التفاهم السعودي - المصري ـ الأردني أعاد للقضية الفلسطينية أولويتها ومركزيتها ... واستقبال مشعل في عمان غير وارد ...


نبيل غيشان - rsquo;rsquo; الحياة rsquo;rsquo;


قال رئيس الحكومة الاردنية معروف البخيت ان التعديل الوزاري الوشيك سيكون طفيفاً ومعياره الانجاز، موضحاً ان المبرر الوحيد لهذا التعديل هو ان laquo;هناك خطوات جديدة تتطلب رؤى جديدةraquo;. واضاف في مقابلة اجرتها معه laquo;الحياةraquo; ان التفاهم الاردني - السعودي - المصري اعاد الاولوية والمركزية للقضية الفلسطينية. ورفض خيار الكونفيديرالية بين الاردن والفلسطينيين، وقال: laquo;المسألة محسومة بالنسبة الينا. نحن مع قيام دولة فلسطينية مستقلة سيدةraquo;. كما رفض الدعوات الى العودة عن قرار laquo;فك الارتباطraquo; مع الضفة الغربية، معتبراً انها تحايل على اعلان الدولة الفلسطينية. وبعدما اشار الى ان قرار وحدة الضفتين كانت له كلفة سياسية عالية على الاردن، شدد على ان laquo;مصلحة الفلسطينيين في تأكيد هويتهم ودولتهم، وغير ذلك ضار بمصالحهمraquo;. وقال ان استقبال رئيس المكتب السياسي لحركة laquo;حماسraquo; خالد مشعل في الاردن غير وارد، موضحا ان laquo;الأردن لا يتعامل على المستوى الرسمي مع منظمات او حركات، نحن نتعامل حصريا مع حكومات، والسيد مشعل ليست له صفة رسمية حتى في حكومة حماس، وبالتالي فإن الحديث عن استقباله في عمان غير وارد، وغير مطروح اساساًraquo;. في ما يأتي نص المقابلة:


gt; وافق الملك عبدالله الثاني على طلبكم إجراء تعديل وزاري على الحكومة، ما هي أهداف هذا التعديل؟

- هناك خطوات ضمن برنامجنا الحكومي نفذها وزراء بكفاءة عالية، وهناك خطوات لاحقة قد تتطلب دخول وزراء جدد لإكمال تنفيذ البرنامج، وهذا لا يعني بالضرورة ان من سيخرج كان مقصراً. هناك خطوات جديدة تتطلب رؤى جديدة، وهذا هو المبرر الوحيد او الحصري لإجراء التعديل الوزاري.


gt; هل ستطبقون معيارا محددا؟

- نعم. الإنجاز هو معيارنا، لكن التعديل سيكون طفيفاً وفيه مناقلات او دمج او فك للحقائب الوزارية.


gt; هل هناك تعديل على البرنامج الوزاري؟

- لا طبعا. لكن لا يعني ان من يخرج ليس منسجماً معنا، بل ان ضرورات المرحلة الحالية تتناسب مع شخص آخر.


gt; الحديث اخيرا عن العودة عن قرار laquo;فك الارتباطraquo;، هل هذا الأمر واردا لديكم؟

- المهم بالنسبة الينا في الأردن، الان وفي كل وقت، هو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وكل ما هو عدا ذلك كلام في غير زمانه مهما كان مكانه. وهو كلام لا أظنه أبداً يخدم القضية الفلسطينية. الظروف التي جاء ضمن سياقها قرار وحدة الضفتين عام 1950 تبدلت بشكل كلي، واذا كان قرار وحدة الضفتين جاء لصون الهوية الوطنية الفلسطينية، فإن قرار فك الارتباط جاء لتكريس هذه الهوية وتدعيم الحق الفلسطيني المقدس في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبالتالي هو قرار استراتيجي أردني.

عندما تم إعلان وحدة الضفتين في مؤتمر اريحا عام 1950، كان القرار مشروطاً بالحفاظ على الهوية الفلسطينية وعدم ذوبانها أو الحاقها بأي هوية اخرى، كما ان القرار نص صراحة على ان تكون الضفة الغربية بمثابة laquo;الوديعةraquo; لدى الأردن لحين تحرير كامل التراب الفلسطيني واقامة الدولة الفلسطينية. وهذه الصيغة المشروطة لا يمكن استعادتها الان بعد التطورات التي عاشتها القضية الفلسطينية خلال اكثر من 56 عاما على مؤتمر اريحا.

