أجهزة الأمن الأموية والعباسية والفاطمية والصفوية والعثمانية عبثت بالتاريخ الإسلامي
المتطرفون من السنة والشيعة يلعبون بأعواد الكبريت ويشعلون الحرائق في مقدساتنا
لا يوجد فقيه مسلم يري تحريف القرآن فالقرآن قلب الإسلام إذا شوه ماذا بقي لنا
مقدسات بعضنا البعض يجب أن تكون منطقة محايدة لا يجوز الوصول اليها إلا بالحوار
نعيش تحت ألغام تاريخية نائمة من مخلفات الحرب الطائفية بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية
الدوحة - أنور الخطيب
الحرب العدوانية الإسرائيلية علي لبنان.. عرت الأمة الإسلامية حتي من ورقة التوت.. حيث اكتشفنا فجأة اننا نجهل ذواتنا. ونجهل الآخر والآخر هنا المختلف مذهبياً معنا، في اشتعلت بموازاة الحرب الإسرائيلية. حرب الفتاوي. تتحدث عن الرافضة وعن عدم جواز نصرتهم، وفي المقابل... اشتعلت مواقع الصحافة الالكترونية بالحديث عن مثالب اهل السنة وأخطائهم..
هذا الحوار.. محاولة متواضعة لفهم الآخر، الذي هو نحن ايضاً - بكل ما تحمله الكلمة من معني محاولة لاشاعة ثقافة الحوار وطمس الجهل واشاعة نور المعرفة ولغة الحب والتواصل.. علي لغة التكفير واستدعاء التاريخ الذي عبثت به اصابع الامن - كما يقول ضيفنا السيد ضياء الموسوي في العصور الإسلامية المختلفة.
* عن الآخر.. الذي هو نحن هذا الحوار.. أظهرت الحرب الأخيرة التي شنت علي لبنان من قبل العدو الإسرائيلي ان ثقافة الحوار ومعرفة الآخر مفقودة في العالم العربي والإسلامي وان هناك كثيراً من الجهل يسود.. هل تتفق مع هذه المسألة؟
- اثيرت عدة قضايا علي الشيعة وبالتحديد الشيعة الأمامية الاثني عشر عدة قضايا منها وجود آراء تتحدث عن تحريف القرآن الكريم وان القرآن الذي بين أيدينا ليس كاملاً وان هناك قرآناً يدعي بقرآن فاطمة .. فتحت عيني علي الدنيا ولم ار في منزلي الذي اعيش فيه غير قرآن واحد، هو النسخة التي تطبعها المملكة العربية السعودية وتوزعها علي الحجاج اما بالنسبة ل قرآن شيعي فلا اعلم لماذا كل مخابرات السي اي ايه، والموساد لم تقبض ولاعلي نسخة واحدة، حتي تسكب من خلالها مزيدا من الزيت علي الحرائق المشتعلة في البيت الإسلامي؟ الخلافات التاريخية بين الطوائف اشعلها الأعداء وان كان للمسلمين نصيب فيها اقول نحن نؤمن بقرآن واحد وهو الموجود، وهو كامل ولا نقص فيه واقول لك: اذا ما وجد قول شاذ هنا او هناك، هل من المنطق يجرجر الاسلام او المذهب الي المحاكم، وتوضع كل الطائفة في زنزانة انفرادية ويحكم عليها بالاعدام؟ لا احب الدخول في التفاصيل، ما يهمني هو اجماع المسلمين، وليس هنالك فقيه مسلم واحد يري تحريف القرآن القرآن هو القلب النابض للاسلام، فاذا شوه القلب ماذا بقي لنا؟ المسلمون بشتي طوائفهم يمتلكون بعض الآراء التي لا تخلو من مثولوجيا واساطير دور المفكر ان يعمل علي ازالة الأتربة من علي وجه التاريخ، وأن يقوم بإجراءات أركيولوجية فكرية لنبش طبقات الأرض الثقافية وازالة ما علق بالتراث من اتربة وغبار. التاريخ الإسلامي، بعضه مسيس، وكتب في سياقات تاريخية لعبت فيه الرشوة، وساهمت اجهزة الأمن والمخابرات ايام الدولة الأموية والعباسية والفاطمية والصفوية والعثمانية في تخريب بعض اجزائه هذا التاريخ المفخخ هو اللاعب الان في عقول شبابنا.
