محمد عبده مع هالة سرحان
فاتن حموي من بيروت: مَن تواضع من الفنانين حقيقة وليس مراوغة وزيفاً، ارتفعت أسهمه لدى الجمهور وحفر احتراماً لا يهتز مع اهتزازت السوق الفنية وولوج أسماء وأشكال عدّة على الساحة الغنائية، والتواضع كان وسيكون دوماً من شيم الكبار. فنان العرب محمد عبده وفي إطلالته عبر برنامج قناة 5 نجوم مع الإعلامية هالة سرحان مساء الأحد، أعطى دروساً للجمهور والفنانين على حد سواء في التواضع والأخلاق، فتح قلبه وتحدّث عن يُتمه ونشأته في أحد دور الأيتام مع شقيقه أحمد، وبكل فخر قال إنّه وعائلته كانوا يقطنون في أحد منازل الفقراء التي يبنيها المحسنون، وأعلن أنّه يُذكّر أبناءه دوماً بالحرمان الذي عايشه في طفولته ليشكروا الله على النعم التي يرفلون بها.

فسّر عبده المقامات الموسيقية وليس الأمر بالغريب طبعاً، إلا أنّه تحدّث عن تجربة الموسيقار محمد عبد الوهاب وأعطى نماذج حول اقتباسه من موسيقى الغرب. وأسهب في الحديث عن المقامات الخليجية.

وتحدّث عن صوتي السيدتين أم كلثوم وفيروز مؤكداً أنّه لا يستمع لسواهما في سيارته، وأهدى جمهور الطرب والغناء الأصيل أغنيتين دندنهما على طريقته المميّزة، الأولى هي quot;حلمquot; لأم كلثوم الشهيرة بـ quot;حبيبي يسعد أوقاتوquot; وأسعد أوقات مَن تابعه عبر شاشة روتانا موسيقى، والثانية هي quot;طلعلي البكيquot; لفيروز. فنان العرب اعتبر أنّ أم كلثوم عاشت للفن فقط وكان هدفها والتزامها معلناً أنّ الغناء العربيّ يُؤرخ من عندها وأنّ الغناء بخير ما دام صوتا أم كلثوم وفيروز معنا، مثنياً على بعض الأصوات الجميلة منها: عبد المجيد عبد الله، عبد الله الرويشد،أصالة، أحلام، نوال الكويتية، أنغام، وشيرين... وبالنسبة إلى الزمن الغنائي الحالي قال إنّه زمن الـ Auto Tune، فالصوت أصبح في خدمة الآلة وليس العكس ما يعني انقلاباً في المعادلة.
وعن النقد الذي كان يطاله ويجرحه في بداياته قال إنّ الشائعات والفبركات والنقد تعني أنّ الفنان يعمل ومَن لا تطاله هذه الأمور لا يعي معانيها.

عبده انتقد الفضائيات مقسّماً إيّاها إلى قسمين الأول مختصّ بالعنف ومشاهد القتل والعنف والدماء، والثاني يعيش حالأ من التسيّب والتفاهة.

أغنيات كثيرة ردّدها محمد عبده في تلك الليلة الشاهدة على أصالة العمالقة منها: بعاد كنتم ، مذهلة، ويا مركب الهند التي حقّق بموسيقاها مزواجة بين النغمين المصري والحجازي.

كانت الحلقة باختصار ليلة استثنائية فنياً وإنسانياً لمحمد عبده وهالة سرحان ولمَن تابعها، وتمّ تمديدها لنصف ساعة لأنّها تتعدّى حدود حلقة تلفزيونية فهي تصل إلى مصافي كتاب تثقيفي في شتّى ميادين الحياة... وانحناءة رأس العمالقة أمام الجمهور ليست إلا دليلاً على روعة تواضعهم.


تصوير :رامي بربور