لا بد من التذكر ايضاً ان قرار وحدة الضفتين كانت كلفته السياسية عالية جداً على الأردن، اذ جوبه القرار آنذاك بمعارضة عربية رسمية وحتى دولية واسعة، واستمر ذلك حتى مؤتمر الرباط عام 1974 عندما كان الأردن جزءا من الإجماع العربي الذي اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاُ شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، فتحولت بذلك وحدة الضفتين الى حالة رمزية تمسك بها الأردن حتى عام 1988 عندما اعلن الملك الراحل (الملك حسين) قرار فك الارتباط ليفتح المجال أمام المنظمة لتمثيل الشعب الفلسطيني في المرحلة التالية من دون اي لبس سياسي.


gt; ماذا تعني لكم الأصوات المطالبة بالعودة عن القرار؟

- المطالبة بالعودة عن قرار laquo;فك الارتباطraquo; ملتبسة وغير مفهومة وتأتي في مرحلة حساسة ومعقدة وتكمن مصلحة الأشقاء الفلسطينيين فيها بتأكيد هويتهم وتكثيف الجهود وحشدها باتجاه اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة. وكل ما عدا ذلك هو تحايل صريح على الهدف الأسمى ويضر بالمصالح الفلسطينية والمصالح الأردنية معاً.


gt; هناك إجراءات حكومية سمحت بتمديد جوازات السفر الأردنية لأبناء غزة، كيف تفسر ذاك؟

- الإجراءات الأردنية في هذا الاطار هي اولاً اجرائية بحتة، وثانيا تسهيلية بمعنى اننا في الأردن، وبتوجيهات مباشرة من جلالة الملك، لا نقبل بأن يكون الجانب السياسي او حتى السيادي نقيضاً للجانب الانساني. ونسعى دائماً الى المواءمة بحيث لا يطغى اعتبار مهم على اعتبار آخر لا يقل أهمية.

ليس معقولاً ولا مطلوبا ان تصبح حياة الغزيين في الأردن مستحيلة ومعقدة تحت ذريعة الاعتبار السياسي. في الجانب السياسي نحن قادرون على الدفاع عن موقفنا ورؤيتنا واستراتيجياتنا بكفاءة عالية وعبر القنوات والآليات المعروفة. وفي الجانب الانساني، لا نرضى ابداً ان يشعر اي عربي، فضلا عن الفلسطيني، بالضيم في حمى الهاشميين. وليس من ادبياتنا ولا تراثنا عزل الناس في محميات بالحد الادنى من شروط العيش خوفاً من الاعتبارات السياسية. هاتان قضيتان منفصلتان، وموقفنا السياسي اصلب واقوى مما يخاله البعض، والبعد الانساني يزيده قوة ولا يضعفه.


gt; الشكل الاتحادي في العلاقة الأردنية - الفلسطينية، هل تجاوزه الزمن؟

- المسألة محسومة بالنسبة الينا في الأردن. نحن مع قيام دولة فلسطينية مستقلة سيدة قادرة على شق طريقها وتحديد خياراتها بدقة وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية الفلسطينية. كل جهود الأردن التي يقودها جلاله الملك تصب في خدمة هذه الغاية. وجلالته ايضا يدفع باتجاه موقف عربي صلب في هذه الاطار. ومن غير الوارد ان يقبل الأردن بأي فرضيات أخرى تتجاهل الأولويات ولا تقرأ بدقة حقيقة التحولات والظروف الناشئة.


gt; لماذا ما يزال الأردن عاجزا عن حل قضية الأسرى الأردنيين في إسرائيل؟

- الأردن ليس عاجزا عن حل هذه القضية، هناك إنجازات نوعية تحققت على صعيد هذه الملف. ونحن نتابعه عبر القنوات باستخدام الآليات الأكثر نجاحاً وتأثيرا.


gt; لكن الإنجازات غير ملموسة؟

- صحيح ان الحل لم يكن بالسرعة التي تخيلها البعض، وهذا يعود لطبيعة الملف وتعقيداته وتداخل القضايا والتصنيفات. وقد أكون ملماً الى حد بعيد جدا بكل تفاصيل هذه الملف بحكم طبيعة عملي سابقاً، عندما كنت سفيرا للأردن في تل ابيب. ولا ابالغ بالقول انني اعرف الاسرى واحدا واحدا واعرف عائلاتهم وذويهم، واعرف ايضاً حجم الجهود التي بذلت لحل هذا الملف ونوعيتها بالنظر الى تعقيداته.


gt; لماذا لم تستجب إسرائيل اذن لمطالب الإفراج عن الأربعة المعتقلين قبل توقيع اتفاق السلام؟