احترام المقدسات
* هناك قضية تكفير وسب الصحابة وبالتحديد ابوبكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم واتهامهم بغصب الخلافة من سيدنا علي كرم الله وجهه؟
- ان سبب تمزق العباءة الاسلامية هي بسبب عدم احترام المقدسات انا لست مسؤولا عن المتطرفين في اي جانب من يكفرون بعضهم بعضا انا احترم مقدسات المسيحيين واهل الكتاب فكيف لا احترم مقدسات المسلمين التي منها الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم يجب ان ننصف بعضنا وحرام علينا ان نسمح للتاريخ ان يمزق حاضرنا ويفخخ مستقبلنا فلنجعل مقدسات بعضنا بعضا منطقة محايدة منزوعة السلاح لايجوز الوصول اليها الا للحب والحوار.
المتطرفون ومن كلا الجانبين هم وراء تسميم العلاقة بين الشيعة والسنة هم الذين مازالوا يلعبون باعواد الكبريت ويشعلون الحرائق في المقدسات هناك متاجرون باسم الدين فتحوا لهم دكاكين طائفية يعتاشون علي مثل هذه التناقضات يقول المثل: ان حجرا يرميه مجنون يرهق مئة عاقل المشكلة ان المجانين المؤدلجين في العالم العربي كثر وهم يعملون علي تشكيل وعي الجمهور بمنبر هنا وكتاب مفخخ هناك هؤلاء هم الحاضرون في الاعلام وفي كل مكان مئات السنين والعالم العربي يفخخ عقائديا والان جئنا نحدثهم عن العقل والحداثة والتعددية الدينية والانفتاح والحب والتنمية والخ انهم سيصابون بسكتة قلبية بسبب صدمة الخطاب المهم كيف نعالج الموقف بدراسة علمية لابردات فعل.
* وماهو الحل؟
- الحل تأسيس مناهج تقوم علي التعددية وليس التعصيب الطائفي والعمل علي تأسيس ثقافة تتغذي علي التسامح وليس علي انتفاخ الحقيقة المطلقة ليس هناك حق مطلق الا الله والباقي نسبي نحن بشر نخطيء ونصيب وكل العلماء والفقهاء يخطئون فهم بشر مثلنا لهم احترامهم لكن يجب ان نصنع عقلا مسائلا نقديا لاتبريريا بالحوار الجاد والبناء والعلمي اننا نعاني من انيميا في التسامح وفقر دم في التعايش اننا نعيش تحت الغام تاريخية نائمة تفجر بعضها في العراق وقبل اتفاقية الطائف في لبنان وهي استقرت في رحم الارض العربية وبعضها من مخلفات الحرب الطائفية مابين الدولة العثمانية والدولة الصفوية والسؤال لماذا لانبحث عن الاراء المعتدلة من كلا الجانبين ونترك اي قول يفرق الامة ؟ الغرب تصالح علي مشتركاته وراحوا يبنون للمستقبل لاجيالهم لماذا لانسلط الضوء علي موقف الامام علي كرم الله وجهه من الخليفة عثمان رضي الله عنه عندما جعل الحسن والحسين يحرسان قصره حقنا للدم وقتلا للفتنة؟ وايضا دعوات الامام الصادق رضي الله عنه للصلاة المشتركة بين المسلمين انا مؤمن بمقولة البنا: علينا ان نتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه .. هناك رأي يتحدث عن قضية أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها بغير ما نزل بالقرآن الكريم في قصة الإفك الشهيرة باتجاه عدم براءتها ، قصة الإفك قصة مختلقة نزلت علي التاريخ ببرشوت وهي كذبة تاريخية مفخخة لا أحد يؤمن بها، دلني علي اسم عالم محترم يؤمن بها إلا اذا كان مجنونا أو متآمرا علي المسلمين. اعود واركز ان المسلمين بطوائفهم براء من أي تلاعب تاريخي، أو فتن ثقافية تاريخية صنعت بين المسلمين.
كمفكر اسلامي ليس عندي مآخذ علي أهل السنة ولا علي المذاهب والأديان. لا أحب عملية تسجيل الأهداف وحساب النقاط، فهي لعبة قذرة، وما يحدث في قناة المستقلة (لعب عيال) وموقف يضعف الاسلام والمذاهب كلها. وعيب ندخل شبابنا المسلم في مهاترات واستعراض عضلات واسرائيل بيننا تضحك علي مهاراتنا كما ضحك المغول. عندما يري ابناؤنا مثل هذه السجالات القائمة علي الهرتقة يضعف ايمانهم بالاسلام. لماذا لا ننقل اضاءات مذاهبنا بدلاً من هذه القنابل الدخانية.
