الجمعة 16 مارس 2007

أبو خلدون

قد لا يعرف البعض أن هتلر، عندما قرر خوض الانتخابات التي حملته إلى المستشارية الألمانية لم يكن يحمل جنسية الدولة التي حكمها بعد الانتخابات، بل إنه لم يكن يحمل جنسية أية دولة، فقد كان من ldquo;البدونrdquo; الذين يعيشون على هامش الحياة السياسية ولا تعترف أية دولة بتبعيتهم لها.


وهتلر من مواليد النمسا، وكان يحمل الجنسية النمساوية منذ ولادته عام 1889 إلى عام ،1925 عندما تخلى عنها طائعا مختارا على أمل الحصول على الجنسية الألمانية، وقد شارك في الحرب العالمية الأولى ضمن قوات الإمبراطورية النمساوية وليس إلى جانب القوات الألمانية، ولكنه كان يعتبر النمسا جزءا من ألمانيا، وبعد الحرب انتقل للعيش في ألمانيا وشارك عام 1923 في محاولة انقلابية ضد نظام الحكم فيها انتهت بالفشل واتهم بالخيانة العظمى ودخل السجن، وطرحت قضية طرده من البلاد وإعادته إلى النمسا، حسب القوانين الألمانية، ولكن القاضي رفض اتخاذ قرار بذلك وقال: ldquo;إن قوانين جمهورية وايمر لا يمكن تطبيقها على رجل يفكر كما يفكر الألمان ويشعر كما يشعرونrdquo; واكتفى بإصدار قرار بحبسه.

وهتلر حصل على الجنسية الألمانية في 25 فبراير/شباط عام ،1932 وعندما حاول البعض تهنئته على ذلك قال لهم: ldquo;ألمانيا أولى بالتهنئة، لأنني حصلت على جنسيتهاrdquo;.

وقصة حصول الزعيم النازي على الجنسية الألمانية فيها الكثير من الطرافة، فقد كان هتلر حريصا على الحصول على هذه الجنسية ليتمكن من ممارسة نشاطه السياسي، ولكنه رفض الوقوف في طابور وتقديم الطلب الخاص بذلك، وكان يريد أن تأتيه الجنسية على طبق من ذهب، دون جهد. وفي عام 1930 تمكن أحد أصدقائه النافذين من أعضاء الحزب النازي من تأمين وظيفة له كرئيس شرطة في مدينة هيلدبير هاوسن في منطقة ثورينجيا الألمانية، على أمل أن عمله في هذه الوظيفة يخوله الحصول على الجنسية تلقائيا، ولكن هتلر رفض، وقال لصديقه: ldquo;هل تريدني أن أمضي حياتي شرطيا في قرية؟rdquo;.

وحاول النازيون بعد ذلك تعيينه أستاذا في جامعة براونسفيج للتكنولوجيا فلم تنجح مساعيهم، كما إنهم لم ينجحوا في تعيينه في قسم المساحة في المدينة، إلى أن تمكنوا في النهاية من إيجاد وظيفة إدارية له في بعثة براونسفيج في برلين، وحيث أنه لا يمتلك المؤهلات اللازمة للقيام بهذه الوظيفة، فإنه طلب إجازة فور التحاقه بها، وظل يمدد الإجازة إلى حين حلول موعد الانتخابات، ولكنه كان خلال ذلك قد حصل على الجنسية الألمانية التي تؤهله لخوض الانتخابات. وقد فاز هتلر في الانتخابات بأغلبية ساحقة لا مثيل لها في التاريخ الألماني.

نتحدث عن جنسية هتلر الذي لا يشك أحد أنه ألماني حتى العظم، حتى لو لم يحمل الجنسية الألمانية، لأن عضوا في برلمان ولاية سكسونيا الألمانية هي إيسولد سالمان قدمت اقتراحا بسحب الجنسية الألمانية من هتلر لكي لا يظل التاريخ يقول إنه ألماني. ومع اعتراف إيسولد أن العملية رمزية، إلا أن القوانين الألمانية لا تجيز سحب الجنسية من شخص يصبح، إذا سحبت الجنسية منه، من دون، وهتلر يصبح من دون إذا سحبت الجنسية منه، لأنه تخلى عن جنسيته النمساوية، يضاف إلى ذلك أن هتلر انتحر قبل ما يزيد على 62 سنة، ولا نظن أن عظامه ستضطرب في القبر إذا سحبوا الجنسية منه، وقد علق أحد المسؤولين في وزارة العدل في مقاطعة سكسونيا على اقتراح ايسولد قائلا: ldquo;لا أحد يستطيع أن ينتزع شيئا من الأمواتrdquo;.