- نحن في حال سلام مع إسرائيل، وقنواتنا محددة وواضحة. وليست لدينا وسائل ضغط غير منطق القانون واستثمار علاقاتنا في هذا الاطار.


gt; الشعور لدى العرب بأن الولايات المتحدة تخذل أصدقاءها، الى اي مدى انتم مطمئنون؟

- نحن مطمئنون اكيد، لكن ليس بسبب علاقاتنا مع الولايات المتحدة فحسب، نحن مطمئنون لثقتنا بشعبنا والتفافنا جميعاً حول قيادتنا ومؤسساتنا الوطنية. ونحن مطمئنون لأن القيادة الأردنية حافظت، برغم كل المتغيرات والتحديات، على سلامة العقد الاجتماعي مع شعبها. وكانت دائماً الأكثر انسجاماً مع رسالتها وثوابت امتها ومع المصالح العليا لشعبها.

العلاقات الأردنية - الأميركية قديمة ومتينة، لذلك هي علاقات لها تقاليدها ونحن نتحدث عن علاقات بدأت كخيار عندما كانت الخيارات الأخرى كلها مطروقة ومتاحة. وفي زمن الاستقطابات، تمسك الاردن بخياره وثبت لاحقاً لكل المشككين والاتهاميين ان خيارنا كان سليما وانه وبالأساس كان لخدمة القضايا العربية ولإيصال صوت العرب الى مراكز صناعة القرار الدولي. نعم الأردن يؤمن بالانفتاح على العالم وإيصال صوت العرب واستثمار هذه العلاقات لتحسين صورة العرب والدفاع عن عدالة قضيتهم المركزية.

علاقاتنا مع الأميركان ليست فقط مع الحكومة الأميركية، لقد استطاع جلالة الملك ان ينقل صوت الاعتدال العربي الإسلامي الى اهم الهيئات والفعاليات والمنظمات غير الحكومية ومراكز الضغط الأميركية بكل مقدرة واحتراف. ونذكر جميعاً حركة جلالة الملك ونشاطاته داخل قوى المجتمع في أميركا بعيد اعتداءات ايلول (سبتمبر) بهدف توضيح صورة الإسلام المشرقة وتوضيح الوجه الحضاري لرسالته بمنأى عن تأثيرات الاعتداءات الكارثية على صورة العرب والمسلمين في الأوساط الأميركية غير الرسمية بالدرجة الأولى.

علاقاتنا مع الأميركان استراتيجية ولها تقاليدها، وهي جزء من منظومة علاقات الأردن الدولية التي نعتز بها.

نحن لسنا نظاما معزولاً بل نصر على ان تكون علاقاتنا مع العالم مفتوحة وعلى قاعدة التكافؤ وبعيداً عن منطق التبعية. اما ثقتنا واطمئناننا وارادتنا، فنستمدها اولا من أيماننا بالله وثقتنا بشعبنا ورسالة قيادتنا.


gt; الهجمة التي تشنها الصحافة الأميركية والمنظمات غير الحكومية على الأردن، كيف تفسرونها اذن؟

- نحن غير معجبين بنظرية المؤامرة، ونحن قادرون على قراءة طبيعة اداء بعض الصحافيين والمنظمات ومن دون ان نبالغ في تقدير حجم الاشياء. وهناك إساءات ظهرت فعلا بحق الأردن وقيادته من قبل صحيفة او صحافي ما، وفي بعض تقارير الهيئات، ونحن نعرف الأسباب الحقيقية لهذه الإساءات، ونعرف ان وراءها في بعض الحالات اعتبارات لا علاقة لها بالتوجه العام للسياسة الأميركية تجاه الأردن ومواقفه.

لا أحد يفهم طبيعة تكوين الهيئات والمؤسسات الأميركية، ويمكن ان يتوه في قراءة ما يعبر عن رأي الحكومة أو رأي المنظمات او نزعات الأفراد. ولمزيد من التوضيح، فان احدث إساءة تعرض لها الأردن في التقارير الأميركية، كانت بسبب نزعة فردية شخصية لدى أحدهم، ونحن نعرف أسبابها جيدا ولا نظن انها تعبر عن موقف المجتمع الأميركي. مثلما ان هناك إساءات طالت الأردن في التقارير الأميركية، فهناك ايضا اشادات نوعية بالأردن ونهجه وتجربته اللافتة في تقارير أميركية اكثر اتزانا وانتشارا.


gt; هل تقلقكم هذه الانتقادات؟

- لا تقلقنا مع أننا نهتم بها ونتابعها ونرفض المبالغة في تأويلها او تقدير حجمها او افتراض وجود مؤامرات كبرى وراءها. لكن يبدو لي انه كلما تحرك الأردن بشكل فاعل في بعض القضايا السياسية، نجد ان هذا الاداء لا يرضي البعض.