التقريب بين المذاهب
* كيف ترون قضية التقريب بين المذاهب في حل الإشكالية التي تتعرض العلاقات بين المسلمين علي مختلف مذاهبهم الدينية؟
ان التقريب بين المذاهب مهم جدا، ويجب ان ينزل الي الشارع العام، حتي لا يصبح مستقرا فقط في المؤتمرات، أو الغرف المغلقة، أو تطبيعها بين النخب فقط نحتاج الي تطبيع اجتماعي، ان نتزاور في الأعياد، وان نصلي مع بعضنا البعض ونتزاوج، وندخل في الاستحقاقات الاجتماعية وغيرها ان نؤسس منهجا علميا تربويا تعدديا في وزارات التربية والتعليم، يركز علي المشتركات تعجبني اطروحات الشيخ محمد الغزالي والشيخ محمود شلتوت والشيخ محمد جواد مغنية في ذلك، بدلاً من توزيع بعض المخدرات الدينية التي تجعلنا خارج اطار الزمن. ان هناك مورفين ديني يوزع علي الشباب ليغيب عقله وتتحرك فيه الغرائز الانتقامية، وللأسف علماء القرن الماضي كانوا أكثر انفتاحا ووعيا من أغلب علماء اليوم. وبين يدك الغزالي واقبال الخ. اليوم كل العالم يتحالف لمصالحه السياسية والاقتصادية ويبنون دولا حديثة تجعل من المواطن محورا للتنمية. غزوا الفضاء، وها هم يفكرون في الكون وما بعد الحداثة، ونحن لا زلنا نناقش عن البيضة والدجاجة كما كانت تناقشها مقاهي القسطنطينية. يقول نزار قباني: (انعي لكم يا أصدقائي اللغة القديمة، انعي كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة، انعي لكم نهاية الفكر الذي قاد الي الهزيمة). مؤتمرات التقريب لا شك تزيد المسلمين قوة ويجب ان ندعمها ونشجعها.
* لكن الغرب فيه نواقص ايضاً؟
- أعلم فيه نواقص، ولكن فيه ايجابيات، لكننا للأسف نتعاطي مع الحضارة الغربية بطريقة انتقائية. هؤلاء الانتقائيون كمن يدخل قصرا مبهرا فلا يري فيه إلا صندوق القمامة، علي حد تعبير المفكر السعودي المعتدل ابراهيم البليهي. هكذا نحن للأسف نتعامل مع الحضارة الغربية هذه الثقافة المفخخة اضعفتنا الي درجة سقوط العراق في يد الاستعمار، وها هي امريكا تريد ترتيب المنطقة بالحذاء. العمي الأيديولوجي مخيف ومرعب يجعل الانسان لا يري ايجابيات الآخر. استقالة العقل من علي منابرنا ألقتنا في حفر طائفية لا أول لها ولا آخر والانتماء الي حزب الإنسان أفضل طريق.
العلاقة مع إيران
* كيف تقدمون للمواطنين العرب وبالتحديد أبناء المذهب الشيعي وعلاقاتهم بالجمهورية الإسلامية في إيران؟
- أ ولاً وقبل الدخول في قضية ايران احب ان أوضح نقطة هامة، وهي ان قناعتي الفكرية تقوم علي ولاية الدولة المدنية، وليس ولاية الفقيه، بمعني بناء الدولة التعددية الحديثة العصرية ويكون للفقيه دور وللمثقف دور وللفيلسوف دور فيها، مع مراعاة القيم والمباديء والأخلاق، وان تكون هناك حرية لكل الأديان في ممارسة طقوسها، ثانياً: نحن كمجتمعات شيعية نتعاطي مع ايران كدولة اقليمية لها ايجابياتها وسلبياتها ولسنا ملزمين بسياستها. نحن ملزمون بسياسة الوطن الذي نعيش فيه. هذه أوطان عشنا فيها عاشت بنا وعشنا بها تاريخ مليء بالذكريات وأول أرض لامس جلدي ترابها، وكثير من الشباب الشيعي يرجعون في مرجعيتهم الفقهية الي النجف، وعندنا نخب شيعية تحمل قناعة عدم اقحام عالم الدين في دهاليز السياسة. أنا أؤمن بولاية الانسان علي نفسه، وهي نظرية احمل تأصيلاً لها ودور الفقيه هو دور استنباط الأحكام الفقهية التي تتعلق بالقضايا العبادية، وليس التنظير لبناء الدولة، نعم يكون له دور تنظيري في حالة لو كان يمثل صوتا في مقابل صوت في مؤسسة تحكمها عقول فقهية وكذلك تكنوقراط واكاديميون. الحياة تقوم بفكر المؤسسات وليس الأفراد. واقع المسلمين -بشتي طوائفهم- يعيش الضعف بسبب تضخم نظرية الشيخ الوتد. الديمقراطية هي أفضل نظام للحكم. هي أقل النظريات سوءاً كما يقول تشرشل، لكني اعتقد ان الاسلام ينمو في مناخها ويثبت قوته فلنأخذ ايجابيات الديمقراطية ونلغي سلبياتها من التحلل الأخلاقي مثلاً.
