شريطة أن يكون استخدامها تحت توجيه المعلم أو ولي أمر الطفل، وهي أغراض محددة الهدف والمضمون. وكذلك استخدامه في أغراض البحث عن المعلومات وحفظ القرآن الكريم والترفيه والتسلية بشرط وجود زمن محدد أقصى لا يزيد استخدام هذه الأجهزة عنه، وهو لمدة ساعة واحدة في اليوم، ويتم تحت إشراف الآباء أو الأمهات.& وبينت أن هناك تطبيقات موجودة في الآيباد قد تكون مفيدة للأطفال في علاج النطق واللغة وعلاج مرضى التوحد. حيث أن طفلاً كان مصاباً بالسكتة الدماغية مع فقدان للنطق، استطاع عن طريق أحد تطبيقات الآيباد التعبير عن نفسه بـ 110 كلمات وتم تدريجيًا علاجه واستعاد النطق والتعبير عن نفسه بشكل جيد.
كيفية العلاج من إدمان الآيباد
وحول كيفية العلاج من إدمان الأطفال للآيباد، قالت شومان إن ذلك يتم عبر عدة خطوات، منها تقليل وقت استخدام الآيباد ليكون نصف ساعة يومياً تقل بمقدار خمس دقائق تدريجيًا كل يوم، حتى تصل إلى صفر استخدام لتلك الأجهزة. مع عمل جدول من النشاطات الخارجية الحركية للأطفال مثل تنظيم دروس رياضية لهم كالكاراتيه والسباحة وكرة القدم وغيرها. ومحاولة إيجاد ألعاب جديدة للفت انتباه الطفل وتحويل انتباهه عن استخدام الآيباد وتنبيه الجميع بعدم وجود الآيباد بالمنزل. وإعطاء الطفل حصة من المكسرات المتنوعة لتلافي الصداع الوهمي الذي سينتابه جراء عدم استخدامه لمثل تلك الأجهزة، وإشعار الطفل بالحنان واحتضانه من قبل الوالدين أكثر من مرة في اليوم.
&
&
التعليقات