gt; بعد التوتر الاخير في العلاقة الاردنية الرسمية مع laquo;حماسraquo;، جاء قرار حكومي بالموافقة على تجديد جواز سفر خالد مشعل، هل هناك انفراج بالعلاقة؟

- ما تطلق عليه الصحافة وصف توتر في العلاقة مع حماس سببه اصرار الأردن على احترام قوانينه السارية وعدم التدخل السلبي في شؤون الآخرين او ممارسة اي ضغط غير مباشر عليهم عبر وسائل غير شرعية. وهذا سبب تحويل مشعل ورفاقه الى القضاء قبل ان يختاروا السفر الى قطر لطي الملف انذاك. ولذلك ايضا حصل السيد مشعل على حقه في تجديد جواز سفره الأردني عندما دعت الحاجة لذلك. القاعدة في الحالتين واحدة وهي احترام القانون وعدم السماح بأي تجاوز له.


gt; والانفراج بالعلاقة؟

- هذا يكون عبر قنوات رسمية، وبما ان laquo;حماسraquo; هي الان laquo;الحزب الحاكمraquo; في السلطة الفلسطينية، فان العلاقة ستكون عبر القناة الرسمية. واذا كانت هناك ملفات عالقة مع الحكومة الفلسطينية التي تقودها laquo;حماسraquo;، فان هناك قنوات وتقاليد للتعاطي مع هذه القضايا. والأردن تقليديا لا يتعامل مع منظمات وفصائل في القضايا الرسمية تحديدا، نحن نتعامل مع أنظمة وحكومات، وبالتالي ليست هناك علاقة مباشرة تنفرج او لا تنفرج مع السيد مشعل.


gt; هل فقد الأردن مركزا مهما في التأثير بالقضية الفلسطينية بعد توتر علاقاته مع laquo;حماسraquo;؟

- أي تأثير هو المقصود؟ نحن لا نريد ان نؤثر في القضية الفلسطينية نفسها، نحن نسعى للتأثير لصالح القضية الفلسطينية. وهدفنا الحقيقي هو خدمة الشعب الفلسطيني ورفع معاناته، وليس اللعب بالشعب الفلسطيني وتعميق معاناته. ونحن لا نتعامل بمنطق مراكز التأثير او أوراق الضغط أو ما شابه من أسماء ومسميات، نحن واضحون وصريحون ومباشرون جدا في أهدافنا وفي التعبير عنها.


gt; هل لديكم شروط لاستقبال مشعل كرئيس للمكتب السياسي لحركة laquo;حماسraquo;؟

- على اي أساس يتم استقبال مشعل؟ كما قلت لك، الأردن لا يتعامل رسمياً مع منظمات او حركات، نحن نتعامل حصريا مع حكومات، والسيد مشعل ليست له صفة رسمية حتى في الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس، وبالتالي فان الحديث عن استقبال مشعل في عمان غير وارد، وهو بالاساس غير مطروح.


gt; اتهامات laquo;حماسraquo; للأردن بأنه منخرط في مخطط أميركي - إسرائيلي - فلسطيني لإسقاط حكومتها، كيف تردون عليها؟

- اعتدنا في الأردن على سماع الاتهامات ونفهم أغراضها ونثق بأنفسنا وبأدائنا، وصدقا فان مثل هذه الاتهامات لم تعد تربكنا. والجديد في الاتهامات هو إضافة كلمة laquo;فلسطينيraquo; الى اطراف laquo;المؤامرةraquo; التقليدية. فهل هناك فعلاً مؤامرة فلسطينية على الحكومة الفلسطينية؟


gt; لكنكم تدعمون الرئيس الفلسطيني مباشرة؟

- الأردن يعلن موقفه بوضوح في دعم محمود عباس بوصفه رئيساً منتخباً للسلطة الفلسطينية وبوصفه أيضا رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يعترف بها الأردن ممثلا شرعياً ووحيدا للشعب الفلسطيني، وهذا الموقف الأردني ليس ضد احد بل هو لصالح الشعب الفلسطيني، واذا كان الفهم لدى حماس لحقيقة هذا الموقف ملتبساً، فهذه ليست مشكلتنا.


gt; الى اي درجة انتم متفائلون بقدرة التفاهم الأردني ndash; السعودي ndash; المصري على تقديم مبادرات جديدة لاعادة الأولوية للقضية الفلسطينية؟