* ولكن هناك من يتحدث عن علاقة مرجعيات دينية وتقليد ودفع الخمس الي المرجعيات الدينية في ايران؟
- أنا أؤمن بتحريك الخمس لتأهيل الفقراء لذات الوطن الذي اخرجت منه، ولا أؤيد اخراج الخمس لا الي ايران أو غيرها. نحن في المجتمع نري الفقراء يتضورون جوعا، ونحتاج الي مبررات للأيتام وغيرها فالواجب صرف الخمس علي فقراء البلد، في لبنان بنوا معاهد ومستشفيات ومبرات للأيتام، فلماذا لا نقوم نحن بذلك .
* هل تعتقدون أن اسرائيل تحاول أو حاولت استغلال الخلاف المذهبي بين المسلمين؟
- اسرائيل هي خلاصة الأمراض العربية، والخلافات بين المسلمين تشكلت قبل صناعة اسرائيل، والاستغلال الوارد. المهم كيف نحن نمنع هذا الاستغلال؟ بالحوار، بالتواصل، بالتربية ان نشرب ابنائنا حليب الوطنية والانسانية بدلاً من حليب الطائفية.
التكفير المتبادل
* ماذا تقول بالفتاوي التي توصف الشيعة الاثني عشر بالرافضة وبالمقابل من يكفرون أهل السنة من اتباع المذهب الشيعي؟!
- الرهان علي عقلاء الطرفين وليس المتورمين. العالم الاسلامي مخطوف الي فتاوي (تيك اوي) او فتاوي مايطلبه المشاهدون نحن بحاجة الي عقول استراتيجية تعمق نهر الوحدة لافتاوي عنقودية تمزق بقية الجسد.
التاريخ مليء بهذه الفتاوي العصابية والذهانية وانا اطلب كل الاطراف بان لا يمنحوا اذنهم الي أي متطرف من اي طرف. التاريخ الاوروبي كان يفخخ بخلافات الكاثوليك والبروتستانت، وكل كفر الاخر، فلماذا نحن لا نتصالح علي الخير، بدلا من القاء الرصاص علي بعضنا. احيلك الي كتاب مهم اسمه (النباهة والاستحمار) نحن بحاجة الي تجديد التفكير الديني كما طرح ذلك المفكر االكبير محمد اقبال في القرن الماضي، والي نقاش جاد وعلمي لمسائل مهمة (الجهاد) (التعددية) (الحرية) (الولاية العامة للمرأة) (عودة الخلافة ام بناء الدولة) (ولاية الفقيه ام ولاية الانسان علي نفسه) الخ نحتاج الي الانتقال من فقه البئرر الي فقه الدولة، فقه الحياة ام فقه الموت، فقه الجمال وتقديس العقل ام فقه تخريب الذوق العام وفقه العاطفة يجب ان نفتح عقول شبابنا علي كتب مالك بن نبي (شروط النهضة) ومحمد عبده واقبال وموسي الصدر وهاني فحص وخالص جلبي، فلنعرفهم بالدعاة التسامحيين وليس المفخخين.
هذه النستولوجية والحنين للماضي والجلوس في كهف التاريخ يجعل شبابنا شبابا عدميا يكره الحياة. اسلامنا عظيم يدعو للحب والانفتاح والحضارة واحترام الاديان وحرمة الدماء والعرض فلماذا نحاول حصره في زقاق ضيق .














التعليقات