قينان الغامدي


منذ أن بدأ الأخ سعد البريك يجدفquot;وعظاً كتابياً لا منبرياًquot; في ملحق quot;الرسالةquot; ويخوض في أمورquot;العلمانية، والليبرالية، والدولة المدنية ونحوهاquot; كان مستواه المعرفي المتواضع جداً واضحاً وضوح الشمس، ومنذ السطر الأول الذي كتبته تعليقاً على تجديفاته في هذا السبيل قبل بضعة أشهر نبهته لهذا لكنهquot;كابرquot;.

فشرحت له الفرق بين الوعظ على المنبر، وبين الوعظ على الورق، فلم يزدد إلا إصراراً علىquot;الجهلquot;، واستمراراً على تقديم ما يستدر العواطف ويهيج المشاعر وما يطلبه جمهور الأقران من quot;كذبةquot; الإنترنت، ومروجي quot;الجهلquot; باسم الدين البريء من ترهاتهم وتأويلاتهم وأكاذيبهم.

اليوم الأخ البريك يؤكد ما سبق أن عرف عنه من تجديف في قفار quot;الجهلquot; وبدلاً من أن يعترف ويقول إنها quot;زلة لسانquot; لم أكن أعرف مدلولاتها، راح يستدعي طمأنينة quot;ربعquot; ويشنشن على خوف quot;المريبquot;، ويدعي بطولة الدفاع عن quot;حياض الدينquot; وعلى طريقة أقرانه في quot;الساحاتquot; يختلق حكايات ويستشهد بها على أنها حقائق يوردها للنيل ممن هدموا quot;هرم الوهمquot; الذي بناه لتسول الجماهير التي انفض بعضها بعد معرفة حقيقته منذ زمن، والبعض الآخر في طريقه لاستيعاب الحقيقة التي يحاول مداراتها بالصياح والادعاءات.

quot;البريكquot; قال بعظمة لسانه التي ستشهد عليه عندما سئل عن الصحف التي تسمح للكتاب quot;العلمانيينquot; قال: يربطهم تنظيم أو علاقة أو مخطط أو استراتيجية واحدة... وهؤلاء لهم قيادة وتمويل وميزانيات، ويدفع لهم، والقضية ليست الأجر الذي تدفعه الصحف، وإنما هناك من يعينهم، وبعضهم لهم علاقات معروفة بسفارات أجنبية... ولا تظنوا أنم يكتبون صدفة. لا. إنهم يتفقون فيما بينهم. اليوم نعلن الحرب على وزارة الشؤون الإسلامية، وأنا أبدأ، وأنت تعلق ، والثالث يتابع، وهكذا، فإذا انتهى الشهر اتفقوا على المخيمات الصيفية...إلخquot;.

ما هو التنظيم السري، يا أخانا سعد، إن لم تكن هذه صفته وآليته؟ ومن هم العلمانيون الذين سألك عنهم السائل وأين هم يا من تتذرع بتوجيه ولي الأمر وأنت لم تفهمه؟

البريك انتبه للمنزلق الذي أوقعته فيهquot;حمى المنبرquot;، ولعل أقرانه الإنترنتيين هم الذين نبهوه. وفتحوا له ما يظنون أنه مخرج من المنزلق بل هم كتبوا له وهو لم يزد على أن نقل ما كتبوا في الساحات فأوقعوه في تناقض لا يستغرب منه، إذ راح في ملحق quot;الرسالةquot; أمس يحاول التبرؤ ليس من مقصده الذي لا يستطيع بشر أن يحاسبه عليه، وإنما من كلامه الذي قاله بعظمة لسانه حيث تجاهله نهائياً وأورد الجزء الذي ينجيه من تهمة quot;الجهلquot; أوquot;الاتهامquot; وتجاهل ـ حسب نصيحة أقرانه في الإنترنت ـ بقية كلامه الذي يؤكد quot;جهله بما يقولquot; أو يؤكد quot;جرأته على الاختلاقquot; أو يؤكد حقيقة quot;أنه مجرد ناقل، قيل له قل، فقالquot;، ومما يؤكد المؤكد هذا قوله:quot; التنظيم السري مصطلح سياسي جاء تعريفه في الموسوعات السياسية بشكل مختلف عن تعريف كلمة تنظيم في القواميس اللغويةquot;.

سبحان الله كيف عرفت هذا الفرق ياسعد؟ إنني أكرر وأقول للأخ البريك حسبك الوعظ فيما تحفظ وتسمع، ودع القواميس سياسة ولغة لأهلها. بل دع quot;المصداقيةquot; أيضاً لأهلها، والتزم بمقولة الإمام أحمد وquot;اسكتquot;.

لقد كنت متأكداً تماماً أن البريك لا يملك دليلاً لا من قريب ولا من بعيد على حكاية quot;التنظيم السريquot; سوى التهويش والتجديف الفارغ بل إنه ـ كما أكد ذلك بنفسه أمس في الرسالة ـ لا يفهم معنى quot;التنظيم السريquot; مع أنه وصفه من حيث لا يدري أو من حيث قيل له في موعظته في المخيم الصيفي بجدة. وأنا حين أكتب الآن لا أقصد البريك شخصياً فهو أصبح معروفاً بالادعاء المكشوف أنه ينافح عن الإسلام، وكأن الإسلام العظيم من الهشاشة بحيث يحتاج quot;واعظاً متواضعاًquot; مثل البريك أو غيره، لكنني أريد من مستمعيه وقارئيه وأقرانه من quot;كذبةquot; الإنترنت أن يقرأوا فيعوا، وأن يفكروا بعقولهم هم، لا بعقلية quot;ميكرفونquot; يهرف بما لا يعرف، ويتهم بما لا يفهم.