- الوقائع والإنجازات على الارض هي ما يبعث على التفاؤل. التحرك العربي في هذا الاتجاه كان فاعلا ومؤثرا فعلا، واستعادت القضية الفلسطينية بفعل هذا التفاهم بعضاً من الأضواء، وبالتالي الاهتمامات التي خطفها التسارع الخطير على مستوى الأحداث التي شهدها الإقليم خلال السنوات الماضية. واليوم نلمس ان القضية الفلسطينية استعادت أولويتها ومركزيتها في الاهتمام الدولي، وهذا لم يكن ابدا ليتحقق لولا الجهود النوعية التي بذلتها دول عربية سخرت علاقاتها وأجهزتها الديبلوماسية وقنواتها وادواتها والقت بكل ثقلها الدولي في هذا الاتجاه.

لكن المبادرات النوعية تحتاج لاوزان ثقيلة وتحركات مدروسة ومحسوبة، وعندما نتحدث عن مبادرة بالمعنى السياسي الدولي، فهذا لا يمكن تحقيقه الا من خلال مستوى عال من التنسيق والتفاهم وتقديم التصورات، وايضا الضمانات. ان جهدا بهذا الحجم يتطلب تنسيقاً مفتوحاً وجدية عالية واحساساً تاماً بالمسؤولية التاريخية. وجلالة الملك وظف كل علاقات الأردن وصدقيته الدولية لخدمة هذا التوجه، وقاد الديبلوماسية الأردنية في هذا الاتجاه، وكانت له تحركات نوعية ساهمت في إعادة الاهتمام الدولي بمركزية القضية الفلسطينية.


gt; مدى رضاكم عن الإنجازات التي تحققت على صعيد البرنامج الحكومي لمكافحة الإرهاب منذ تفجيرات فنادق عمان قبل عام؟

- البرنامج الحكومي لمكافحة الإرهاب يتجاوز الجانب الأمني بمفهومه العملياتي الى جوانب اخرى عديدة تتكامل مع الجانب الأمني وتعززه. اعتمدت الحكومة مفهوم الأمن بمعناه الشامل وبما يتضمن الجوانب الاجتماعية والفكرية والقانونية وغيرها. معركتنا مع الإرهاب ليست مع النتائج فحسب، لكنها أيضا مع السياق الذي يؤدي الى وقوع الفعل الإرهابي. الحكومة تصدت لهذه المهمة من خلال عمل مؤسسي ضمن الجهد الوطني العام وفي الاتجاهات والميادين كافة، اذ قمنا بتقديم مشروع قانون مكافحة الإرهاب جنبا الى جنب مع رزمة قوانين النزاهة الوطنية، مع مشروع قانون الوعظ والإرشاد... وبالتزامن كذلك مع برنامج عملي بدأ فعلا لتسريع عملية مكافحة الفقر والبطالة. لدينا أيضا جهد فكري نوعي قدمه واشرف عليه ورعاه بشكل مباشر جلالة الملك، وهو الجهد المتمثل برسالة عمان، وما رافقها وترتب عليها من مؤتمرات وندوات ولقاءات فكرية متخصصة.

على الجانب الأمني، كلنا حريص على تنفيذ توجيهات جلالة الملك بأن يكون الأداء الاحترافي المشهود به لأجهزتنا الأمنية مدعماً ببرنامج إصلاحي عام بما يضمن الا يكون الامن على حساب الاصلاح او مواصلة الطريق باتجاه الديموقراطية الكاملة.

معركتنا مع الإرهاب جذرية لانها معركة مع كل ما يقود باتجاه الإرهاب يعزز فرص تغلغل الفكر التكفيري والمتشدد داخل المجتمع. وتعمل الحكومة أساسا على تدعيم مناعة المجتمع ضد التطرف، وهذا يستدعي عملا برامجيا منهجيا يعالج الجيوب أولاً بأول، ويكرس قيم الاعتدال والتسامح والإيمان بمنطق المشاركة والتفاعل للتغلب على التحديات. وندرك بعمق ان الأردن مستهدف من الإرهاب الفكري والتنظيمي والعملي، لذلك نحن جادون في التصدي لهذه المعركة القائمة والمتصلة، واساسا البحث في الأسباب قبل تقديم الحلول والوصفات العلاجية.


gt; هل تشعرون ان بلادكم أصبحت اكثر أمنا بعد مرور سنة على التفجيرات؟

- لا يمكن لأي دولة ان تضمن أمنها 100 في المئة. اتخذنا إجراءات أمنية على الحدود، وانجزنا تشريعات خاصة بالإرهاب، ونحن راضون عما حققناه.